بالتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أقامت الجامعة العربية مؤتمرها الإقليمي العربي الثالث، تحت عنوان "أثر الاحتلال والنزاعات المسلحة على حقوق الإنسان لا سيما حقوق النساء والأطفال".
وناقش المؤتمر أثر النزاعات المسلحة على الفئات الهشَّة والمهمشة، خصوصاً النساء والأطفال واللاجئين والشيوخ، كما تطرَّق إلى ما يحدث في المنطقة من آثار كارثية على هذه الفئات من حالة إفقار ومجاعة وحالة إنسانية بائسة ووضع صحي متردٍ، وجاءت القضية الفلسطينية وما يصحبها من معاناة الفلسطينيين، إضافة إلى جرائم الحوثيين في اليمن الأبرز ضمن الملفات التي نوقشت. فهل نجحت الجامعة العربية في دق ناقوس الخطر، وحث المجتمع الدولي على الالتفات إلى هذه المعاناة وتلك الجرائم؟
في البداية قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن "التحديات والأوضاع التي تمر بها المنطقة العربية الآن لا بد أن تنعكس على خطاب حقوق الإنسان بالمنطقة العربية، وأن تُسهم في إعادة ترتيب أولوياته وتوجيه اهتماماته الأساسية".
وشدد أبو الغيط، خلال كلمته التي ألقتها نيابة عنه السفيرة هيفاء أبو غزالة الأمين العام المساعد للجامعة العربية للشؤون الاجتماعية، على "أهمية الاجتماع في ظل الظروف التي تمر به منطقتنا، وتُمثل تحدياً هائلاً أمام حقوق الإنسان".
3 ملايين طفل سوري خارج التعليم
وحول أكثر الفئات تعرضاً لانتهاك حقوقها الإنسانيّة أشار الأمين العام إلى أن "النصيب الأكبر من الانتهاكات يخصُّ المرأة والطفل، فجماعات الإجرام والضلال تبيع النساء في سوق النخاسة، وتعرضت طائفة كاملة (الإزيدية) لما يُشبه الإبادة الجماعية".
وتابع أبو الغيط، "الأطفال يُشردون بين الملاجئ ومواطن النزوح، ويقضون أعمارهم تحت رحمة القصف الجوي والبراميل المتفجرة، من دون تعليم أو رعاية صحيَّة أو تغذية طبيعية، وهي أبسط حقوقهم"، موضحاً "يوجد ما يقرب من 3 ملايين طفل سوري خارج التعليم، ويعيش مليون منهم لاجئين في دول الجوار".
وخصّ الأمين العام الطفل الفلسطيني قائلاً "ما زال الضحيَّة الكبرى لجريمة الاحتلال، فنحو 20% من ضحايا وجرحى مسيرات العودة الباسلة من الأطفال، ويوجد من يريد أن يحرم نحو نصف مليون طفل فلسطيني لاجئين من حقهم في التعليم الذي توفّره لهم 700 مدرسة تابعة لـ(أونروا)، فيحاول النَيل من الوكالة الدولية التي تقوم بمهمة إنسانية نبيلة عبر التضييق عليها في التمويل، والافتئات على ولايتها القانونية المنشأة بموجب قرار دولي".
أين المنظمات الدولية؟
ومن المعاناة الفلسطينية إلى المأساة اليمنية، طالب وزير حقوق الإنسان اليمني محمد محسن عسكر، بضرورة "التعامل بجدية من قبل المنظمات الدولية مع ملفات حقوق الإنسان في اليمن، في مقدمتها تجنيد الأطفال وزراعة الألغام".
وقال عسكر، إن "الحوثيين استولوا على السلطة في اليمن بمساعدة إيران التي تستخدمهم لفرض نفوذها بالمنطقة"، مؤكداً أن "التفريط في أمن اليمن له عواقب وخيمة على الملاحة والاستقرار والأمن الدولي والإقليمي".
