أعلن مسؤولون من منطقتي زابوريجيا وسومي الأوكرانيتين السبت، إن روسيا كثفت قصفها لمناطق واقعة بشرق أوكرانيا خارج خط المواجهة الرئيس في منطقة دونباس الصناعية.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إن هجوماً شنته في الآونة الأخيرة جعل قواتها تحتل مواقع مميزة بشكل أكبر على طول خط جبهة زابوريجيا وهو ما وصفه مسؤولون عسكريون أوكرانيون بأنه مبالغة.
ومنذ شن أوكرانيا هجوماً مضاداً جريئاً في أواخر أغسطس (آب) الماضي، تركز القتال في دونباس التي تشمل معظم مناطق لوغانسك ودونيتسك التي تسيطر عليها روسيا جزئياً والتي تقول موسكو إنها ضمتها.
ورأى مسؤولون ومراقبون أن الهجمات الروسية تستهدف زيادة العبء على دفاعات أوكرانيا ومنعها من استعادة الأراضي.
وقال أولكسندر ستاروخ حاكم منطقة زابوريجيا بجنوب شرق أوكرانيا على تلغرام إن روسيا قصفت المنطقة 166 مرة خلال اليوم مع استهداف 113 هجوماً مناطق مأهولة مما أدى إلى مقتل مدني. وتقول روسيا إنها لا تستهدف المدنيين.
كما أفاد دميترو تشيفيتسكي حاكم منطقة سومي على تلغرام بأن القوات الروسية شنت 115 هجوماً في المنطقة المتاخمة لروسيا في شمال شرق أوكرانيا. وأضاف أن شابا عمره 17 سنة أصيب ودُمر عدد من المنازل ومنشآت للبنية التحتية.
إعادة الجثث
في سياق آخر، أفاد موقع على الإنترنت مرتبط بمؤسس مجموعة "فاغنر" العسكرية الروسية الخاصة، يفغيني بريغوجين، بأن المجموعة تعتزم إرسال جثث جنود أوكرانيين، قتلوا خلال المعارك في بلدة سوليدار التي سيطرت عليها، إلى مناطق واقعة تحت سيطرة أوكرانيا.
وقالت "فاغنر" في 11 يناير (كانون الثاني) إنها سيطرت على سوليدار. وقالت السلطات التي نصبتها روسيا في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا قبل أيام، إنها تسيطر على البلدة التي دارت فيها معارك عنيفة.
ونقل موقع "ريا فان" الإلكتروني، التابع للمجموعة الإعلامية التي يمتلكها بريغوجين، عن أحد قادة "فاغنر" قوله إنه سيتم إرسال الجثث من سوليدار إلى مناطق تسيطر عليها أوكرانيا في أربع أو خمس قوافل تضم إجمالاً نحو 20 شاحنة.
ولم يذكر التقرير المنشور، اليوم السبت، عدد الجثث التي ستعاد إلى السلطات الأوكرانية، لكنه قال إن القوات الأوكرانية منيت بخسائر فادحة في سوليدار.
وأضاف التقرير أن بريجوجين أوضح أنه يجب إعادة جثث الجنود إلى أوكرانيا بطريقة "كريمة"، لكنه لم يذكر مزيداً من التفاصيل حول تلك العملية.
وقالت السلطات الأوكرانية أيضاً خلال الاشتباكات في سوليدار إن القوات الروسية منيت بخسائر فادحة.
وأقر بريغوجين، الذي تجنب سابقاً الأضواء ونفى صلاته بـ"فاغنر"، في سبتمبر (أيلول)، بأنه أسس هذه المجموعة التي تلعب دوراً رئيساً في الصراع، واصفاً إياها بأنها قوة مستقلة تماماً لها طائراتها ودباباتها وصواريخها ومدفعيتها.
هجوم زابوريجيا
وأعلن الجيش الروسي، السبت، أنه نفذ "عمليات هجومية" في منطقة زابوريجيا في جنوب أوكرانيا سمحت له بالسيطرة على "مواقع مؤاتية".
