ملخص
توقعات بارتفاع كبير في كلفة خدمة الدين العام المصري إلى 36.24 مليار دولار
تتوقع الحكومة المصرية تسجيل الموازنة خلال العام الحالي أكبر عجز في خمس سنوات منذ العام المالي 2018/2019، وذلك مع تضرر المالية العامة جراء الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الحرب في أوكرانيا. ووفق بيانات حديثة وردت في موازنة العام المالي المقبل 2023/2024، فمن المرجح أن يتسع عجز الموازنة المصرية إلى ثمانية في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام المالي 2022/2023، مقارنة بنحو 6.1 في المئة خلال العام المالي السابق. وكانت الحكومة المصرية تستهدف في البداية عجزاً قدره 6.1 في المئة في موازنة هذا العام، وهو ما تم تعديله في مارس (آذار) الماضي إلى مستوى 6.8 في المئة.
يعود اتساع عجز الموازنة بشكل مباشر إلى ارتفاع كلفة الاقتراض وزيادة الإنفاق لمواجهة التضخم. أعلنت الحكومة زيادة أجور القطاع العام والمعاشات وبرامج الحماية الاجتماعية في محاولة لحماية الأسر الفقيرة من ارتفاع التضخم. وفي الوقت نفسه أدت أسعار الفائدة المرتفعة بشكل حاد إلى زيادة كبيرة في كلفة خدمة الدين العام. وفي مارس الماضي، وافق مجلس النواب المصري على قرض جديد بقيمة 165 مليار جنيه (5.339 مليار دولار) وذلك لتغطية الكلفة الإضافية.
لكن في الوقت نفسه من المرجح أن يتقلص عجز الموازنة خلال العام المقبل، حيث تستهدف وزارة المالية المصرية خفض عجز الموازنة إلى مستوى سبعة في المئة خلال العام المالي المقبل 2023/2024، ارتفاعاً من 6.4 في المئة كانت قد توقعتها في مارس الماضي، فيما تظل توقعات الموازنة الأولية من دون تغيير، حيث لا تزال الوزارة تتوقع فائضاً بنسبة 2.5 في المئة خلال العام المقبل، ارتفاعاً من 0.6 في المئة المتوقعة هذا العام.
ارتفاع مدفوعات الفائدة والدين
ورجحت البيانات أن نمو الإيرادات سيتجاوز معدل النمو في إجمالي الإنفاق خلال العام المالي المقبل، إذ توقعت الحكومة المصرية زيادة الإيرادات العامة بنسبة كبيرة، إذ تستهدف تحقيق إيرادات بقيمة 2.14 تريليون جنيه (69.255 مليار دولار) للعام المالي المقبل، بزيادة تبلغ نسبتها 41 في المئة على العام الحالي. وسيكون هذا مدفوعاً بزيادة الإيرادات الضريبية بنسبة 31 في المئة على أساس سنوي، والتي من المتوقع أن تسجل 1.53 تريليون جنيه (49.514 مليار دولار)، لتستحوذ على نحو 71.5 في المئة من إجمالي الإيرادات العامة التي تتوقعها الحكومة المصرية خلال العام المالي 2023/2024.
في المقابل، رجحت وزارة المالية زيادة الإنفاق العام بنسبة 34 في المئة، إذ سيشهد الإنفاق العام للعام المالي المقبل زيادة ليصل إلى 2.99 تريليون جنيه (96.763 مليار دولار)، لكن مدفوعات الفائدة هي بند الإنفاق الفردي الأكبر، إذ تتوقع الوزارة إنفاق نحو 1.12 تريليون جنيه (36.245 مليار دولار) على خدمة الدين في العام المقبل، بزيادة تبلغ نسبتها 45 في المئة على أساس سنوي. ويمثل هذا البند نحو 37 في المئة من إجمالي الإنفاق الحكومي خلال العام.
