يواصل المغرب محاولات تنويع مورديه من الأسلحة العسكرية والعتاد الحربي، بعد أن كانت صفقات الجيش المغربي منحصرة خصوصاً في الولايات المتحدة وفرنسا، ليتعامل في الآونة الأخيرة مع كل من تركيا وإسرائيل والصين أيضاً.
وتورد مواقع عسكرية واستخباراتية متخصصة أن القوات المسلحة الملكية المغربية تجري مفاوضات حثيثة مع شركة الصين لعلوم وصناعة الطيران (CASIC) للحصول على صواريخ متطورة وقنابل دقيقة التوجيه.
تنويع الموردين
وأفادت مواقع ومصادر عسكرية منها موقع "تاكتيكال ريبورت" المتخصص في المعلومات الاستخباراتية حول الشرق الأوسط، بأن الجيش المغربي عقد أخيراً مفاوضات ومباحثات لحيازة نظام جديد يتعلق بصواريخ وقنابل دقيقة التوجيه تحمل رؤوساً حربية تقطع كيلومترات عدة قبل أن تصل إلى الأهداف العسكرية المنشودة. ووفق المصادر ذاتها، سبق للقوات المسلحة المغربية أن تسلمت، في نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة الماضية، الدفعة الأولى من أنظمة الدفاع الجوي الصيني بعيدة المدى FD-2000B بعد أن كان المغرب قد تقدم بطلب التوريد سنة 2017. وأوضح الموقع أن هذا النظام العسكري الصيني، الذي يصل مداه إلى 250 كيلومتراً، تم تركيبه في قاعدة "سيدي يحيى الغرب" القريبة من العاصمة الرباط. وتبعاً للمصدر عينه، طلب المغرب أنظمة الدفاع الجوي الصينية متوسطة المدى Sky Dragon 50 التي تم الحصول عليها عام 2017، كما يتفاوض مع الصين لشراء طائرات من دون طيار من طراز Wing Loong 2 عوض Wing Loong 1.
نفقات التسلح
ويهتم المغرب بشكل متزايد برفع قدراته العسكرية من خلال إبرام عديد من الصفقات وتنويعها مع بلدان عدة، وصار تركيز القوات المسلحة الملكية صوب إسرائيل والصين وحتى تركيا من دون الاستغناء عن السلاح والمعدات الحربية الأميركية المتطورة.
ورفعت الحكومة المغربية نفقات التسلح في موازنة سنة 2023 إلى مبلغ قياسي وصل إلى 120 مليار درهم (نحو 12 مليار دولار).
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويتعامل الجيش المغربي مع الولايات المتحدة كأول بلد مورد للمملكة بالأسلحة والعتاد الحربي، إذ يستورد منها زهاء 90 في المئة من احتياجاته للأسلحة، وتأتي فرنسا بعد أميركا في المرتبة الثانية، ليحرص المغرب في الوقت الراهن على التنويع بالتوجه صوب كل من إسرائيل والصين.
مواجهة تسلح الجزائر
وقال الباحث في الشأن الأمني والعسكري إحسان الحافظي إن الرهان الحقيقي للتعاقد العسكري المغربي مع الصين هو الحفاظ على نوع من التوازن في المنطقة. أضاف أن هذا الحرص على ضمان التوازن يتم على مستوى تنويع العرض، وتحديداً سوق الأسلحة، وأيضاً على مستوى مواكبة حركة ووتيرة التسليح المتسارعة للجزائر الجارة الشرقية للمملكة. ووفق المتحدث ذاته، توجه المغرب نحو السوق الصينية أملته معطيات استخباراتية تفيد بأن الجزائر نشرت أنظمة دفاع جوي في القواعد الجوية في كل من بشار وتندوف شرق "الجدار الأمني" جنوب المغرب. ولفت إلى أن الجزائر رفعت ميزانية التسليح إلى مستوى قياسي بلغ 22 مليار دولار، وهو ضعف الموازنة المخصصة للدفاع برسم السنة الماضية، كما أنها تعاقدت مع شركات صينية لبناء قواعد صواريخ باليستية.
وفي السياق أفاد موقع "أفريكا إنتلجنس" بأن الجزائر تقترب من إبرام صفقة عسكرية وصفت بالضخمة مع روسيا، خلال زيارة مرتقبة للرئيس عبدالمجيد تبون إلى موسكو، الشهر الحالي، تبلغ قيمتها أكثر من 12 مليار دولار. ووفق المصدر عينه، فإن الجزائر تهتم باقتناء معدات وآليات عسكرية روسية، من أبرزها "غواصات وطائرات وصواريخ ومنظومات دفاع جوي، مثل "سو 57″ و"سو 34" و"سو 30″ و"أنتي 4000″ و"فايكينغ". وخلص الحافظي إلى أن "مثل هذا الوضع دفع المغرب إلى تنويع شراكاته مع شركات تصنيع عسكرية صينية، بغرض تحقيق نوع من التوازن العسكري من جهة التسليح والحفاظ على التفوق العسكري لفائدة المغرب من جهة التصنيع".
النموذج الصيني
وقال الباحث المتخصص في الشأن الصيني ناصر بوشيبة إنه منذ إطلاق سياسة الإصلاح والانفتاح عام 1978، اضطر مفكرو الحزب الشيوعي الصيني إلى تطوير نموذج تنموي جديد بخصائص صينية، يتميز بسعي الصين المستمر إلى تحقيق الاستقلال التكنولوجي وبخاصة في مجال التسلح. وأضاف أنه غداة أحداث "تيان أنمان" عام 1989، فرضت الدول الغربية عقوبات صارمة على واردات بكين من التكنولوجيا الحديثة، مما دفع هذه الأخيرة إلى مضاعفة جهودها لتحديث ترسانتها العسكرية عن طريق ضخ إمكانات هائلة في البحث العلمي العسكري في الجامعات العسكرية والمدنية ومراكز الأبحاث، منها جامعة "هاربين" للعلوم والتكنولوجيا، وأكاديمية العلوم العسكرية لجيش التحرير الشعبي الصيني، ومعهد أبحاث القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني.
وبفضل هذه المجهودات، تابع بوشيبة، تمكنت التكنولوجيا العسكرية الصينية من فرض وجودها كمورد أساسي لعديد من الدول السائرة في طريق النمو بفضل مستوى جودة هذه التكنولوجيا مقارنة بالكلفة المالية. وقال "عقيدة التسلح المغربية تعتمد على ملاءمة الأسلحة لحاجات الجيش المغربي بغض النظر عن البلد المصنع"، مبرزاً أن "النزاع المفتعل في الصحراء دفع المغرب إلى تطوير قدراته كجيش نظامي حديث تحسباً لأي هجمات من جبهة البوليساريو المطالبة بانفصال الصحراء"، وخلص بوشيبة إلى أن المغرب يتوجه إلى الصين في سياق سياسة تنويع الموردين بحسب الحاجات التقنية للقوات المسلحة الملكية، بهدف تحقيق هدفها الأسمى متمثلاً في الحفاظ على الوحدة الترابية للمملكة.