وسط تصاعد حالة عدم اليقين بالاقتصاد العالمي، ينشط لجوء دول الخليج إلى الاستثمار بالأصول الآمنة لتنمية ثرواتها وعدم المخاطرة بفقدانها، لا سيما الاستثمار بالسندات ذات العائد الجيد، وحسب بيانات صادرة عن وزارة الخزانة الأميركية، زادت دول مجلس التعاون الخليجي استثماراتها بأذون وسندات الخزانة الأميركية إلى 284.9 مليار دولار بنهاية مايو (أيار) الماضي.
ووفقا لتحليل "اندبندنت عربية"، استنادا إلى بيانات وزارة الخزانة الأميركية الصادرة الأربعاء، ارتفعت استثمارات دول الخليج الست بأذون وسندات الخزانة الأميركية بنسبة 0.5% على أساس شهري، من 283.55 مليار دولار في أبريل (نيسان) الماضي. وجاء هذا الارتفاع خلال شهر مايو (أيار) الماضي، نتيجة زيادة استثمارات كل من السعودية والكويت وقطر وسلطنة عُمان، فيما انخفضت استثمارات الإمارات والبحرين.
وما تعلنه الخزانة الأميركية في بياناتها الشهرية، هو استثمارات دول الخليج في أذون وسندات الخزانة فقط، ولا تشمل الاستثمارات الأخرى في الولايات المتحدة، سواء كانت حكومية أو خاصة.
وجاءت السعودية بالمرتبة الأولى خليجيا والـ 11 عالميا من حيث الأعلى استثماراً بالسندات الأميركية للشهر الرابع على التوالي، بقيمة 179 مليار دولار، مقابل 176.6 مليار دولار في أبريل (نيسان) السابق له بنمو شهري 1.4%، وتعد استثمارات السعودية الأعلى تاريخياً لها بالسندات الأميركية.
والاستثمارات السعودية في سندات الخزانة فقط، لا تشمل الاستثمارات الأخرى في الأوراق المالية والأصول والنقد بالدولار في الولايات المتحدة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورصدت البيانات أن الإمارات جاءت بالمرتبة 22 عالميا بقيمة 53.2 مليار دولار، من 55.3 مليار دولار بالشهر السابق، فيما زادت الكويت حيازتها من السندات الأميركية إلى 41.4 مليار دولار لتحل بالمرتبة 28 عالميا والثالثة خليجيا، مقابل نحو 40.2 مليار دولار بالشهر المقارن، ثم جاءت سلطنة عمان بالمرتبة الرابعة خليجيا بقيمة 8.76 مليار دولار، ثم قطر 1.815 مليار دولار، فيما تذيلت البحرين القائمة بقيمة 721 مليون دولار.
ويرى خبراء متخصصون أن ارتفاع الاستثمارات الخليجية جاء بعد نمو عائد سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل خلال العام الماضي إلى أعلى مستوياته منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، كما صعد العائد على السندات طويلة الأجل إلى أعلى مستوى منذ عدة سنوات.
وأضافوا أن السندات الأميركية تمثل مصدرا للسيولة السريعة للحكومات الخليجية في أي وقت تستطيع التصرف فيها نظرا لجاذبيتها واستقرار العائد عليها.
وذكروا "أن زيادة الإحتياطي من سندات الخزانة الأميركية من قبل دول الخليج أمر إيجابي ، حيث ترتبط هذه الدول بعلاقات إستراتيجية مع واشنطن كما أن الميزان التجاري بين السعودية أكبر إقتصاد عربي ، فيه فائض لصالح المملكة بحوالي 10 مليار تقريبا في 2018، من جانب آخر فان سندات الخزانة الأميركية الأعلى من حيث العائد، مثلا العائد على سندات ال10 سنوات في أميركا 2.07٪ بينما العائد علي السندات الحكومية في كل من فرنسا والمانيا واليابان بالسالب وتحت الصفر، إضافة إلى حجم السيولة المرتفعة لسوق السندات الأميركية.
وتشكل مشتريات دول الخليج من السندات الأميركية 4.35% من إجمالي حيازات دول العالم البالغة 6.54 تريليون دولار بنهاية مايو (أيار) الماضي.
ورغم ارتفاع استثمارات دول مجلس التعاون الخليجي في أذون وسندات الخزانة الأميركية إلا أنها تمثل نحو ربع الاستثمارات الصينية بها والبالغة 1.11 تريليون دولار في نهاية مايو (أيار) الماضي، مقارنة بنحو 1.113 تريليون دولار في أبريل (نيسان) السابق عليه.
وتبقى الصين (ثاني أكبر اقتصاد عالمي) أكبر حائز لسندات الخزانة الأميركية خارج الولايات المتحدة. وتمثل حصة الصين في السندات الأميركية 17%، وتتصدر قائمة الدول المستثمرة في السندات الأميركية متقدمة على دول مثل اليابان والمملكة المتحدة والبرازيل.
وبحسب خبراء اقتصاديين، تعد استثمارات الصين في السندات الأميركية "ورقة ضغط" في يد بكين في ظل الحرب التجارية التي تتعرض لها من الولايات المتحدة، وربما لن تلجأ إلى اللعب بها لما يسببه ذلك من تداعيات خطيرة ستنعكس على أسواق المال، وستؤثر في الصين نفسها.
فيما رفعت اليابان، ثاني أكبر دولة امتلاكاً للديون الأميركية، حيازتها من سندات الخزانة بالولايات المتحدة إلى 1.101 تريليون دولار خلال مايو (أيار) الماضي، مقابل 1.064 تريليون دولار في الشهر السابق له.
وفي المركز الثالث حلّت المملكة المتحدة في المرتبة الثالثة، بعد أن رفعت حيازتها من سندات الخزانة الأميركية إلى مستوى 323.1 مليار دولار، مقارنة 300.8 مليار دولار في الشهر السابق له.
وتعد سندات الخزانة وسيلة لجمع الأموال والديون من الدول والمؤسسات، وتسددها الحكومة عند حلول ميعاد استحقاقها الذي يختلف حسب أجل السند، وتتمتع السندات الأميركية بالجاذبية لانخفاض مستوى مخاطرة عدم السداد، وهو ما يفسر انخفاض العائد عليها، الفائدة، وإن كان الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، ينفذ منذ فترة خطة لرفع أسعار الفائدة. كما تستخدم سندات الخزينة الأميركية في احتساب أسعار الفائدة للتمويل طويل الأجل من خمس سنوات فأكثر.