ملخص
أنصار #النظام_ السابق لعبوا دوراً كبيراً ضد العملية السياسية #السودانية التي كانت على وشك اكتمالها بتوقيع #الاتفاق النهائي
في ظل المعاناة التي يواجهها سكان العاصمة الخرطوم من صعوبة توفير حاجاتهم المعيشية اليومية وما صاحبها من انقطاع للكهرباء والمياه لأيام عدة، إضافة إلى تدهور الخدمات الصحية وفضلاً عن الضعوط النفسية بسبب الاشتباكات الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ السبت الـ 15 من أبريل (نيسان) الجاري، يترقب المواطنون بصيص أمل بهدوء الأحوال بعد موافقة طرفي النزاع على الهدنة الموقتة على رغم عدم الالتزام، باعتبار أنها قد تؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار خصوصاً وأن الآلية الثلاثية التي تضم "الاتحاد الأفريقي" و"إيغاد" والأمم المتحدة أكدت في بيان أمس أنها ستواصل العمل من أجل إنهاء هذا القتال بالتنسيق مع أصحاب المصلحة السودانيين والآلية الرباعية، أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي.
لكن ما هو الوضع على أرض الواقع بعد دخول الحرب يومها السادس، وما التوقعات بعد انتهاء هدنة الـ 24 ساعة؟
المرحلة الثالثة
يقول الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية اللواء السابق أمين إسماعيل مجذوب إنه "من الواضح أن الجيش السوداني بدأ المرحلة الثالثة التي تتمثل في مطاردة قوات الدعم السريع في المناطق التي دارت فيها المعارك بين الطرفين ومنها مطارا مروي والخرطوم والقيادة العامة للقوات المسلحة والقصر الرئاسي، إذ توزعت قوات الدعم السريع في الأحياء السكنية القريبة من تلك المناطق ولجأت لممارسة أعمال السلب والنهب فضلاً عن حرق الأسواق والمباني، مما يدل على فقدانها القيادة والسيطرة وتأكيد أنها في طريقها نحو الخروج من العاصمة، بيد أن الجيش يحاول ألا ينجر إلى عمليات المطاردة وتتبع تلك القوات بعد هزيمتها واستخدام القوة الكاملة لدحرها مراعاة للمدنيين والبنيات التحتية، وهي مسؤولية تاريخية ولذلك يتحرك بذكاء وتخطيط مدروس في التعامل مع قوات الدعم السريع".
وأضاف، "الهدنة الأولى والثانية تم خرقهما للأسف من دون معرفة من المسؤول عن هذا الخرق غير المبرر من الطرفين، لكن من الواضح أنها تصرفات فردية وليست صادرة عن القيادتين لأنهما أعلنتا موافقتهما عليهما، لكن الشيء الايجابي أن هذه الهدنة يمكن أن تتطور لعدد من الفترات التي تم الاتفاق عليها حتى الوصول إلى مرحلة جلوس الجانبين بعضهما بعضاً لإجراء حوار حول المشكلات التي تسببت في هذا الصراع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تدخل وسطاء
وتابع مجذوب، "يقود الهدنة كل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وبالتالي فإن الدول الإقليمية التي ترتبط مع السودان بعلاقات ودية يمكنها من خلال الآلية الرباعية التي تضم أميركا وبريطانيا والسعودية والإمارات أن تستفيد من هذه الهدنة وتطورها إلى جلسات للتفاوض بين الجانبين المتحاربين ومن ثم العودة لمناقشة أسباب الصراع".
ومضى قائلاً، "في تقديري أن قوات الدعم السريع خسرت كثيراً، فالقوات المسلحة ترى أنها تمردت عليها وخرجت عن القانون ولذلك يجب معاملتها على هذا الأساس من خلال وسائل المحاسبة المعروفة في القوانين العسكرية، فهذه القوات إذا كان خلافها يتصل بمسألة الدمج في الجيش فهذا موضوع سهل التوصل إلى اتفاق حوله خلال ساعات لأنه مرتبط فقط بالجداول الزمنية الخاصة بالدمج ويمكن حسمها، لكن إذا كان الموضوع أكبر من ذلك فهذا يحتاج إلى تدخل وسطاء كطرف ثالث يكون لديه القدرة والأدوات على التأثير في أسباب المشكلة، وبالتالي الوصول إلى حل لها وتوقيع اتفاق يتم بموجبه معالجة هذا الخلاف، ويمكن أن تكون هناك صفقة تتضمن خروج الجميع من المشهد السياسي في البلاد".
حرب عبثية
وفي السياق أشار رئيس المكتب التنفيذي لحزب التحالف السوداني اللواء السابق كمال إسماعيل أحمد إلى أن "المعلومات المتداولة عن الوضع العسكري في ظل هذه المعارك الطاحنة بين الجيش والدعم السريع فيها كثير من عدم الصدقية والشكوك، لكن بشكل عام هي حرب عبثية لا يوجد فيها منتصر، كما أن لها تداعياتها في المستقبل القريب والبعيد، وبالتالي لا بد من أن يجنح الطرفان نحو الحوار، فتكوين جيش واحد ليس كفاية لأن فترة الـ 30 عاماً التي حكمها البشير أثرت سلباً في الجيش كما بقية مؤسسات وقطاعات الدولة، فالأمر يتطلب إصلاحاً عسكرياً وأمنياً شاملاً سواء في القوات المسلحة أو الشرطة أو الأجهزة الأمنية وغيرها، وذلك على أسس وطنية تمكن من بناء دولة مؤسسات ينتمي إليها الجميع".
وأوضح أحمد، "الآن ومنذ اليوم الخامس للمعارك نشهد هدوءاً نسبياً بخاصة من جانب الطيران الحربي، ولكي يكون هناك التزام تام بهدنة إيقاف إطلاق النار من الجانبين فلا بد من أن تكون هناك لجنة لمراقبة عملية الهدنة حتى لا يسقط مزيد من الضحايا المدنيين الذين تعرضوا لقصف بشتى أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة ودفعوا ثمن هذه الحرب المؤسفة".
وزاد، "نلاحظ أن خطين يشكلان ضغطاً على القوتين، أولهما عدم رضا الشعب السوداني بكامله عن اندلاع هذه الحرب مما يمثل عامل ضغط مهماً، وثانيهما تنامي الضغط الخارجي من قبل واشنطن والاتحاد الأفريقي و"منظمة إيغاد"، وهذان العاملان من الممكن أن يثمرا اتفاقاً يوقف هذه الحرب إذا تحلى الجانبان بالروح الوطنية استجابة للظروف الإنسانية في ظل خروج حوالى 40 مشفى من الخدمة".
وأردف رئيس المكتب التنفيذي لحزب التحالف السوداني "أجد نفسي متفائلاً بأن يلجأ الطرفان إلى الحوار لحل مشكلاتهما، خصوصا أن المشكلة في الأساس سياسية وبالتالي لا تحل بالبندقية لأنها تؤدي إلى الدمار، فالحل يجب أن يكون سياسياً يفرض على الجميع، وهو ما كان مقرراً له قبل إعلان الحرب، لكن أنصار النظام السابق لعبوا دوراً كبيراً ضد العملية السياسية التي كانت على وشك اكتمالها بتوقيع الاتفاق السياسي النهائي".