لا يعدو متجر "بوبايز لوزيانا كيتشين" الأول، الذي يتم افتتاحه في لندن، كونه أكثر من مجرد آلة يمر فوقها الدجاج المقلي، لكن الموقع بمركز تسوق ويستفيلد في ستراتفورد كان شائعاً جداً لدى الجمهور البريطاني لدرجة أنه تطلب إعادة تصميم كاملة لقاعة الطعام لاستيعاب قوائم الانتظار.
توم كرولي، الذي يرأس عمليات السلسلة في المملكة المتحدة، قال "كانت لدينا طوابير من ثلاث إلى أربع ساعات للأشهر الثلاثة الأولى"، وخلال الآونة الأخيرة "في عطلة نهاية الأسبوع يمكن أن يكون لدينا 50-100 شخص ينتظرون في أي وقت".
يشتهر "بوبايز"، الذي تأسس في السبعينيات، بسندويشات الدجاج والبسكويت على الطريقة الأميركية بالولايات المتحدة، لكن على مدى السنوات المقبلة يريد أن يصبح أحد أهم المطاعم في المملكة المتحدة مع أكثر من 300 موقع.
المتجر يسير في تنفيذ خططه بشكل جيد، ففرعه في ستراتفورد، الذي افتتح في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، هو الآن أفضل مطعم "بوبايز" أداء في العالم من بين 3500 موقع.
محلل الضيافة سيمون ستينينج قال لـ"تليغراف" إن مطعم "بوبايز" يتحدى "كل الأفكار القائلة بأن علامة تجارية للدجاج المقلي لا يمكنها أن تكون مزدحمة للغاية".
"بوبايز" ليس العملاق الأميركي الوحيد للوجبات السريعة الذي يجذب الجماهير البريطانية، فهناك "ليتيل سيزارز"، الذي يأمل في تغيير سوق البيتزا من خلال تقديم بيتزا مطبوخة طازجة بسعر يزيد قليلاً على 5 جنيهات استرلينية (6 دولارات) و"ويندي" التي عادت إلى المملكة المتحدة عام 2021 وشرعت بالتوسع.
وهناك أيضاً انتشار لسلاسل أميركية مثل "تاكو بيل" و"شيك شيك" و"وينغ ستوب"، وهي بالفعل من السلع الأساسية في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وعلى الرغم من أن سلسلة "بافالا وايلد ينغز"، التي تبلغ تكلفتها 2.95 مليار جنيه استرليني (3.5 مليار دولار)، أنكرت أنها كانت تخطط لافتتاح متجر لها بالمملكة المتحدة، إلا أنها سجلت علامتها التجارية في البلاد الأسبوع الماضي.
الوجبات السريعة الأميركية
السؤال هو لماذا هذا النهم البريطاني على الوجبات السريعة الأميركية؟
وفقاً لبيانات "فيوتشر فودسيرفيس"، كانت مبيعات الوجبات السريعة عام 2022 أعلى بنسبة 10 في المئة من عام 2019، مما يجعلها القطاع الأسرع نمواً للأغذية والمشروبات في قطاع الضيافة.
تعد المملكة المتحدة الوجهة المنطقية للعلامات التجارية الأميركية التي تبحث عن نمو سريع، كما قال جون إيكبرت الرئيس التنفيذي البريطاني لعلامة "برغر فايف غايز"، "فهي متاخمة ثقافياً ولدينا الموسيقى نفسها، وكثير من التراث المشترك واللغة ذاتها".
يعتبر متجر "فايف غايز" مقارنة بالوافدين الجدد مثل "بوبايز" و"ليتل سيزرز" نوعاً قديماً بسوق المملكة المتحدة، ويعود الفضل في إطلاقه عام 2013 إلى إثارة علاقة حب بريطانيا للطعام الأميركي، وهي إشارة إلى الشركات بأن هناك أموالاً جادة يمكن جنيها.
قال مستشار الضيافة بيتر باكمان "كانت لدينا موجة من الامتيازات أتت منذ نحو 50 عاماً، ماكدونالدز وبرغر كينغ وغيرها"، وأضاف "ثم في الحقيقة لم يحدث شيء كثير حتى افتتاح فايف غايز، الذي أظهر أنه لا تزال هناك فرص، وشجع الآن هذه العلامات التجارية الأميركية الأخرى".
