ملخص
بلغ #الاستيراد في #لبنان في 2022 نحو 19.2 مليار دولار جزء منه سببه #التهريب وتخزين السلع
في وقت تراجع احتياطي المصرف المركزي اللبناني إلى ما دون مستوى الـ 10 مليارات دولار أميركي، قفز الاستيراد خلال 2022 إلى 19.2 مليار دولار.
تكشف دراسة إحصائية أعدها الباحث عباس طفيلي أن أرقام الاستيراد في 2022، فاقت السنوات السابقة في2021 و2020، وعادت إلى المستويات السابقة للانهيار المالي والاقتصادي السريع. فقد ازداد استيراد الخضار والبطاطا، والفواكه، وكذلك البن والمتة. كما قفز استيراد القمح في2021 و2022 مقارنة بأعوام السابقة، وازداد العام الماضي 220 مليون دولار، في وقت بلغ في 2019 حوالى 123 مليون دولار. كما بلغت الشحوم والزيوت مستوى قياسياً مقارنة بالأعوام الماضية حيث تجاوزت 233 مليون دولار في وقت بلغت 124 مليوناً في 2019. وزاد استيراد السكر على 100 مليون دولار علماً أنه بلغ 72 مليوناً في 2019. وارتفع استيراد المشتقات النفطية إلى حد بعيد فتجاوز الخمسة مليارات دولار، بينما كان في 2021 نحو 3785 مليون دولار، وفي 2020 حوالى 3187 مليون دولار.
سلع فاخرة
كما تجاوز استيراد الشوكولاتة الـ 60 مليون دولار في زيادة ملحوظة عن العام السابق 36 مليون دولار، وارتفع استيراد المشروبات الكحولية عن 55 مليون دولار بعد أن كانت في حدود 42-44 مليوناً بين عامي 2020 و2021. كما استورد لبنان مياهاً معدنية بأكثر من 25 مليون دولار، وبحوالى 55 مليون دولار طعاماً للحيوانات. وازداد استيراد التبغ إلى ما يزيد على 130 مليون دولار، وكذلك قداحات السجاير بما يزيد على 3 ملايين ونصف المليون دولار، وغلايين التدخين التي قاربت 4 ملايين دولار.
كما ارتفع استيراد الأثاث وأجزائه إلى حوالى 85 مليون دولار، واللوحات والصور والرسوم حوالى 22 مليون دولار، ومعدات الرياضة البدنية قرابة 11 مليوناً، والأمشاط ودبابيس الشعر حوالى 2 مليون دولار. وكان ملحوظاً زيادة في استيراد اليخوت والقوارب في عامي 2021 و2022 على التوالي إلى 40 مليوناً و42 مليون دولار.
لاحظت الدراسة أيضاً زيادة في استيراد الألماس والذهب والحلي، ففي عام 2019 استورد لبنان ألماساً بـ 333 مليون دولار، أما في 2022 قارب الاستيراد النصف مليار دولار، أما الذهب فبلغ عام 2019 قرابة 484 مليون دولار، وفي 2022 اقترب من المليار دولار.
أزمة الطاقة
كما بدا للعيان أثر أزمة الطاقة على الاستيراد، فارتفع استيراد المولدات الكهربائية بحوالى الضعف فبلغ في 2022 حوالى 81 مليون دولار. وفاقت قيمة المحولات الكهربائية المستورد الـ 171 مليون دولار، وتضاعف استيراد البطاريات، والمدخرات الكهربائية، والترانزستورات، الأسلاك والأحبال، وكذلك أجهزة الهاتف بحوالى 335 مليون دولار. كما ازداد استيراد الحديد والصلب، وكذلك النحاس والألمنيوم إلى مستويات 2019 وما قبلها.
تراجع غير صحي
في المقابل، لوحظ تراجع كبير في استيراد المنتجات الصيدلانية لحدود النصف، ففي 2022، بلغت قرابة 505 ملايين دولار، فيما تجاوزت في 2021 الـ 900 مليون دولار، وفي 2020 الـ 1184 مليوناً، وبلغت في 2019 مستوى 1242 مليون دولار. كما تراجعت الأجهزة والأدوات الطبية إلى قرابة 113 مليون دولار بعد أن كانت 247 مليون دولار في 2019.