كما سيشهد العام المالي المقبل زيادة الإنفاق على الأجور والرواتب بنسبة 15 في المئة، كما ترتفع كلفة مشتريات السلع الأساسية بنسبة 11 في المئة، ومن المتوقع زيادة حزمة الدعم الاجتماعي بنسبة 25 في المئة، كما سيرتفع الإنفاق على الاستثمارات العامة بنسبة 56 في المئة.
أيضاً ستتم زيادة الإنفاق على الخدمات العامة، ومن المتوقع أن ترتفع مخصصات التعليم بنسبة 19 في المئة لتصل إلى 305.2 مليار جنيه (9.877 مليار دولار)، بينما سيرتفع الإنفاق على قطاع الصحة بنسبة 14 في المئة ليصل إلى 111.2 مليار جنيه (3.598 مليار دولار).
وتخطط الحكومة المصرية لرفع الإنفاق على برامج الحماية الاجتماعية بنسبة 28 في المئة، كما تعتزم زيادة مخصصات دعم الغذاء بنسبة 20 في المئة ليصل الرقم إلى 108 مليارات جنيه (3.495 مليار دولار)، إضافة إلى زيادة دعم الوقود بنسبة 24 في المئة ليسجل الرقم الإجمالي نحو 35.9 مليار جنيه (1.161 مليار دولار). وحددت وزارة المالية سعر النفط عند 85 دولاراً للبرميل في موازنة العام المالي 2024/2023، ارتفاعاً من 80 دولاراً للبرميل في العام المالي الحالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الوقت نفسه كشف محللون لدى بنك الاستثمار "جي بي مورغان"، أن مزيداً من التأخر في الإصلاحات الخاصة بالعملة والإصلاحات الهيكلية من شأنه أن يفاقم الضغوط على السيولة ويثير تساؤلات حول استدامة ديون مصر. وأشاروا في مذكرة بحثية حديثة إلى أنه وبينما من غير المحتمل تخلف مصر عن سداد ديونها على المدى القريب، فإن عمليات البيع المكثفة الأخيرة للسندات المصرية تشير إلى تزايد حالة القلق في شأن النظرة المستقبلية على المدى المتوسط، لا سيما مع وجود جدول سداد ديون مثقل خلال السنوات المقبلة.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة المصرية ستكون قادرة على إبرام اتفاقية على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي الشهر المقبل، مما يضعها في المسار الصحيح للحصول على موافقة المجلس التنفيذي للصندوق على شريحة القرض التالية بحلول الربع الثالث. وتتطلب كل مراجعة من مصر وصندوق النقد الدولي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء، يجري عرضه بعد ذلك على المجلس التنفيذي للصندوق للموافقة عليه.
ومنذ اتجاه البنك المركزي المصري إلى اعتماد سياسة التعويم المدار والوصول إلى أسعار صرف مرنة للدولار، تشدد الحكومة المصرية على أنها ملتزمة الحفاظ على سعر صرف مرن وإجراء حزمة من الإصلاحات الهيكلية - بما في ذلك بيع أصول مملوكة للدولة وتحسين مستوى الشفافية في ما يخص الشركات المملوكة للقطاع العام والقوات المسلحة - وذلك كجزء من اتفاقها مع صندوق النقد الدولي البالغ ثلاثة مليارات دولار. وبعد الانخفاض الكبير في قيمة الجنيه خلال أول شهرين من العام، ظل سعر الصرف الرسمي للجنيه مقابل الدولار من دون تغيير، بينما لم تقم الحكومة بعد ببيع أي من الأصول في إطار برنامج الطروحات الطموح.
وأشار "جي بي مورغان" إلى أن هناك حاجة ملحة إلى جهود كبيرة لتحفيز تدفقات الطروحات نظراً إلى أن استمرار غيابها سيزيد من تدهور الصورة الخارجية للبلاد ويزيد من تفاقم الاختلالات، في ظل شح المعروض من الدولار وزيادة الالتزامات الدولية المستحقة على مصر خلال الفترة المقبلة.