حقق المؤشر الرئيس لبورصة لندن، مؤشر "فايننشال تايمز" للشركات المئة الكبرى (فوتسي 100)، ارتفاعاً قياسياً بنهاية تعاملات الأسبوع، مما عكس ثقة المستثمرين بالأسهم القيادية في بريطانيا على عكس عدم الثقة في الوضع الاقتصادي البريطاني المتردي.
وتجاوز المؤشر الرئيس للبورصة البريطانية حاجز 7900 نقطة للمرة الأولى منذ صيف عام 2018. وارتفع بنسبة واحد في المئة خلال يوم واحد، أول من أمس الجمعة، حيث أغلق المؤشر على 7905.52 نقطة في مستوى قياسي جديد من الارتفاع. وكان المستوى القياسي السابق في 22 مايو (أيار) 2018 حين سجل المؤشر 7903.5 نقطة.
وبحسب تقرير في وكالة "بلومبيرغ" انضم مؤشر بورصة لندن للمؤشرات الرئيسة حول العالم التي تشهد ارتفاعاً منذ بداية هذا العام. أضاف المؤشر بالفعل ما نسبته ستة في المئة إلى قيمته منذ مطلع يناير (كانون الثاني) 2023. وكان مؤشر "فايننشال تايمز" للشركات المئة الكبرى قد حقق ارتفاع كبيراً أيضاً، العام الماضي 2022، ليتجاوز ارتفاعه معدل ارتفاع مؤشر "أم أس سي آي" العالمي للمرة الأولى منذ 10 سنوات.
أسباب الارتفاع
استفاد المؤشر من إقبال المستثمرين على ما يسمى "شركات الاقتصاد القديم"، وتلك الشركات الكبرى التي توزع عائدات على حملة أسهمها. وحقق المستثمرون عائدات جيدة على ما لديهم من أسهم شركات مثل "مجموعة أتش أس بي سي المصرفية"، وشركة "شل" للطاقة. وكذلك استفادت الأسهم من تراجع سعر صرف الجنيه الاسترليني الذي خسر العام الماضي ما يزيد على 10 في المئة من قيمته، إذ إن أكثر الشركات التي ارتفعت أسهمها ورفعت قيمة المؤشر هي تلك التي تعتمد عائداتها وأرباحها على نشاطها خارج بريطانيا.
كما أن اعتماد قوة المؤشر على شركات السلع والخدمات المالية جعل مؤشرات الاقتصاد الكلي السلبية، مثل ارتفاع أسعار الفائدة ومعدلات التضخم تلعب لصالحه على عكس الحال في الأسواق الأميركية والأوروبية. وهذا ما جعل المستثمرين في الأسهم البريطانية الكبرى التقليدية يحققون عائدات على أسهمهم بشكل كبير العام الماضي.
من العوامل الأخرى التي أسهمت في ارتفاع المؤشر الرئيس للبورصة البريطانية سرعة إعادة فتح الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، بعد الإغلاقات نتيجة الموجة الأخيرة من وباء فيروس كورونا، كما أن انخفاض أسعار الغاز الطبيعي نتيجة الطقس غير القارس في فصل الشتاء الحالي أسهم أيضاً في ارتفاع أسهم الشركات.
أسهم مغرية
في مقابلة مع "بلومبيرغ" تقول مديرة تحليلات السوق في "آر بي سي بروين دولفين" جانيت موي، "إذا دخلنا في ركود اقتصادي عالمي فإن الطبيعة المقاومة لمؤشر (فايننشال تايمز) للشركات المئة الكبرى ستظل مصدر جاذبية، كما أن شركات قطاع الطاقة والسلع يمكن أن تستفيد جيداً في حال نجحت إعادة فتح اقتصاد الصين في تحقيق النمو".
ويرى بعض المحللين أن ارتفاع مؤشر بورصة لندن الرئيس لا يعني أن الأسهم البريطانية تحسنت قيمتها بشدة. وتنقل صحيفة "الديلي تلغراف" عن روبرت تومسون من شركة إدارة الاستثمار "كينغزوود" قوله إن مؤشر "فايننشال تايمز" للشركات المئة الكبرى لا يزال "أرخص كثيراً من المعتاد" في الوقت الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولطالما ظل مؤشر البورصة البريطانية على مدى السنوات الأخيرة في ذيل قائمة مؤشرات الأسهم الرئيسة في العالم بأداء أضعف بكثير. ويرجع بعض المحللين ذلك إلى اعتماد المؤشر بقوة على شركات النفط والتعدين التي تشهد تأرجحاً قوياً في أسعار أسهمها.
فعلى سبيل المثال لم يشهد مؤشر "فايننشال تايمز" للشركات المئة الكبرى تغيراً يذكر منذ عام 2016، بينما ارتفع مؤشر "أس أند بي للشركات الكبرى" في سوق "وول ستريت" بنيويورك بنسبة 100 في المئة في تلك الفترة، أما مؤشر "يورو ستوكس" فارتفع بنسبة أكثر من 30 في المئة.
ثم هناك أيضاً خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) الذي كان له تأثير سلبي جداً في البورصة البريطانية منذ استفتاء الخروج عام 2016. ونتيجة الضبابية التي أحاطت بإجراءات التعاملات المالية بعد "بريكست" انصرف المستثمرون الأجانب عن السوق البريطانية.
والعام الماضي خسرت البورصة البريطانية مكانتها كأكبر بورصة في أوروبا من حيث القيمة السوقية. وطبقاً لإحصاءات حللتها "بلومبيرغ" أصبحت القيمة السوقية للسوق الفرنسية 3.2 تريليون دولار بحلول الخميس الماضي، بينما تراجعت القيمة السوقية للبورصة البريطانية إلى 3.05 تريليون دولار.
وعلى رغم أن الأسهم المسجلة في البورصة البريطانية تظل مغرية للمستثمرين، بخاصة من يسعون نحو عائد ثابت من توزيعات الأرباح على الأسهم وليس المضاربات السريعة، فإن هناك مخاطر قد لا تجعل موجة الارتفاع هذه تستمر. من تلك المخاطر تأرجح سعر صرف الجنيه الاسترليني الذي قد يعني ارتفاعه تردد المستثمرين في شراء الأسهم البريطانية.
كما أن التحول الحالي في توجهات المستثمرين نحو أسهم شركات السلع والخدمات المالية بدلاً من أسهم شركات التكنولوجيا قد لا يستمر طويلاً، خصوصاً أن هذا التحول هو أحد أهم عوامل ارتفاع مؤشر بورصة لندن وصولها إلى هذا المستوى القياسي.