وأشار إلى أن "ميليشيات الحوثي ترفض أي حلول، وتنقض ما اُتفق عليه في السويد، لأنها لا تملك أي قرار لإيقاف الحرب وتحقيق السلام، فهي تعمل وفقاً لأجندة غير وطنيّة".
وضع كارثي
نبيل عبد الحفيظ ماجد وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية، قال في تصريحات خاصة لـ"اندبندنت عربية"، إن "المؤتمر يشكّل أهميّة ضمن اهتمامات الجامعة بالدول العربية التي قيد الاحتلال مثل دولة فلسطين، أو في إطار النزاعات المسلحة نحو اليمن وسوريا وليبيا"، مشيراً إلى أن "النزاعات أدت إلى ضعف الكيان العربي وإضعاف مقدراته ونهبها".
وعن الوضع الإنساني باليمن أوضح "منذ الانقلاب الذى قاده الحوثيون والوضع كارثي بسبب الحرب من أجل استعادة الدولة وفق القرار الأممي 2216، الذى يقر بضرورة استعادة الدولة باليمن واستعادة سلاحها، ومقراتها ومؤسساتها".
وتابع، "الآن، أكثر من 85% من السكان تحت خط الفقر، فضلاً عن انتشار الأمراض الوبائية التي نسيها العالم مثل الكوليرا والتيفود وحمى الضنك وغيرها من الأمراض التي تعصف باليمنيين، وتودي بأعداد كبيرة من المواطنين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
1.5 مليون لغم
وكشف ماجد عن كارثة إنسانيّة أخرى يعانيها اليمن قائلاً "إضافة إلى ما يقوم به الحوثيون من أعمال قتل وإصابات وتدمير المنازل واستهداف الأحياء السكنية وعمليات الاختطاف والسجون ومن يموتون تحت وطأة التعذيب وأحكام الإعدام التي يحكمون بها، تقوم الميليشيات بزرع الألغام، إذ يوجد أكثر من 1.5 مليون لغم، وهو ما يعني أننا أمام تدمير للمستقبل بشكل كبير جداً".
وحول مصير الأطفال في خضم ذلك الواقع أشار إلى أزمة "تجنيد الأطفال، التي وصلت إلى أكثر من 30 ألف طفل قامت الميليشيات بتجنيدهم، وتقيم المعسكرات الصيفية لنقل الأفكار السلالية والوهم السلالي لهذه الجماعة بعد أن غيَّرت المناهج الدراسية في تلك المناطق". مؤكداً أن "هذه المدارس تحتوى على أكثر من ربع مليون طفل وطفلة".
غسل أدمغة الأطفال
وأعرب وكيل وزارة حقوق الإنسان اليمنية عن أسفه من أن هناك "بعض الجهات الدولية تقوم بممارسات لا تخدم الجانب الإنساني والحقوقي، إذ توجد منظمات دولية تدعم المعسكرات الصيفية، التي تعمل على غسل أدمغة الأطفال".
وأضاف، "كما توقّع بعض المنظمات الدولية في إطار حماية اللاجئين اتفاقات مع هذه الميليشيات لإقامة المعسكرات، واتضح أنها تستقطب جزءاً من اللاجئين في الأعمال المسلحة، وتسمم أفكارهم".
تفعيل الولاية القضائية
أمَّا نائب رئيس المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان جابر الوشَّاح فقال "لا بد من تفعيل المساءلة القانونية الدولية"، مشيراً إلى أنّه "لو فعَّل المجتمع الدولي والمؤسسات والمحافل والقضاء الدولي المحاسبة ضد الجرائم والمجرمين الذين يرتكبونها ضد الفلسطينيين، لما تمادت قوات الاحتلال الإسرائيلي في مثل هذه الجرائم".
وطالب الوشَّاح جامعة الدول العربية والأعضاء لدى المحكمة الجنائية الدولية بتفعيل الولاية القضائية الدولية لوقف الانتهاكات الخطيرة، مختتماً "نأمل من الدول تضافر الجهود لمساندة الشعب الفلسطيني والسلطة التي تتعرض لهجمة إسرائيلية".