Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة نفاد الطعام تهدد بانفجار الوضع في سجون لبنان

يطالب متعهدو المواد الغذائية الدولة بتسديد ما يفوق 100 مليار ليرة قبل تجديد العقود

أطلق متعهدو المأكولات تحذيراً بالتوقف عن تأمين الطعام للسجون اللبنانية بدءاً من 4 أبريل (أ ف ب)

ملخص

يتحضر السجناء في #لبنان للبقاء دون #طعام بدءاً من 4 أبريل المقبل، وسط تحذيرات من أن عدم تدارك الوضع يعني ثورة جياع في #السجون

لا تتوقف معاناة السجناء في لبنان عند حرمانهم من أدنى حقوق الإنسان وغياب التقديمات الطبية وفقدان النظافة وتوفير الظروف الملائمة لهم، إضافة إلى استمرار توقيفهم طويلاً دون محاكمات بسبب تأجيلها باستمرار نتيجة الإضرابات في القضاء وتقنين الجلسات، بل بلغت حد تهديد أمنهم الغذائي وحرمانهم من وجبات الطعام مما ينذر بمجاعة تطاول الآلاف منهم، في حال نفذ متعهدو المواد الغذائية للسجون تهديدهم بالتوقف عن تسليم الطعام للسجون وعدم تجديد العقود المبرمة مع إدارات السجون، والتي تنتهي في 4 أبريل (نيسان).

هذا التلويح دفع أهالي السجناء الموقوفين الموزعين على 25 سجناً و229 نظارة، إلى التداعي والتحرك لمواجهة "ما يحكى عن قطع الطعام عن أولادهم"، إذ تعبر مصادرهم عن تنسيق مع السجناء لتنظيم التحركات داخل السجن وخارجه بشكل متوازٍ، مشددين على أن الأمور لم تعد تحتمل، فما يعانيه السجين في لبنان، من أمراض ومشكلات صحية لا ينقصه الجوع على الإطلاق. وفي خطوة تكشف عن حجم الأزمة وتهدف إلى التقشف قلصت إدارة سجن رومية (السجن المركزي)، أعداد أرغفة الخبز للسجناء من 5 أرغفة في اليوم إلى رغيف ونصف الرغيف.
وإزاء الوضع المتردي تشير المعلومات إلى أن وزارة المال تحاول تطويق الانفجار المرتقب عشية انتهاء عقد التمديد، وتفاوض تلك الشركات على صرف سلفة دائمة لقوى الأمن بقيمة 300 مليار ليرة تمكنها من دفع مستحقات الموردين، إلا أن هذه المعالجة لن تكون سوى تأجيل مرحلي للأزمة كون هذا المبلغ لا يكفي إلا لتغطية نفقات أسابيع قليلة على سعر الصرف الحالي.
وبحسب المعلومات فإن السجن الواحد يحتاج يومياً إلى 800 كيلوغرام من اللحوم بما يوازي نحو 5 آلاف دولار أميركي، كاشفاً عن أن الموردين لم يتقاضوا بعد ثمن المواد التي بيعت في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، موضحاً أنهم يطالبون الدولة بتسديد ما يفوق مئة مليار ليرة، كانت توازي 500 ألف دولار في حينها، وهي اليوم مئة ألف دولار تقريباً.
وبحسب أحد الموردين، يتم إدخال مواد أولية إلى السجون المتعاقدة معهم على الشكل التالي: اللحوم والدجاج مرتين أسبوعياً، والخبز بشكل يومي، أما الحبوب والخضراوات فتدخل مرة واحدة أسبوعياً، ويتم إحضار هذه المواد، ويتم طهوها في مطابخ السجون.
وأشار إلى أن قيمة المستحقات بلغت نحو 100 مليار ليرة لبنانية عن عام 2022 في وقت كان فيه سعر الصرف نحو 20 ألف ليرة مقابل الدولار، في حين بات في عام 2023 فوق الـ100 ألف ليرة للدولار، الأمر الذي فاقم خسارتهم، إذ اشترى هؤلاء بضائع على سعر صرف منخفض في حين تضخم الرقم أضعاف سعر الشراء.
وأفاد مصدر مسؤول في وزارة الداخلية اللبنانية "اندبندنت عربية"، بأن هناك جهود تُبذل في هذا المجال باتجاه حلحلة الأزمة وأن قضية الغذاء في السجون لن تُترك دون حل.

