ملخص
أثار حكم قضائي في شأن واقعة #اغتصاب_طفلة تبلغ من العمر (11 سنة) ونتج عنه حمل موجة من الانتقادات في #المغرب لمثل هذه الأحكام "المخففة"
تتوالى الانتقادات في كل مرة عند إصدار أحكام توصف بالمخففة ضد "البيدوفيليين" مغتصبي الأطفال بالمغرب، آخرها الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف بالعاصمة الرباط في حق ثلاثة أشخاص تناوبوا على اغتصاب طفلة، إذ قضت بسجنهم سنتين فقط.
وأثار هذا الحكم القضائي في شأن واقعة اغتصاب طفلة تبلغ من العمر (11 سنة)، ونتج عنه حمل، موجة من الانتقادات لمثل هذه الأحكام "المخففة"، وقبله بأيام قليلة صدر حكم قضائي آخر من محكمة النقض بالسجن ثماني سنوات نافذة في حق "بيدوفيل إسباني".
صدمات مترادفة
وصدر حكم قضائي قبل أيام قليلة ضد ثلاثة أشخاص راشدين بالسجن لمدة سنتين، وغرامة مالية تقدر بـ4800 دولار، بتهمتي "التغرير بقاصر" و"هتك عرض قاصر بالعنف أفضى إلى حمل".
ولا يتجاوز عمر الضحية 11 سنة، وكانت تقطن وقت وقوع الحادثة في ضواحي مدينة تيفلت، غير بعيد من الرباط، قبل أن يقدم والداها شكوى إلى السلطات التي ألقت القبض على المعتدين، لتنطق المحكمة أخيراً بالحكم الذي أثار سجالاً.
وأفاد أحد أقرباء الطفلة في تصريح لـ"اندبندنت عربية" بأن هذا الحكم أثار استغراب أسرة القاصر، لأنه لا يتناسب مع شناعة الفعل الذي أقدم عليه الأشخاص الثلاثة، واحد في عقده الثاني والآخران في عقدهما الثالث، بالتناوب على اغتصاب طفلة لا حول لها ولا قوة إلا من صراخ وبكاء واستجداء.
وتابع المتحدث ذاته بأن الأسرة المكلومة تعرضت لأكثر من صدمة، الأولى صدمة الواقعة عندما علمت بما حصل للطفلة التي ظلت ملتزمة الصمت خشية الانتقام، والثانية صدمة الحالة النفسية والصحية لهذه القاصر بعد هتك عرضها بالقوة، والثالثة هي الحكم المتساهل في حق المجرمين "الوحوش" الثلاثة.
وينص الفصل 486 من القانون الجنائي المغربي على كون "الاغتصاب جريمة يعاقب عليها بالسجن من خمس إلى 10 سنوات، غير أنه إذا كان سن الضحية يقل عن ثماني عشرة سنة أو كانت عاجزة أو معروفة بضعف قواها العقلية أو حاملاً، فإن الجاني يعاقب بالسجن من 10 إلى 20 سنة".
تنديد عارم
الحكم بسنتين سجناً على مغتصبي الطفلة أثار سخط عديد من الهيئات والمنظمات والشخصيات الحقوقية، إذ انبرت فيدرالية رابطة حقوق النساء للتنديد بهذا النوع من الأحكام، معتبرة أن "الحكم لا يتطابق مع فظاعة وبشاعة الجريمة المرتكبة في حق الطفلة التي اغتصبت مراراً وتم تهديدها بالقتل إن هي أخبرت أسرتها بالواقعة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونادت فيدرالية رابطة حقوق النساء، في بيان، بإعادة النظر في هذا الحكم خلال المرحلة الاستئنافية مع تشديده في حق الجناة، لكي يكونوا عبرة لكل من سولت له نفسه الاعتداء على حرمة جسد الآخرين طفلات كن أو نساءً أو أطفالاً".
ودعت الفيدرالية إلى ضرورة توفير المواكبة النفسية والعلاج النفسي للطفلة الضحية التي أصبحت أماً في 11 سنة وجبر ضررها، وتوفير الحماية الواجبة من الدولة للفتيات والنساء المعنفات والناجيات من العنف، مع المراجعة الشاملة للقانون الجنائي وملاءمته مع دستور البلاد ومع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب".
من جهتها، وصفت جمعية جسور النسائية الحكم الصادر في هذه القضية وفي كثير من قضايا مغتصبي الأطفال بالمغرب بأنه "حكم جد مخفف مقارنة مع فظاعة الجريمة"، بينما باشر تحالف "ربيع الكرامة" الذي تنضوي تحته جمعيات نسائية كثيرة حملة على مواقع التواصل الاجتماعي للتنديد بالحكم.
واعتبرت منظمة النساء الاتحاديات أن "الحكم يتعارض بشكل واضح مع دستور المملكة المغربية ولا سيما الفصلين 117 و110 المتعلقين بالأمن القضائي والتطبيق العادل للقانون، ومع فصول القانون الجنائي التي تفرض عقوبات تتراوح بين 10 و20 سنة في شأن جرائم اغتصاب القاصرين.
موت بطيء
مدير المركز المغربي لحقوق الإنسان عبدالإله الخضري قال إن "جريمة اغتصاب طفل تعد من أخطر أنواع العنف وأبشعها وأكثرها ضرراً وتأثيراً في السلامة الجسدية للضحية، ذلك أن تأثيراتها النفسية المدمرة تجعلها لا تختلف عن جريمة القتل سوى أن الاغتصاب موت بطيء والقتل موت سريع".
ويرى الخضري في تصريح خاص أن هناك تباينات شديدة في ما يتعلق بعقوبة الجناة المتورطين بجرائم اغتصاب الأطفال في المغرب، إذ إننا لمسنا وجود أحكام مخففة في كثير من الحالات، كما أن ظاهرة الإفلات من العقاب واردة بقوة للأسف الشديد".
وأشار إلى أن "هذه الجرائم تعد من التابوهات الاجتماعية شديدة الحساسية، وبالنظر كذلك إلى الفقر والهشاشة التي تعيش على إيقاعها بعض الأسر، مما يجعل كثيراً من حالات اغتصاب الأطفال لا تصل إلى القضاء".
أسباب الأحكام المخففة
وعزا الحقوقي ذاته الأسباب الرئيسة في الأحكام المخففة إلى إثبات أركان جريمة الاغتصاب، المتمثلة في الفعل المادي المتمثل في المواقعة غير الشرعية وانعدام الرضا، إضافة إلى القصد الجرمي، لتساعد مظاهر الفساد في طمس الحقيقة، فتضيع الحقيقة ويضيع حق الضحية المغتصبة".
واستطرد الخضري "من خلال متابعتنا للأحكام الصادرة في جرائم اغتصاب الأطفال (البيدوفيليا) يبدو أن هناك تبايناً واضحاً بين المحاكم المغربية، فهناك محاكم معروفة بأحكامها المشددة في مثل هذه الجرائم، خلافاً لمحاكم أخرى تبدو أحكامها أخف".
وذهب المتحدث إلى أن "القضاء المغربي مطالب بتوحيد توجهه إزاء معالجة جرائم الاغتصاب في حق الأطفال، وأن يتحلى بكثير من الشجاعة في مواجهة المجرمين المتورطين باغتصاب الأطفال، لأن الظاهرة تفاقمت في المجتمع المغربي بشكل لافت، بسبب ضعف جدوى الردع القانوني لهذا النوع من الجرائم".