ملخص
#الإنترنت والاتصالات مهددة بالانقطاع مع استمرار موظفي "#أوجيرو" في الإضراب ومحطات الإرسال تخرج عن الخدمة في عدد من المناطق في #لبنان
لا يمر يوم في لبنان من دون أزمة جديدة، وها قد أصبح اللبنانيون اليوم مهددون بالانعزال عن العالم وسط انقطاع متكرر في خدمات الاتصالات والإنترنت إثر الإضراب المفتوح لموظفي هيئة "أوجيرو" المشغلة لشبكة الاتصالات في البلاد، في ظل تردي الأوضاع المعيشية على وقع الأزمة الاقتصادية الخانقة والتدهور الحاد لقيمة الليرة اللبنانية.
وفي ظل استمرار موظفي "أوجيرو" في إضرابهم، أكد وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جوني قرم، في حديث صباح اليوم الخميس عبر إذاعة "لبنان الحر" المحلية، أنني "تشاورت مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، صباحاً، وطلب مني تدخل الجيش وأن نسلم قطاع أوجيرو كاملاً". وأضاف، "لا أقبل أن يأخذ أحد المواطن كرهينة، فقطاع الإنترنت هو أمر ضروي وأساسي لاستمرار الحياة وممنوع أي توقف".
وسادت حال من الغضب والاستنكار لدى موظفي الهيئة على خلفية تصريح الوزير، معتبرين أنه يؤكد مرة أخرى "تنصل وزير الوصاية من تحمل مسؤولياته". وأفادت "الوكالة الوطنية للإعلام" الرسمية بأن الموظفين "لهم كامل الثقة في حكمة قيادة الجيش التي لم تكن إلا إلى جانب الحقوق سواء كانت للعسكريين أم للمدنيين".
صحيفة "النهار" نقلت من جهتها عن مصادر أن "الجيش لم يتبلغ بأي أمر يتعلق بالتدخل في إضراب أوجيرو".
وكان وزير الاتصالات أكد في تحذير أطلقه عبر قناة "أم تي في" المحلية، أمس الأربعاء، أن "الوضع خطر جداً" على صعيد الإنترنت حتى لدى شركتي "ألفا" و"تاتش" المشغلتين لشبكات الهواتف المحمولة، مضيفاً أن لبنان يتجه نحو "أزمة كبيرة ستعزله عن العالم" إذ ستتأثر بها كل القطاعات، بما في ذلك المستشفيات والمصارف. وفيما أكد قرم أنه لا صلاحية لوزارته لحل الأزمة، دعا مجلس الوزراء إلى الاجتماع في أسرع وقت لحل المشكلة.
إضراب مفتوح وتردي الخدمات
وفي التفاصيل، بدأ موظفو "أوجيرو"، الجمعة الماضي، إضراباً مفتوحاً والتوقف كلياً عن القيام بأي أعمال "نظراً إلى التجاهل المستمر لمطالبنا بتعديل الرواتب بعد أن أصبحت تعادل واحداً في المئة من قيمتها الفعلية".
ومنذ ذلك الحين، يشهد لبنان تردياً كبيراً في خدمات الإنترنت والاتصالات وصلت إلى حد الانقطاع التام في عدد من المناطق جراء توقف بعض محطات الإرسال عن العمل إما بسبب أعطال تقنية أو بسبب نفاد الوقود المشغل لمولدات الكهرباء التي تمدها بالطاقة.
وإثر ذلك، يواجه اللبنانيون مشكلات في إجراء الاتصالات التي باتت تنقطع بشكل مفاجئ، وفي الاتصال بالإنترنت حتى عبر هواتفهم المحمولة، ما يهدد عمل آلاف الشركات التي تقدم خدمات محلية وخارجية.
وفيما قال مدير عام هيئة "أوجيرو" عماد كريدية، في حديث لموقع "أم تي في"، إن إضراب الموظفين فاقم الأزمة، أكد أنهم ليسوا مسببي الأزمة بل إهمال الدولة لقطاع الاتصالات منذ عام 2019، مشيراً إلى أن الهيئة لا تملك الأموال لشراء المازوت للمولدات وقطع الغيار لصيانة الأجهزة.
