ملخص
الرئيس الأميركي السابق دونالد #ترمب أصبح أول #رئيس_أميركي سابق أو حالي توجه إليه تهم رسمية فهل هي بداية الطريق لمحاسبته أخيراً؟ يتساءل #أحمد_بابا
يمكن لدونالد ترمب أن يضيف سابقة تاريخية أخرى إلى سجله الحافل بالفضائح. الرئيس الأميركي الذي حكم عليه بالعزل مرتين، هو اليوم أول رئيس أميركي سابق أو حالي، توجه إليه تهم رسمية. فها هي المحاسبة في النهاية في طريقها إليه.
في حين كان هناك كثير من الترقب لصدور قرار اتهام بسبب مزاعم ترمب نفسه، إلا أنها لا تزال تشكل صدمة لكثيرين، فقد كان في الإمكان سماع صرخة تعجب خافتة على قناة فوكس الإخبارية ساعة إعلان النبأ. مراسلة صحيفة نيويورك تايمز ماغي هايبرمان قالت إن قرار الاتهام الذي صدر عن هيئة كبار المحلفين في محكمة مانهاتن فاجأ ترمب وفريق مساعديه في منتجعه في مارالاغو. حتى بعد كل الضجة التي أطلقوها حول قرار اعتقال ترمب المحتمل، يبدو أن فريق مساعديه كان يعتقد أن فترة تعليق عمل هيئة المحلفين لمدة شهر كانت تعني أن قرار الإدانة لم يكن وشيك الصدور. كانوا على خطأ.
إن القرار الاتهامي بحق ترمب لا يزال خاضعاً لحجب قضائي، ولذلك ليس لدينا تفاصيله بعد، لكن هناك تكهنات حالياً، عما إذا كان مضمون القرار الاتهامي سيتخطى مسألة دفع ترمب المال لشراء صمت الممثلة الإباحية ستورمي دانييلز. قناة "سي أن أن" الإخبارية، أعلنت أن هيئة كبار المحلفين في محكمة مانهاتن قامت بتوجيه 34 اتهاماً "تتعلق بتزويره للسجلات التجارية". وقد يكون ذلك متعلقاً أيضاً بتقرير آخر كان مدعي عام مانهاتن قد استفسر عن دفع نشرة "ناشيونال إنكوايرر" National Enquirer، مبلغاً من المال إلى كارين ماكدوغال لشراء صمتها بالوكالة عن الرئيس ترمب. وتأتي هذه الأخبار تزامناً مع الأنباء عن اعتراف المدير المالي في "مؤسسة ترمب" ألن ويسلبيرغ، بالذنب لدوره في ترتيب عملية غش ضريبي في المؤسسة ذاتها، مما أدى إلى قطع ويسلبيرغ لعلاقته مع فريق المحامين التابع لترمب، مما طرح تساؤلات عن احتمالية قيامه في التعاون مع السلطات القضائية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بغض النظر عن المدى الذي يمكن أن تصل إليه تلك الاتهامات، فإن النتيجة هي نفسها. إن دونالد ترمب يواجه، أخيراً، جرعته الأولى من المحاسبة القضائية الحقيقية، فقد عاش ترمب حياة مليئة بالفساد من زمن مسيرته المهنية التجارية الاحتيالية، وصولاً إلى رغبته بلعب دور رئيس استبدادي. إن الرجل المخادع السيئ السمعة قام في الذهاب إلى أبعد مدى يمكن أن تصله الرذالة الإنسانية، وانتهاك القوانين، إلى درجة تحديه أطر حماية الديمقراطية الأميركية. فعلى رغم من العدد الكبير من التحقيقات الجنائية والقضايا المدنية المرفوعة ضده، نجح ترمب في تفادي المحاسبة من خلال الحماية السياسية، أو من خلال تسوية القضايا بدفع الأموال النقدية، لكن ليس في هذه المرة.
يقوم مدعي عام دائرة مانهاتن ألفين براغ بالتفاوض مع ترمب كي يسلم نفسه إلى السلطات قبل استدعائه إلى المحكمة [أي إبلاغه بالتهم رسمياً]، وهو ما تتحدث الأنباء عن إمكانية حدوثه في الأسبوع المقبل، حيث ستؤخذ بصمات الرئيس ترمب، وتكبيل يديه ربما. يقال إن ترمب يتوق إلى التعرض للاعتقال، وأنه يرغب بشدة أن تكبل يديه كي يلعب دور الضحية، ويزيد من نسبة التبرعات وتأييد قاعدة أنصاره. إلا أن رد فعل ترمب في ضوء هذا الاتهام الجديد أظهر مفعولاً عكسياً: الخوف.
لقد قام ترمب في إصدار عدد من التصريحات المتسرعة على شبكته الخاصة للتواصل الاجتماعي مدعياً أن "البلطجية" و"الوحوش" قاموا للتو "في توجيه التهم إليه" "INDICATED" [كتبت مع خطأ مطبعي] (ما زال غير قادر على التهجئة بشكل صحيح)، معتبراً الأمر بأنه تدخل في الانتخابات. والمثير الذي لا يمكن تصديقه حقاً، هو أن يقوم المحرض الأول على اعتداءات السادس من يناير [على مبنى الكابيتول]، والمسؤول عن دفع الأموال لقاء شراء صمت الآخرين، في اتهام أي شخص بالتدخل في الانتخابات. لقد كانت تغريدات ترمب التي نشرها مليئة بالانتقادات المنافقة، وادعاءات تقول إن عملية إنفاذ القانون تتعرض للتقويض. وكما كان متوقعاً، جاء رد فعل الحزب الجمهوري على المسألة في السياق نفسه.
