ملخص
كشفت مصادر دبلوماسية عن أن #فرنسا التي لديها مصالح اقتصادية في #لبنان تلقت وعوداً من #فرنجية بأن تكون لها الأفضلية في الاستثمارات المستقبلية
اكتسبت زيارة رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية إلى فرنسا طابعاً استثنائياً وسط الجمود الرئاسي الداخلي. فزيارة المرشح المعلن للثنائي "أمل" و"حزب الله"، حصلت بعد الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وكانت الزيارة سبقتها أخرى لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى باريس على رأس وفد نيابي، والمعلوم أن "الاشتراكي"، وعلى رغم صداقته المعروفة برئيس مجلس النواب نبيه بري، فإنه كان أول الداعين إلى انتخاب رئيس لا يشكل تحدياً لأحد، مقترحاً مبادرة استبعد فيها فرنجية ومرشح القوى السيادية النائب ميشال معوض، لكنها لم تنجح.
وكثرت التأويلات والتحليلات حول طبيعة الزيارة ومضمونها، خصوصاً أنها لم تتخط الـ48 ساعة، وتخللها لقاء مع مستشار ماكرون باتريك دوريل، فيما تضاربت المعلومات حول أسباب حصولها، وإذا كانت في إطار زيارات أخرى شملت مرشحين آخرين من بينهم جهاد أزعور.
وكشفت مصادر دبلوماسية في فرنسا أن باريس أرادت الاستماع منه مباشرة لإجابات عن أسئلة تتعلق بمواضيع أساسية، منها الاستراتيجية الدفاعية والثلث المعطل في الحكومة والإجراءات الإصلاحية، والتي سبق أن ناقشتها معه عبر الهاتف ووجدتها باريس رمادية ولم تقنعها.
وذكرت المصادر أن الزيارة لم تكن إيجابية بالنسبة لفرنجية، بسبب تمسك السعودية بمواصفات لا تنطبق عليه، وكشفت المصادر عن أن دوريل نصح فرنجية بالتواصل المباشر مع الرياض. في المقابل لم يصدر عن الإليزيه أي تصريح أو بيان، وهو ما فسره العالمون بالسياسة الفرنسية بأنها لا تريد أن تلزم نفسها بشيء، فيما اعتبر آخرون أن مجرد اقتصار اللقاء على المستشار، يعني أن لا حسم بل تشاور، على عكس ما حصل عام 2016 عندما تلقى فرنجية اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند شكل في حينه التزاماً معلناً بدعم انتخابه.
في المقابل، التزم فرنجية ومعه المقربون منه الصمت ورفضوا الكشف عن تفاصيل الزيارة، علماً أنه وقبل ساعات على توجهه إلى باريس كانت مصادر مقربة منه ذكرت أنه ماضٍ في معركته الرئاسية ولن يتراجع.
فشل باريس
بحجة أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل تدهور الوضع في لبنان أكثر، واستناداً إلى الواقعية التي تقتضي عدم تخطي "حزب الله"، وعلى قاعدة "أهمية حصول العرس بغض النظر عن العريس" حاولت فرنسا، ولا تزال، تسويق مرشح الحزب و"حركة أمل" في مقايضة بين الرئاستين الأولى والثالثة، فتكون رئاسة الجمهورية لفريق "الثامن من آذار" أي فرنجية، ورئاسة الحكومة للسفير السابق نواف سلام ممثلاً المعارضة، مع اتفاق مسبق على اسم حاكم مصرف لبنان.
وتولت السفيرة الفرنسية إقناع قوى المعارضة الممثلة في مجلس النواب، لكنها وجهت برفض داخلي قاطع، فيما استمرت الدول المعنية بموقفها الداعي إلى الانتخاب من دون الدخول بلعبة الأسماء. ومنذ دخول لبنان مرحلة الشغور الرئاسي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أخذت فرنسا على عاتقها معالجة الأزمة الرئاسية بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، وخصصت لقاء في باريس للملف اللبناني دعت إليه قطر ومصر، عكس حينها تبايناً في وجهات النظر، بعد رفض السعودية، وكذلك أميركا الدخول في الأسماء والتشديد على المواصفات التي تستند إلى رئيس ذي رؤيا إنقاذية وإصلاحية وسيادية.