وتتبع هيئة "أوجيرو" وزارة الاتصالات لكنها تتمتع باستقلالية إدارية، وهي الجهة المشغلة للبنية التحتية الأساسية لجميع شبكات الاتصالات في لبنان، بمن في ذلك مشغلو شبكات الهاتف المحمول، ومقدمو خدمات البيانات وخدمات الإنترنت وغيرها.
قرار "متسرع"
وفي مؤتمر صحافي عقده، أمس الأربعاء، إلى جانب كريدية، دعا قرم موظفي "أوجيرو" للعودة عن الإضراب، معتبراً أن قرارهم جاء "متسرعاً" وفاجأه فيما كان يحاول بشتى الوسائل التي أتاحها أمامه القانون أن يجد حلاً ومخرجاً لمطالب الموظفين، الذين أكد أحقية مطالبهم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسأل الوزير، "هل يجوز إعلان الإضراب وأنا كوزير مسؤول أخوض مفاوضات، وأحاول فتح الأبواب لأجل الوصول إلى حل يرضي الموظفين؟ هل يعقل أن يعلن الموظفون الإضراب ضاربين بعرض الحائط ما أقوم به من اتصالات واجتماعات لإنهاء هذا الملف وغير آبهين بخمسة ملايين لبناني بينهم إخوتهم وأخواتهم وأبناؤهم الذين لا يستطيعون الاستغناء عن خدمات القطاع؟". وأكد أن أي قرارات لزيادة الرواتب والأجور لا تخضع لسلطته منفرداً بل هي مناطة حصراً بمجلس الوزراء مجتمعاً.
وحمل قرم الحكومة مسؤولية معاناة موظفي "أوجيرو" في ظل التأخير في إقرار موازنة عام 2023 وعدم تنفيذ قرارات السلفة التي حددها مسبقاً مجلس الوزراء لصالح الهيئة "لأسباب مجهولة". وأكد "أن الاستمرار بهذا الإجحاف بحق أوجيرو ستكون آثاره أكثر من خطرة ومأساوية على الصعد كافة، إذ إن سقوط هذا القطاع يعني تهديد الاقتصاد، الأمن، الصحة، التربية، والوضع الاجتماعي برمته".
الإضراب مستمر
في المقابل، أشار كريدية إلى أن "الإضراب لم يكن متسرعاً إنما قرار مفاجئ"، مشدداً على أنه يدعم إضراب الموظفين، كما أكدت رئيسة نقابة موظفي "أوجيرو" إميلي نصار بعد مؤتمر القرم، أن الإضراب مستمر والوعود لا تكفي.
ويعيش لبنان أزمة اقتصادية وسياسية خانقة منذ أواخر عام 2019، تزداد سوءاً كل يوم في ظل عجز السلطات السياسية المنقسمة عن اتخاذ أي خطوات جدية نحو الحلحلة.
والانهيار الاقتصادي جعل 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر، فيما تجاوز سعر صرف الليرة اللبنانية عتبة 100 ألف ليرة للدولار الواحد، مقابل 1500 ليرة قبل الأزمة.
وصنف البنك الدولي الانهيار الاقتصادي في لبنان من بين الأسوأ في العالم، فيما حذر صندوق النقد الدولي، الخميس الماضي، من أن هذا البلد يمر في "لحظة خطرة للغاية"، منبهاً أن التقاعس عن تطبيق إصلاحات ملحة من شأنه أن يدخل البلاد في "أزمة لا نهاية لها".
وعلى رغم توصل بيروت وصندوق النقد الدولي في أبريل (نيسان) الماضي إلى اتفاق مبدئي على خطة مساعدة بقيمة ثلاثة مليارات دولار على أربع سنوات، فإن تطبيقها ما زال مؤجلاً في ظل تلكؤ الحكومة عن تنفيذ إصلاحات مسبقة والبرلمان عن إقرار مشاريع قوانين ملحة.
سياسياً، يشهد لبنان فراغاً في موقع رئاسة الجمهورية منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، فيما تدير البلاد حكومة تصريف أعمال محدودية الصلاحيات.