في سلسلة جديدة بقضية المجموعة الهندية، قالت شركة "توتال إنرغيز"، وهي أحد أكبر شركاء مجموعة "غوتام أداني" الدوليين، إن المجموعة الهندية تستعد لتعيين شركة محاسبة عالمية لإجراء "تدقيق عام" لأعمالها.
ووفق بيان يوضح بالتفصيل ما وصفته بانكشافها "المحدود" بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أعمال مجموعة "أداني"، قالت الشركة الفرنسية إنها "ترحب بإعلان المجموعة الهندية عن تفويض إحدى شركات المحاسبة الأربع الكبرى لإجراء تدقيق عام".
كان المستثمرون يفرون من شركات "أداني" منذ أن اتهمت شركة "هندنبورع ريسيرش"، وهي شركة بيع على المكشوف في الولايات المتحدة الأميركية، المجموعة الهندية بالاحتيال والتلاعب في سوق الأوراق المالية الشهر الماضي، ونفى "أداني" هذه المزاعم لكن أسهم شركته الرئيسة "أداني إنتربرايز"، خسرت أكثر من 60 في المئة منذ ظهورها الأسبوع الماضي، لكن في المجموع، فقد خسرت شركات مجموعة "أداني" أكثر من 110 مليارات دولار من القيمة السوقية خلال أزمتها الأخيرة.
يشار إلى أن "توتال إنرغيز" واحدة من أكبر شركات الطاقة في العالم التي تتعرض لشركة "أداني" من خلال استثمارات في أربعة مشاريع مشتركة في الهند. ورفضت مجموعة "أداني" التعليق على ما إذا كانت تخطط لتعيين واحدة من أكبر أربع شركات محاسبة كمدقق حسابات.
اختفاء عنوان شركة التدقيق
البيانات المتاحة تشير إلى أن شركة "أداني إنتربرايز" استخدمت شركة هندية صغيرة تحمل اسم "شاه دانديرا" لتدقيق حسابات العام المالي 2021/2022، وذلك وفق التقرير السنوي الصادر عن المجموعة، إذ كشفت وثيقة على موقع الشركة تحمل تاريخ 13 يناير (كانون الثاني) 2023، أن "شاه دانديرا" هي التي تتولى التدقيق المالي والقانوني للمجموعة مع كتابة عنوان وتفاصيل الشركة.
لكن يبدو أن عنوان شركة التدقيق غير صالح في الوقت الحالي، بينما قالت شركة "هندنبورغ ريسيرش"، في تقريرها إن "المحفوظات التاريخية للموقع الإلكتروني للشركة أظهرت أن لديها أربعة شركاء و11 موظفاً فحسب".
وتوقف التداول في خمس شركات مدرجة لمجموعة "أداني"، أمس الجمعة، بعد أن انخفض إلى الحدود اليومية التي حددتها البورصة الهندية وتضم شركات "أداني توتال غاز" و"أداني غرين إنرغي" وهما مشروعان استثمرت فيهما شركة الطاقة العملاقة "توتال إنرجيز".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في غضون ذلك، قالت شركة الطاقة الفرنسية العملاقة في بيانها إنها "استثمرت في كيانات شركة (أداني) في امتثال كامل للقوانين الهندية وعمليات الحوكمة الداخلية الخاصة بها" مضيفة أن "العناية الواجبة قد اكتملت بما يرضيها بل كانت متوافقة مع أفضل الممارسات".
بيانات الشركة الواثقة في لهجتها تناقض بشكل صارخ مع المزاعم المدمرة التي قدمتها "هيندنبورغ للأبحاث" في تقريرها الصادر في 24 يناير (كانون الثاني) الماضي، في المقابل استنكرت مجموعة "أداني" ما جاء في التقرير معتبرة أنه لا "أساس له من الصحة"، ووصفته بالـ"خبيث"، بينما قال محللون إن "المجموعة لم تجب بشكل مقنع على الأسئلة التي آثارها التقرير".
وينظر إلى "أداني" على أنه حليف وثيق الصلة لرئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، وهو أحد أغنى أغنياء العالم. وخلال الأسبوع الماضي، كانت لديه ثروة صافية قدرها 120 مليار دولار، مما يجعله رابع أغنى شخص على مستوى العالم، لكن ثروة الملياردير الهندي انخفضت إلى ما يزيد قليلاً على 61 مليار دولار ويحتل المركز 21 في مؤشر "بلومبيرغ" للمليارديرات.
