Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كوريا الجنوبية ومكتب زيلينسكي آخر ضحايا التجسس الأميركي

حلفاء واشنطن ينتظرون تقييم الأضرار بعد "اختراق البنتاغون"

كشفت الوثائق المسربة عن تجسس واشنطن على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب) 

ملخص

بينما تواصل السلطات الأميركية التحقيق في هوية مسرب وثائق "#البنتاغون"، تتركز الأنظار على تداعيات تجسس الولايات المتحدة على دول حليفة عدة، منها #أوكرانيا التي أربك التسريب خططها العسكرية.

بينما تواصل السلطات الأميركية التحقيق في هوية مسرب وثائق "البنتاغون"، تتركز الأنظار على تداعيات تجسس الولايات المتحدة على دول حليفة عدة، منها أوكرانيا التي أربك التسريب خططها العسكرية وكوريا الجنوبية، حيث تواجه الحكومة لوماً من المعارضة على الاختراق الأميركي لأجهزة الدفاع والأمن القومي.

التجسس على كوريا الجنوبية

شهدت العلاقة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية تحدياً صعباً بعد اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية، إذ كغيرها من البلدان الحليفة لواشنطن، حاولت كوريا الجنوبية تجنب الانخراط في صراع المحاور، من خلال الامتناع عن بيع الأسلحة للولايات المتحدة، حتى لا تؤول إلى أيدي الجنود الأوكرانيين.

واصطدمت الرغبة الأميركية في ضم سيول إلى المعسكر الداعم لأوكرانيا بسياسة البلاد المتمثلة في عدم تقديم المساعدات العسكرية إلى الدول التي تخوض حرباً نشطة، ويبدو أن واشنطن لم تكتفِ بالدبلوماسية لتحريك المياه الراكدة وتغيير موقف البلد الآسيوي، بل نشطت استخباراتياً لمعرفة توجهات دوائر القرار في سيول، إذ كشفت إحدى وثائق "البنتاغون" عن تنصت الاستخبارات الأميركية على محادثة بين اثنين من كبار مسؤولي الأمن القومي في كوريا الجنوبية، كانا يناقشان مخاوف مجلس الأمن القومي في البلد الآسيوي من بيع الأسلحة للولايات المتحدة.

وكشفت الوثيقة التحدي الذي واجهته كوريا الجنوبية بعدما وضعتها الحرب الأوكرانية بين مطرقة الضغط الأميركي لمساعدة أوكرانيا بالسلاح، وبين سندان سياستها الرسمية المتمثلة في عدم تقديم أسلحة فتاكة إلى دول في حالة حرب. ولذلك، اقترح أحد مسؤولي البلاد بحسب الوثيقة طريقة للالتفاف على تلك السياسة من دون تغييرها وذلك من خلال بيع السلاح إلى بولندا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكرت الوثائق المسربة بأن سيول خشيت أن يتصل الرئيس الأميركي جو بايدن بنظيره الكوري للضغط المباشر عليه في شأن صفقات السلاح، إذ قال يي مون هوي وزير الخارجية الذي استقال الشهر الماضي إن كوريا الجنوبية لم تكن مستعدة لإجراء مكالمة بين زعيمي الدولتين قبل أن تتبنى موقفاً واضحاً بشأن هذه القضية، لافتاً بحسب الوثائق إلى أن سيول لا يمكنها انتهاك سياستها المتعلقة بـ "المساعدات الفتاكة". كما أشارت الوثائق إلى إفادة السيد يي بأن سكرتيرة الرئيس للدفاع الوطني، أم كي هون، وعدت باتخاذ "موقف نهائي" بحلول الثاني من مارس (آذار) الماضي.

بغضون ذلك، اقترح مستشار الأمن القومي كيم سونغ هان الذي استقال الشهر الماضي أيضاً "إمكانية" بيع 330 ألف طلقة من عيار 155 ملم من قذائف المدفعية إلى بولندا، في إجراء من شأنه عدم انتهاك سياسة الأسلحة، وفي الوقت نفسه تحقيق هدف الولايات المتحدة وهو "إيصال الذخيرة إلى أوكرانيا على وجه السرعة".

