Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تخلت هوليوود عن مفهوم الشخص اللطيف

توم هانكس تحدث عن الضغوط المتأتية من صيته في الدماثة ولفت إلى معاناة آخرين منها

يشكو توم هانكس من صورته كرجل لطيف تؤثر عليه بصورة سلبية (غيتي)

ملخص

ثمة انطباع بأن هوليوود وثقافتها باتت تميل إلى الأنماط والسلوكيات النافرة والعدوانية، وتتعامل بصورة سلبية مع اللطافة والكياسة والرصانة

"أنت لطيف أكثر مما ينبغي".

جاءت المرة الأولى التي أُطلِق ذلك الحكم علي عبر كلمات هذه الجملة، حينما كنتُ مراهقاً أتسكع في "كلية ساوث دارتمور المجتمعية" في "أشبرتون" في "ديفون". وبقيت العبارة عالقة في ذهني. أعتقدتُ أنها مجاملة، لكنها لم تكن تغطية بستار سميك من الملاطفة، للإشارة إلى أن اللياقة البشرية سمة سلبية.

لست الشخص الوحيد المرتبك حيال ذلك الأمر. ففي مقابلة حديثة، تحدث توم هانكس، نجم هوليوود الشهير بدماثته، بصراحة عن الضغط الذي تتسبب به صورة الرجل اللطيف التي يتمتع بها.

في حديث إلى هيئة "بي بي سي"، أورد هانكس "مررت بأيام عصيبة وأنا أحاول الحفاظ على مهنيتي بينما كانت حياتي تنهار على أكثر من جبهة، وكان المطلوب مني في ذلك الوقت أن أكون مرحاً وطيباً ومحباً، وذلك أبعد ما يمكن عما كنت أشعر به".

تحدثت الممثلة جينيفر غارنر أيضاً عن التعامل مع عبء وصمة اللطف والدماثة. وفي حديث مع المجلة النسائية الأميركية "أللور"، أشارت غارنر إلى أن "المشكلة مع مفهوم ’أوه، إنها لطيفة جداً’ هي أنني حينما أرغب في وضع حدود في موضوع معين، يرى الناس الأمر أضخم مما هو عليه بالفعل. بالتأكيد مررت بأيام لم أكن قادرة على أن أفعل كذلك [الملاطفة والدماثة] ببساطة. أنا أعبس في وجوه الناس قبل أن يتمكنوا من الاقتراب مني".

كيف يمكن لأي شخص أن يكون لطيفاً أكثر مما ينبغي؟ ما معنى هذا التعبير حتى؟ هل كانت الأم تيريزا لطيفة أكثر مما ينبغي؟ ماذا عن مارتن لوثر كينغ؟ ماذا عن تيد لاسو الذي يؤدي دوره جيسون سوديكيس في المسلسل الذي يحمل اسمه على منصة "آبل تي في بلس" Apple TV Plus، وهو أحد أكثر الشخصيات الخيالية المفضلة لدي، ماذا عنه أيضاً؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

سأستعير بعض الاقتباسات من شخصية المحقق جيك بيرالتا في المسلسل الكوميدي "بروكلين ناين– ناين" Brooklyn Nine-Nine (شخصية مفضلة أخرى لدي، لكن ربما لم يتم وصفه أبداً بـ"اللطيف أكثر مما ينبغي")؛ كي أُشير إلى أننا نتحدث عن "أساليب اللطافة في القصص الرومانسية"، فلطالما أوكِلَتْ إلي مهمة إصلاح ما فسد وتقديم الكتف الذي تبكي عليه الفتيات اللواتي كنت معجباً بهن، حينما يُعانين من "الأولاد السيئين"، وفق اعتراف أولئك الأولاد بذلك، الذين تلاعبوا بهن بشكل غير مفاجئ إلى حد ما.

أتذكر التحدث إلى أشخاص أكبر سناً مني بقليل (وأكثر حكمة بكثير) وقولهم لي "إنها مجرد مرحلة سيعبرنها، ثم سيأتين من أجلك أنت". بصراحة، شكّل ذلك عزاء ضئيلاً جداً بالنسبة إلى فتى في السادسة عشرة من عمره، ومعجب بإحداهن بشدة.