وأفادت وزارة الدفاع الروسية في بيان أنه "في ناحية زابوريجيا، وإثر عمليات هجومية، سيطرت وحدات المنطقة العسكرية الشرقية على خطوط ومواقع مؤاتية أكثر"، من دون إضافة تفاصيل.
زيلينسكي يلوم الحلفاء
وفي السياق، أسف الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لعدم إرسال الدول الغربية دبابات ثقيلة لقواته على رغم دفعات الأسلحة الجديدة الضخمة التي أعلنها الحلفاء، فيما القوات الروسية تعزز هجومها في باخموت وجنوب أوكرانيا.
وفي انتقاد علني نادر، حض وزراء خارجية دول البلطيق برلين صباح السبت على "تزويد أوكرانيا دبابات ليوبارد فورا" معتبرين أن ألمانيا "كونها القوة الكبرى في أوروبا تتحمل مسؤولية خاصة في هذا الصدد".
من جهتها، أعربت أوكرانيا السبت عن أسفها "للتردد العام" من جانب حلفائها الغربيين الذين رفضوا في اليوم السابق تزويدها بدبابات ثقيلة، وهو قرار "يؤدي إلى قتل مزيد من مواطنينا" وفقاً لمستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك.
وكتب بودولياك على "تويتر" "التردد في هذه المرحلة يقتل مزيداً من مواطنينا" داعياً حلفاء كييف إلى "التفكير بشكل أسرع".
انتقادات لتباطؤ برلين
ومساء الجمعة، اعتبر زيلينسكي أن "لا خيار آخر" سوى أن ترسل الدول الغربية دبابات ثقيلة إلى بلاده، معرباً عن أسفه لموقف ألمانيا الحذر في هذا الشأن.
كذلك، وجه السيناتور الأميركي الجمهوري ليندسي غراهام انتقادات مباشرة إلى برلين عقب زيارة لكييف الجمعة.
وكتب على "تويتر" "لقد سئمت من مهزلة من سيرسل دبابات ومتى، أقول للألمان أرسلوا دبابات لأوكرانيا لأنها في حاجة إليها، وإلى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أرسلوا دبابات أميركية حتى يحذو الآخرون حذونا".
بين التعهد والتردد
وفيما تدفقت التعهدات بتقديم دبابات، أعربت الولايات المتحدة عن ترددها في تسليم أوكرانيا دبابات من طراز "أبرامز" بسبب صعوبة صيانتها والتدريب على استخدامها، في حين رفضت ألمانيا حتى الآن تقديم دبابات "ليوبارد".
ورحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالهبات الأخيرة، لكنه حذر من أنه لن يكون هناك "بديل" عن تقديم الغرب دبابات ثقيلة لكييف.
وأشار مارك كانسيان وهو ضابط متقاعد من مشاة البحرية الأميركية ومستشار كبير في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية إلى أن الأمر سيتطلب عدداً كبيراً من الدبابات لإحداث فرق حقيقي في ساحة المعركة، لكن هذه الشحنات على رغم عددها القليل قد يكون لها تأثير كبير، إضافة إلى قيمة رمزية لزيلينسكي.
وإضافة إلى المساعدات المادية الأميركية، هناك برنامج تدريبي حديث للقوات الأوكرانية سيدرب بموجبه 500 جندي شهرياً.
من جهته، قال رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي الجمعة إن الجيش الأوكراني يحتاج إلى تدريب جيد جداً على استخدام هذا العتاد حتى يكلل الهجوم بالنجاح.
وتابع "إذا أخذنا في الاعتبار الطقس والميدان، نرى أن هناك نافذة ضيقة نسبياً" لتحقيق ذلك، مشيراً إلى أنها ستكون مهمة "صعبة للغاية".
انقسام الموقف الغربي
وفي ضوء الموقف الغربي من إرسال الدبابات لكييف فإن الدول الخمسين التي تقابلت في قاعدة رامشتاين الأميركية بألمانيا لم تتوافق الجمعة على إرسال دبابات ثقيلة إلى كييف على رغم مطالباتها المتكررة.
ونقلت إذاعة "ذي فويس أوف أميركا" عن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أن جنوداً أوكرانيين سيتدربون قريباً على دبابات "ليوبارد" في بولندا، مضيفاً "سنبدأ بذلك، وسنرى ما سيحدث لاحقاً".
