ملخص
استمرار تشديد السياسة النقدية ورفع الفائدة يهددان النظام المالي العالمي
في الوقت الذي تتصاعد فيه حدة المخاوف من الدخول في موجة من الركود العنيف، كشف صندوق النقد الدولي، أن رفع أسعار الفائدة بوتيرة سريعة، فضح نقاط الضعف في القطاع المالي، مشيراً إلى ضرورة الحذر في القطاع المصرفي قبل الدخول في أزمات جديدة ومخاطر صعبة.
وقالت مديرة صندوق النقد الدولي، كريستالينا غورغييفا "على قادة الصناعة توقع صدمات والاستعداد للتصرف عند وقوعها، لأنها قادمة... عشنا في السنوات الماضية سلسلة من الأحداث التي يصعب تصورها... تمثل ذلك في جائحة كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا والقفزة السريعة في أسعار الفائدة بعد سنوات عديدة من استمرارها منخفضة".
جاءت تصريحات مديرة صندوق النقد الدولي، في الوقت الذي تواصل فيه الجهات التنظيمية الأميركية جهودها لدعم القطاع المصرفي، الذي أصابه الاضطراب نتيجة الزيادات العنيفة لأسعار الفائدة من جانب مجلس الاحتياطي الفيدرالي وعمليات السحب المتسارعة للأموال من قبل المودعين.
وأصبح مصرف "فيرست ريبابليك بنك" رابع بنك إقليمي ينهار منذ اندلاع الاضطرابات في مارس (آذار) الماضي، إذ باشرت المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع خلال عطلة نهاية الأسبوع صفقة بيع المصرف إلى بنك "جيه بي مورغان تشيس".
تحذيرات من هشاشة القطاع المصرفي
كان صندوق النقد الدولي قد حذّر، من أن اضطرابات النظام المصرفي من المرجح أن تشكل عبئاً على النمو الاقتصادي، وأن الأسواق المالية لا تزال هشة ومضغوطة. وخفض الصندوق توقعاته للنمو إلى 2.8 في المئة لهذا العام، محذراً من مزيد من أخطار التراجع، إذ إن الضغوط في القطاع المالي تضيف إلى الضغوط الناجمة عن كل من تشديد السياسة النقدية وهجوم روسيا على أوكرانيا. كما حذر الصندوق من أن التشرذم الاقتصادي والتوترات الجيوسياسية ستؤثر في الناتج المحلي الإجمالي العالمي على مدى السنوات الخمس المقبلة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتوقع الصندوق، أن الإقراض المصرفي الخفيف الناجم عن الفشل الأخير لبنكين أميركيين متوسطي الحجم سيبطئ النمو الاقتصادي الأميركي هذا العام، محذراً من أن ارتفاع أسعار الفائدة قد يشكل تهديداً للنظام المالي العالمي، وذكر، أن قدرة الإقراض للبنوك الأميركية ستنخفض بنسبة واحد في المئة هذا العام، مرجعاً ذلك إلى انخفاض قيمة عديد من أسهم البنوك، إذ يعيد المستثمرون تقييم صحة البنوك متوسطة الحجم.
ورجح، أن "يؤدي هذا الخفض في الإقراض إلى خفض بنحو 0.44 نقطة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في عام 2023"، مؤكداً أن "البنوك الإقليمية والصغيرة في الولايات المتحدة تمثل أكثر من ثلث إجمالي الإقراض المصرفي"، مشيراً إلى أن تقليص مخصصات الائتمان يمكن أن يكون له تأثير مادي في النمو الاقتصادي والاستقرار المالي.
وتوقع، أن يتوسع الاقتصاد الأميركي الأكبر في العالم بنسبة 1.6 في المئة هذا العام، منخفضاً من من 2.1 في المئة في العام الماضي. وحول الاقتصاد العالمي قدر الصندوق أن ينمو بنسبة 2.8 في المئة هذا العام، وهو ما يمثل تباطؤاً من 3.4 في المئة خلال العام الماضي، إذ تواصل الدول التعافي من الركود الناجم عن الوباء والحرب في أوكرانيا.
