ملخص
ترفض الحكومة البريطانية فكرة وضع سقف السعر كما فعلت بعض الدول الأوروبية أو حتى اتباع التجربة الفرنسية
في وقت تواصل أسعار الطاقة، وبخاصة الغاز الطبيعي والكهرباء، الانخفاض إلا أن قيمة الغذاء لا تزال ترتفع في أوروبا وبريطانيا، مما دفع السياسيين في حكومات بعض الدول إلى محاولة فرض سقف سعر على المواد الغذائية.
وعلى رغم انخفاض كلفة الإنتاج نتيجة تراجع قيمة منتجات الطاقة إلا أن أسعار الأغذية لم تتوقف عن الارتفاع.
ويعقد وزير الخزانة البريطاني جيريمي هنت اجتماعاً مع شركات تصنيع الأغذية بغرض الضغط عليهم للتوقف عن رفع الأسعار وتخفيف العبء عن كاهل الأسر البريطانية.
وكان الوزير الأول في وزارة الخزانة عقد اجتماعاً مطلع الشهر الجاري مع سلسلة محال التجزئة الكبرى في البلاد للغرض ذاته، كما سيجتمع وزير الخزانة أيضاً في وقت لاحق مع هيئة الأسواق والمنافسة التي تبحث ملف تسعير الأغذية كجزء من مشروع مراجعة قطاع البقالة الذي بدأته الهيئة مطلع هذا العام.
ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن جيريمي هنت قوله، "تستمر أسعار الأغذية في الارتفاع لذا نحن بحاجة إلى فهم ما الذي يدفعها للصعود، وسأطالب قيادات صناعة الغذاء بالعمل معنا نحو هدف خفض معدلات التضخم إلى النصف".
وتتطلع الأسواق إلى صدور الأرقام الرسمية البريطانية حول التضخم غداً، والتي يقدر المحللون أن تشير إلى انخفاض مؤشر التضخم بشكل عام من نسبة 10.1 في المئة إلى نسبة 8.4 في المئة، وذلك بسبب انخفاض أسعار الطاقة بشكل كبير.
تضخم الجشع
وشهدت أسعار الأغذية في بريطانيا ارتفاعاً صاروخياً على مدى عام إلى نسبة 19.1 في المئة، وتشير كل التقديرات إلى أنها ستواصل الارتفاع أكثر من ذلك رغم انخفاض كلفة مدخلات الإنتاج.
وكان نواب البرلمان البريطاني اتهموا محال "السوبر ماركت" وتجار البقالات ومصنعي الأغذية بتعمدهم "التربح" واستغلال الوضع لزيادة هامش المدخول رغم انخفاض أسعار النقل والمواد الخام، وأصبح من الشائع إطلاق وصف "تضخم الجشع" على تلك الممارسات التي تدفع المعدلات للارتفاع نتيجة استغلال الشركات والمحال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إلا أن بنك انجلترا "المركزي البريطاني" لا يتفق مع وجهة النظر تلك، آخذاً في الاعتبار أن هامش أرباح الشركات خارج قطاع الطاقة يظل عند أدنى مستوى له من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2009.
ولا يقتصر الحديث عن "تضخم الجشع" على بريطانيا على رغم أن ارتفاع الأسعار فيها أعلى بكثير من نظيراتها الأوروبية، بل إن السياسيين في عدد من الدول الأوروبية يضغطون على شركات الأغذية ومحال البقالة لخفض أسعار الأغذية.
سقف السعر
ومع ذلك ترفض الحكومة البريطانية فكرة وضع سقف السعر كما فعلت بعض الدول الأوروبية أو حتى اتباع التجربة الفرنسية التي توصلت حكومتها إلى اتفاق مع سلسلة المحال يجعل الأخيرة تضع سقف سعر اختياري على بعض المواد الأساس.
وقبل الاجتماع قالت وزارة الخزانة البريطانية إن جيريمي هنت "سيطلب من مصنعي الأغذية بذل كل ما يستطيعون من جهد لدعم المستهلكين". ومن غير الواضح إن كان مجرد الطلب سيكون كافياً كي تبدأ الشركات والمحال في التوقف عن رفع أسعار الأغذية، بخاصة الضرورية منها للأسر البريطانية.
لكن دول وسط وشرق أوروبا التي يعاني مواطنوها من التضخم اتجهت إلى فرض سقف سعر للمواد الغذائية بهدف حماية الأسر الأكثر معاناة والتي تنفق معظم دخلها على الشراء، وتلك هي المرة الأولى منذ نصف قرن التي تفرض فيها دولاً أوروبية سقف سعر وتتدخل في السوق الحر للسلع، على رغم أن الأسعار ارتفعت في أوروبا بنسبة 16.6 في المئة في العام المنتهي الشهر الماضي، "أي بمعدلات أقل من بريطانيا"، في وقت ارتفع مؤشر التضخم العام بنسبة 8.1 في المئة.
ارتفاعات صاروخية
من أكثر المواد التي شهدت ارتفاعاً صاروخياً في أسعارها تلك المواد الأساس التي تعتمد عليها الأسر في غذائها اليومي، إذ ارتفعت أسعار السكر 54.9 في المئة وارتفعت قيمة الحليب 25 في المئة وأسعار البيض 22.7 في المئة، وهذا ما جعل دولاً مثل المجر وكرواتيا تتجه نحو فرض سقف سعر على أسعار بعض المواد الغذائية، أما اليونان فتتوجه حكومتها نحو فرض سقف لهامش ربح المحال على المواد الغذائية والسلع الضرورية.
وفي المقابل توصلت الحكومة الفرنسية إلى اتفاق مع المصنعين والتجار تترك لهم الخيار في وضع سقف سعر لبعض المواد الضرورية، أما بعض الدول الأوروبية الأخرى مثل إسبانيا فقررت خفض ضريبة القيمة المضافة على المواد الغذائية بهدف التقليل من الارتفاع، في حين تتعرض الحكومة الإيطالية لضغوط كي تفرض سقف سعر وفي مقدمتها المكرونة.
وتزيد الضغوط على الحكومات، بخاصة في دول أوروبا، للتدخل كي تكبح جماح ارتفاع الأسعار، وما يبرر موقف كثير ممن يتبنون فكرة تضخم الجشع أن أسعار الطاقة انخفضت بشدة خلال الأشهر الأخيرة، مما يجعل الزيادة في أسعار الأغذية وكأنها فقط زيادة في هامش ربح الشركات المصنعة ومحال التجزئة.
وليست أسعار الطاقة فقط التي انخفضت بل مدخلات الإنتاج للصناعات كافة، إذ انخفض مؤشر الغذاء للأمم المتحدة في شهر أبريل (نيسان) الماضي بمعدل سنوي عند نسبة 19.7 في المئة.
وعلى رغم ذلك إلا أن المصنعين والتجار يصرون على أنهم ليسوا السبب في هذا الصعود للمستهلكين وأنهم لم يزيدوا هامش الربح، ملقين باللوم على معدلات التضخم التي لا تزال مرتفعة في الاقتصاد بشكل عام.