تطورات مهمة يشهدها الاقتصاد السعودي خلال الفترة الحالية مع اتجاه البلاد نحو تنويع مصادر الدخل وعدم الاعتماد بشكل كبير على عائدات النفط المتراجعة، وسط إشادات دولية بالإجراءات التي تعلنها الحكومة السعودية التي بدأت بالفعل تؤتي ثمارها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي الوقت الذي تواصل فيه مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" تعزيز أصولها، ساعد انضمام السوق المالية السعودية إلى مؤشرات الأسواق العالمية في تعزيز جاذبية الاستثمار بها، حيث تُعد المؤشرات العالمية للأسهم مرجعاً أساسياً لصناعة إدارة الأصول، بتوفيرها إمكانية مقارنة الأداء، وأساساً لتوزيع الأصول في بناء المحافظ الاستثمارية، التي تأخذ في الاعتبار التنوع الجغرافي للأسواق، وحجمها وقطاعاتها الاستثمارية.
وتشير البيانات والأرقام التي أعلنتها مؤسسة النقد العربي السعودي "ساما" إلى ارتفاع كبير في صافي الأصول الأجنبية لديها، في الوقت الذي تتراجع فيه تكلفة الإصدارات الحكومية في السعودية، بجميع شرائحها وتسجل انخفاضات قياسية تتراوح ما بين 12 و28.5% مقارنة بأعلى تكلفة تاريخية تم تسجيلها.
وتشير البيانات الصادرة عن "ساما" إلى أن صافي الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد والمصارف التجارية قفز بنهاية شهر أيار (مايو) الماضي نحو 2.002 تريليون ريال (535 مليار دولار).
واستحوذت مؤسسة النقد على نحو 1.916 تريليون ريال (512 مليار دولار) من إجمالي صافي الأصول الأجنبية، بينما 86.82 مليار ريال (23.12 مليار دولار) للمصارف العاملة في السعودية.
وارتفع صافي الأصول الأجنبية لـ"ساما" والمصارف التجارية على أساس شهري خلال أيار (مايو) الماضي بنحو 32.3 مليار ريال (8.63 مليار دولار) بنسبة ارتفاع تقدر بنحو 1.6%.
وجاء كامل نمو صافي الأصول الأجنبية في مايو (أيار) الماضي، من مؤسسة النقد، التي ارتفعت بنحو 47.08 مليار ريال (12.58 مليار دولار) بنسبة نمو تبلغ نحو 2.5%، في حين سجلت الأصول الأجنبية للمصارف العاملة في السعودية تراجعاً لنحو 14.78 مليار ريال (3.95 مليار دولار) بنسبة تراجع تبلغ نحو 14.6%.
على أساس سنوي، ارتفع صافي الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد العربي السعودي والمصارف بنسبة 0.2% بنحو 3.49 مليار ريال (0.933 مليار دولار)، حيث كانت تبلغ قيمتها بنهاية مايو (أيار) 2018 نحو 1.999 تريليون ريال (0.534 مليار دولار).
من أين جاء الدعم للأصول الأجنبية؟
وجاء الدعم الكامل من نمو صافي الأصول الأجنبية لـ"مؤسسة النقد"، حيث نما صافي أصولها الأجنبية بنحو 51.64 مليار ريال (13.80 مليار دولار) بنسبة نمو تبلغ نحو 2.8% بينما صافي الأصول الأجنبية للمصارف التجارية تراجع بنسبة 35.7% بنحو 48.16 مليار ريال (12.87 مليار دولار).
وسجل صافي الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد والمصارف التجارية بنهاية شهر مايو (أيار) الماضي، أعلى مستوى لها في ثمانية أشهر وتحديدا منذ نهاية شهر سبتمبر (أيلول) 2018، إذ كانت تبلغ نحو 2.015 تريليون ريال (538 مليار دولار).