خسائر المجموعة تقفز إلى 55 في المئة
في سياق متصل، تراجعت الأسهم في معظم شركات مجموعة "أداني" مرة أخرى الجمعة، وتم تأجيل جلسة البرلمان الهندي وسط مشاهد فوضوية مع تعمق الفوضى التي أحاطت بواحدة من أكبر التكتلات الصناعية في البلاد.
كانت إمبراطورية الموانئ التي أنشأها غوتام "أداني"، تترنح منذ أن اتهمتها شركة "هيندينبورغ ريسيرش"، بالاحتيال والتلاعب في سوق الأوراق المالية، فيما تصر المجموعة الهندية على أن أساسات أعمالها "قوية".
وخلال تداولات، الجمعة الأخيرة، تراجعت أسهم شركة "أداني إنتربرايز" وهي الشركة الرئيسة للمجموعة، بنسبة تصل إلى 35 في المئة في بورصة مومباي، لكن مع الخسائر الأخيرة يصل الانخفاض التراكمي إلى ما يقرب من 55 في المئة منذ ظهور الادعاءات قبل 10 أيام.
وأوقفت البورصات الهندية التداول في خمس شركات أخرى مدرجة في مجموعة "أداني" بعد أن انهارت أسهمها بالحدود اليومية المحددة عند خمسة في المئة و10 في المئة، فيما وصفت شركة الطاقة الفرنسية "توتال إنرغيز" تعرضها البالغ 3 مليارات دولار لشركة "أداني" بأنه "محدودة".
ودقت وكالة التصنيف "موديز"، أجراس الإنذار في شأن انخفاض أسهم شركات "أداني" وقالت في مذكرة بحثية حديثة، إنه "من المرجح أن يقلل من قدرة المجموعة على زيادة رأس المال"، وفي الوقت نفسه قالت "ستاندارد أند بورز داو غونز" التي تجمع معايير السوق للمستثمرين، إنها "سوف تزيل أسهم مجموعة (أداني إنتربرايز) من مؤشرات الاستدامة الأسبوع المقبل، وذلك بعد تحليل أثارته مزاعم التلاعب في الأسهم والاحتيال المحاسبي".
ضجة كبيرة وهرج في البرلمان الهندي
وفيما ينظر إلى "أداني" على أنه حليف وثيق الصلة برئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، فقد دعا نواب المعارضة إلى فتح تحقيق في تقرير هيندنبورغ، بل ونظموا احتجاجاً في البرلمان الهندي، الأربعاء الماضي، تزامناً مع تقديم وزير المالية الهندي الميزانية السنوية، وتحت ضغط تلك المطالب علقت الأعمال العادية بجلسة البرلمان، الجمعة، للسماح بإجراء نقاش طارئ حول أزمة "أداني" مما تسبب في ضجة تسببت في تأجيل مجلسي البرلمان حتى الإثنين المقبل.
في غضون ذلك، كتب حزب المؤتمر المعارض الرئيس على صفحته الرسمية بمنصة "تويتر" إنه "يتم اتخاذ إجراءات ضد أداني في جميع أنحاء العالم، لكن رئيس الوزراء مودي هادئ... فمتى ستتخذ حكومتنا إجراءات؟".
في تلك الأثناء، عالج البنك المركزي الهندي القلق المتزايد في شأن المجموعة، الجمعة، وإن كان ذلك من دون الإشارة إليه بشكل مباشر، إذ قال بنك الاحتياطي الهندي إن "كانت هناك تقارير إعلامية تعبر عن القلق في شأن تعرض البنوك الهندية لتكتل تجاري... وفقاً للتقييم الحالي لبنك الاحتياطي الهندي، يظل القطاع المصرفي مرناً ومستقراً... ويظل بنك الاحتياطي الهندي يقظاً ويواصل مراقبة استقرار القطاع المصرفي الهندي".
وعلى رغم الأزمات المتتالية فإن الشركة المتعثرة تلقى أخباراً قد تكون سارة، إذ قالت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، إن "تقرير هيندنبورغ لن يكون له تأثير فوري على تصنيفات كيانات مجموعة "أداني" وأوراقها المالية"، مضيفة أنها "لا تتوقع أي تغييرات جوهرية في التدفق النقدي المتوقع للمجموعة".
وأغلق سهم "أداني سبورتس"، أكبر مشغل موانئ خاص في الهند، مرتفعاً بنسبة 5.6 في المئة، وتدير الشركة ميناء موندرا، الذي يطلق عليه غالباً "جوهرة التاج" للمجموعة، الذي يقع في ولاية غوجارات بغرب الهند.