حفل الأردن بكثير من الأحداث المفصلية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً عام 2022، لكن أهمها تمثل في استمرار تداعيات قضية "الفتنة" التي كان الأمير حمزة بن الحسين أحد أبرز رموزها.
كما شهدت البلاد خلال العام كوارث إنسانية عدة من بينها الحادثة التي راح ضحيتها 15 شخصاً إثر انهيار مبنى سكني، في حين ختم العام المضطرب أردنياً آخر أيامه بتظاهرات واشتباكات في أنحاء متفرقة من المملكة على خلفية أطول إضراب تشهده البلاد احتجاجاً على رفع أسعار المحروقات، وكانت جلسة برلمانية عاصفة سبقت التحركات بأيام تخللها تهديد بحجب الثقة عن حكومة بشر الخصاونة.
قلق من إيران
تصاعد حجم القلق والتحذير من الخطر الإيراني على الأردن من الخاصرة السورية ومحاولات طهران استغلال الوضع الداخلي المقلق، بينما تحولت الحكومة وبشكل مفاجئ إلى خطاب هادئ حيال طهران بعد أعوام من التصعيد والاتهامات.
وسبقت ذلك تصريحات مثيرة للعاهل الأردني خلال لقاء مع قناة "سي أن بي سي" الاقتصادية، دعا فيها إلى تشكيل "ناتو شرق أوسطي"، فهم منها أنها موجهة ضد الخطر الإيراني في المنطقة.
وتصاعدت حرب مكافحة تهريب المخدرات من الجانب السوري وأعلن الأردن تغيير قواعد الاشتباك لمواجهة مهربين مدعومين من نظام بشار الأسد، كما حذرت عمان مراراً من اتخاذ خطوات عسكرية أكثر حدة لمواجهة عمليات التهريب التي باتت تهدد استقرار المملكة.
الأمير حمزة وأزمات القصر
ضجت وسائل الإعلام المحلية في شهر أبريل (نيسان) الماضي بخبر تخلي الأمير حمزة بن الحسين عن لقبه كأمير، بعدها بشهر واحد فقط وافق الديوان الملكي الهاشمي على توصية المجلس المشكل بموجب قانون الأسرة المالكة بتقييد اتصالات الأمير حمزة وإقامته وتحركاته، وظن الأردنيون أن الملف قد طوي إلى غير رجعة، لكن القضية لا تزال قائمة ويتم نبشها بين الحين والآخر، على رغم خفوت الحديث عنها محلياً وخارجياً.
واعتبر مراقبون أن إعلان الأمير حمزة تخليه عن لقب بمثابة خلط للأوراق وخطوة استباقية لصدور أي قرار ملكي في هذا الخصوص.
بموازاة ذلك كانت الأميرة هيا بنت الحسين تطوي ملف نزاعها مع ولي عهد دبي محمد بن راشد آل مكتوم بعد نزاع قضائي طويل في لندن حول حضانة ولديها الجليلة وزايد.
وفي شهر فبراير (شباط) أثير جدل جديد حول ثروة العاهل الأردني في الخارج بعدما تحدثت صحف عالمية عن نحو 500 مليون دولار في بنوك سويسرية، فيما رد الديوان الملكي بالقول إن ما أثير تشهير وتشويه للحقيقة.
كوارث متلاحقة
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
شهد الأردن أحداثاً مؤسفة، أبرزها انهيار مبنى سكني في منطقة اللويبدة بالعاصمة عمان، مما أسفر عن مقتل 14 شخصاً وإصابة 10 آخرين بعد أن شغلت الحادثة الشارع لأيام من عمليات البحث والإنقاذ المتواصلة.
قبل ذلك كانت حادثة تسرب غاز الكلوريد السام في مدينة العقبة جنوب البلاد التي راح ضحيتها عشرات الأشخاص ومئات الجرحى.
اجتماعياً تحفظ الأردن على بنود عدة من اتفاق حقوق الطفل المتعلقة بحق تغيير الدين والتبني بعد احتجاجات كبيرة من قبل المواطنين.
