تدرس بريطانيا الإجراءات التي ستتخذها في أزمة احتجاز ناقلة ترفع العلم البريطاني في الخليج، ويبدو أنها لا تملك خيارات مناسبة تذكر، بعدما كشف تسجيل أن الجيش الإيراني تجاهل سفينة حربية بريطانية لدى هبوطه على ظهر الناقلة واحتجازها قبل ثلاثة أيام.
وترأس صباح اليوم الإثنين، رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي اجتماعا للجنة الحكومية للاستجابة للطوارئ لبحث الأزمة.
ولم تكشف بريطانيا سوى تفاصيل قليلة بشأن خطتها للرد، بعدما نفذت قوات الحرس الثوري الإيراني عملية هبوط من طائرات هليكوبتر واحتجزت السفينة "ستينا إمبيرو" في مضيق هرمز يوم الجمعة في رد على ما يبدو على احتجاز بريطانيا ناقلة إيرانية قبل أسبوعين.
وأظهرت لقطات حصلت عليها "رويترز" من إحدى وكالات الأنباء الإيرانية، الناقلة وهي راسية بأحد الموانئ الإيرانية، وعلم إيران مرفوع عليها.
ويتوقع أن تعلن الحكومة البريطانية اليوم خطواتها التالية خلال كلمة أمام البرلمان. لكن خبراء في شؤون المنطقة قالوا إنه لا يوجد أمام بريطانيا سوى عدد قليل من الخطوات التي يمكن اتخاذها بعدما فرضت الولايات المتحدة أقصى حد من العقوبات الاقتصادية بحظرها صادرات النفط الإيرانية حول العالم.
وقال تيم ريبلي خبير الدفاع البريطاني الذي يكتب عن شؤون الخليج في مجلة جينز ديفنس العسكرية الأسبوعية "لا أرى في هذا التوقيت أن بإمكاننا تقديم تنازل من شأنه إنهاء الأزمة. توفير الأمن ومرافقة السفن مستقبلا يعد أمرا مختلفا".
في المقابل، اتصل وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت بنظيريه الفرنسي جان ايف لودريان والالماني هايكو ماس "للتباحث بالاحتجاز غير الشرعي" من جانب ايران لناقلة النفط التي ترفع علم بريطانيا. وأوردت وزارة الخارجية البريطانية في بيان أن الوزراء "اتفقوا على ان العبور الآمن للسفن في مضيق هرمز، أولوية قصوى بالنسبة الى الدول الاوروبية، على ان يتم في الوقت نفسه تجنّب اي تصعيد محتمل في المنطقة".
مبادرة يابانية
قال رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي اليوم الاثنين، إن بلاده تريد بذل كل ما في وسعها لتهدئة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران قبل أن ترد على طلب أميركي متوقع لإرسال قواتها البحرية لحراسة منطقة مائية استراتيجية قبالة إيران. وكانت وسائل إعلام يابانية أفادت بأن المقترح الأميركي بتعزيز مراقبة ممرات شحن النفط الحيوية في الشرق الأوسط قبالة إيران واليمن، قد يُدرج على جدول الأعمال خلال زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون الى طوكيو.
وأضاف آبي أن طوكيو تود أن تؤدي ما تعتبره دورا فريدا لها لتهدئة التوتر قبل أن تتخذ قرار الانضمام إلى الولايات المتحدة.
وتابع في مؤتمر صحفي بعد فوز الائتلاف الحاكم بزعامته في انتخابات مجلس المستشارين التي أجريت أمس الأحد "لدينا تاريخ طويل من الصداقة مع إيران والتقيت برئيسها أكثر من مرة وكذلك زعماء آخرين".
وأضاف "قبل أن نتخذ أي قرار بشأن ما نفعله، تود اليابان بذل كل الجهود لتهدئة التوترات بين إيران والولايات المتحدة".
واجتمع بولتون الذي سيتوجه إلى كوريا الجنوبية بعد اليابان مع مستشار الأمن القومي الياباني شوتارو ياتشي ووزير الخارجية تارو كونو، وفي وقت لاحق وصف محادثاته مع كونو بأنها "مفيدة".