من جهته، بدا وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن كأنه يرجئ الأمر بقوله، لا تزال هناك "فرصة سانحة بين الآن والربيع" لتسليم دبابات غربية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هل تصنع الدبابات فارقاً؟
بحسب روسيا، فإن إرسال هذه الدبابات لن يغير شيئاً في الوضع على الأرض، فيما اتهم الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف الدول الغربية "بالتشبث بوهم مأسوي حول قدرة أوكرانيا على تحقيق النصر على أرض المعركة".
لكن بالنسبة إلى العديد من الخبراء، فإن دبابات ثقيلة حديثة ستحدث فارقاً حقيقياً لكييف في المعارك في شرق أوكرانيا، حيث استأنفت روسيا الهجوم بعد تعرضها لانتكاسات كبرى في الخريف.
مراسم الوداع
في كييف، ودع فولوديمير زيلينسكي وزوجته أولينا زيلينسكا إضافة إلى عديد من القادة الأوكرانيين، صباح السبت، وزير الداخلية دنيس موناستيرسكي الذي قتل الأربعاء بحادث تحطم مروحية مع 13 شخصاً آخرين.
داخل المبنى الذي أقيمت فيه المراسم والواقع قرب ساحة ميدان في قلب كييف، وضعت سبعة نعوش حملها رجال بالزي العسكري ملفوفة بالعلم الأوكراني وإلى جانبها صور الضحايا بالأبيض والأسود.
وفي الخارج، نكست الأعلام الأوكرانية والأوروبية، فيما شوهد وجود كثيف للشرطة في كل أنحاء المبنى.
ومن المقرر أن تقام جنازة موناستيرسكي في وقت لاحق السبت في مقبرة تاريخية وسط العاصمة الأوكرانية.
وفي أماكن أخرى في أوكرانيا، أبلغت سلطات الاحتلال الروسي الجمعة "زيادة حدة" المعارك في المنطقة، حيث تجري مواجهات "على طول خط الجبهة".
وأفاد فلاديمير روغوف، أحد قادة سلطات الاحتلال المحلية التي شكلتها موسكو في زابوريجيا، عبر "تليغرام" "ازدادت حدة الأعمال العسكرية بشدة باتجاه زابوريجيا"، وأضاف "لم يحصل ذلك من قبل".
وفي تقريره الصباحي قال الجيش الأوكراني السبت إنه تعرض لـ"إطلاق نار" في الليلة السابقة في عشرات القرى في المنطقة.
من جهته، قال الجيش الروسي السبت إن قواته شنت هجوماً على منطقة زابوريجيا.
وأوضحت القوات الروسية في تقريرها اليومي "في ناحية زابوريجيا، وإثر عمليات هجومية، سيطرت وحدات المنطقة العسكرية الشرقية على خطوط ومواقع مؤاتية أكثر"، من دون إضافة تفاصيل.
ويشهد خط التماس بين الجيشين الأوكراني والروسي في هذه المنطقة الجنوبية جموداً منذ أشهر، ولم تحدث أي اشتباكات كبيرة هناك، بخلاف منطقتي خيرسون (جنوب) حتى نوفمبر (تشرين الثاني) ودونيتسك (شرق) مركز الاشتباكات الحالية.
في محيط باخموت، استمرت الاشتباكات العنيفة الجمعة بين القوات الأوكرانية والجيش الروسي المدعوم من مجموعة "فاغنر"، التي صنفتها الولايات المتحدة الجمعة منظمة إجرامية.
وقال مسؤول أميركي كبير إن أوكرانيا يجب أن تركز على هجوم مضاد كبير في الربيع، وليس على الدفاع عن هذه المدينة التي دمرت بشكل شبه كامل وأصبحت خالية من سكانها تقريباً.
لكن باخموت أصبحت قضية سياسية ذات رمزية كبيرة، وتفقد فولوديمير زيلينسكي خط المواجهة في ديسمبر (كانون الأول) لدعم قواته، في حين تسعى روسيا لتحقيق انتصار بعد سلسلة من النكسات في الخريف.