ملخص
حاكم ولاية #فلوريدا رون #ديسانتس يزور ولاية #آيوا لتتركز الأضواء على النجم الصاعد في صفوف #الحزب_الجمهوري الذي يعد التهديد الوحيد حتى الآن لدونالد #ترمب
على مدى يوم كامل أول من أمس الجمعة اختبر حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس مياه الانتخابات الرئاسية الأميركية في ولاية آيوا التي تجري فيها أول انتخابات تمهيدية للحزب الجمهوري، حيث قدم نفسه بإثارة النقاش حول القضايا الثقافية الخلافية في المجتمع وعرض سيرته الذاتية في كتاب وزعه على الجمهور.
فما الذي وجده ديسانتس في آيوا ومتى سيحسم أمره بالترشح رسمياً؟ وهل سيتمكن من تجاوز دونالد ترمب الذي لا يزال يتصدر قائمة المرشحين لدى الناخبين الجمهوريين؟
منافس من الدرجة الأولى
قبل أن يصل إليها الرئيس السابق دونالد ترمب أمس السبت لإلقاء خطاب وتحفيز الناخبين لدعمه في انتخابات 2024 الرئاسية، كانت المرشحة الرئاسية الثانية نيكي هايلي وحاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتس الذي لم يعلن ترشحه رسمياً بعد، اختتما زيارة ولاية آيوا التي ستشهد أول معركة انتخابات أولية للحزب الجمهوري في فبراير (شباط) المقبل.
وفي حين أنهت هايلي جولتها بهدوء، تركزت الأضواء على النجم الصاعد في صفوف الحزب الجمهوري رون ديسانتس الذي يعد التهديد الوحيد حتى الآن لترمب، إذ يحظى بتأييد 29 في المئة من الناخبين الجمهوريين، مقابل 45 في المئة لترمب، وفقاً لاستطلاع مؤسسة "رييل كلير بوليتيكس".
وعلى رغم أن ديسانتس لا يخطط لإصدار إعلان رسمي حول ترشحه حتى مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين، فإن زيارة ولاية آيوا اعتبرت مغازلة لا لبس فيها لمنافس رئاسي جمهوري من الدرجة الأولى، الأمر الذي يجعل محاولته المتوقعة للوصول إلى البيت الأبيض أقرب إلى الواقع، فروّج خلال الزيارة لأجندته السياسية والثقافية ولسيرته الذاتية الجديدة التي أصدرها الأسبوع الماضي وطبعها في كتاب وزعه على الجمهور في دافنبورت، وعاصمة الولاية دي موين حيث التقى أيضاً المشرعين في كابيتول الولاية التي يلعب ناخبوها دوراً كبيراً في اختيار مرشح الحزب لمنصب الرئيس خلال المؤتمر الانتخابي الأول ضمن ماراثون الرئاسة الطويل.
ريغان آخر
وبينما سلطت الزيارة الضوء على الأولوية المتزايدة لطموحاته الرئاسية ورغبته في إرسال إشارة واضحة حول نواياه إلى المانحين والناشطين في الحزب الجمهوري وموظفي الحملة المحتملين، حظي ديسانتس بشعبية لافتة من خلال حضور مئات الجماهير إلى القاعات التي استضافته منذ الصباح الباكر وقال بعضهم إنه يذكرهم بالرئيس الجمهوري الراحل رونالد ريغان في ثمانينيات القرن الماضي ولديه القدرة على أن يكون ريغان آخر.
كما حرصت حاكمة ولاية آيوا كيم رينولدز التي تتمتع بشعبية كبيرة على تقديمه في المدينتين على رغم أنها حافظت على حيادها، لكن ديسانتس أخبر الجمهور أن سجله في فلوريدا يقارن بشكل إيجابي بسجل رينولدز التي دافعت عن سياسات تعليمية مماثلة.