وراهنت فرنسا على إقناع السعودية، علها بذلك تقنع حلفاءها في الداخل، بالمضي بمرشح "حزب الله"، واستمرت في المحاولة بتسويق فرنجية وخططت للقاء ثنائي في باريس بحضور المستشار في الديوان الملكي المكلف الملف اللبناني نزار العلولا والسفير السعودي لدى لبنان وليد بخاري، والذي استتبع باتصال هاتفي بين الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي، أصر خلاله ماكرون على تمسكه بأفضل العلاقات مع الرياض.
وكشفت مصادر دبلوماسية لـ"اندبندنت عربية" عن أن فرنسا التي لديها مصالح اقتصادية في لبنان، تلقت وعوداً من فرنجية بأن تكون لها الأفضلية في الاستثمارات المستقبلية بقطاعات عدة من بينها الكهرباء، وهي سعت إلى تسويق فرنجية لدى السعودية وفقاً لمواصفات أساسها أنه قادر على معالجة ملف النازحين السوريين عبر التفاوض مع الرئيس بشار الأسد، وإنجاز الاستراتيجية الدفاعية بالتفاوض مع "حزب الله".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن الرياض، بحسب مصادر مطلعة على موقفها، تعتبر أن "الإصلاحات السيادية والمالية تبنى على التوازنات، وليس على الوعود والضمانات". وذكرت المصادر ذاتها بموقف السفير السعودي وليد بخاري بعد عودته من باريس، حيث أكد بعد لقائه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على "ضرورة الإسراع في إتمام الاستحقاق الرئاسي والإتيان برئيس سيادي إصلاحي خارج الاصطفافات". وأكد بخاري أن دور السعودية في اللجنة الخماسية يصب في مصلحة لبنان وسيادته.
وتزامناً مع ما كشفت عنه مصادر دبلوماسية في فرنسا عن تلقي فرنجية نصيحة بالتواصل المباشر مع الرياض، غادر السفير السعودي بيروت إلى السعودية للتشاور، فيما نفت مصادر مقربة من السعودية وجود أي زيارة مجدولة لمرشح رئاسي لبناني إلى الرياض.
جنبلاط في باريس
قبل فرنجية، زار باريس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، والتقى رفقة نجله تيمور جنبلاط والنائبين مروان حمادة ووائل أبو فاعور مدير وكالة الاستخبارات الخارجية الفرنسية برنارد إيمييه. وكشفت مصادر نيابية اشتراكية عن أن جنبلاط سعى إلى إقناع الفرنسيين بالتراجع عن مشروع المقايضة بين فرنجية في رئاسة الجمهورية ونواف سلام في رئاسة الحكومة، أو أي مقايضة توصل فرنجية إلى بعبدا. وركز جنبلاط على موقف الكتل المسيحية الرافضة انتخاب فرنجية، أي "القوات اللبنانية" و"الكتائب" و"التيار الوطني الحر"، وحاول إقناع الفرنسيين بالانتقال إلى مرحلة جديدة والبحث عن شكل جديد للتسوية، بمرشح لا يشكل تحدياً لأحد، وعرض جنبلاط لبعض الأسماء الوسطية ذات النكهة الاقتصادية المالية مبدياً انفتاحه للبحث بأسماء أخرى.
في المقابل، كشفت مصادر نيابية في الوفد اللبناني الذي زار بروكسل هذا الأسبوع عن تمسك فرنسا بترشيح فرنجية، وفي اللقاء الذي جمع عدداً من النواب مع مسؤولين فرنسيين في الاتحاد الأوروبي سأل الفرنسيون عن إمكانية التوصل إلى تسوية وعن كيفية إقناع الكتلة النيابية المترددة باختيار هذا الفريق أو ذاك لدى التصويت في مجلس النواب لتأمين إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وعلى رغم الخرق الذي تمكن النواب من تحقيقه في ملف النازحين السوريين فإنهم عادوا بانطباع بأن فرنسا الممسكة بالقرار الأوروبي لم تقرر بعد وقف محاولاتها لإيصال فرنجية.