ملخص
يتوقع بعض الباحثين أن #الغارة تأتي رداً على استهداف سفينة تابعة لتل أبيب في #بحر_العرب
يبدو أن قدر السوريين بات مفجعاً إلى حد بعيد، تنهال عليهم من كل حدب وصوب نوائب الدهر وأوجاع حروب رافقتهم على مدار 12 سنة إلى أن جاء الزلزال صبيحة السادس من فبراير (شباط) الجاري حتى أحال مدن الشمال إلى أنقاض وأبنية خاوية مهدمة وتركها أثراً بعد عين.
وإن بدأ الأهالي بنفض غبار الزلزال عن كاهلهم حتى استفاق أهل الشام فجر يوم الأحد 19 فبراير على غارة جوية إسرائيلية زلزلت ما تبقى من أمان ينشدونه في بلد الكوارث والحروب، ويتساءل كثيرون عن الهدف الذي أرادت تل أبيب تحقيقه باستهداف حي "كفر سوسة" وسط العاصمة.
أفادت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، نقلاً عن مصدر في قيادة شرطة دمشق، بمقتل خمسة أشخاص وإصابة 15 آخرين فجر الأحد 19 فبراير بعد سقوطهم بصواريخ موجهة، بينما المرصد السوري لحقوق الإنسان ذكر مصرع 15 مدنياً.
ويعد "كفر سوسة" من الأحياء الراقية ويضم مقرات حكومية وأمنية عالية المستوى ووحدات سكنية فاخرة لكبار المسؤولين وموظفي الدولة، ولم يتم حتى الآن الإعلان عن استهداف أي شخصية أو تبرير لهذه الغارة الجوية.
استهداف ميليشيات إيرانية
بالمقابل، نفت مصادر مقربة من قيادات إيرانية سقوط أي من عناصرها في الغارة الإسرائيلية، وجزم الباحث في شؤون السياسة الخارجية محمد هويدي، لـ"اندبندنت عربية" بـأن رواية تل أبيب عن استهداف مجموعات تتبع فيلق القدس الإيراني أو مجموعات لميليشيات المقاومة عارية من الصحة.
ويرى هويدي أن توقيت الاستهداف المتزامن مع ما تواجهه سوريا من كارثة الزلزال المدمر يأتي ضمن معطيات تملكها إسرائيل وتريد تفويت فرصة زيادة النشاط الإيراني أو حلفاء لسوريا، مستغلين الأوضاع الصعبة التي تسببت فيها الهزة الأرضية.
وقال "الأولوية بالنسبة لسوريا اليوم هي للسياسة وليس للعسكرة، اليوم البلاد بحاجة إلى الاستقرار، وعدم فتح جبهات مع أحد، تحتاج للمساعدة والمساهمة من المجتمع الدولي، لقد فتحت دمشق المعابر مع الأمم المتحدة، وبالتالي تسعى لتنفتح على الجميع، ولا تريد أي تصعيد بالداخل، في تقديري لا توجد أية مؤشرات لتحرك المقاومة اللبنانية أو الإيرانية أو تحضير لأي عمل عسكري".
في السياق ذاته، نقلت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن مسؤول أمني بتل أبيب أن طهران تستغل الوضع الصعب الذي تعيشه سوريا بعد الزلزال الشديد وتحاول استغلال شحنات المساعدات الإنسانية من أجل نقل أسلحة ومعدات وتقنيات للميليشيات التابعة لها، بعد محاولات إيران التمويه بنقل المعدات بطرق مختلفة.
الرد الروسي والـ"أس-300"
في حين لم يصدر أي تعليق رسمي عن الهجوم من قبل النظام السوري، يجزم هويدي بأن سوريا قد ترد في أماكن أخرى وبشكل مباشر، لكن الوقت غير مناسب، ويمكن القول من الوارد الرد من قبل أحد حلفاء سوريا وعبر عمليات بالعمق الإسرائيلي، وليس رداً مباشراً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "الرد الروسي له قراءة واتجاه آخر، لا سيما بعد إعلان إسرائيل دعم سيادة أوكرانيا، وأيضاً مساعدتها بتطوير نظام إنذار ذكي للأوكرانيين، بالتالي الموضوع من شأنه أن تصعد موسكو في سوريا وأن تفعل منظومة "أس-300" وبالتالي القضاء على أي هجوم إسرائيلي".
من جهتها، أدانت موسكو الهجوم الإسرائيلي وعدته انتهاكاً للقانون الدولي، ووصفت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الموقف الإسرائيلي في ظل الأزمة الإنسانية التي تعانيها سوريا منذ أسبوعين جراء الزلزال "بالتصرف الدنيء وغير المقبول، بوقت دول العالم تمد يد العون لتتغلب على مصابها الجلل من خلال إرسال الأطباء والمنقذين والمساعدات الإنسانية".
سفينة بحر العرب
دلالات استهداف العاصمة دمشق جاءت بعد الإعلان الإسرائيلي عن استهداف سفينة لها ببحر العرب قبل تسعة أيام، لكن تل أبيب لم تعلن عنها إلا خلال الأيام الماضية.
وحمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إيران مسؤولية الهجوم على السفينة الإسرائيلية، وكشف يوم 19 فبراير الجاري خلال اجتماع حكومته أن "إيران هاجمت مجدداً ناقلة نفط في المياه الخليجية، وأضرت بالملاحة الدولية".
وكانت وكالة "رويترز" نقلت عن مصدر عسكري في المنطقة أن سفينة واحدة على الأقل تابعة لإسرائيل استهدفت بهجوم يُعتقد أن طهران نفذته في بحر العرب يوم العاشر من فبراير الجاري.
ويتوقع الباحث السياسي هويدي أن هذه الغارة تأتي رداً على استهداف السفينة الإسرائيلية، ولا بد من الانتباه إلى أن الهجوم يضع المنطقة على صفيح ساخن وقد تذهب باتجاه المجهول "من المحتمل استهداف إسرائيل داخلياً أو القواعد الأميركية أو ربما استهداف سفن إسرائيلية أخرى، بالتالي ستحل كارثة حقيقة إذا ما خرجت الأمور عن السيطرة".
ويعتقد أن التحرك الأممي للوقوف مع سوريا بالتزامن مع الزلزال الكارثي والاتصالات الدولية مع الزيارات الرسمية الكثيفة، وإرسال السعودية ثلاث طائرات، علاوة عن تصريح وزير الخارجية السعودي، مؤشر بالحديث والاتجاه نحو حل سياسي وإخراج سوريا من مأزقها.
وتوقع أن "نرى اهتماماً عربياً كبيراً بالدخول إلى الملف السوري" مؤكدا "نحن بحاجة إلى دعم إغاثي ودعم في إعادة الإعمار".
القلعة الدمشقية
الأضرار لم تتوقف عند استهداف حي سكني وسط العاصمة فحسب، بل تسبب الهجوم في تخريب مواقع أثرية وتعليمية، منها المعهد التقني للعلوم التطبيقية، والمعهد المتوسط للآثار، والمتاحف بقلعة دمشق.
وبحسب مسؤول في هيئة الآثار والمتاحف "أتى الهجوم على مكاتب إدارية وانحسرت بالأضرار المادية ضمن قلعة دمشق"، وتعود القلعة المدرجة على قائمة التراث العالمي اليونيسكو إلى العصور الوسطى، وتعد من أهم معالم المدينة والفن المعماري، وتقع في الركن الشمالي الغربي من أسوار مدينة دمشق بين باب الفراديس وباب الجابية الواقعة ضمن المدينة القديمة.