وأثار تسرب المعلومات الاستخباراتية التي كشفت عن تجسس واشنطن على أحد أهم حلفائها في آسيا جدلاً في سيول، إذ أكد مسؤول حكومي كبير في كوريا الجنوبية بأن بلاده تنوي إثارة القضية مع واشنطن. وعندما سئل عما إذا كانت كوريا الجنوبية تخطط لتقديم احتجاج أو مطالبة واشنطن بتفسير، قال إن الحكومة ستدرس سوابق من الماضي وحالات مماثلة تتعلق بدول أخرى.

وعقد عدد من المشرعين الممثلين للمعارضة في كوريا الجنوبية مؤتمراً صحافياً الاثنين الماضي نددوا فيه بالتجسس الأميركي وقالوا إن ما كشف عنه في الوثائق قد يكون "مجرد غيض من فيض"، مطالبين واشنطن "ببدء تحقيق والتأكد من عدم تكرار مثل هذه الأعمال مرة أخرى". وقال المشرعون في بيان "هذا انتهاك واضح لسيادتنا من قبل الولايات المتحدة وخرق أمني واسع النطاق لكوريا الجنوبية".

من جانبه، دافع مكتب الرئيس يون سوك يول عن نفسه أمس الثلاثاء، قائلاً إنه يتمتع "بأمن صارم" وأن اتهامات التنصت على المكالمات الهاتفية "أكاذيب لا معنى لها". كما أكد بيان صادر عن الرئاسة الكورية الجنوبية أن وزير الدفاع الأميركي ونظيره الكوري الجنوبي قدّرا خلال اتصال هاتفي الثلاثاء أن "عدداً كبيراً من الوثائق المعنية قد تم تزويرها".

وفي سياق متصل، قال يانغ أوك، خبير الأسلحة في معهد آسان للدراسات السياسية في سيول إن كوريا الجنوبية أرادت أن تتعاون مع الولايات المتحدة من دون أن تتصادم مع روسيا، إلا أن الوثائق المسربة وضعت البلاد في موقف أكثر صعوبة، مشيراً إلى أنه "من المعقول الاشتباه في تجسس الولايات المتحدة على كبار مسؤولي الدفاع والأمن في سيول، لكن ذلك خبر سيئ لعامة الناس قبيل انعقاد القمة الأميركية - الكورية الجنوبية، إذ سيستنكر الناس: إننا حلفاء منذ سبعة عقود، وما زلت تتجسس علينا؟".

التجسس على زيلينسكي

وفيما تستمر تداعيات تسريب الوثائق السرية تلقي بظلالها على علاقات واشنطن مع حلفائها، كشف مصدر أميركي لموقع "سي أن أن" أن نائبة وزير الخارجية الأميركي ويندي شيرمان أوكلت لها قيادة "الاستجابة الدبلوماسية". وأكد نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتيل بأن مسؤولي الحكومة "يتواصلون مع الحلفاء والشركاء على مستوى عال في شأن المسألة، لطمأنتهم بالتزامنا بحماية المعلومات الاستخباراتية وإخلاصنا في تأمين شراكاتنا"، إلا أنه لم يوضح هوية الدول التي جرى التواصل معها.

وتعد أوكرانيا واحدة من أبرز الدول المتضررة مما وصف بأنه "أكبر اختراق أمني" في الولايات المتحدة منذ ما لا يقل عن عقد، إذ كشفت الوثائق عن أن واشنطن تجسست على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي قال مصدر مقرب منه إن ذلك لم يكن مفاجئاً، على رغم شعور المسؤولين الأوكرانيين بـ "الإحباط".

ويعكس التجسس الأميركي بحسب مراقبين عدم الثقة بين واشنطن وكييف، وسط الحرب مع روسيا التي لا تريد الولايات المتحدة أن تكون طرفاً مباشراً فيها، خوفاً من اندلاع مواجهة نووية بين قوتين عظميين.

وأشار تقرير للاستخبارات الأميركية إلى أن زيلينسكي اقترح في أواخر فبراير (شباط) الماضي ضرب مواقع عسكرية روسية في روستوف أوبلاست باستخدام طائرات من دون طيار، عوضاً عن الأسلحة بعيدة المدى التي لا تملكها أوكرانيا. وحصلت واشنطن على هذه المعلومات بحسب التسريبات من خلال "استخبارات الإشارات"، وهي عملية جمع المعلومات عن طريق اعتراض الإشارات والأنظمة الإلكترونية المستخدمة من قبل أهداف أجنبية، مثل أنظمة الاتصالات والرادارات وأنظمة الأسلحة".

