يتوقع خبراء الصناعة أن تبرد سوق الإسكان بشكل حاد العام المقبل بعد عام 2022 الوعر، إذ تكافح المملكة المتحدة مع الركود وارتفاع معدلات الرهن العقاري. ومع اشتداد أزمة كلفة المعيشة وسط ارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة بدأت أسعار المنازل بالفعل في الانخفاض على أساس شهري، وانخفض متوسط سعر المنزل بنسبة 2.3 في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني) عن أكتوبر (تشرين الأول)، وهو أكبر انخفاض منذ بداية الانهيار المالي عام 2008 وفقاً لـ"هاليفاكس". ومن المتوقع أن يشتد التباطؤ، إذ تومض كل مؤشرات الإسكان باللون الأحمر وتستعد الأسعار للارتفاع ودخول المملكة المتحدة في ركود طويل، كما من المتوقع أن يواصل بنك إنجلترا رفع أسعار الفائدة حتى عام 2023 من 3.5 في المئة حالياً إلى ذروة تبلغ نحو 4.75 في المئة مما يقلل الطلب من المشترين.
ويقول خبراء العقارات إن من المرجح أن يؤدي ذلك إلى انخفاض أسعار العقارات بنسبة تتراوح بين خمسة في المئة و12 في المئة العام المقبل، على رغم أن البعض يحذر من أنه في أسوأ السيناريوهات يمكن أن ينهار بنسبة 15 في المئة إلى 20 في المئة، وأظهر أحدث البيانات الصادر عن مكتب الإحصاءات الوطنية ارتفاع أسعار المساكن بنسبة 12.6 في المئة في العام المالي المنتهي في أكتوبر.
ارتفاع معدلات الرهن العقاري
وكانت قد أدت الميزانية المصغرة الكارثية لكواسي كوارتنغ وزير الخزانة السابق في حكومة ليز تراس في سبتمبر (أيلول) إلى ارتفاع معدلات الرهن العقاري إلى أعلى من ستة في المئة، وهو مستوى شوهد آخر مرة عام 2008، كما تراجعت معدلات الرهن العقاري منذ ذلك الحين بمتوسط إصلاح مدته خمس سنوات عند 5.6 في المئة وفقاً لـ"موني فاكتس"، لكنها لا تزال أعلى بكثير من قبل عام، في حين تتوقع البنوك وجمعيات البناء البريطانية إقراضاً أقل بنسبة 23 في المئة لمشتري المساكن العام المقبل، مع إعادة أحجام الرهن العقاري إلى مستواها قبل الوباء، وإنهاء طفرة استمرت عامين أدت إلى ارتفاع أسعار المنازل بأكثر من الربع.
وتوقعت هيئة التجارة البريطانية المالية في المملكة المتحدة أن إجمالي قروض الرهن العقاري لشراء المنازل سينخفض إلى 131 مليار جنيه استرليني (158.1 مليار دولار) عام 2023 من 171 ملياراً استرلينياً (206.4 مليار دولار) هذا العام، وإلى ذروته عند 189 مليار جنيه استرليني (228.2 مليار دولار) عام 2021، عندما كانت السوق تغذيها عطلة "رسوم الدمغة"، ومن المقرر أن تنخفض مبيعات العقارات عام 2022.
وتوقعت شركة العقارات "سافيليس" انخفاضاً حاداً في المعاملات إلى 870 ألفاً وانخفاضاً بنسبة 10 في المئة في أسعار المنازل عام 2023. وقال وكيل الشراء هنري بريور "إنه انزلاق وليس انهياراً". وأضاف "سوق الإسكان مثل ناقلة عملاقة يستغرق الدوران أو تغيير الاتجاه أو تغيير السرعة وقتاً طويلاً".
