الولاء للجمهورية الإيرانية ومبادئ الثورة التي اندلعت عام 1979 من أهم الصفات التي يجب أن يتسم بها قادة النظام في طهران، لا سيما من يتولون المناصب التنفيذية والتشريعية ويجري تحديد توافر هذه الصفات من عدمه من خلال مجلس صيانة الدستور.
ربما يكون واضحاً وجود معارضة من شخصيات لا تنتمي إلى أعلى المناصب القيادية في هرم سلطة الدولة، لكن الغريب أن تخرج بنات وأبناء أبرز زعماء النظام الإيراني لينتقدوه بشدة، لتطاول تلك الانتقادات الأوضاع الاقتصادية والسياسية.
باستعراض أهم الشخصيات في هذا المسار والمنتمين إلى مؤسسي النظام الإيراني عام 1979 نجد أنها تتسم بما يلي، أولاً أن سلوك النظام خرج عن المبادئ والشعارات التي أعلنها منذ تأسيسه، حتى إن بعضهم يرى أنه يقوض تلك الأسس.
ثانياً، تعدت المعارضة الآتية من هذه الفئة مواءمات ما يعرف بالتيار الإصلاحي أو المعتدل، ذلك أنها وصلت إلى حد انتقاد رأس النظام ومطالبته بالتنحي.
ثالثاً، تؤشر هذه المعارضة إلى ضيق ومعاناة الجميع داخل إيران، بمن فيهم أبناء مؤسسي النظام وأن الأوضاع صارت لا تحتمل من بطش واستبداد وإدارة سيئة.
ومن أشهر هذه الشخصيات فائزة رفسنجاني وزهراء مصطفوي وحسن الخميني وفريدة مرادخاني وأحمد منتظري.
فائزة هاشمي رفسنجاني
ابنة الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، كانت نائبة سابقة إصلاحية وناشطة في حقوق الإنسان، عرفت بانتقاداتها للنظام في مناسبات عدة، فوصفته بأنه "ثوري" بشكل استعراضي و"طالباني" الفكر.
سبق أن أسست مجلة إيرانية متخصصة في قضايا المرأة، لكن تم إغلاقها من قبل الحكومة بعد عام، كما سبق وحكم عليها بالسجن ستة أشهر عام 2012 مع وقف التنفيذ والحرمان خمس سنوات من ممارسة الأنشطة السياسية والثقافية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما دعت إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية في عهد حسن روحاني، وفي يوليو (تموز) 2022 وجهت محكمة اتهامات إليها بالدعاية ضد النظام، وذلك حينما اعترضت على طلب الفريق المفاوض لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 إزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة التنظيمات الأجنبية كأحد شروط العودة للاتفاق مع واشنطن.
ورأت حينها أن الشرط الإيراني ضار بالمصالح الوطنية، وصرحت أخيراً أن طهران تسببت بمقتل آلاف المسلمين في كثير من الدول العربية، وآخر انتقاداتها كان موجهاً ضد الرئيس إبراهيم رئيسي، إذ اعتبرته غير قادر على إدارة الجهاز التنفيذي وتعيين حكام للمحافظات والمدن الإيرانية من بين العسكريين.
كما تناولت أفكارها انتقاد الفساد وسوء الإدارة وتقليص دور الوزارات لمصلحة زيادة صلاحيات القادة العسكريين في مناصب نواب الوزراء، مما يضعف قدرة الجهاز الإداري على التعامل مع المشكلات وحلها.
زهراء مصطفوي
ابنة روح الله الخميني، مؤسس النظام الإيراني الإسلامي، ناشطة سياسية حاصلة على الدكتوراه وكثيراً ما انتقدت سلوك النظام، لا سيما خلال فترة الانتخابات واستبعاد مجلس صيانة الدستور لعدد من المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين من السباق، معتبرة أنه يهدد أصول النظام ويقوضها ويزيد من الفجوة بينه وبين الشعب.
حسن الخميني
حفيد روح الله الخميني مؤسس النظام الإيراني، كثيراً ما وجه انتقادات إلى النظام، لا سيما خلال الانتخابات الرئاسية عام 2021 وانتقد التوجه نحو سيطرة تيار واحد على مقاليد السلطة والمؤسسات، وذلك في إشارة إلى استبعاد كثير من الإصلاحيين لمصلحة إفساح المجال أمام المنتمين إلى التيار المتشدد فقط.
فريدة مرادخاني
ابنة شقيقة المرشد الأعلى علي خامنئي، سجلت مقطع فيديو وصفت فيه النظام بأنه "مجرم وقاتل الأطفال"، وعلى أثره ألقت السلطات الإيرانية القبض عليها.
جاءت مواقف مرادخاني في خضم الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ ثلاثة أشهر بسبب الحجاب وعمل شرطة الأخلاق على خلفية مقتل الشابة الكردية مهسا أميني.
اشتهرت مرادخاني بكونها تنتمي إلى أسرة معارضة، فزوجها رجل الدين المعارض علي طهراني، وكثيراً ما ناهضت عقوبة الإعدام بإيران وسبق أن تعرضت للاعتقال في يناير (كانون الثاني) 2022.
أحمد منتظري
ابن حسين علي منتظري، أحد قيادات الثورة الإيرانية وقد اختاره الخميني ليكون خليفة له، لكنه جرد من امتيازاته وعزل من منصبه إثر انتقاده للإعدامات التي نفذها النظام في أعقاب الثورة مباشرة.
عام 2016 نشر أحمد منتظري تسجيلاً صوتياً قديماً لأبيه كان انتقد فيه الإعدامات الجماعية التي يقوم بها النظام ضد السجناء السياسيين وأصدرت محكمة رجال الدين الإيرانية حكماً بالسجن ست سنوات ضده.
يمكن القول إن هذه الانتقادات الواردة على لسان أبناء وبنات مؤسسي النظام الإيراني وشخصيات رئيسة فيه لا تأتي لتغرد بعيداً من أهداف الثورة الإيرانية، أو إسقاط النظام الحالي، بل الانتقاد في إطار مدى ابتعاد أو اقتراب سلوك النظام من مبادئ الثورة الإيرانية وأهدافها والنظام الديني.
وكذلك يمكن القول إن تلك المعارضة تشير إلى خلل في السياسة الإيرانية وإنها بعيدة من المصالح الوطنية، ولا يوجد مدافع عن السياسات الداخلية والخارجية لإيران سوى شبكة العلاقات الشخصية التي أسسها علي خامنئي من الحرس الثوري والمتشددين.