أعادت عملية إنزال سريع نفذتها قوات "فاغنر" الروسية، الثلاثاء 6 ديسمبر (كانون الأول)، في قرية مالية غير بعيدة من الحدود الموريتانية، الحديث عن تأثير وجود قوات "فاغنر" في الأمن الداخلي والجيوستراتيجي الموريتاني، لا سيما أن الوضع في مالي يشهد عدم استقرار أسفر عن انقلابات عدة في العشرية الأخيرة من تاريخ البلد الأفريقي، ومما زاد الوضع هشاشة انسحاب قوة "برخان" الفرنسية في أغسطس (آب) الماضي وتقارب حكام باماكو الجدد مع موسكو.
"فاغنر" على تخوم موريتانيا
وأوردت وسائل إعلام موريتانية خبر "هجوم"، قالت إن قوات من "فاغنر" الروسية نفذته ضد قرية كيتا ذات الغالبية الطارقية التي تطالب بانفصال إقليم أزواد عن السلطة المركزية في باماكو.
وأضافت الأخبار الواردة أن الهجوم الذي وقع على بعد 70 كيلومتراً من مدينة فصالة المتخامة للحدود الموريتانية، خلف عدداً من القتلى والجرحى نقلوا إلى مقاطعة باسكنو في أقصى الشرق الموريتاني لتلقي العلاج في مستشفى المدينة.
وفى الأشهر الماضية طاولت اتهامات عناصر من "فاغنر" يعتقد بأنها تسببت في مقتل موريتانيين في الأراضي المالية.
ويرى محفوظ السالك الخبير في قضايا الساحل أنه "في بداية أغسطس الماضي، تحدث تقرير أممي عن تورط عناصر فاغنر في مقتل 33 مدنياً بينهم 29 موريتانياً مطلع شهر مارس (آذار) في منطقة بالقرب من الحدود بين مالي وموريتانيا"، ويضيف "في وقت سابق تعرض ستة موريتانيين لإطلاق نار داخل الأراضي المالية، في منطقة الشيخ أحمد التي تبعد عشرات الكيلومترات من الحدود مع موريتانيا واتهمت به قوات فاغنر كذلك".
ويخلص السالك إلى أن "هذا الاستهداف يجد جانباً من تفسيره في كون فاغنر تنتشر في الوسط وفي المناطق القريبة من الحدود مع موريتانيا، حيث تنشط حركة ’ماسينا‘ التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب".
"مجازر" ضد المدنيين
وبحسب السالك "بدأ الإعلام الغربي والمسؤولون الغربيون الحديث عن وجود قوات فاغنر الروسية في مالي بدءاً من يناير (كانون الثاني) 2022 وقدر عددهم بالمئات ينتشرون بشكل رئيس في وسط البلاد".
ومنذ ذلك الوقت تتوالى الاتهامات بتنفيذ "مجازر" ضد المدنيين، حتى إن نائبة وزير الخارجية الأميركي فيكتوريا نولاند وخلال جولة لها في المنطقة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تحدثت عن ارتفاع نسبة الهجمات المسلحة في مالي 30 في المئة منذ نشر "فاغنر" التي تقول السلطات الرسمية المالية إن دورها هو تدريب القوات المالية فقط.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن أبرز العمليات المتهمة "فاغنر" بارتكابها في مالي، بحسب وسائل إعلام موريتانية
- مقتل نحو 13 مدنياً في منطقة موبتي وسط مالي نهاية أكتوبر الماضي.
- وفي أبريل (نيسان) 2022 اتهمت "فاغنر" والجيش المالي معاً بمقتل 300 شخص في منطقة مورا بوسط البلاد، وذلك خلال قتال مجموعة من المسلحين استمر زهاء 10 أيام. حينها طالبت الأمم المتحدة السلطات المالية بالسماح لقوات حفظ السلام الأممية بزيارتها والتحقيق في ما حصل، وهو ما رفضته سلطات باماكو.
- كذلك عثر في مارس 2022 على عشرات الجثث محترقة بالقرب من بلدة ديابالي في وسط مالي واتهمت "فاغنر بالوقوف وراء هذه العملية".
حراك دبلوماسي
أدى تكرار الهجمات التي تنفذ من قبل قوات "فاغنر" بالقرب من الحدود الموريتانية إلى بداية تحرك دبلوماسي موريتاني لتلافي ما هو أسوأ.
ويربط الباحث التراد ولد سيدي "بين زيارة الوزير الأول الموريتاني محمد ولد بلال مسعود، السبت الماضي، إلى مدينة خاي المالية والعمليات التي تتهم فاغنر بتنفيذها في مالي".
وعلى رغم أن الزيارة كانت للمشاركة في تدشين سد كويتا المنجز من قبل منظمة استثمار نهر السنغال، إلا أن نقاش قضايا الأمن مع المسؤولين الماليين فرض نفسه في ظل تصاعد التوتر في المنطقة الحدودية الفاصلة بين مالي وموريتانيا.
ويعول الباحث محفوظ السالك على العلاقات الموريتانية المالية بقوله "أتصور أنه بعد التحرك الدبلوماسي الموريتاني وتبادل الزيارات الرسمية بين البلدين، سيخف الاستهداف إن لم ينته، وذلك من خلال إبعاد عناصر فاغنر عن المنطقة ونشرها في الشمال حيث تنشط بقوة جماعات متطرفة".
وفي بيان نشرته بداية عام 2022، نفت الحكومة المالية أي انتشار لمجموعة "فاغنر" الروسية. وجاء في البيان نفي الحكومة المالية "لهذه المزاعم في شأن انتشار مزعوم لعناصر من شركة أمنية خاصة في مالي".
وكانت نحو 15 دولة غربية مشاركة في مكافحة المتطرفين في هذا البلد الواقع في منطقة الساحل، أعلنت نشر مجموعة "فاغنر" شبه العسكرية الروسية في مالي بمساعدة موسكو وأن المجموعة تضم "مرتزقة ينشطون أساساً في أوكرانيا وليبيا ودول عدة في أفريقيا جنوب الصحراء".
وقالت الحكومة المالية إنها "تطالب بتقديم أدلة لها من مصادر مستقلة"، مؤكدة "حرصها على التوضيح أن مدربين روساً، مثل بعثة التدريب الأوروبية، موجودون في مالي في إطار تعزيز القدرات العملياتية للقوات الوطنية للدفاع والأمن".