وخلال كلماته الحماسية وملاحظاته، تلقى ترحيباً حاراً عندما تحدث عن حقوق الوالدين في تحديد ما يجب أن يتعلمه أطفالهما في المدارس العامة وركز على إنجازاته التي استهدفت حظر ما وصفه بالكتب الإباحية وأجندات الناشطين اليساريين في المدارس والهجرة غير الشرعية وسياسات عصر الوباء التقييدية والتعامل مع شركة "ديزني" العملاقة.
كما أن استطلاعاً جديداً للصحيفة الأبرز في أيوا وهي "دي موين ريجستر"، أشار إلى أن ديسانتس يمثل حالياً أكبر تهديد لترمب في الولاية، حيث ينظر إلى ترمب بشكل إيجابي من قبل 80 في المئة من الجمهوريين في آيوا، مقارنة بنحو 75 في المئة ممن ينظرون إلى ديسانتس بشكل إيجابي، في حين ينظر 53 في المئة بشكل إيجابي إلى حاكمة ساوث كارولاينا السابقة وسفيرة الأمم المتحدة نيكي هايلي التي أطلقت حملتها الرئاسية الشهر الماضي.
أجندة الحرب الثقافية
ومن الواضح أن ديسانتس يراهن على أن تكون أجندة الحرب الثقافية هي فرس الرهان الذي يمكن أن يمتطيه ويصل به إلى خط النهاية نحو البيت الأبيض، فقال أمام حشد من مئات الناس في كازينو دافنبورت إن أجندته التي لفتت الانتباه إليه على المستوى الوطني في أميركا ليست مجرد سياسة جيدة، بل يمكن أن تساعد الجمهوريين على الفوز في الانتخابات، وربما تحقق نجاحات كبيرة مع الناخبين لأنها تحظى بشعبية لدى الغالبية العظمى من الناس مثلما ظهر في فلوريدا، حيث انتقل هامش فوزه على منافسه من 32 ألف صوت عام 2018 إلى 1.5 مليون صوت عام 2022، وهذا لا يحدث عن طريق الصدفة، بحسب قوله.
ووفقاً لقاموس كولينز، فإن الحرب الثقافية هي خلافات وصراعات قوية بين المجموعات الأكثر ليبرالية وتلك الأكثر تحفظاً حول القضايا الاجتماعية وتشمل في المجتمع الأميركي عدداً من القضايا مثل حقوق الإجهاض والصلاة في المدرسة وحقوق المثليين والعنصرية والتعددية الثقافية والصراعات الأخرى القائمة على القيم والأخلاق وأسلوب الحياة التي تشكل الانقسام السياسي الواسع في الولايات المتحدة الآن.
ولهذا انتقد ديسانتس الذي خدم ثلاث فترات في مجلس النواب الأميركي قبل انتخابه حاكماً لولاية فلوريدا، "أيديولوجيا اليقظة أو الاستيقاظ" أثناء ظهوره الأول في ولاية آيوا التي قال إنها وباء أصاب المؤسسات الأميركية في مجال التعليم والرعاية الصحية والأعمال التجارية.
معارك "أيديولوجيا الاستيقاظ"
خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة دخل ديسانتس في معارك ضد "أيديولوجيا الاستيقاظ" وهي دعوة أطلقها الليبراليون اليساريون منذ عام 2010 إلى النهوض والوعي بقضايا عدة حول عدم المساواة الاجتماعية، واستخدم المصطلح كاختصار لأفكار اليسار الأميركي التي تتضمن سياسات الهوية والتمييز على أساس الجنس والعدالة الاجتماعية مثل فكرة الامتياز الذي يتمتع به البيض على السود وتعويضات العبودية للأميركيين الأفارقة.
