تعقد الدول الداعمة لكييف عسكرياً اجتماعاً في ألمانيا، اليوم الجمعة، في قاعدة "رامشتاين" الأميركية، وقبل ساعات قليلة من هذا الاجتماع، أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسويد والدنمارك عن شحنات جديدة كبيرة من الأسلحة إلى أوكرانيا.
والاجتماع هو الثالث في الصيغة التي تُعرف باسم "رامشتاين" منذ بداية الصراع، وسيجتمع خلاله وزراء الدفاع وكبار المسؤولين العسكريين من حوالى 50 دولة مع وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن.
زيارة سرية
على خط آخر، قال مسؤول أميركي لـ"رويترز"، إن وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي أي" سافر سراً إلى كييف في الآونة الأخيرة للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وأضاف المسؤول الأميركي، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، "سافر المدير بيرنز إلى كييف، حيث التقى نظراء في المخابرات الأوكرانية وكذلك الرئيس زيلينسكي وشدد على دعمنا المستمر لأوكرانيا ودفاعها في مواجهة العدوان الروسي".
وقالت صحيفة "واشنطن بوست"، التي كانت أول من أورد النبأ، إن الزيارة حدثت في مطلع الأسبوع. وأضاف تقرير الصحيفة أن بيرنز أطلع زيلينسكي على توقعاته في شأن الخطط العسكرية الروسية المقبلة، وذكرت أنه أقر أيضاً بأنه في مرحلة ما سيصبح الحصول على المساعدة الأميركية أصعب.
"قرارات قوية"
وأعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في وقت متأخر الخميس، أنه يتوقع "قرارات قوية" في شأن إمداد بلاده بمزيد من الأسلحة الغربية خلال الاجتماع. وقال "بينما نستعد لاجتماع رامشتاين، فإننا نتوقع قرارات قوية. نتوقع حزمة دعم عسكري قوية من الولايات المتحدة".
وقبل المباحثات أيضاً، تزايدت الضغوط على برلين للموافقة على تزويد كييف بدبابات "ليوبارد 2" التي يسعى المسؤولون في كييف بشدة للحصول عليها لشن هجمات ضد القوات الروسية.
وأشارت بولندا وفنلندا إلى أنهما على استعداد لإرسال هذه الدبابات الألمانية الصنع إلى أوكرانيا، لكنهما بحاجة إلى موافقة برلين على هذه الخطوة.
وأضاف زيلينسكي "أنا ممتن لشارل ميشال رئيس المجلس الأوروبي الذي كان في كييف اليوم، الذي دعا أوروبا بوضوح لاتخاذ قرار في شأن الدبابات". وتابع "الآن نحن بانتظار قرار من عاصمة أوروبية يفعل سلاسل التعاون المعدة في شأن الدبابات"، مشيراً إلى اعتقاده "أن قوة القيادة الألمانية ستبقى كما هي من دون تغيير". وقال زيلينسكي في تصريح لقناة "إيه.آر.دي" التلفزيونية الألمانية "شعبنا يموت كل يوم. إذا كانت لديكم دبابات ليوبارد، أعطوها لنا". وأضاف أن أوكرانيا تحتاج إلى هذه الدبابات للدفاع عن نفسها واستعادة الأراضي المحتلة وليس لمهاجمة روسيا.
واشنطن ترسل مئات المدرعات والصواريخ
وأعلنت الولايات المتحدة أنها سترسل مئات المركبات المدرعة إضافة إلى صواريخ وقذائف مدفعية إلى أوكرانيا في إطار حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 2.5 مليار دولار.
وقالت وزارة الدفاع في بيان، إن الحزمة تشمل 59 من مركبات "برادلي" القتالية و90 ناقلة جنود مدرعة من طراز "سترايكر" و53 عربة مقاومة للألغام ومحمية من الكمائن و350 مركبة مدولبة متعددة المهام ذات قدرة تنقل عالية.
وتأتي مركبات "برادلي" المدرجة في أحدث حزمة أميركية بعد 50 أخرى أعلنت واشنطن عنها في وقت سابق من الشهر. وتلك المدرعة مزودة بمدفع قوي ويستخدمها الجيش الأميركي لنقل القوات في ساحات القتال منذ منتصف الثمانينيات.
