Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"لكفكفة آلام الحرب"... آمال السودانيين معلقة بمفاوضات جدة

ورقة سعودية- أميركية تفاوضية قوية لإحداث اختراق في النزاع

نازحون من الخرطوم إلى الولايات في موقف حافلات بالخرطوم بحري شمال العاصمة السودانية (أ ف ب)

ملخص

رهان سعودي- أميركي على إنجاح مفاوضات طرفي النزاع في جدة وبضغوط من الآلية الثلاثية لإنهاء الصراع بالسرعة المطلوبة

يترقب غالبية السودانيين، بخاصة سكان العاصمة الخرطوم ونازحوها، بتلهف شديد ما ستسفر عنه المفاوضات الجارية في مدينة جدة السعودية، هذه الأيام، برعاية سعودية- أميركية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع من نتائج في شأن الحرب الدائرة بينهما منذ 15 أبريل (نيسان) الماضي على أمل أن تقود إلى وقف إطلاق نار حقيقي لفترة محددة يعقبها إنهاء الحرب بين الطرفين، وإلا سيكون مصيرهم "المجهول".

مسرح عمليات

تاج السر محمود، أحد سكان ضاحية بري القريبة من وسط الخرطوم، قال "الوضع الآن أفضل نوعاً ما من بداية الحرب، وهو الحذر الذي يسبق العاصفة، إما أن تتوقف هذه الاشتباكات أو المضي نحو المحرقة، لذلك نعيش حالة من القلق والترقب في انتظار المساعي السعودية- الأميركية على أمل التوصل إلى اتفاق يبعدنا من دائرة الشر، فقد نجوت وأسرتي من الموت عدة مرات، خلال الأيام الأولى للصراع لأنها كانت مباغته لم تمكنا من الخروج الآمن باعتبار أن منطقة بري التي نسكن فيها تعتبر مسرح عمليات بحكم قربها من القيادة العامة للجيش".

ولا يعتقد محمود "أن هناك سبيلاً للطرفين بعد قتال استمر قرابة الشهر ولم يحسم أي طرف منهما المعركة لصالحه، غير إيقاف هذه الحرب العبثية عبر الحوار، فالآن جميعنا يتابع بقلق ما يجري من محادثات في مدينة جدة، ويتمنى أن تنجح الوساطة في إقناع الطرفين المتحاربين بالابتعاد عن القتال وإنهائه تماماً، حفاظاً على ما تبقى من بنية تحتية وأرواح المدنيين، وفي حال فشل هذه المفاوضات فلن يبقى في الخرطوم مدني واحد، لأن الحرب ستكون شرسة وستقضي على كل شيء".

محل استهداف

بلة عبدالرحيم أحد ساكني الخرطوم بحري يقول أيضاً "حتى اللحظة لم أصدق ما حدث من اشتباكات دموية بهذه الطريقة المفرطة في العنف من دون مراعاة لحرمة الدم وترويع للمدنيين، فقد وجدنا أنفسنا من دون سابق إنذار وسط معركة شرسة لا سبيل لنا غير البقاء في المنازل ودوي الانفجارات وصوت إطلاق الرصاص فوق رؤوسنا مما أدخل الرعب في نفوس الكبار والصغار".

ومضى في حديثه "هذا الوضع المأسوي أجبرني على مغادرة منطقة سكني (كوبر) إلى ضاحية (الكلاكلة) في أقصى جنوب الخرطوم، وذلك بعد مرور أسبوع من القتال، وحينها شعرت أسرتي بقدر من الأمان مقارنة بمنطقتنا، لكن تظل كل المناطق في العاصمة محل استهداف لن يزول إلا بتوقف هذه المعركة الخاسرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع "حالياً جميع سكان العاصمة يعانون أشد المعاناة بخاصة المرضى نظراً إلى تعطل المستشفيات، فكثيرون منهم استسلموا ويواجهون الموت البطيء، ناهيك بالجوع الذي ضرب أكثر من نصف سكان الخرطوم البالغ عددهم ما يقارب ستة ملايين نسمة، وفي ظل هذا الواقع المرير يبقى الأمل الوحيد للعيش بسلام أن تفضي مفاوضات الطرفين في جدة إلى اتفاق يعيد اللحمة بين السودانيين وإلا سيكون مصيرنا جميعاً النزوح إلى إحدى الولايات أو اللجوء إلى الخارج، وهنا ستكون الطامة الكبرى وبداية المعاناة الحقيقية لأننا سنفقد كل شيء ونبدأ من الصفر والعمر لا يسمح بذلك".

العصا والجزرة

وفي ما يتصل بسير مفاوضات جدة، قال المتخصص في الشأن السوداني، الجميل الفاضل، "في اعتقادي أن كثافة الضغوط التي يمارسها الوسطاء السعوديون والأميركيون ومن ورائهم الآلية الثلاثية التي تضم بعثة الأمم المتحدة في الخرطوم والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد، في هذه المفاوضات تتجه نحو إنهاء عملية القتال بين طرفي الصراع بالسرعة المطلوبة من دون حدوث أي فشل أو إخفاق من خلال استخدام الطريقة الأميركية (العصا والجزرة)".

ورأى أن "الخطوة الأولى في هذه المفاوضات تتمثل في وضع الإسعافات الأولية لوقف نزيف الدم، ومن ثم تشخيص العلة ونوع الدواء الفاعل"، مؤكداً أن "الملاحظ أن واشنطن دخلت بثقلها في هذه المفاوضات وبشكل مباشر، بحضور كل من مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان ومفوض الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، مما يعني أن هناك اهتماماً عالمياً ورهاناً كبيراً لأن تكون النتيجة النهائية لهذه المفاوضات إيجابية من خلال كفكفة هذه الحرب بإيقاف إطلاق النار نهائياً، فواشنطن لن تقبل الفشل في مثل هذه المهمة".

وأردف "ما حدث خلال اليومين الماضيين من تصعيد في وتيرة الحرب بين الجانبين وعدم التزام بهدنة السبعة أيام ينظر له في إطار السباق، فكل طرف يريد أن يحرز نتائج على الأرض تعزز من موقفه التفاوضي، لكن في الوقت نفسه يعد مؤشراً يؤكد جدية المفاوضات وأنه ليس هناك فرصة للمراوغة والالتفاف حولها".

وبين أنه من المؤكد أن الرياض وواشنطن وضعتا ورقة تفاوضية تكون الأساس للاتفاق بين الطرفين، كما أن وسيط بحجم الولايات المتحدة لا بد أن تكون لديه أجندة في مخيلته متضمنة في محتوى الاتفاق، فهي بلا شك أجندة سياسية تسعى في النهاية للعودة إلى المسار الديمقراطي في البلاد.

المزيد من تقارير