وفي مارس (آذار) من العام ذاته أجريت انتخابات بلدية في البلاد بنكهة عشائرية ومقاطعة إسلامية على رغم الإقبال الضعيف ونسب الاقتراع المتدنية.
انتكاسات تنظيم الإخوان
تواصلت خلال عام 2022 انتكاسات تنظيم الإخوان ما بين صراعات داخلية وانتقادات من قبل نخب وسياسيين أبرزهم المعارض ليث شبيلات الذي اتهمهم بالانتهازية والفساد.
كما فشلت محاولات التنظيم للعودة إلى الشارع وتنظيم تظاهرات حاشدة عبر لافتات عدة كالإصلاح السياسي و"الأقصى" والقضية الفلسطينية.
وفي آخر تحد لها عبر الشارع، فشلت جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان في التعبئة ضد اتفاق المياه مع إسرائيل قبل أيام وظهر بوضوح أن قدرتها على التحشيد تراجعت كثيراً.
ومني التنظيم خلال عام 2022 بهزائم انتخابية في النقابات واصطدم مع وزير الأوقاف الأردني بعد إعلانه عن وجود مخالفات إدارية ومالية في جمعية المحافظة على القرآن الكريم التي يديرها التنظيم.
دعم أميركي وقلق من نتنياهو
في سبتمبر (أيلول) حظي الأردن بأكبر منحة مالية أميركية وبقيمة ناهزت 10 مليارات دولار إثر توقيع مذكرة تفاهم بين وزيري خارجية البلدين.
وكان العاهل الأردني التقى الرئيس الأميركي جو بايدن مرتين خلال هذا العام مما شكل دعماً سياسياً للبلاد.
وفي مايو (أيار) اندلعت أزمة سياسية بين الأردن وإسرائيل بعد تصريحات مستفزة أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت أكد فيها أن جميع القرارات المتعلقة بالمسجد الأقصى ومدينة القدس ستتخذ من قبل تل أبيب التي اعتبرها صاحبة السيادة على القدس بغض النظر عن أي اعتبارات خارجية.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) تصاعد القلق الأردني الرسمي والشعبي من عودة بنيامين نتنياهو للحكم مجدداً بحكومة يمينية متطرفة، هددت بإعادة إحياء مشروع الوطن البديل وصفقة القرن واستهداف الوصاية الهاشمية في القدس.
وعلى صعيد الملف الفلسطيني - الأردني، وجهت إسرائيل صفعة اقتصادية سياسية لعمان تمثلت في تسيير مطار رامون لرحلات خاصة بالفلسطينيين بعد أيام من معاناة المسافرين الفلسطينيين لأيام بسبب الاكتظاظ الكبير عند معبر جسر الملك حسين الذي يعتبر المتنفس الوحيد لهؤلاء على العالم.
انفراجه سياسية حزبية
كان عام 2022 عام الإصلاح السياسي، ففي يوليو (تموز) أطلق العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني يد العمل الحزبي في الجامعات بعد تحديث المنظومة السياسية وتغيير قانوني الأحزاب والانتخاب وصولاً إلى هدف تشكيل حكومات برلمانية وحزبية.
وفي يونيو (حزيران) أجرى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان زيارة مهمة إلى الأردن لتعزيز العلاقات بين البلدين، توجت بتوقيع اتفاقات أردنية سعودية اقتصادية وإطلاق مواقف سياسية مشتركة حيال دعم الوصاية الهاشمية وإدانة الإرهاب الحوثي والتدخلات الإيرانية في المنطقة.
وأثارت تصريحات لوزير المياه الأردني قلقاً شعبياً كبيراً بعدما كشف عن وضع مائي حرج سيعيشه المواطنون أكثر قساوة من عام 2021 مع تراجع منسوب المخزون المائي في البلاد التي تعد من أفقر البلدان في العالم مائياً.
وجاء ذلك بعد توقيع الأردن اتفاق الماء مقابل الكهرباء مع إسرائيل الذي يقضي بتزويد تل أبيب، عمان بكميات إضافية من المياه مقابل تصدير الكهرباء والذي قوبل برفض شعبي وبرلماني واحتجاجات في الشارع.