ملخص
دونت الكاتبة سارة ستاندينغ مذكراتها حول إصابتها بـ #السرطان مباشرة مع توالي الأحداث في محاولة منها لفهم التجربة التي تعيشها.
إن مرض السرطان هو المتنمر القابع في الخلفية، ينتظرك ويتربص بك عند المنعطفات وداخل ثنايا فكرك لكي يفاجئك على حين غرة، ولم يختلف حالي عن حال غيري بشيء.
ليس تشخيص الإصابة بسرطان الغدد اللمفاوية الذي يتطلب علاجاً كيماوياً جدياً ومكثفاً بالأمر السهل.
ثقوا بكلامي فما وجدته في محاولتي للتعايش واستكشاف الحياة مع الإصابة هو أن الفكاهة السوداء ضرورية، ولطالما اعتقدت بأن كل إصابة بالسرطان فريدة من نوعها، تماماً كبصمات أصابع الإنسان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
دونت كتاب مذكراتي "الرقص مع الشيطان الأحمر" Dancing with the Red Devil بالتزامن المباشر مع الأحداث في محاولة مني لفهم ما يحدث معي، لكنني كتبته أيضاً على أمل أن يجد الآخرون صدى لأنفسهم فيها، ويرون بأن بصيص الأمل موجود دائماً في النهاية.
***
إنه السابع من ديسمبر (كانون الأول) واليوم فهمت شيئاً مهماً للغاية، إنه اكتشاف.
أدرك الآن بأنني شعرت بسوء بالغ بلا شك على امتداد خمسة أشهر قبل تشخيصي، ولم يصبني السرطان من العدم، ولا بد من أنني لم أكن على الموجة نفسها مع جسدي ولذلك لم أنتبه إلى علامات التحذير.
ظننت بأن الشعور بالامتلاء والشد في المنطقة المحيطة بالأعضاء التناسلية يعود لزيادة وزني بنحو ثلاثة كيلوغرامات في فترة الإغلاق [أثناء الجائحة]، أما الحاجة إلى دخول المرحاض باستمرار في منتصف الليل فعزوتها إلى بلوغي منتصف العمر، وتخيلت بأن شعور الحكة الغريب الذي ينتابني في فخذي ومؤخرتي فليس سوى حساسية، فيما الكدمات الغريبة التي ظهرت من حيث لا أعلم فلا تدعو إلى القلق، حتى إنني استشرت طبيب جلدية في شأن هذا الموضوع خلال إحدى فترات التساهل في فترة الإغلاق وقال إن سببه الضغط النفسي أو طفح جلدي، وربما السبب مسحوق غسيل لدي حساسية عليه.
خطأ. خطأ. خطأ. غلطة مبتدئ.
اليوم وعلى رغم وجود أربع تقرحات في فمي وتساقط شعري بوتيرة متسارعة وكثافة شعر العانة، أشعر بأنني في حال ممتازة وعظيمة، وأنا في أفضل أحوالي منذ وقت طويل، والليلة الفائتة غفوت سبع ساعات متواصلة، وأشعر بالاسترخاء والرضا وأنا سعيدة بقسمتي ونصيبي.
اخترعت تشبيهاً، إن كنت أمتلك سيارة تبدأ حالها بالتدهور ويتصاعد منها الدخان وتصدر أصوات غريبة عندما أبدل سرعتها أو تثقب إطاراتها فسآخذها إلى أقرب ورشة تصليح سيارات، وأريد أن أتركها هناك معهم إلى أن يصلحوها. أكرهها، وهذا شعوري الآن تجاه جسدي ومرضي.
سأعطي هذا الجسد الذي يملؤوه السرطان إلى الأخصائيين ولا يهمني أن أسترجعه سوى عندما يعود مثالياً، ولن أتعامل مع النسخة المعطلة ولا أريد الجسد الذي غرس فيه منفذ وريدي تحت عظمة الترقوة ولا الذي يصر على إنتاج كرات الفرو ولا الذي يسير على درب الاهتراء، فذلك الجسد أو تلك النسخة المثيرة للشفقة من جسدي يجب أن تظل داخل ورشة التصليح حتى استكمال تصليحها إلى أن يلمع ويزود بفرامل جديدة، ويملأ بالزيت والبنزين ومضاد التجمد، وعندها فقط أقبل بإعادة استملاكه كلياً وقيادته بعيداً.
يمكنني أن ألتزم بالمقارنة التي وضعتها، وأستطيع أن أجد نفسي فيها وأنا قادرة على ذلك طالما نجحت في اعتبار جسدي حطاماً يجب أخذه لتصليحه، وما يحزنني هو أنني غير قادرة على استئجار سيارة فخمة جديدة لقيادتها في هذه الأثناء.
لكن بعد مرور يوم جيد تأخذ الأمور منحى بشعاً كما شخص غريب وشرير مسؤول عن الترفيه في حفلة أطفال، لا يهتم فعلياً إن كانت خدعه المعقدة ستجعل طفلاً يبكي من الإحباط.
لا يسير حال شعري جيداً، والليلة تحول شعري إلى ديفا نزقة، وكلما لمسته تساقطت منه كميات كبيرة من كرات الفرو، وهو سريع التطاير وغير مستقر لدرجة تحول من دون غسله أو تمشيطه أو لمسه.
أتلفت وأنظر خلفي لأجد بأنني تركت بصمتي، خصل من الشعر متناثرة على أرض المطبخ قرب رجلي، ويذكرني هذا بالفترة التي كانت تبلغ ابنتي إنديا فيها الـ16 من العمر واعتادت أن تجرب وصلات شعر مستعار رخيصة ومصنوعة في المنزل كانت تشتريها من سوق بريكستون.
لا أتحدث عن بضع شعيرات ضالة مثلما يحدث حين يقبض طفل على شعرك بيده وينتزع منه بعض الشعر، بل أعني الخصل الكبيرة، وها هي واحدة أخرى تسقط أرضاً وأنا أتساقط.
صدر كتاب "الرقص مع الشيطان الأحمر" Dancing with the Red Devil عن دار هيدلاين
© The Independent