ملخص
أعاد هجوم جربة الأخير الحديث عن الاختراقات داخل وزارة الداخلية التونسية وضرورة حماية المؤسسة الأمنية من المخترقين
عديدة هي المرات التي تحدث فيها سياسيون ورجال أمن عن اختراق وزارة الداخلية التونسية من قبل عناصر متشددة أو من تمكن "الإسلاميين" على رأسهم حركة "النهضة" من الجهاز الأمني من خلال التعيينات التي أحدثها الحزب عندما كان أحد قياديها على رأس الوزارة.
وأعاد هجوم جربة الأخير على معبد الغريبة اليهودي الحديث عن اختراق وزارة الداخلية وضرورة حماية المؤسسة الأمنية من المخترقين.
الهجوم نفذه أحد رجال الأمن خارج كنيس في جزيرة جربة خلال موسم الحج اليهودي قبل أن يُقتل بالرصاص. وتُنظم الزيارة إلى المعبد سنوياً في اليوم الـ33 من عيد الفصح اليهودي، وهي في صميم تقاليد اليهود التونسيين الذين لا يزيد عددهم على 1500، ويعيش معظمهم في جزيرة جربة.
ويجتذب موسم الزيارة السنوية لمعبد الغريبة، وهو أقدم معبد يهودي في أفريقيا، مئات اليهود من أوروبا وإسرائيل إلى الجزيرة التي تعد منتجعاً سياحياً رئيساً قبالة سواحل جنوب تونس وتبعد 500 كيلومتر عن العاصمة.
عملية إجرامية
يأتي هذا الهجوم في وقت تسجل فيه السياحة انتعاشة قوية في تونس بعد تباطؤ حاد خلال جائحة كورونا، مخلفاً خمسة قتلى، ثلاثة من عناصر الأمن واثنين من الزوار.
ويشار إلى أن السلطات التونسية وصفت الحادثة بالإجرامية ولم تصنفها إرهابية.
وفي كلمة للرئيس قيس سعيد إثر إشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي بقصر قرطاج قال، إن "الدولة ستعمل على حفظ الأمن والاستقرار داخل المجتمع"، مشيراً إلى أن "مثل هذه العمليات الإجرامية عرفتها كثير من الدول ولا تزال تعاني منها حتى في الدول الكبرى، بما فيها دول أوروبية والولايات المتحدة وغيرها".
وخلال ندوة صحافية عقدها وزير الداخلية كمال الفقي وصف بدوره العملية بالإجرامية ومنفذها بالمعتدي، من دون التحدث عن اختراق أمني داخل وزارته.
اختراق
لكن كثيراً من المكونات التونسية سواء سياسية أو من المجتمع المدني تتحدث عن "اختراق" لوزارة الداخلية وعن "عملية إرهابية"، معتبرين أن "دافع الهجوم إرهابي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ودعت "حركة الشعب" المناصرة لمسار الرئيس التونسي في بيان لها أجهزة وزارة الداخلية إلى "مزيد اليقظة والحذر بخاصة وأن خطر الإرهاب لا يزال قائماً بعد الاختراقات الأمنية الناتجة عن خيارات العشرية السابقة".
تفكيك إدارة أمن الدولة
من جهتها قالت الصحافية أحلام العبدلي في تصريح خاص حول الاختراقات داخل وزارة الداخلية، إن "أثرها يظهر بقوة في الفترة الحالية" وأرجعت العبدلي هذه الاختراقات إلى ما اعتبرته تفكيكاً لإدارة أمن الدولة بعد 2011.
وأضافت "لقد تم نسف إدارات فعلية وحساسة كانت تلعب دوراً استخباراتياً مهماً للسهر على أمن الدولة واجتثاث كل العناصر المشبوهة وعدم وصولها إلى مناصب حساسة"، موضحة "تم ذلك خلال سنة 2011 عندما قام وزير الداخلية آنذاك فرحات الراجحي بحل مؤسسة أمن الدولة وعزل العشرات من القيادات المهمة داخل للوزارة"، بحسب تعبيرها.
وقالت العبدلي عارضة المسار الزمني لما مرت به الوزارة بعد 2011 "عديد من المتابعين حينها نبهوا لخطورة ما حدث من تفكيك لأجهزة وزارة الداخلية لكن بعد أولى العمليات الإرهابية فهمنا فداحة ما حصل. ثم انتقلنا إلى الاختراقات ووجود أشخاص مشكوك فيهم تسربوا إلى الوزارة وأصبحنا نتحدث صراحة عن الأمن الموازي، حتى إن نقابة الأمن الجمهوري أعلنت صراحة عن سيطرة وإدماج المتشددين داخل الوزارة".
خطط أمنية
بدوره، يرى المحلل السياسي نبيل الرابحي أن "الحادثة إرهابية بامتياز وسببها اختراق عناصر متشددة لوزارة الداخلية"، مشيراً إلى أن "حركة النهضة عندما تمكنت من الوزارة سنة 2012 سارعت بتعيين عناصرها". ويرى الرابحي أن "التخلي عن البحث الأمني أسهم بشكل كبير في اختراق الوزارة".
ويقول رئيس منظمة الأمن والمواطنة عصام الدردوري، إن "الجهاز الخاص لحركة النهضة لا يزال فاعلاً وعناصره المتورطة في ملفات إرهابية ومحل تتبع أمام القضاء تباشر مهامها بشكل عادي في خطط أمنية حساسة".
مضيفاً "شخصياً توقعت ما حصل، وأتوقع حدوث الأكثر طالما أنه لم يتم تمشيط الإدارات بخاصة داخل وزارة الداخلية"، مرجحاً أن يكون منفذ هجوم جربة "من المتشددين وتم التحقيق معه سابقاً"، وفق قوله.
ودعا الدردوري وزير الداخلية إلى "التحرك الجدي لتطهير وزارة الداخلية من العناصر المتطرفة" مؤكداً أنه "لا مكان لجماعة العفو التشريعي العام وهم من الإسلاميين وتم تعيينهم في عدة وزارات بعد الثورة ولا للأمن الموازي داخل الوزارة".
رد "النهضة"
من جانبها، أعلنت حركة النهضة أنها تقدمت بشكوى قضائية ضد منجي الرحوي الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد بعدما اتهمها بـ"التورط" في هجوم جربة.
وقالت، في بيان مساء الأربعاء، "على إثر إصدار المدعو منجي الرحوي بياناً احتوى كمية من الحقد والأباطيل والاتهامات المجانية لحركة النهضة والتحريض عليها، فإن الحركة تعلم الرأي العام الوطني وكافة القوى الديمقراطية والمدافعة عن الحرية والمواطَنة بقرارها رفع شكاية جزائية عاجلة ضد المدعو منجي الرحوي وتحمله مسؤولية ما ينجر عن ادعاءاته الكاذبة من تحريض على حركة النهضة وتهديد لسلامة مناضليها".
وكانت الحركة قد دانت ما وصفتها بـ"الجريمة النكراء" التي حدثت بمحيط كنيس الغريبة في جربة. ودعت إلى الإسراع في التحقيقات لكشف ملابسات هذه الجريمة. وأكدت في بيان رفضها "كل مظاهر وأشكال العنف والإرهاب والكراهية".