إدخال الممنوعات

وفي هذا الإطار يوضح المحامي المتابع لقضايا حقوق الإنسان محمد صبلوح، أن "أسعار السلع باتت ثلاثة أضعاف أعلى من أسعارها خارج السجن، مما يحرم السجناء لقمة طعام هانئة وشرب مياه نظيفة، الأمر الذي حول مسؤولية إطعام السجناء بنسبة 90 في المئة على عاتق إدارات السجون، إذ إن قراراً سابقاً منع الأهالي من إدخال الطعام لأبنائهم تحت ذريعة تفادي إدخال الممنوعات، الأمر الذي دفع إدارات السجون إلى التعاقد مع شركات تتولى تأمين الطعام إلى داخل السجن".
ولفت إلى أنه "وفق الإجراءات الروتينية الإدارية المتبعة، والتي تقضي بأن يصار إلى تسديد قيمة الوجبات لأصحاب الشركات بعد أسابيع، مما يعني فقدان قيمة المبلغ المستحق في ظل ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة، دفع بالشركات إلى إعلان توقفهم عن إيصال الطعام إلى السجون".
وتخوف صبلوح أن يتجه الأمر إلى "فوضى وثورة جياع"، إذ برأيه "الانفجار بات وشيكاً"، لافتاً إلى أن "المأساة اليوم داخل السجون ظاهرها فقدان الطعام، لكن الكارثة الأكبر هو واقع الاستشفاء المعدوم والنظافة، حيث بات السجناء يستحمون ويشربون من مياه مسرطنة أو ملوثة".
وكشف عن أنه "في خطوة تداركية لمخاطر توقف متعهدي المواد الغذائية، وافقت إدارات السجون على عودة أهالي المساجين إدخال الطعام لذويهم شرط ألا تتخطى الكميات النسبة المحددة من قبل الإدارة ليتسنى للعناصر القيام بالتفتيش بشكل دقيق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


سجناء دون محاكمة

في المقابل، يقلل رئيس لجنة السجون في نقابة المحامين جوزيف عيد من أهمية بيان متعهدي المواد الغذائية للسجون، واضعاً إياه "في إطار التهديد، في ظل تراكم المستحقات المالية على الدولة والعجز عن الدفع".

واعتبر عيد أن "المشكلة في السجون لا تقف عند حدود الطعام فقط، إذ يشكل الاكتظاظ كارثة كبيرة، حيث إن هناك أكثر من 8350 موقوفاً، منهم نحو 6350 داخل السجون، فيما يتوزع الباقون على النظارات، فضلاً عن عدم قدرة على تأمين أدويتهم. كذلك لم يبقَ إلا مستشفى واحد قادر على استقبال السجناء، شرط أن يكون العلاج على حساب الأهل لا على حساب الدولة".
وكشف عن أن "82 في المئة من موقوفين من السجناء لا يزالون دون محاكمة، علماً أن هناك مواد اليوم في أصول المحاكمات تمنع توقيفهم كل هذه المدة، إلا أن الأمور عالقة نتيجة الجمود السياسي وعدم انتظام الحياة السياسية والإضرابات المستمرة في معظم القطاعات الرسمية"، لافتاً إلى وجود مئات السجناء الذين أنهوا محكوميتهم إلا أنهم لا يستطيعون دفع الغرامات.

هرب الدولة

من جانبه، وصف رئيس "جمعية عدل ورحمة" التي تواكب الظروف الإنسانية للسجناء، الأب نجيب بعقليني، الوضع في السجون اللبنانية بـ"المزري" منذ ما قبل الأزمة اللبنانية وجائحة كورونا، وهو ازداد سوءاً على جميع الصعد بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية.
ولفت إلى أن "الأزمة نفسها مع الموردين حصلت منذ عام وتم معالجتها مرحلياً"، موضحاً أن "هناك ثلاثة موردين، وفي يونيو (حزيران) الماضي حصلت الأزمة نفسها لتعود وزارة المالية إلى تأمين الأموال، وأبلغت قوى الأمن الداخلي بذلك، واليوم تتكرر الأزمة نفسها"، متسائلاً "هل نتحمل خضة يمكن أن يقوم بها 10 آلاف سجين إذا لم يتأمن الطعام لهم؟".
وكشف الأب بعقليني أنه "على رغم تخصص الجمعية بإعادة تأهيل السجناء بهدف الدمج الاجتماعي، إضافة إلى الخدمات القانونية والصحية والنشاطات التثقيفية والأشغال، وجدت نفسها مضطرة إلى تقديم المساعدة عبر توفير مواد التعقيم والتنظيف ومد السجناء بالمواد الغذائية قدر المستطاع، فإنه يؤكد أنها لا تكفي ولا تستطيع أن تغطي جميع السجناء في لبنان، وأن تحل محل متعهدي المواد الغذائية للسجون الذين أعلنوا توقفهم عن تسليم الطعام"، لافتاً إلى "هرب الدولة من تحمل مسؤولياتها، وما يحصل هو استهتار مغلف بالفساد".
وعن الحلول المطروحة لمعالجة الأزمة، دعا الأب بعقليني الجهات المانحة باسم الإنسانية للمساعدة من أجل إيجاد حلول لجميع القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان المنتهكة في لبنان، مشدداً على أنه "لا مفر من تحمل الدولة مسؤوليتها بتوفير المعونات وزيادة ميزانيات السجون".
وأشار إلى أن جمعية "عدل ورحمة" التي أسست منذ 25 سنة في مجال حقوق الإنسان، تهدف إلى تقديم يد المساعدة إلى عائلات السجناء والأشخاص المدمنين على المخدرات، لافتاً إلى أن "الجمعية تعنى بتقديم مشاريع وبرامج منها إلغاء عقوبة الإعدام، والحد من الأذى، ومساندة اللاجئين وطالبي اللجوء، إضافة إلى الندوات والدراسات حول حقوق الإنسان. وكل هذا يصب في خدمة الإنسان والمحافظة على كرامته".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير