أظهرت النسخة الأحدث من تقرير "استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية" أن مستويات الثقة إزاء التوقعات الاقتصادية لا تزال أقل بكثير من متوسط المؤشرات المسجلة على مدى العقد الماضي بسبب المخاوف في شأن التضخم وركود الأعمال.
وغطى استطلاع الربع الثالث، الصادر عن "جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين" و"معهد المحاسبين الإداريين"، نحو 12 دولة في منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والسعودية وقطر وسلطنة عمان ومصر والأردن والعراق.
على الصعيد العالمي، كشفت نتائج الاستطلاع أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الشركات ما يعادل نحو 75 في المئة من الشركات على مستوى العالم، تكافح زيادة التكاليف التشغيلية، وأشارت النسبة الأعلى من المشاركين إلى زيادة ضغوط التكاليف على مدى العقد الماضي. وأعرب أكثر من واحد من كل ثلاثة عن القلق في شأن انخفاض مستويات الدخل، بينما سلطت نسبة مماثلة الضوء على تقلب أسعار صرف العملات الأجنبية، إذ تهيمن حالة من عدم اليقين ومؤشرات الركود على التوقعات الاقتصادية الأخيرة.
مشكلات في تأمين الدفع الفوري
ووفقاً للاستطلاع، كانت منطقة الشرق الأوسط من المناطق الوحيدة التي سجلت تحسناً في الطلبات الجديدة، إضافة إلى جنوب آسيا. كما كشف التقرير أن الربع الثالث أظهر مؤشرات على التوازن في ما يتعلق بالربع الماضي الذي شهد انخفاضاً حاداً. وفي هذا الربع، شهدت السوق ارتفاعاً جراء ارتفاع عائدات الطاقة، وبلغ متوسط أسعار النفط التي لا تزال فوق المستوى المتوسط، ما يقرب من 100 دولار للبرميل. وعلى رغم انخفاض مؤشر الثقة فإن توقعات المنطقة تبدو قوية نسبياً شرط استمرار أسعار النفط.
وأشار الاستطلاع إلى حدوث تطورين أكدا الطبيعة غير المستقرة للبيئة التجارية على المستوى العالمي. أولاً، زيادة عدد المشاركين الذين ذكروا وجود "مشكلات في تأمين الدفع الفوري"، التي ارتفعت إلى أعلى مستوى لها في أربع سنوات. وقد يكون هذا أول مؤشر على زيادة عدد المؤسسات التي قد تواجه صعوبات في السيولة النقدية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وثانياً، كشفت نتائج الاستطلاع أن هناك ارتفاعاً ملحوظاً في الأرقام التي تشير إلى "مشكلات في الوصول إلى التمويل"، إذ من المحتمل أن يؤثر تشديد السياسة النقدية الأكثر صرامة خلال فترة 40 عاماً على سيولة الشركات.
وأشارت البيانات كذلك إلى أن مستويات الثقة في التوقعات الاقتصادية لا تزال أقل بكثير من متوسط المؤشرات المسجلة على مدى العقد الماضي، في حين أن المؤشرات الثلاثة الأخرى التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنشاط الاقتصادي، وهي الطلبات الجديدة والإنفاق الرأسمالي والتوظيف، أظهرت كلها مزيداً من التراجع. وبصورة إجمالية، تتوافق سلسلة مؤشرات النشاط الاقتصادي مع تباطؤ النمو العالمي للفترة المتبقية من العام مصحوبة بارتفاع ضغوط التضخم.
استمرار تراجع الإنفاق الرأسمالي والتوظيف
في السياق، قالت لوريال جايلز نائبة الرئيس لقسم الأبحاث والسياسات في معهد المحاسبين الإداريين، إنه على رغم استعادة مستويات الثقة بعد انخفاضها الحاد في استطلاع الربع الثاني، فإن مؤشرات الطلبات الجديدة والإنفاق الرأسمالي والتوظيف أظهرت مزيداً من التراجع. وشهد مؤشرا الخوف، اللذان يرصدان حالة القلق في شأن توقف العملاء والموردين عن العمل، تغيراً طفيفاً لكنهما لا يزالان أعلى من المستويات المسجلة خلال فترة ما قبل جائحة كورونا.
ورأى جيمي ليون رئيس المهارات والقطاعات والتكنولوجيا في جمعية المحاسبين القانونيين المعتمدين أن "سلسلة مؤشرات النشاط الاقتصادي تعد أقل تقلباً من مؤشر مستويات الثقة، وقد تعطي إحساساً أفضل بالتباطؤ في النمو الاقتصادي الجاري في المنطقة. ولا شك أنه مع انخراط البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تشديد السياسة النقدية للسيطرة على التضخم، فإنه من المحتم أن تنخفض مؤشرات الثقة والنشاط الاقتصادي".
أضاف "يشير أحدث تقرير لاستطلاع الظروف الاقتصادية العالمية إلى التحديات المستمرة الراهنة في الاقتصاد العالمي، بما يعد انعكاساً للتداعيات الاقتصادية المستمرة الناجمة عن الحرب الروسية - الأوكرانية، وزيادة تشديد السياسة النقدية في المناطق الرئيسة، وأزمة تكلفة المعيشة. وسيتمثل أحد المخاطر الرئيسة في مدى قدرة وسرعة سعي البنوك المركزية لزيادة تشديد السياسة النقدية في الأشهر المقبلة للتعامل مع ضغوط التضخم والسيطرة عليها، وما إذا كان الاقتصاد العالمي قد يتباطأ أكثر مما يتوقعه قادة الأعمال في عام 2023 أم لا". وختمت جايلز قائلة إنه "بالنسبة لمعظم المناطق في العالم، يشير استطلاع الظروف الاقتصادية العالمية إلى انخفاض طلبات الأعمال مقارنة بالربع السابق وبمؤشر الطلبات الجديدة خلال العام الماضي، وذكر الاستطلاع أن الشركات ستواجه وقتاً عصيباً خلال الأشهر القليلة المقبلة مصحوباً بضغوط التضخم".