وقالت وزارة الدفاع، إن المساعدات الجديدة تشمل أيضاً ذخائر إضافية لأنظمة "هيمارس" الصاروخية وثمانية أنظمة دفاع جوي من طراز "أفينجر" وعشرات الآلاف من قذائف المدفعية ونحو ألفي صاروخ مضاد للدروع.
وفي المجمل، خصصت الولايات المتحدة أكثر من 27.4 مليار دولار مساعدات أمنية لأوكرانيا منذ بدء الهجوم الروسي في فبراير (شباط) من العام الماضي.
دول الناتو تتعهد بتقديم مزيد من الأسلحة
وتعهد حلفاء غربيون تقديم أسلحة بمليارات الدولارات لأوكرانيا ووعد بعضهم بإرسال الدبابات ألمانية الصنع التي طلبتها كييف إذا وافقت برلين على ذلك. لكن ألمانيا لم تبد أي إشارة حتى الآن على السماح بنقل دباباتها إلى أوكرانيا إذ تخشى أن يستفز ذلك موسكو.
ولا يزال المستشار الألماني أولاف شولتز متردداً في إرسال أسلحة لأوكرانيا. ويقول عديد من حلفاء برلين الغربيين إن قلق المستشار الألماني في غير محله لأن روسيا منخرطة بالفعل في الحرب، بينما تقول موسكو إن عمليات نقل الأسلحة الغربية ستطيل أمد الحرب وتزيد من المعاناة في أوكرانيا.
وكان مصدر حكومي في برلين قد قال في وقت سابق، إن ألمانيا سترسل دباباتها إذا وافقت الولايات المتحدة على القيام بالمثل وأرسلت دبابات "أبرامز".
وتعهدت 11 دولة في حلف شمال الأطلسي، ومنها بريطانيا وبولندا، تقديم حزمة كبيرة من المساعدات العسكرية لأوكرانيا خلال اجتماع عُقد، الخميس، في قاعدة عسكرية في إستونيا.
وقالت الدول في بيان مشترك "نلتزم السعي الجماعي لتقديم حزمة غير مسبوقة من التبرعات، بما في ذلك دبابات ومدفعية ثقيلة وأنظمة دفاع جوي وذخيرة ومركبات مشاة قتالية" لأوكرانيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي إن "بعض الشكوك تساوره" في موافقة ألمانيا على إرسال دبابات لأوكرانيا. وخالفه في الرأي بعض السياسيين الأوروبيين الآخرين.
وقال وزير الدفاع الليتواني أرفيداس أنوسوسكاس لـ"رويترز" "بعض الدول سترسل بالتأكيد دبابات ليوبارد إلى أوكرانيا، وهذا أمر مؤكد".
وعبرت وزيرة الدفاع الهولندية كايسا أولونجرن عن ثقتها في التوصل إلى حل، لكنها قالت إن هولندا ستحتاج إلى الحصول على الضوء الأخضر من برلين قبل أن تقرر ما إذا كانت سترسل دبابات إلى أوكرانيا.
وقالت بولندا وفنلندا بالفعل إنهما سترسلان دبابات ليوبارد إذا تراجعت ألمانيا عن الرفض. بل إن بولندا لمحت إلى أنها قد تفعل ذلك حتى لو حاولت برلين منعها.
روسيا "ستبقى تهديداً" لحلف الناتو
من جانبه، قال مسؤول عسكري كبير في حلف شمال الأطلسي، إن روسيا ستظل تشكل تهديداً للحلف حتى لو هُزمت قواتها في أوكرانيا.
وقال الأميرال روب باور، رئيس اللجنة العسكرية للحلف، للصحافيين في مقر الحلف ببروكسل "مهما كانت نتيجة الحرب، فمن المرجح أن تكون للروس طموحات مماثلة... وبالتالي فإن التهديد لن يزول".
وأضاف باور أنه في الوقت الذي تستنفد فيه الحرب قوات روسيا وعتادها وذخيرتها، فإن دول الحلف تتوقع أن تحاول موسكو إعادة بناء قدراتها العسكرية بل وتعزيزها.
