ملخص
إعلان وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية #نجلاء_المنقوش تخصيص 50 مليون دولار أميركي كمساهمة أولى لإعادة إعمار #جنوب_تركيا
هدف #الدبيبة من تمويل إعادة إعمار جنوب #تركيا وتركه مدناً ليبية مدمرة جراء الحروب التي عاشتها البلاد منذ انهيار نظام معمر القذافي كسب ود تركيا
جدران نجح الفقر في تعريتها، وغاز يشتغل بطريقة بدائية، وحمام غير صحي وأطفال يفترشون الأرض، هذا هو وضع عائلة ليبية في مدينة سرت الغنية بالنفط والتي تتوسط غرب وشرق ليبيا ودُمرت بسبب الحرب ضد تنظيم "داعش"، وهذا الوضع نقله فيديو جديد من بين عدد من الفيديوهات التي تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا لعائلات تعيش الوضع نفسه.
صور أسهمت في تطور ألسنة الحرب الإلكترونية التي لم ينجح إعلان حكومة عبدالحميد الدبيبة نزول رواتب شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط) الحالي المتأخرة في امتصاص غضب الشارع الليبي، إثر إعلان وزيرة خارجية حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش تخصيص 50 مليون دولار أميركي كمساهمة أولى لإعادة إعمار جنوب تركيا.
وكان الإعلان كفيلاً بتحريك حرب كلامية بين مؤيد ورافض لهذا القرار عبر وسائل التواصل الاجتماعي في بلد يعاني مشكلات عدة وفي مقدمها اهتراء البنية التحتية وغياب منظومة صحية توقف معاناة المواطن الليبي في التنقل إلى دول الجوار طلباً للعلاج ومدن بحاجة إلى إعادة الإعمار.
وأكد رواد مواقع التواصل أن هدف الدبيبة من تمويل إعادة إعمار جنوب تركيا وتركه مدناً ليبية مدمرة جراء الحروب التي عاشتها البلاد منذ انهيار نظام معمر القذافي، هو كسب ود تركيا سياسياً وعسكرياً كحليف لضمان استمراره في المشهد السياسي، بينما يرى آخرون أن تركيا ساندت ليبيا في أوقات عدة.
المدن الليبية أولاً
وكيل وزارة الخارجية الأسبق حسن الصغير استغل الفرصة لتذكير المنقوش بأن "مدينة بنغازي شرق ليبيا، مسقط رأسها، أولى بهذه القيمة المالية المخصصة لإعادة إعمار جنوب تركيا".
وأوضح أن "50 مليون دولار أميركي (250 مليون دينار ليبي) لن تذهب لإعادة إعمار جنوب تركيا، بل لتمويل الحملة الانتخابية لرئيس تركيا رجب طيب أردوغان من أموال أجنبية غير مدرجة في الموازنة التركية"، وفق تعبيره عبر حسابه الرسمي بموقع "فيسبوك".
من جهتها عبرت النائبة بالبرلمان الليبي فاطمة المعداني عن استيائها من تخصيص هذه القيمة المالية لمساعدة تركيا بينما يغرق الشعب الليبي في الفقر، قائلة عبر حسابها الرسمي على "فيسبوك" إن "دولة قطر التي أدارت كأس العالم تبرعت لتركيا بـ 16 مليون دولار فقط، بينما ليبيا التي ينتظر أهلها مرتبات شهر يناير الماضي تبرعت بـ 50 مليون دولار كدفعة أولى".
أهداف سياسية
مدير برنامج ليبيا في مركز دعم التحول الديمقراطي أكرم النجار قال لـ "اندبندنت عربية" إن السبب الرئيس لتجاهل حكومة الوحدة الوطنية إعادة إعمار المدن الليبية والتوجه نحو دعم مدن جنوب تركيا هو تحقيق أهداف سياسية واستعراض لقوة عضلاتها المالية للظهور في صورة الحكومة القوية التي لا تتخلى عن واجباتها تجاه الدول المنكوبة، مقارنة مع دول أخرى مستقرة أمنياً وسياسياً لضمان كسب ود تركيا كحليف عسكري وسياسي لاستمرارها بالحكم في حال حدوث تطورات أمنية لإخراجها من المشهد السياسي بقوة القانون، باعتبار أن حكومة الدبيبة منتهية الولاية منذ ديسمبر (كانون الأول) وفق قرار رئيس مجلس النواب عقيلة صالح.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أضاف النجار أنه "بمجرد الرجوع للتقارير الخاصة بإعادة الإعمار في كل من طرابلس وبنغازي وسرت ودرنة وغيرها من المدن الليبية التي تحتاج إلى إعادة الإعمار، سنلاحظ الفرق الشاسع بين الموازنة المرصودة لها وبين القيمة المالية التي خصصتها حكومة الدبيبة لإعادة إعمار مدن جنوب تركيا التي دمرها الزلزال".