رد فعل رئيس مجلس النواب الأميركي كيفن مكارثي (جمهوري عن كاليفورنيا)، جاء من خلال تجديده إطلاق الوعود في أنه سيعمل على التحقيق مع المدعي العام ألفين براغ. وقام مكارثي في اتهام براغ بأنه يعمل على استخدام النظام العدلي كسلاح. وهو اتهام مثير فعلاً بخاصة أن مكارثي اشتهر مرة بزلة لسان له، أفادت أن حزبه استخدم لجنة التحقيق في أحداث الاعتداء على سفارة الولايات المتحدة في بنغازي في ليبيا، كسلاح للنيل من المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون في الفترة التي سبقت انتخابات 2016. بعض الجمهوريين ذهبوا إلى أبعد من ذلك مع دعوة عضو مجلس الشيوخ راند بول (جمهوري من كنتاكي) إلى إيداع المدعي العام براغ في السجن.
أن قيام مكارثي بتجييش الأغلبية النيابية التابعة للحزب الجمهوري في مجلس النواب لتقويض التحقيق الجنائي الشرعي المتعلق بالرئيس ترمب، هو مؤشر إلى استمرار الحزب الجمهوري في إعلان ولائه لترمب. وعلى رغم من أن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل (جمهوري من كنتاكي) قد اتخذ موقفاً مختلفاً عن مكارثي، فإن الموقف الطاغي في الحزب الجمهوري يبقى إلى حد بعيد داعماً للرئيس السابق، فيما يواصل الأخير تفوقه في سباق ترشيحات الحزب للانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024. حتى إن أحد منافسي ترمب المحتملين في انتخابات 2024 التمهيدية، حاكم ولاية فلوريدا رون ديسانتيس دافع عنه. ونشر ديسانتيس تغريدة واصفاً اللائحة الاتهامية "بأنها لا تمثل أميركا" مدعياً بأنه لن يتعاون مع أي طلب من دائرة مانهاتن بتسليم ترمب، لو وصل إليه طلب مماثل من المدعي العام في مانهاتن.
لقد توقع كثيرون أن يؤدي هذا [الاتهام] إلى دعم موقف ترمب وحظوظه في انتخابات 2024. طبعاً، يمكن أيضاً أن يتحول تجييشاً أكبر لقاعدة مؤيديه، ولكن لنتحل بالواقعية هنا. إن لائحة اتهامية بـ34 تهمة جنائية بحق ترمب، وبروز مؤشرات على احتمال مسؤوليته عن قضايا أخرى، لن يضمن نجاح ترمب في كسب ترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات التمهيدية، كما وأن ذلك لن يساعده على الانتخابات العامة. وجد استطلاع حديث للرأي على مستوى وطني أجرته جامعة كوينيبياك Quinnipiac University، أن غالبية الأميركيين يعتقدون أن أي اتهام يوجه إلى ترمب من شأنه إعلان عدم أهلية ترمب لشغل منصب حكومي. ومن شأن ذلك أن يكون مخرجاً لبروز بديل لترمب يعمل من أجل رفع راية "ترمبية من دون سجل إجرامي". ومن شأن ذلك أن ينعكس بشكل أسوأ على ترمب، وقد تكون تلك مجرد البداية.
هناك عدد كبير آخر من التحقيقات الجنائية متعلقة بتصرفات دونالد ترمب الفاسدة، ومن بينها تحقيقات هيئة المحلفين العليا في ولاية جورجيا التي تنظر في جهود ترمب لقلب نتائج انتخابات 2020 وتحقيقات المحقق العدلي الخاص في وزارة العدل الأميركية في مساعي ترمب سرقة المستندات والوثائق الحكومية السرية.
أن ما نشهده حالياً هو بمثابة تطور مهم في مجريات التاريخ الأميركي. إنها خطوة نحو فرض مظلة قانونية واحدة على جميع الأميركيين. ولا بد أن نرى قريباً مضمون تلك الاتهامات وشكل الإدانات المستقبلية التي قد تنجم عنها، وأن نعمل على تحليلها على أساس خاص بكل قضية. يستحق ترمب أن يمثل في المحكمة للدلو بدلوه، مثله مثل أي أميركي آخر لديه الحق في ذلك. وسنرى كيف تقوم هيئة من المحلفين من أترابه الأميركيين بالحكم عليه، ولكن يمكنني أيضاً أن أتحدث هنا باسم الكثير من الأميركيين عندما أقول إننا سعيدون أخيراً لاحتمال رؤية ترمب يواجه عواقب عقود من الفساد الفاضح الذي كنا شهوداً على حدوثه. كل ما نريده هو تحقيق العدالة المتساوية تحت القانون. إن عواقب أفعاله من شأنها أن تؤدي إلى مواجهة أي أميركي عادي عقوبة السجن.
أنا أعتقد أن مشاعر أحد أعضاء "مجموعة الخمسة الذين جرت تبرئتهم" يوسف سلام، الذي كان ترمب قد اتهمهم خطأ بالاغتصاب وطالب بأن يصار إلى إنزال عقوبة الإعدام بحقهم في إعلان على صفحة كاملة من صحيفة نيويورك تايمز عام 1989، هي مشاعر يتشارك بها كثيرون مع بروز هذه التطورات الإخبارية. سلام كان قد نشر جملة من كلمة واحدة في رده على الأخبار عن توجيه الاتهام لترمب، قائلاً "إنها كارما" Karma [وهو مبدأ السببية حيث النوايا والأفعال الفردية في وقت ما حالياً تنعكس على الفرد في المستقبل].
© The Independent