وقال بولتون للصحفيين "أجرينا مناقشة مثمرة للغاية وتحدثنا عن عدد كبير من القضايا".
وخلال المؤتمر الصحفي دعا آبي أيضا إلى نقاش حول تعديل دستور اليابان الذي وضع بعد الحرب العالمية الثانية والذي يقيد خوضها أي حرب.
وكان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف وصل أمس إلى ماناغوا في زيارة رسمية لنيكاراغوا وفق ما ذكرت مصادر نيكاراغوية رسمية.
وكان في استقباله نظيره دينيس مونكادا ولوريانو أورتيغا نجل رئيس نيكاراغوا دانييل أورتيغا. وتأتي زيارة ظريف بذروة التوتر في مضيق هرمز.
ويتضمن برنامج الزيارة، لقاء مع رئيس نيكاراغوا. ووصل ظريف إلى ماناغوا آتيا من كراكاس حيث شارك في اجتماع وزاري لحركة عدم الانحياز التي تضم 120 دولة.
يذكر أن حركة عدم الانحياز التي تضمّ 120 بلداً، طالبت برفع العقوبات الاقتصاديّة "الأحاديّة"، في بيان تمّ تبنّيه خلال اجتماع وزاري في كراكاس انتقدَ فيه المتحدّثون السياسة الأميركيّة تجاه كلّ من فنزويلا وإيران وسوريا.
وفي سياق متصل، صرح مساعد وزير الدفاع البريطاني توباس إل وود أن بلاده تدرس خيارات متعددة للتعامل مع أزمة توقيف الحرس الثوري الإيراني لناقلة النفط "ستينا امبيرو".
وأوضح في حديث إلى تلفزيون "سكاي"، في رده على سؤال وصف الموقف البريطاني بالخجول، "نبحث مجموعة من الخيارات وبعد دراستها وبحثها مع حلفائنا نتخذ الإجراء المناسب". ونشرت وزارة النقل البريطانية خريطة لمسار ناقلتها تشير إلى أنها كانت تبحر في المياه الإقليمية لسلطنة عمان عندما اعترضتها قوات إيرانية.
من جهة أخرى، اعتبر وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير في تغريدة على تويتر أن "أي مساس بحرية الملاحة البحرية الدولية هو انتهاك للقانون الدولي". وأضاف أن "على إيران أن تدرك أن ما تقوم به من تصرفات وانتهاكات للقانون الدولي بما في ذلك احتجاز السفينة البريطانية أمر مرفوض تماماً وعلى المجتمع الدولي ردع مثل هذه الأعمال".
أي مساس بحرية الملاحة البحرية الدولية هو انتهاك للقانون الدولي، وعلى #إيران أن تدرك أن ما تقوم به من تصرفات وانتهاكات للقانون الدولي، والتي تشمل اعتراض سفن مدنية بما فيها احتجاز #السفينة_البريطانية في الخليج العربي، هو أمر مرفوض تماماً. وعلى المجتمع الدولي ردع مثل هذه الأعمال.
— Adel Aljubeir عادل الجبير (@AdelAljubeir) July 21, 2019
دعوة إيرانية
في المقابل، أعلنت إيران الأحد أن سرعة التحقيق حول ناقلة النفط البريطانية التي تحتجزها "تعتمد على تعاون طاقمها"، متجاهلةً الدعوات الدولية إلى الإفراج فوراً عن السفينة. وقال المدير العام للموانئ والملاحة البحرية في محافظة هرمزكان (جنوب) مراد عفيفي بور إن "التحقيق يعتمد على تعاون طاقم السفينة وعلى إمكانيتنا في الوصول إلى الأدلة الضرورية للنظر في القضية". وأكد في مقابلة مع قناة "برس تي في" الحكومية الناطقة بالإنكليزية أن أفراد الطاقم الـ23 هم على متن الناقلة و"بصحة جيدة" و18 منهم من الهند وضمنهم القبطان، والخمسة الآخرون من الفيليبين وروسيا ولاتفيا.
وأشارت وزارة الخارجية اللاتفية إلى أن السلطات الإيرانية رفضت طلبات التواصل مع أحد مواطنيها الموجود على متن السفينة.
وحضّ السفير الإيراني لدى بريطانيا حميد بعيدي نجاد لندن على احتواء "قوى سياسية داخلية" قال إنها تريد تصعيد التوتر بين البلدين، وأضاف السفير الإيراني في تغريدة "ينبغي على الحكومة البريطانية احتواء تلك القوى السياسية الداخلية التي تريد تصعيد التوتر الحالي بين إيران والمملكة المتحدة إلى ما هو أبعد من قضية السفن. هذا خطير للغاية ولا يتسم بالحكمة في وقت حرج بالمنطقة".
في هذا الوقت، قالت بريطانيا لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إن ناقلة ترفع العلم البريطاني احتجزتها إيران، اقتربت منها قوات إيرانية عندما كانت في المياه العُمانية وإن هذا العمل "يمثل تدخلاً غير قانوني". وكتبت بعثة بريطانيا في الأمم المتحدة في رسالة لمجلس الأمن الدولي "كانت السفينة تمارس حق العبور القانوني في مضيق دولي بما يكفله القانون الدولي، يشترط القانون الدولي عدم عرقلة حق المرور، وبالتالي فإن الإجراء الإيراني يمثل تدخلاً غير قانوني".
وبٌعثت الرسالة أيضاً إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
تهديد الملاحة غير مقبول
وأضافت بريطانيا في الرسالة "التوترات الحالية مثيرة للقلق للغاية وأولويتنا تنصب على التهدئة ولا نسعى للمواجهة مع إيران، لكن تهديد الملاحة أثناء العمل القانوني في ممرات النقل المعترف بها دولياً غير مقبول ويمثل تصعيداً كبيراً". ودعت بريطانيا إيران إلى الإفراج عن الناقلة "ستينا إمبيرو" وأبلغت مجلس الأمن بأنها تعمل على حل القضية بالسبل الدبلوماسية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت لندن دانت احتجاز إيران ناقلة النفط " ستينا إمبيرو" ووصفته بأنه "عمل عدائي" ورفضت تبريراً قدمته طهران عن أن الناقلة احتجزت لأنها كانت طرفاً في حادث تصادم.
"نزعة المغامرة الأحادية"
إيرانياً، ندد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بـ "نزعة المغامرة الأحادية" لدى الولايات المتحدة وبـ "الإرهاب الاقتصادي" الذي تمارسه، وذلك خلال اجتماع وزاري لحركة عدم الانحياز في كراكاس، من دون ان يتطرق الى احتجاز إيران ناقلة نفط ترفع راية بريطانيا. وقال ظريف على هامش الاجتماع "الحكومة الأميركية تلجأ من اجل تحقيق أهدافها غير المشروعة، إلى أحد اشكال الضغط الذي نُسمّيه إرهاباً اقتصادياً"، وبحسب ظريف فإن كلاً من كوبا وسوريا وفنزويلا وإيران "تعاني" من هذا "الإرهاب الاقتصادي" المطبّق خصوصاً عن طريق العقوبات.
ملثمون من الحرس الثوري
وبث الحرس الثوري الإيراني شريطاً مصوراً على الإنترنت يظهر زوارق سريعة وهي تتوقف بجوار الناقلة "ستينا إمبيرو" وكان اسمها ظاهراً بوضوح في الشريط المصور. كما أظهرت اللقطات أفراداً ملثمين من الحرس الثوري يحملون مدافع رشاشة وهم ينزلون على سطحها من طائرة هليكوبتر وهو الأسلوب ذاته الذي استخدمه مشاة البحرية الملكية البريطانية أثناء احتجاز ناقلة إيرانية قبالة ساحل جبل طارق قبل أسبوعين.
خيبة أمل
ووصفت وزيرة الدفاع البريطانية بيني موردونت الواقعة بأنها "عمل عدائي"، وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي هنت إنه تحدث مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف وعبر له عن "خيبة أمله البالغة". كما استدعت وزارة الخارجية البريطانية القائم بالأعمال الإيراني لعقد اجتماع عاجل في لندن.
ونقلت وكالة أنباء فارس عن الله مراد عفيفي بور المدير العام للموانئ والملاحة البحرية بإقليم هرمزجان في جنوب إيران قوله إن الناقلة، التي لا تحمل شحنة على متنها، ستبقى مع طاقمها، المؤلف من 23 فرداً من بينهم 18 هندياً، في ميناء بندر عباس لحين الانتهاء من التحقيق في الحادث، وأكد المسؤول الإيراني أن "كل أفراد الطاقم على متن السفينة، وعددهم 23، بخير وبصحة جيدة في ميناء بندر عباس".
وقالت "ستينا بالك"، الشركة المالكة للناقلة التي ترفع علم بريطانيا، إنها تعد طلباً رسمياً لزيارة طاقم الناقلة المحتجزة لدى إيران ".
وفي نيودلهي، قالت وزارة الخارجية الهندية إنها تسعى جاهدة إلى إخلاء سبيل مواطنيها من أفراد الطاقم وإعادتهم إلى بلدهم.
وانضمت فرنسا وألمانيا إلى بريطانيا في إدانة احتجاز الناقلة.
وكانت وكالة الأنباء الجزائرية نقلت عن بيان نشرته شركة سوناطراك النفطية أن الناقلة مصدر، التي تمتلكها الشركة وشهدت أيضاً صعود جنود إيرانيين على متنها الجمعة، أجبرت على تحويل مسارها صوب إيران لكن سمح لها بعد ذلك باستئناف رحلتها عبر المضيق.
دعوات لتوخي الحذر
ومع تصاعد التوترات في مياه الخليج، طالبت البحرية الأميركية السفن الدولية بتوخي الحذر خلال عبور مضيق هرمز، وقالت البحرية الأميركية في بيان إن إيران تشكل تهديداً للشحن البحري الأميركي والدولي في منطقة الخليج ومضيق هرمز وخليج عُمان والبحر العربي والبحر الأحمر، وإن عناصر من الجيش الإيراني استولوا على سفينتين تحملان العلم البريطاني والليبيري.
بدوره، أكد مساعد وزير الدفاع الأميركي أنه "لن نسمح لإيران بإغلاق طرق الملاحة الدولية في مياه الخليج"، مشيراً إلى دراسة "تأسيس آلية دولية لضمان حركة الملاحة في مياه الخليج"، وأضاف أننا "قلقون من مخاطر سوء تقدير الجانب الإيراني في مياه الخليج".
بنما تبدأ سحب علم الناقلة رياح
وسط هذه الأجواء، قالت هيئة الملاحة البحرية في بنما إنها بدأت عملية سحب تسجيل ناقلة النفط إم.تي رياح التي جرى قطرها إلى إيران بعد اختفائها من خرائط تعقب السفن في مضيق هرمز 14 يوليو (تموز)، وذكرت الهيئة في بيان أن السلطات بدأت عملية سحب العلم الجمعة بعدما خلص تحقيق إلى أن الناقلة "انتهكت عمداً القواعد الدولية" لعدم إبلاغها عن أي موقف غير معتاد.
وقالت إيران إنها قطرت سفينة إلى مياهها من المضيق بعدما بعثت بنداء استغاثة، وعلى الرغم من عدم كشف طهران عن اسم الناقلة إلا أن رياح هي السفينة الوحيدة التي يبدو مسارها المسجل متطابقاً مع ذلك الوصف. وقال مسؤولون أميركيون إنهم لم يتأكدوا ما إذا كانت إيران احتجزت الناقلة أم انقذتها بعدما واجهت مشكلات فنية كما تؤكد طهران وهو ما يشير إلى مزيد من الغموض في ظل ما يشهده الخليج من توتر.