وأشار رئيس برنامج دعم التحول الديمقراطي في ليبيا إلى أن "حجم الإنفاق الحكومي لعام 2022 على صناديق إعادة إعمار المدن الليبية بجنوب طرابلس وسهل الجفرة وبنغازي ودرنة ومرزق وسرت لا يتجاوز 4 ملايين دينار ليبي (840000 دولار)، وفق تقارير مصرف ليبيا المركزي لعام 2022، بينما تم تخصيص 250 مليون دينار ليبي (52500000 دولار) لإعمار جنوب تركيا، بحسب تصريح وزيرة الخارجية في حكومة الدبيبة".
توجيه للرأي العام
وتعليقاً على تجاهل حكومة الدبيبة إعادة إعمار المدن الليبية واتجاهها لإعمار جنوب تركيا، استغرب السفير الليبي السابق في السويد إبراهيم موسى من "حجم الحملة الإلكترونية التي شنت ضد حكومة الدبيبة إثر إعلان وزيرة خارجيتها إعادة إعمار جنوب تركيا جراء الزلزال".
ولفت موسى في تصريح خاص إلى أن عدداً من الليبيين سقطوا في فخ الخلط بين واجب الإغاثة الدولي وأولويات الصرف الداخلي خدمة لأغراض سياسية قاصرة لتوجيه الرأي العام، لأن التضامن الدولي أثناء الكوارث واجب أخلاقي وسياسي منصوص عليه في المواثيق الدولية ومتعارف عليه في الأعراف الدولية".
وأضاف أن "الدول التي لها قدرة وإمكان مالي تسارع وتتسابق لمد يد العون في مثل هذه الكوارث من منطلق إنساني وسياسي دولي، حتى ولو كانت هذه الدول في حال خصام، كما فعلت أرمينيا واليونان مع تركيا مثلاً، أو دول عربية وغربية مع سوريا على رغم معارضتها للنظام السوري".
حجم المساعدات
المحلل العسكري عادل عبدالكافي قال إنه "يختلف مع حكومة الدبيبة في حجم المساعدات الذي لم تتبرع به أية دولة من الدول المستقرة التي يفوق دخلها القومي مرات عدة دخل ليبيا، لكن العرف الدولي يحكم علاقات الدول في شأن الكوارث".
وأضاف عبدالكافي أن "مبلغ 50 مليون دولار أميركي لإعادة إعمار جنوب تركيا بإمكانه حل مشكلات مختلف مدن الجنوب الليبي، ابتداء من مد طرقات حديثة إلى إنشاء مراكز صحية ومدارس وغيرها من الضرورات المعيشية التي يحتاج إليها أهل الجنوب وأيضاً مدينة تورغاء التي لم يتمكن 40 ألف نازح من الرجوع لها بمقتضي اتفاق الصلح بينها وبين مصراته منذ خمس سنوات بسبب الدمار الذي لحق بها".
وأكد في تصريح خاص أن "جميع الدول تستغل مثل هذه الظروف للبحث عن مصالحها، لذا يتوجب على من يقود المشهد الليبي البحث عن مصلحة ليبيا أولاً ثم الالتفات لبقية الدول".
واستدرك عبدالكافي بأنه "لا يمكن لأحد إنكار الدور التركي في ليبيا، لكن تقديم 50 مليون دولار أميركي وترك المواطن الليبي يعيش في ظروف لا تليق بدولة نفطية خطأ جسيم ارتكبته حكومة الدبيبة، وأدى بدوره إلى إحداث نوع من الصخب في صفوف الشارع الليبي".