فيما سجل صافي الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد بنهاية مايو (أيار) الماضي أعلى مستوى لها في 28 شهرا، بالتحديد منذ شهر يناير (كانون الثاني) 2017، البالغ قيمته حينها نحو 1.937 تريليون ريال (517 مليار دولار).
فيما سجل صافي الأصول الأجنبية للمصارف بنهاية شهر مايو (أيار) الماضي أدنى مستوى له في 112 شهرا وتحديدا منذ شهر يناير (كانون الثاني) 2010 إذ كانت تبلغ بنهايته نحو 85.01 مليار ريال (22.729 تريليون دولار)
ووصلت قيمة صافي الأصول الأجنبية لمؤسسة النقد السعودي "ساما" بنهاية شهر مايو (أيار) الماضي نحو 1.916 تريليون ريال (0.512 مليار دولار)، مقابل نحو 1.868 تريليون ريال (499 مليار دولار) بنهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، ومقابل نحو 1.864 تريليون ريال (498 مليار دولار) بنهاية مايو (أيار) من العام الماضي.
وبلغ صافي الأصول الأجنبية للمصارف التجارية بنهاية شهر مايو (أيار) الماضي نحو 86.82 مليار ريال (23.21 تريليون دولار)، مقابل 101.6 مليار ريال (27.16 تريليون دولار) بنهاية شهر أبريل (نيسان) الماضي، ومقابل نحو 134.97 مليار ريال (36.088 تريليون دولار) بنهاية مايو (أيار) من العام الماضي.
خبير الاقتصاد الكلي وأستاذ الاقتصاد بمدينة الثقافة والعلوم المصرية، الدكتور حسني إبراهيم، يرى "أن هذه الأرقام مهمة وتشير إلى تعافي الاقتصادي السعودي من أزمة الاعتماد على عائدات النفط وتحولها إلى سوق جاذبة للاسثتمار الأجنبي المباشر".
وأوضح لـ"اندبندنت عربية"، "أن الأصول الاحتياطية للسعودية تمكنها من تجاوز فترة تقلبات أسعار النفط خلال الفترة الحالية، وأن الوصول إلى هذه الأرقام في الوقت الذي تشهد فيه اقتصاديات العالم العديد من الأزمات هو إشارة قوية إلى التحسن الكبير في المؤشرات والأرقام التي بلغها الاقتصاد السعودي مع تنفيذ العديد من الإصلاحات الاقتصادية التي انتهت بخفض العجز وزيادة معدلات النمو وأيضاً زيادة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية".
تراجع تاريخي بتكلفة الصكوك الحكومية
وفي الوقت الذي يتزامن فيه تسجيل تكلفة الإصدارات الحكومية بجميع شرائحها انخفاضات قياسية تتراوح ما بين 12 و28.5% مقارنة بأعلى تكلفة تاريخية تم تسجيلها، تطرح الحكومة السعودية، الأحد، إصدارها الشهري من الصكوك الادخارية الخاص بشهر يوليو (تموز) الحالي، الذي ينتظر تسويته الأربعاء المقبل، وفقا لتقويم الإصدارات الحكومية المنشور مسبقا للمصارف على موقع وزارة المالية.
وتشير بيانات إصدارات الصكوك الحكومية السعودية منذ بداية العام الحالي إلى مساهمة عوائد بعض شرائح تلك الإصدارات في تسجيل تكلفة تمويل متدنية على خزانة الدولة.
وخلال النصف الأول من العام الحالي، استمرت عوائد الصكوك العشرية في تسجيل أدنى تكلفة تاريخية لها منذ بدء العمل ببرنامج إصدارات الصكوك الحكومية المقومة بالريال في منتصف 2017. وأشار الرصد إلى أن مقدار نسبة الانخفاض مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة يبلغ 28.5%.