تراجع أسعار العقارات
وتوقعت شركة العقارات "جونز لانغ لاسال" انخفاضاً بنسبة ستة في المئة في أسعار المنازل العام المقبل، بحجة أن انهيار الأسعار كان نادراً في المملكة المتحدة، ويتوقع الخبراء من شركة الخدمات العقارية البريطانية "سافيلس" تعافياً إلى نمو الأسعار بنسبة واحد في المئة عام 2024 حيث تتراجع أسعار الفائدة ويتم احتواء التضخم. وتوقع روبرت غاردنر كبير الاقتصاديين في شركة "نيشن وايد" حدوث "انخفاض متواضع" في أسعار المساكن العام المقبل "هناك سبب وجيه للاعتقاد أنه لا يزال بإمكاننا تحقيق هبوط سلس". وقال إنه بينما من المرجح أن يرتفع معدل البطالة إلى نحو خمسة في المئة من 3.7 في المئة حالياً، إلا أن هذا سيظل منخفضاً وفقاً للمعايير التاريخية، ويمكن أن يرجع جزئياً إلى عودة الأشخاص "غير النشطين" إلى سوق العمل حالياً وسط كلفة ضغط المعيشة، بدلاً من التسريح الجماعي للعمال على حد قوله. وأشار غاردنر إلى أن نحو 85 في المئة من أرصدة الرهن العقاري تخضع لمعدلات فائدة ثابتة. وقال إنه حتى أصحاب المنازل الذين تتعين عليهم إعادة التمويل على المدى القريب خضعوا لاختبار القدرة على تحمل الكلف بأسعار فائدة أعلى، مضيفاً "سيكون الأمر صعباً حقاً، ولكن الغالبية العظمى من الناس يجب أن تكون قادرة على التعامل معه".
بنك إنجلترا يحذر
وحذر بنك إنجلترا من أن أربعة ملايين أسرة تواجه مدفوعات رهن عقاري أعلى في العام المقبل، مع ارتفاع الدفعة المعتادة بمقدار 250 جنيهاً استرلينياً (301.8 دولار) إلى ألف جنيه استرليني (1.2 ألف دولار) شهرياً، وهذا من شأنه أن يتسبب في صعوبات مالية شديدة لمئتي ألف أسرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقعت "كابيتال إيكونوميكس سنترال" أن تنخفض أسعار المنازل بنسبة 12 في المئة نهاية عام 2023، لكن أندرو ويشارت كبير الاقتصاديين في الشركة الاستشارية قال إنه في أسوأ السيناريوهات قد تنخفض الأسعار بنسبة تصل إلى 20 في المئة. وكان الانخفاض الأولي في أسعار المساكن أكثر حدة مما كان عليه في الأزمة المالية أو أوائل التسعينيات.
أضاف "لكي تعود القدرة على تحمل الكلف إلى مستوى مستدام بحلول نهاية عام 2023، عندما نعتقد أن معدلات الرهن العقاري ستظل نحو خمسة في المئة، كما يجب أن ينخفض متوسط سعر المنزل بنسبة 20 في المئة. من ناحية أخرى إذا انخفضت أسعار الفائدة على السوق والرهن العقاري بشكل أسرع مما نتوقع، فإن ذلك من شأنه أن يحد من انخفاض الأسعار".
ارتفاع سوق الإيجارات الخاصة
والصورة مختلفة في سوق الإيجارات الخاصة، إذ ارتفعت أسعار الإيجارات إلى مستويات قياسية وسط نقص في العقارات للإيجار وتزايد الطلب، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن بعض المشترين المحتملين لأول مرة يواصلون الاستئجار على أمل انخفاض معدلات الرهن العقاري العام المقبل، كما أظهرت الأرقام الرسمية ارتفاع إيجارات القطاع الخاص في المملكة المتحدة بنسبة أربعة في المئة في نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو أعلى مستوى منذ بدء السجلات عام 2016.
ويعتقد ويشارت أن نمو الإيجارات سيكون نحو ضعف المتوسط الذي حدث في عقد ما قبل الجائحة على مدى السنوات الخمس المقبلة، وسيبلغ ذروته عند 5.1 في المئة العام المقبل، في حين تتوقع" سافيلس" ارتفاع نمو الإيجارات إلى 6.5 في المئة قبل أن يتباطأ إلى أربعة في المئة عام 2024.