وقال الصندوق الدولي إن "النمو العالمي مدعوماً من الصين التي أعادت فتح اقتصادها بعد عمليات إغلاق طويلة بسبب الجائحة"، مشيراً إلى أن التضخم في الصين تراجع للشهر الثاني على التوالي في مارس، مما يشير إلى قوة الانتعاش في البلاد. وأشار، إلى أن المخاطر التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي تشمل القطاع المصرفي المتقلب وارتفاع التضخم وارتفاع أسعار الفائدة.
توقعات بزيادة جديدة في أسعار الفائدة
وعلى رغم المخاطر التي ساقها صندوق النقد بسبب استمرار تشديد السياسة النقدية وأزمة المصارف، رجحت شركة "بلاك روك"، استمرار معدلات التضخم والفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة لفترة أطول من تقديرات السوق، مما يجعل الاستثمار في السندات الأقصر أجلاً أفضل من الأطول.
وأوضحت في مذكرة بحثية حديثة، أنه مع استمرار مؤشرات أسعار المستهلك أعلى من النطاقات المستهدفة بالنسبة إلى البنوك المركزية، يصبح توقع بدء خفض أسعار الفائدة خلال العام الحالي أمراً غير واقعي. وقال محللو الشركة "نحن نفضل السندات لتحقيق أرباح حتى إذا لم نكن نتوقع أن تعوض التراجع في قيمة الأصول ذات المخاطر كما فعلت في الماضي، أو الارتفاع في أسعارها نتيجة تراجع العائد عليها". ويتوقع المحللون أن يرفع كل من مجلس الاحتياط الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مع نهاية الأسبوع الحالي.
جاء ذلك بعدما أظهرت بيانات اقتصادية حديثة، استمرار الضغوط التضخمية القوية في الولايات المتحدة خلال الأشهر الأخيرة مما يعزز توقعات زيادة أسعار الفائدة الأميركية مجدداً خلال اجتماع لجنة السوق المفتوحة في مجلس الاحتياط الفيدرالي الذي ينتهي مساء الأربعاء.
وووفق بيان حديث، أشارت وزارة التجارة الأميركية، إلى ارتفاع مؤشر الإنفاق الاستهلاكي الخاص مع استبعاد الطاقة والغذاء بنسبة 0.3 في المئة شهرياً و64.6 في المئة سنوياً خلال الشهر الماضي، ويستهدف مجلس الاحتياط الفيدرالي انخفاض معدل التضخم إلى اثنين في المئة سنوياً وفقاً لمؤشر التضخم الأوسع نطاقاً الذي تصدره وزارة العمل الأميركية شهرياً.
وفي الوقت نفسه، أظهر مؤشر تكلفة العمالة الذي تصدره وزارة العمل الأميركية ويراقبه مجلس الاحتياط الفيدرالي ارتفاع التكلفة بنسبة 1.2 في المئة خلال الربع الأول من العام الحالي مقارنةً بالربع الأخير من العام، ومتجاوزة لتوقعات المحللين.
وقالت وكالة "بلومبيرغ"، إن بيانات أسعار المستهلك مع بيانات تكلفة العمالة تعزز توقعات زيادة أسعار الفائدة الرئيسة الأميركية بمقدار ربع نقطة مئوية أخرى، وفي آخر اجتماع له في مارس الماضي قرر مجلس الاحتياط الفيدرالي زيادة أسعار الفائدة الرئيسة بمقدار 25 نقطة أساس لتتراوح بين 4.74 في المئة وخمسة في المئة بعد زيادة بالنسبة نفسها خلال الشهر السابق.
وكان البنك المركزي الأميركي، قد رفع أسعار الفائدة مرات عدة بمقدار 75 نقطة أساس في كل مرة قبل أن يخفف وتيرة الزيادة إلى 50 نقطة أساس في أواخر العام الماضي، ثم إلى 25 نقطة أساس مرتين في الشهرين الماضيين.