استيراد مفرط
يصف د. نقولا شماس (رئيس جمعية تجار بيروت) رقم الاستيراد في 2019 بـ "الرقم المنتفِخ"، وذلك إلى جملة أسباب، يأتي في مقدمها أن "تهريب جزء كبير من الاستيراد إلى لبنان نحو سوريا"، من هنا فهو "استيراد لشعبين وبلدين وعلى وجه التحديد موضوع المحروقات التي تهرب إلى سوريا بسبب فارق السعر بين البلدين". كما لا يمكن تجاهل "الارتباكات العالمية" وارتفاع أسعار السلع، وأسعار الشحن في النصف الأول من عام 2022، لذلك يشير شماس إلى أنه "قد يكون حجم الكتلة الدولارية المستهلكة مرتفعاً، ولكن حجم السلع لم يزدد، من هنا نحن أمام أثر ارتفاع الأسعار وليس ارتفاع الاستهلاك".
كما يتطرق شماس إلى ما يسميه "سوء إدارة حكومية لملف الدولار الجمركي"، موضحاً أن "الحكومة بدأت الحديث منذ بداية العام عن رفع الدولار الجمركي، في وقت كانت الهيئات الاقتصادية تطالب برفعه من 1500 إلى 8000 ليرة لبنانية، لحماية مداخيل الدولة من جهة، ومن جهة أخرى، عدم ضرب القدرة الشرائية للمواطن، إلا أن الحكومة انتقلت مباشرة إلى 15000 ليرة لبنانية. ويضيف شماس "إلا أن تأخير تطبيق الحكومة للدولار الجمركي أدى إلى تشجيع المستهلكين لشراء السلع المعمرة مثل السيارات والأثاث المكتبي والمنزلي، وقد أدى إلى ارتفاع في استيراد السيارات إلى مستويات قياسية لأننا أمام سلعة تلبي حاجة لأكثر من عام واحد، فاتجه الناس لشراء السلعة على 1500 ليرة قبل أن تتضاعف الرسوم وتصبح 15000 ليرة لبنانية.
يعتقد شماس أن هناك تخزيناً لدى بعض التجار لبعض السلع، وأننا كنا أمام استيراد ليس لعام 2022 حصراً وإنما لسنوات مقبلة بغية الاستفادة من "الرسم الأدنى". كما يشدد شماس على أثر "انعدام الطاقة الكهربائية في لبنان" على فاتورة الاستيراد، مما شجع اللجوء إلى ألواح الطاقة الشمسية، والمعدات المرافقة لإنتاج الطاقة البديلة التي بلغت مستوى 2 مليار دولار.
يرى نقولا شماس أن الأرقام لا تعكس الاستهلاك المحلي الذي تراجع بسبب تراجع القدرة الشرائية، ويتوقع ألا تتكرر الزيادة في بعض السلع التي جاءت بصورة "ظرفية".
التخفيف من نزف الدولار
يشدد نقولا شماس على أن جمعية تجار بيروت لن تقبل بضرب الاستيراد المشروع و"التقليدي"، وبخاصة للسلع المعمرة والاستهلاكية، لذلك لا يمكن ضرب القطاع التجاري الذي يعتبر مورداً أساسياً للضرائب والمستخدِم الأول للقوى العاملة اللبنانية، بالتالي لا يمكن "تركيعه" لتخفيف عجز تجاري أسبابه لا يتحمل مسؤوليتها التجار.
ورداً على سؤال حول كيفية تخفيض نزف الدولارات من خلال الاستيراد المفرط الذي يفوق الحاجات المحلية، يعتقد شماس أن المدخل يأتي بضبط الحدود ومكافحة تهريب البضائع إلى خارج لبنان، ناهيك عن تأمين الحكومة الحد الأدنى من الطاقة الكهربائية لتخفيف حاجة المواطنين لتركيب مصادر رديفة للطاقة العمومية، إضافة إلى التطبيق الفوري لعملية رفع الدولار الجمركي وعدم الإعلان عنها بصورة مسبقة.