كشفت الرئاسة الجزائرية هوية الشخصيات الست التي ستقود الحوار الوطني الشامل، وعلى رأسها، كريم يونس رئيس البرلمان السابق، كمنسق لهذا الحوار. وضمت القائمة متخصصين اثنين في القانون الدستوري، وخبيراً اقتصادياً وناشطين آخرين أحدهما يمثل الجنوب الجزائري. وتفاوضت اللجنة أولاً على إجراءات "تهدئة" تشمل الإفراج عن معتقلي الحراك ورفع الإجراءات الأمنية حول المسيرات.
واستقبل الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح، وفداً من ست شخصيات عُرّف عنها على أنها "لجنة الحوار الوطني"، بينما جرى تقديم رئيس البرلمان السابق كريم يونس، كمنسق على رأسها. وضمت القائمة كلاً من يونس، وهو شخصية سياسية اعتزلت المشهد السياسي منذ عام 2004 حينما دُفع للاستقالة من منصبه من قبل "الحركة التصحيحية"، التي كانت تدعم عبد العزيز بوتفليقة ضد المحسوبين على علي بن فليس.
وضمت القائمة فتيحة بن عبو وهي متخصصة في القانون الدستوري، كان اسمها قد ورد في قائمة "منتدى التغيير المدني"، كما شاركت أيضاً في جلسة الحوار الوطني التي عقدت بعين البنيان في السادس من يوليو (تموز) 2019. وفي القائمة أيضاً إسماعيل لالماس وهو دكتور في الاقتصاد، إضافة إلى بوزيد لزهاري وهو قانوني. كما شملت عبد الوهاب بن جلول الناشط النقابي والمدرس في قطاع التربية من بلدة تقرت في محافظة ورقلة في الجنوب. وفي القائمة عزالدين بن عيسى وهو أستاذ لغة فرنسية في محافظة تلمسان وناشط في الحراك.
خصم لبوتفليقة ونقابي "مفلس" وخبراء دستور
كان واضحاً أن أربعة معايير أساسية قد اعتُمدت في قائمة الستة، الأول ينطبق على كريم يونس الذي يحظى بـ "شرعية خصومة بوتفليقة" إضافة إلى "لسانه الأمازيغي"، وبذلك يجمع صفات عدة تستهدف إحداها تياراً ما زال يصر على البقاء في الحراك الشعبي. أما الثاني فهو المعيار الجهوي، إذ راعت تشكيلة الستة مناطق الشرق والغرب والوسط والجنوب الجزائري، بينما الثالث هو "علاقة البعض بالحراك الشعبي" وهي "شرعية جديدة"، في حين أن الرابع هو "التكوين القانوني والدستوري".
ويروي عبد الوهاب بن جلول قصة لحاقه باللجنة فيقول "الثلثاء الماضي كنت في خصومة مع زوجتي وقررت نقلها إلى منزل ذويها نظراً لإفلاسي، فتلقيت اتصالاً هاتفياً من صديق يأخذ رأيي إن كنت أريد اللحاق بلجنة الحوار"، وتابع "تنقلت ليلاً عبر الحافلة ثم استقللت سيارة أجرة باتجاه الرئاسة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تشديد على موعد الرئاسيات
ودام لقاء الوفد ببن صالح نحو 45 دقيقة، جرى خلاله تكليفهم رسمياً مع منحهم الصلاحيات كافة، وفقاً لبيان. وورد في الرسالة الموقعة باسم رئيس الدولة أن "هذه الأسماء تعمل على مقاربة سياسية شاملة، والتزم رئيس الدولة من خلالها بإتمام العملية المؤدية إلى الانتخابات الرئاسية التي تعد أولوية".
وقال "أعتمد في تشكيل مجموعة الشخصيات التمثيلية والتوافقية، وهي العملية التي أخذت متسعاً من الوقت، على مقترحات وتوصيات فعاليات المجتمع المدني وممثلي المنظمات الجمعوية، وكذلك على المعايير التي وُضعت لاختيار الشخصيات".
تعهدات الرئيس
وأعلن عبد القادر بن صالح بالمناسبة "واستجابةً لطلب من أعضاء فريق الشخصيات في ما يخص إجراءات المرافقة والتهدئة"، عن استعداده للعمل على تحقق ثلاثة تعهدات، الأول "دعوة العدالة إلى دراسة إمكان إخلاء سبيل الأشخاص الذين اعتُقلوا لأسباب لها علاقة بالمسيرات الشعبية".
أما الثاني "فالنظر في إمكان تخفيف النظام الذي وضعته الأجهزة الأمنية لضمان حرية التنقل، طالما لا يؤثر ذلك في مستلزمات الحفاظ على النظام العام وحماية الأشخاص والممتلكات أثناء المسيرات الشعبية". والثالث "الحث على العمل لاتخاذ التدابير اللازمة لتسهيل وصول جميع الآراء إلى وسائل الإعلام العمومية من خلال تنظيم مناقشات يحصل فيها تبادل الحجج وتكون مفتوحة لجميع أشكال التعبير السياسي من دون إقصاء".
في المقابل تمنى الرئيس المؤقت "أن يكون الحوار شاملاً وجامعاً لكل الطبقة السياسية وللفعاليات الأكثر تمثيلاً للمجتمع المدني والشخصيات الوطنية، وكذلك ممثلي الحركة الشعبية"، وأنه "سيكون للفريق كامل الحرية في تحديد آليات الحوار وطبيعة سيره وجدول أعماله وفترة امتداده".
بن يونس يزكي بن صالح والحراك معاً
أمام بهو قصر الرئاسة، وقف الوفد المكون من ست شخصيات للإدلاء بتصريح مكتوب قرأه كريم يونس، بصفته منسق لجنة الحوار. وكان لافتاً أن البيان وقف على مسافة واحدة بين الحراك الشعبي ورئيس الدولة عبد القادر بن صالح، الذي شكل رحيله أحد مطالب المتظاهرين لأسابيع، قبل أن يتقلص المطلب على حساب الوزير الأول نور الدين بدوي.
وقال يونس "إننا كلجنة نلح على أن الحوار الذي دعا إليه السيد رئيس الدولة لا يمكن وضعه إلا في خانة الاستجابة للمطالب الشرعية للشعب الذي خرج في تظاهرات للمطالبة بجزائر ديمقراطية"، وأضاف "إن مشاركتنا في الجهد الجماعي المبذول بهدف الخروج من الأزمة، لا يمليه علينا إلا الالتزام أمام الوطن والشعب، ونحن واعون على المأزق السياسي الذي نعيش فيه حالياً، فذلك يحمل مخاطر عدة، ويبقى الحوار الوطني هو السبيل الوحيد الذي يمكنُه أن يضمن مخرجاً سلمياً، يتماشى مع ما ينتظره الجزائريون والجزائريات".
وأضاف رئيس البرلمان السابق "وإذ نُثمن كل مبادرات الحوار السابقة، نؤكد أننا لسنا ممثلين عن الحراك الشعبي ولا ناطقين رسميين باسمه، في حين أننا نقوم بمهمة اخترناها بكل سيادة وحرية، خدمة لوطننا الغالي الجزائر، لا ننتظر أي مقابل، سوى أن نرى وطننا يسترجع المسار الطبيعي باطمئنان".