وأصدر ديسانتس قانون فلوريدا لحقوق الوالدين في التعليم الذي دخل حيز التنفيذ في يوليو (تموز) 2022 والذي وصفه بأنه محاولة لمنح الآباء مزيداً من التحكم في ما يتعلمه أطفالهم في المدرسة. ويحظر القانون تدريس أو مناقشة التلاميذ في صفوف المدارس الابتدائية العامة قضايا التوجه الجنسي والهوية الجنسية، مما أدى إلى تأييد واسع من قبل المحافظين وازدرائه من مجتمع الميم واليسار بصفة عامة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعندما انتقد مشروع القانون الرئيس التنفيذي لشركة "والت ديزني" التي تتخذ من فلوريدا مقراً لها وتوظف 80 ألف شخص في منطقة خاصة معفاة ضريبياً، لم يكن الحاكم والمشرعون الجمهوريون سعداء بهذا الانتقاد وبدأوا باتخاذ إجراءات ضد الشركة بتعيين خمسة في مجلس إدارتها كنوع من العقاب لأنها لم تكن المرة الأولى التي تتخذ فيها "ديزني" مواقف ليبرالية والتي شملت تغييرات في خدماتها وأفلامها السابقة، مما أثار غضب المحافظين، حسبما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز".
وفي العام الماضي وقع ديسانتس مشروع قانون آخر لحظر الرياضيين المتحولين جنسياً من فرق المدارس العامة للنساء والفتيات، كما حظر 40 في المئة من كتب الرياضيات المدرسية التي قدمها الناشرون للمراجعة والتي قال إنها تحتوي على أيديولوجيا "الاستيقاظ".
تحديد استراتيجية وطنية
وعلاوة على ذلك دفع ديسانتس لإقرار قانون فلوريدا للحرية الفردية، المعروف بالعامية باسم قانون "ستوب ووك" أو أوقفوا الاستيقاظ الذي دخل حيز التنفيذ في يوليو 2022، وهو قانون يقول المدافعون عنه إنه يحظر على المدارس والشركات تدريس أي شيء يمكن أن يجعل أي شخص يشعر بالذنب أو أي شكل من أشكال الضيق النفسي بسبب عرقه، أو جنسه أو أصله القومي. وشمل ذلك منع الدراسات الأميركية- الأفريقية على أساس أنها "أجندة سياسية" وعلى اعتبار أنها تدمج الدراسات المرتبطة بتاريخ الأميركيين من أصل أفريقي وحياة السود مهمة وتعويضات الأميركيين الأفارقة، مع "نظرية الكوير"، وهي نظرية تفكير تفكك الافتراضات التقليدية حول الهوية الجنسية.
كل هذا ستكون له على الأرجح تداعيات تتجاوز ديسانتس نفسه ويمكن أن ينتهي به الأمر إلى لعب دور في تحديد الاستراتيجية الوطنية للجمهوريين، إذ يرى الحزب الجمهوري أن نهج ديسانتس في التعليم استراتيجية رابحة يمكن أن توفر مخططاً لانتخابات 2024، حسبما أفاد موقع "آكسيوس" هذا الشهر، مما دفع على ما يبدو الرئيس السابق دونالد ترمب إلى الكشف عن مقترحات خاصة به حول التعليم، تتشابه مع استراتيجية ديسانتس الذي يلهم المتنافسين الرئاسيين المحتملين الآخرين ليحذوا حذوه.
علامات الحذر
مع ذلك تكثر إشارات التحذير لديسانتس في آيوا، فعلى رغم أنه يحظى بوضع متميز في الولاية لأسباب كثيرة نتيجة عمله الرائع في قيادة ولاية فلوريدا، بحسب وصف رئيس المجموعة المسيحية ذات النفوذ "فاميلي ليدر" بوب فاندر بلاتس، إلا أن هناك عدداً من علامات التحذير بأن التفاؤل بالفوز في آيوا لا يعني الفوز بترشيح الحزب الجمهوري في النهاية. فعام 2008 كان رودي جولياني هو المرشح الفائز بالولاية، وعام 2012 كان ريك بيري الفائز، وعام 2016 كان سكوت والكر الفائز، لكن جميعهم فشلوا في الارتقاء إلى مستوى التوقعات.