الـ"سوشيال ميديا" والعولمة
بفضل التأثيرات المشتركة لوسائل التواصل الاجتماعي والعولمة، يوجد الآن عدد كبير من الشباب البريطاني، الذين على رغم أنهم ربما لم يكونوا قد زاروا الولايات المتحدة أو حتى شاهدوا إعلاناً عن شركة مثل "بوبايز" أو "ليتل سيزرز"، إلا أنهم يعرفون جيداً هذه العلامات التجارية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويرى ستينينج أن "هناك طلباً لا يصدق من الجمهور الأصغر سناً، الذي يعرف جيداً ماهية هذه العلامات التجارية ويحرص على الحصول عليها".
في حين غالباً ما ينظر إلى بريطانيا على أنها أرض إثبات للنجاح الدولي، حيث قال إيكبرت "النجاح بالمملكة المتحدة يعني أنه يمكنك النجاح في أوروبا، مما يعني أنه يمكنك تحقيق ذلك في آسيا والشرق الأوسط، إنه أشبه بتأثير الدومينو".
وعن أهمية الوجود في بريطانيا، قال جيريمي فيتارو كبير مسؤولي التطوير في "ليتل سيزرز"، "نرى المملكة المتحدة قوة مركزية داخل أوروبا ومكاناً يجب أن نكون فيه".
ومما يجعل الأمر أكثر إغراءً للشركات التي تتطلع إلى إرضاء المستثمرين، قال باكمان "سلاسل الولايات المتحدة تتعرض لضغوط في الداخل، هناك كثير من المنافسة وقد سئم المستهلك الأميركي من بعض العلامات التجارية، إما في حالة عدم وجود تمايز أو عدم تغير العلامة التجارية".
وأضاف هذا لا يحدث في المملكة المتحدة فقط، فإذا ذهبت إلى الإمارات أو حتى الهند، فهناك نشاط كبير من سلاسل الولايات المتحدة أيضاً، مشيراً إلى أن "ما ستحصل عليه في بعض هذه المطاعم ليس مطابقاً تماماً لما تعرضه في الولايات المتحدة، كان لا بد من جعل بعض الأطباق أكثر صحة حتى يمكن إطلاقها في بريطانيا".
في حين قال كراولي "بعض المنتجات في قائمة الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون هنا بسبب مستويات الملح، هذا أمر طبيعي جداً بالنسبة للعلامات التجارية الأميركية، لكن التشريعات البريطانية تختلف بشكل طفيف عندما يتعلق الأمر بمستويات التغذية".
كما كان على "بوبايز" أيضاً أن يراعي رواد المطعم البريطانيين الذين يفضلون التوابل والطعام الحار"، وكادت السلسلة تحجم عن إطلاق بسكويتها المميز، الأكثر مبيعاً بالولايات المتحدة في بريطانيا خوفاً من أنهم لن يعرفوا ماذا يفعلون به، لكن بحسب كرولي "ينظف الناس مرق اللحم بالبسكويت، كما يفعلون في الولايات المتحدة".
أزمة تكلفة المعيشة
من المرجح أن تزداد جاذبية هذه العلامات التجارية مع استمرار أزمة تكلفة المعيشة، لأن الوجبات السريعة عموماً أرخص بكثير من الوجبات التقليدية.
وأوضح كراولي "متوسط سعر وجبة شطيرة دجاج بوبايز هو 7.99 جنيه استرليني (9.66 دولار) وهذه قيمة جيدة حقاً، لقد رأينا ذلك من قبل في فترات الركود، حيث لا يستطيع الناس تحمل كلفة وجبة عشاء خارجية، بالتالي بإمكانهم التوجه لمطعم خدمة سريعة".
في غضون ذلك، تم إطلاق "ليتيل سيزيرز" من خلال تقديم بيتزا "ساخنة وجاهزة" بالكامل مقابل 5 جنيهات استرلينية (6 دولارات)، ويقول فيتارو "نصنع البيتزا طازجة طوال اليوم، نحن قادرون على تقديم مثل هذه الأسعار لأنها نموذج معاملات كبير الحجم يتم في مساحات أصغر".
من جانبه، قال ستينينج إن المطاعم والحانات ذات المستوى المتوسط هي الأكثر عرضة للتأثر، لأن أولئك الذين لديهم نقود لا يقللون بالضرورة من المطاعم الراقية.