في خضم التسرع المضني لعملية "بيتينغ" Operation Pitting لإجلاء الرعايا البريطانيين والأفغان المؤهلين كم أفغانستان، استنبطت الحكومة برامج تتيح للأفغان الذين عملوا بشكل وثيق مع بريطانيا لأن يغادروا أفغانستان، ولكن قسماً كبيراً منهم سقط في غياهب النسيان والإهمال.
ومن بين تلك المجموعات، 200 أفغاني عملوا كمقاولين للمجلس البريطاني. وعلى رغم شمول سياسة إعادة التوطين الأفغانية والمساعدة Afghan Relocations and Assistance Policy موظفي المجلس البريطاني، كانت التوجيهات أقل وضوحاً بالنسبة إلى المقاولين ولم تتمكن الغالبية العظمى منهم من مغادرة أفغانستان في صيف العام 2021.
بصفتنا رئيس المجلس البريطاني لمجموعة كل الأحزاب البرلمانية British Council All-Party Parliamentary Group (APPG)، بدأنا نتلقى اتصالات من قبل المقاولين مباشرة وكذلك من الجهات في المملكة المتحدة التي يعملون لحسابها. أثرتُ معاناتهم للمرة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 عندما أبلغت وزير الدفاع بأن المقاولين وصفوا أن حياتهم تقوم على الاختباء والتنقل من منزل إلى آخر والتعرض للملاحقة طوال الوقت من قبل "طالبان".
وعلى رغم أنهم لم يعملوا رسمياً لحساب المجلس البريطاني، لم تر حركة "طالبان" أي فارق في هذا وبما أن أفغانستان الريفية هي منطقة صغيرة نسبياً، يدرك السكان المحليون حتماً من "تعاون" مع الأجانب.
وفي يناير (كانون الثاني) 2022، أطلقت الحكومة خطة إعادة توطين أفغان Afghan citizens resettlement scheme (ACRS) من الباب العريض مما قد يمكن الأفغان المعرضين للخطر الذين لا تربطهم أي روابط مع بريطانيا أن يفروا من أفغانستان ويبدأوا حياة جديدة في بريطانيا. ولحظت المرحلة المبكرة من انطلاق هذا البرنامج أهلية المقاولين للانضواء تحت هذه الخطة، بيد أن النظام كان مثقلاً بالمشكلات وعانى تقدماً بطيئاً. وشكل الأمر إحباطاً إضافياً لأن وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث بصفتها الوزارة الراعية للمجلس البريطاني صنفت كل المقاولين المتبقين في أفغانستان تقريباً بأنهم معرضون "لخطر شديد للغاية" أو "للخطر الشديد".
وتحقق بعض التقدم في يونيو (حزيران) عندما تم الإعلان أنه بوسع المقاولين التقدم بطلب للحصول على مكان في إطار خطة إعادة توطين أفغان وذلك من خلال فتح نافذة لتقديم الطلبات حتى أغسطس (آب). حتى في ذلك الحين، احتاجت الحكومة إلى الإقناع بتولي الطلبات فور ورودها بدل الانتظار إلى حين إقفال المهلة ومن ثم البدء بمعالجتها. وعمل المجلس البريطاني في وتيرة موازية مع وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث لغربلة الطلبات الحقيقية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي سبتمبر (أيلول)، تم إبلاغ حوالى 60 مقاولاً بوجود مكان لهم في خطة إعادة التوطين، مشروطاً بانتهاء التدقيق الأمني، ولكن بحلول ديسمبر (كانون الأول)، لم يتبلغوا أي شيء آخر. وأثار المجلس البريطاني لمجموعة كل الأحزاب البرلمانية هذه المسألة في البرلمان قبيل حلول عيد الميلاد ومجدداً في نقاش أجري في البرلمان البريطاني في 11 يناير.
كانت الأجوبة التي أعطاها الوزير عن أسئلتنا إيجابية بشكل كبير، ولكن في تطور غير اعتيادي، قامت وزارة الخارجية وشؤون الكومنولث "بتصحيح" الأجوبة كافة التي أعطاها بعد 24 ساعة وهو أمر لم أشهده خلال مسيرتي النيابية التي امتدت على أكثر من 20 عاماً. دق هذا الأمر جرس الإنذار والإرباك ليس أقله في أوساط المقاولين في أفغانستان الذين يتابعون هذه الأحداث عن كثب.
وفي مناقشة لاحقة، برزت فرصة أخرى أمام الحكومة لتصويب الأمور ولكن لسوء الحظ، التوضيح الملموس الوحيد الذي حصلنا عليه هو التأكيد على أن الكوتا الخاصة بالمقاولين وحرس السفارة وطلاب منحة "تشيفنينغ" تمثل الحد المسموح به وهي ليس "أداة قياس" حسبما وصفت خلال مناقشة 11 يناير.
الكوتا أمر مقيت لأخذه في الاعتبار: فما الذي يحصل في حال بلغنا الكوتا وما زال هناك أشخاص في أفغانستان مؤهلين لخطة إعادة توطين أفغان؟ في نهاية المطاف، لم تكن هناك كوتا عندما ارتبط الأمر بالمتطوعين أو بمدى شجاعة هؤلاء الأشخاص.
على ما يبدو، حصل 47 من أصل حوالى 200 مقاول على الضوء الأخضر من الحكومة لمغادرة أفغانستان مع عائلاتهم استعداداً لرحلتهم المرتقبة إلى المملكة المتحدة. ومن بين الـ150 المتبقين، هناك حوالى 50 شخصاً حصلوا على تأكيد استلام طلبهم والعمل عليه بانتظار انتهاء التدقيق الأمني الخاص بهم. وما زال يتحتم على المئة المتبقين انتظار سماع أي أخبار منذ أن تقدموا بطلباتهم في الصيف الماضي.
والواقع المرير هو أنه لم يتم نقل أي شخص إلى المملكة المتحدة عام 2022 في إطار برنامج الحكومة لإعادة توطين أفغان. وتتراجع أصداء تصريحات الحكومة الحماسية في شأن تأمين ملاذ آمن للذين ساعدوا بريطانيا ويبدو أن صداها يخفت شيئاً فشيئاً. تحتاج الحكومة بشكل طارىء إلى معالجة الطلبات المتبقية والبدء بعملية نقل زملائنا الأفغان إلى بر الأمان. إن بريطانيا مدينة لهؤلاء الأشخاص وفي رقبتها دين العرفان بالجميل لأنهم دفعوا بأهدافنا قدماً في أفغانستان وعلينا ألا نخذلهم.
جون بارون هو نائب محافظ عن منطقة باسيلدون وبيليريكاي
© The Independent