وذكرت التسريبات بأن لدى الولايات المتّحدة شكوكاً جدّية في مدى قدرة أوكرانيا على تحقيق مكاسب إذا ما شنّت هجوماً مضادّاً على القوات الروسية وما إذا كانت كييف قادرة على التصدّي للضربات الروسية. وأشارت وثيقة مصنّفة "سرية للغاية" إلى أن الدفاعات الروسية الحصينة وأوجه القصور التي يعاني منها الأوكرانيون على صعيد التدريبات وإمدادات الذخيرة قد تضعف التقدّم وتفاقم الخسائر البشرية خلال الهجوم".

وفصّلت وثيقة ممهورة بعبارة "سرّي" الواقع المتردّي للدفاعات الجوية الأوكرانية التي تؤدّي دوراً أساسياً في حماية البلاد من الضربات الروسية ومنع قوات موسكو من السيطرة على الأجواء.

وفي سياق متصل، أفادت صحف أميركية بأن وثيقة مسربة أخرى أشارت إلى أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمر بإنتاج 40 ألف صاروخ بهدف شحنها إلى روسيا، وأعطى توجيهاته للمسؤولين بإبقاء الأمر طيّ الكتمان "لتجنّب أي مشكلات مع الغرب""، وهو ما نفته واشنطن. وقال مسؤول رفيع في الإدارة الأميركية "لا مؤشرات لدينا تدل على أنّ خطة كهذه قيد التنفيذ"، مشدداً على أنّ "مصر شريك وثيق ونحن منخرطون بانتظام مع قيادتها في مجموعة من القضايا الإقليمية والعالمية".

من جانبه، يصر ميخايلو بودولاك، مستشار رئيس مكتب الرئيس الأوكراني على أن الوثائق المنشورة غير صحيحة، وليست لها علاقة بخطط أوكرانيا الحقيقية، مشيراً إلى أنها "تستند إلى كمية كبيرة من المعلومات المزيفة" التي تنشرها روسيا. لكن تصريح المستشار الأوكراني يتعارض مع الموقف الأميركي الذي أكد صحة الوثائق، وإن جرى تزييف بعضها. كما إنه يتنافى مع تصريحات مصدر آخر مقرب من زيلينسكي أكد لـ "سي أن أن" أن التسريب دفع أوكرانيا إلى تغيير خططها العسكرية.

تحالف العيون الخمس

وفيما يحاول المسؤولون الأميركيون تقييم الأضرار وطمأنة الحلفاء، أكد مسؤولون في دول تحالف "العيون الخمس''، بأنهم لم يتلقوا بعد إحاطة أميركية حول الجهود المبذولة لمعرفة هوية المسرب. وعلى رغم أن حلفاء واشنطن يدركون بأن مجتمع الاستخبارات الأميركية يجمع معلومات عنهم، إلا أن دبلوماسيين من دول التحالف المكون من أستراليا وكندا ونيوزيلندا وبريطانيا قالوا لشبكة "سي أن أن" إن "رؤية تلك المعلومات مكشوفة علناً محبط وضار بسمعة الولايات المتحدة".

وقال مسؤول من أحد بلدان التحالف الاستخباراتي إنهم يتوقعون أن تشارك الولايات المتحدة إحاطتها حول التسريب في الأيام المقبلة، وأكد أنهم لن ينتظروا التقييم الأميركي وأن العمل جار في التحالف على إجراء تقييمه الخاص، لافتاً إلى أنه تجري "دراسة الوثائق لمعرفة ما إذا كان أي من المعلومات الاستخبارية جاء من التحالف".

وأعرب مسؤول آخر من أحد دول تحالف "العيون الخمس" عن قلقه بشأن المعلومات المسربة عن حرب أوكرانيا التي تعوق البلاد في ساحة المعركة، ولفت إلى خطورة تسرب تقرير أميركي شكك بقدرات الجيش الأوكراني وتوقع أن تتجه المعركة مع روسيا للسيطرة على منطقة دونباس إلى طريق مسدود خلال عام 2023، مشيراً إلى أنه وإن كان من الصعب تحقيق مكاسب أوكرانية، إلا أنه من غير المفيد خروج التقييم الأميركي للعلن.

المزيد من تقارير