ولا يزال من غير الواضح إلى أي مدى سيعطي ديسانتس الأولوية لولاية آيوا وغيرها من الولايات التي تجري بها الانتخابات الأولية المبكرة لأنه يضع الأساس لحملة تركز على الصمود أمام ترمب في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، بحيث يخطط لاستراتيجية طموحة أوسع على مستوى البلاد ككل، ستركز على التنافس في معاقل ترمب والسباقات الكبيرة التي يربح الفائز فيها كل شيء، بحسب شبكة "سي أن أن". ولهذا فإن سفره في الأيام الأخيرة إلى ألاباما وتكساس وكاليفورنيا هو مؤشر مبكر على أن ديسانتس لن يركز بشكل فردي على الفوز في آيوا أو نيو هامبشير.
مهمة جمع الأموال
وعلى رغم أن ديسانتس انتهك باستمرار البروتوكولات السياسية التقليدية خلال صعوده ليصبح المنافس الجمهوري الأكبر لترمب، ولا يوجد دليل أو نموذج واضح يمكن اتباعه لتحدي رئيس سابق في الانتخابات التمهيدية، إلا أنه تمكن من بناء قوة هائلة لجمع الأموال تحمل حالياً أكثر من 70 مليون دولار جاءت من إعادة انتخابه في فلوريدا عام 2022، كما جمع 10 ملايين دولار أخرى هذا العام من خلال لجنته للعمل السياسي.
ومع ذلك بالنسبة إلى مرشح رئاسي يدخل السباق للمرة الأولى ولم يكن معروفاً للناس في معظم أنحاء البلاد قبل عامين، فإن شن حملة على مستوى البلاد سيكون مسعى محفوفاً بالأخطار ومكلفاً وربما ينطوي على أخطار إضافية إذا لم يكثف جهوده للفوز بالولايات التمهيدية المبكرة مثل آيوا، كما فعل كثر من المرشحين الجمهوريين مثل سيناتور ولاية تكساس تيد كروز (2016) وسيناتور ولاية بنسلفانيا ريك سانتوروم (2012) وحاكم ولاية أركنسو السابق مايك هوكابي (2008)، على رغم أنهم لم يحصلوا في النهاية على ترشيح الحزب الجمهوري.
"أفضل حاكم"
غير أن فريق ديسانتس لديه إحساس بأن المشهد السياسي تغير منذ عام 2016، ما قد يسمح بحملة غير تقليدية على اعتبار أن ديسانتس لم ينجح أبداً لأنه أفضل ناشط وإنما لأنه كان أفضل حاكم، وأن الناخبين الجمهوريين الأساسيين في الانتخابات التمهيدية مهتمون جداً بتوجه البلاد، بينما ستكون عملية التواصل المباشر مع مئات الناخبين في الولاية أقل أهمية.
ويعتمد فريق ديسانتس على التغطية الروتينية الإيجابية لديسانتس من شبكة "فوكس نيوز" وغيرها من وسائل الإعلام المحافظة التي أتاحت له تقديم نفسه لعدد من ناخبي الحزب الجمهوري المحتملين بالفعل. ولهذا سيقضي معظم الأسابيع المقبلة في الترويج لكتابه وإيجاد أسباب للتحدث إلى الناخبين من خارج الولاية، كما فعل عندما احتشد مع نقابات إنفاذ القانون في نيويورك وبنسلفانيا وإلينوي الشهر الماضي، بينما يستمر عند عودته لفلوريدا في حث المجلس التشريعي للولاية بقيادة الحزب الجمهوري على إقرار مشاريع القوانين الأيديولوجية التي ستصدر المزيد من العناوين الرئيسة وتجذب وسائل الإعلام ويمكن أن تصبح منصة قوية لحملته في إطار الحروب الثقافية الطويلة التي يجيدها.