الخبير الاقتصادي حسني إبراهيم، قال "إن تراجع تكلفة إصدار الصكوك يعكس وبشكل مباشر متانة وقوة الاقتصاد وثقة المجتمع الدولي في الاقتصاد السعودي"، مؤكداً "أن التكلفة ترتفع حينما لا يوجد إقبال دولي حينما تطرح الحكومات والدول صكوكا أو سندات، لكنها تنخفض مع زيادة الإقبال الدولي عليها".
وأوضح "أن البيانات والأرقام التي تصاحب كل طرح تعلن عنه السعودية، تشير إلى إقبال المستثمرين الدوليين والمؤسسات الدولية على المشاركة فيها، بخاصة أنها مضمونة العائد وفي الوقت نفسه يشهد العالم التحسن الكبير في اقتصاد السعودية الذي شهد تنويعا كبيرا في سلة عائداته خلال الفترة الماضية".
وأظهرت أحدث البيانات الصادرة من مكتب الدين العام في وزارة المالية المتعلقة بإصدار شهر يونيو (حزيران) 2019 "أن عائد الصكوك العشرية (إعادة فتح إصدار سابق) سجل 2.90% لتكسر بذلك الحد الأدنى لعائد إصدار شهر مايو (أيار) الماضي من هذا العام الذي بلغ 3.18%".
وتظهر البيانات التاريخية أنه وقبل إصداري مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، "فإن أدنى تكلفة لصكوك عشرية كان محجوزا لأكثر من 20 شهرا (لإصدار شهر سبتمبر 2017) وذلك عندما بلغ وقتها نحو 3.45%".
وتتوافق تلك الانخفاضات مع ما يجري مع عوائد سندات الخزانة الأميركية العشرية التي كانت تتداول عند وقت الإصدار السعودي عند مناطق 2%.
شريحة 12 و15 سنة تتراجع أيضاً
وامتدت الانخفاضات في تكلفة التمويل إلى شريحة 12 سنة التي تم إصدارها بعائد 3.24% في يونيو (حزيران) وكذلك 3.67% خلال مايو (أيار) بعدما كانت قد طرحت في فبراير (شباط) بعلاوة سعرية على خزانة الدولة عند 4.10%.
وأشارت البيانات إلى أن مقدار نسبة الانخفاض مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة يلامس 21%. واستمرت ظاهرة الهبوط القياسي لعوائد الصكوك الحكومية لتصل إلى شريحة 15 سنة والتي تم طرحها في مارس (آذار) من العام الحالي للمرة الأولى بعائد بلغت نسبته نحو 4.01% وذلك قبل أن يتم إعادة فتح الإصدار في شهر أبريل (نيسان) بعائد ربحي نهائي بلغت نسبته نحو 3.97%، واستمر هذا المنحنى المنخفض مع إعادة الفتح التي تمت في يونيو (حزيران) بعائد نهائي وصل إلى 3.52%. ومقدار نسبة الانخفاض مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة يبلغ نحو 12.2%.
وتم رصد تسجيل أقل عائد مماثل لصكوك خمسية، وتم إعادة فتحها في أبريل (نيسان) منذ إصدار سبتمبر (أيلول) من العام 2017 والذي وصل إلى 2.75%، أي منذ 19 شهرا، حيث سجل عائد صكوك أبريل (نيسان) نحو 2.75%.
في حين أن مقدار نسبة الانخفاض مقارنة بأعلى عائد تاريخي لهذه الشريحة يبلغ 25.2%. وكان الغائب الأبرز عن إصدارات 2019 هي شريحة الصكوك السبعية التي توقفت لستة أشهر متوالية.
ويرجع السبب وراء الهبوط الملحوظ في تكاليف تمويل الصكوك الحكومية على خزانة الدولة إلى خليط من العوامل المحفزة سواء على الساحة الائتمانية العالمية أو المحلية التي تم ملاحظتها على عوائد الإصدارات المقومة بالريال أو الدولار خلال الفترة الماضية من العام الحالي.