الشيء الغريب هو أنني ما زلت أسمع تلك العبارة تتردد بخفوت، لكنها ترد الآن ضمن سياق مهني، سواء أكانت تتحدث عني أو أشخاص آخرين في صناعة التلفزيون أو الترفيه.

واستكمالاً، باتت تلك العبارة أشبه بتذمر خفيف لأننا جميعاً سنخصص وقتاً للتحدث إلى كل المتنافسين، وسنتحدث إلى كل أفراد فريق العمل، وندرك أن التوصل إلى صنع أي شيء مهم يتطلب جهداً تعاونياً ولا يقتصر أمره على المعطى الذاتي لشخص بعينه.

في بعض الأحيان، يبدو الأمر كأن الناس يريدون وضعك ضمن إطار معين بأبسط العبارات. هل أنت شخص رصين وتحاول فعل الشيء الصحيح؟ إذاً، أنت شخص ممل. هل لديك ما تقوله وتريد قول الحقائق؟ أنت شخص مرير. هل أنت جَلِفْ ولا تهتم بالأشخاص الذين تسيء إليهم؟ أنت شخص مسل.

أنا متأكد من أنني لستُ الوحيد الموجود في بيئات عمل حيث يمكن التغاضي عن السلوك السيئ والثقافات السامة، أو قبولها، لمجرد أن الشخص يجيد وظيفته على ما يبدو. إنّ هذه الأشياء ليست متعارضة.

حينما بدأتُ العمل في التلفزيون للمرة الأولى، بدا الأمر أشبه بإلقاء نفسي في بئر عميقة. كانت الأشياء مخيفة وطرق التعلم شاقة وشديدة الوعورة، سواء من حيث قدرتي على النهوض بالعمل أو التعامل مع جميع الأشياء الإضافية التي تأتي معه. لقد توجّب علي محاولة عدم التأثر بسهولة وألا آخذ الأمور بشكل شخصي. وما زلت أبذل كثيراً من الجهد في هذه الناحية.

وكذلك أُقرُّ بأنه يمكن أن يُنظر إليك على أنك "لطيف أكثر مما ينبغي" إذا كنت شخصاً ضعيفاً أو من السهل جداً أن يداس عليك أو تفقد هويتك أو رأيك.

مع ذلك، خلال السنوات القليلة الماضية، ربما أكثر من أي وقت مضى (وربما لأنني شعرت بمزيد من الثقة والتمكين)، حاولتُ الدفاع عن الأشياء التي أؤمن بها. بذلتُ قصارى جهدي لقول الحقيقة في وجه السلطة والتشكيك في القيادة أو القرارات الاستراتيجية، ولا سيما في ما يتعلق بقضايا المساواة والتنوع.

لقد رفضتُ وظائف أو لم أنتهز فرصاً لا تتوافق وقيمي أو نزاهتي الشخصية، لأنه على رغم النصيحة بوجوب تقّبُل كل ما يواجهك كي تحافظ على أهمية وجودك وتجذب المتابعين وتزيد ظهورك، إلا إنه يجب عليك أيضاً أن تقدر على النظر إلى نفسك في المرآة، وتشعر بالمسؤولية وتعلم أنك أخلصت للطريقة الصحيحة التي تريد أن تعيش حياتك بها.

أوه، وتعتقد أنني شخص لطيف أكثر مما ينبغي؟

يجب أن تأتي وتتحدث معي حينما يقال لي في مكان عملي إنني لا أستطيع التعبير عن رأيي في القضايا الكبرى كالعنصرية وحقوق الإنسان وحرية التعبير؛ أو حينما يجري تجاهلي لمصلحة حفلات غنائية لأن شخصاً ما لم يسبق له التحدث أمام الكاميرا لديه "عدد أكبر من المتابعين"؛ أو حينما كنتُ في إجازة الأسبوع الماضي وسألني أحدهم من أي بلد أنا، فأجاب على ردي "هل أنت متأكد من أنك من إنجلترا؟ أنت تبدو برازيلياً".

هل أنا متأكد من أنني من المكان الذي ولدتُ فيه وعشتُ طوال حياتي؟

اللعنة، أنا متأكد تماماً.

© The Independent

المزيد من منوعات