وقال باور، متحدثاً في نهاية اجتماع استمر يومين لكبار الضباط العسكريين من دول الحلف "الاعتقاد العام هو أن الروس سيعيدون تشكيل ما لديهم وسيتعلمون أيضاً من هذا الصراع بأنفسهم وسيحاولون تحسين ما لديهم". وأضاف "لذلك من المرجح أن يكون لذلك تداعيات على خططنا في المستقبل".
بوريل: إشارة موسكو إلى المحرقة "غير مقبولة"
من جانب آخر، اعتبر وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن "من غير المقبول والمعيب" أن تشير موسكو إلى المحرقة للتنديد بدعم الدول الغربية لأوكرانيا و"تبرير عدوانها غير المشروع" على هذا البلد.
قال المسؤول في بيان "التعليقات الأخيرة التي أدلى بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف واتهم فيها الغرب بالبحث عن حل نهائي لروسيا في غير محلها وتقلل من الاحترام وتدنس ذكرى ستة ملايين يهودي وضحايا آخرين قتلوا بشكل منهجي خلال المحرقة".
وكان لافروف أعلن، الأربعاء، في مؤتمر صحافي أن مهمة التحالف الذي شكلته الولايات المتحدة تكمن في إيجاد "حل نهائي للمسألة الروسية. فكما أراد هتلر حل المسألة اليهودية، يقول القادة الغربيون الآن (...) من دون لبس إن هزيمة استراتيجية يجب أن تلحق بروسيا".
واعتبر الإسباني جوزيب بوريل أن "تلاعب النظام الروسي بالحقيقة لتبرير عدوانه غير المشروع على أوكرانيا وصل إلى مستوى متدن جديد غير مقبول وحقير".
وأوضح "لا مقارنة بين جرائم ألمانيا النازية والمساعدة الدولية لأوكرانيا للدفاع عن أراضيها وشعبها ضد عدوان غير مبرر. لقد غزت روسيا دولة مجاورة ذات سيادة تستهدف فيها المدنيين وتقتلهم بشكل يومي لتدمير البلاد والأمة الأوكرانية".
روسيا تعلن فتح تحقيق بحق أميركي بشبهة "تجسس"
وأعلن جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (أف أس بي) أنه فتح تحقيقاً بحق مواطن أميركي بشبهة "تجسس"، وسط أزمة دبلوماسية بين موسكو وواشنطن مرتبطة بالنزاع في أوكرانيا.
ولم يحدد الجهاز هوية هذا المواطن الأميركي وما إذا كان تم توقيفه أو ما إذا كان في روسيا أو في الخارج. وقال في بيان مقتضب "يُشتبه في أن يكون الأميركي قد جمع معلومات استخباراتية مرتبطة بمسائل بيولوجية تتعارض مع أمن روسيا الاتحادية".
في واشنطن، قالت وزارة الخارجية الأميركية إنها "على علم بهذه المعلومات غير المؤكدة عن تحقيق يستهدف مواطناً أميركياً"، لافتة إلى أنه "في شكل عام، فإن روسيا لا تفي بالتزاماتها لجهة الإبلاغ عن توقيف مواطنين أميركيين في روسيا في الوقت" الملائم.
وأضاف المتحدث فيدنت باتيل "إنه أمر نرصده من كثب ونحن على اتصال مباشر بالسلطات الروسية". وتحتجز روسيا عدداً من المواطنين الأميركيين، ما يسهم في تسميم العلاقات بين موسكو وواشنطن.
ويتبادل الأميركيون والروس التهم باحتجاز مواطنين من البلدين لأغراض سياسية. وسبق أن جرت عدة عمليات تبادل أسرى.
الشهر الماضي، أفرجت روسيا عن لاعبة كرة السلة الأميركية بريتني غراينر التي دينت بتهمة تهريب المخدرات عند وصولها إلى روسيا في فبراير (شباط).
وحكم عليها بالسجن تسع سنوات ثم نقلت إلى حبس في وسط روسيا، وأُطلق سراحها بعد مفاوضات طويلة مقابل الإفراج عن تاجر الأسلحة الروسي فيكتور بوت الذي كان يقضي عقوبة بالسجن لمدة 25 عاماً في الولايات المتحدة.
وأوقف جندي أميركي سابق يُدعى بول ويلان في روسيا في عام 2018 وحُكم عليه بالسجن 16 عاماً بتهمة "التجسس"، رغم نفيه التهمة. ولا يزال في السجن.