ملخص
تجار لبنان يعتمدون على تسعيرة المجموعات الموجودة على تطبيق "واتساب" لتحديد سعر الصرف الذي يناسبهم
في ظل الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان تشهد العاصمة بيروت ظاهرة تحول المحال التجارية إلى مراكز صرافة بشكل متزايد، إذ يبحث التجار عن وسائل أخرى لتحقيق الأرباح في ظل التضخم المتزايد الذي أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطنين كافة.
هذه الظاهرة التي انتشرت في بداية الأزمة الاقتصادية أي في أواخر عام 2019 تطورت اليوم وأصبحت أكثر خطورة مع تكاثر الصرافة غير الشرعيين الذين نراهم على الطرقات من دون حسيب ولا رقيب وحتى أصبحت ظاهرة "الديليفري" في الصرافة تثير قلق المواطنين، إذ يتخوف كثير من أن تكون هناك عصابات تستغل هذه الفرصة للسرقة أو الاحتيال، إضافة إلى ذلك هناك تخوف من تلقي الأموال المزورة من هؤلاء الصرافين.
في السياق، كانت لـ"اندبندنت عربية" جولة ميدانية على تجار المجوهرات والألبسة في بيروت الذين يجدون في تقديم خدمات الصرافة فرصة لزيادة أرباحهم وتعويض بعض الخسائر.
التجار تحولوا إلى صرافة
يقول تاجر المجوهرات في محلة "الملعب البلدي" في منطقة طريق الجديدة في بيروت (الذي لم يشأ أن يذكر اسمه) إنه "مع عدم استقرار السوق المالية والنقدية دمجت محلي التجاري مع الصرافة، لكي أتمكن من تفادي التقلبات الكبيرة في سعر الليرة اللبنانية والتحويلات المالية المعقدة"، لافتاً إلى أنه "يرفع تسعيرة الدولار لتكون أكثر من سعرها الأساسي في السوق السوداء، وبهذه الطريقة يضمن الحصول على أرباح إضافية".
من جهة أخرى، تجار الألبسة في شارع "عفيف الطيبي" في منطقة طريق الجديدة في بيروت أيضاً يروون قصة تعاملهم مع الأزمة المالية. ويقول أحد تجار الألبسة بالجملة "واجهنا مشكلات عدة في بداية الأزمة، إذ كنا نعاني مشكلة تحويل الليرة اللبنانية إلى الدولار، مما أفقدنا كثيراً من الأموال بسبب الفارق بين العملتين، ولكن مع الدولرة الشاملة التي طاولت مختلف القطاعات، تحسنت الأمور بشكل ملحوظ وأصبح الزبائن يأتون إلينا طلباً لتصريف العملات بدلاً من الصرافة الشرعيين".
وعن كيفية تحديد الأسعار يضيف "نستند إلى تسعيرة المجموعات الموجودة على تطبيقات الواتساب، وفي بعض الأحيان نضطر إلى رفعها قليلاً لتحقيق الأرباح التي تناسبنا".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بدوره، شارك أحد تجار الألبسة قصته قائلاً "أنا أستورد الملابس من الصين بالدولار الأميركي، وأفضل عدم التعامل بالعملة المحلية، عندما يأتي الزبون إلى متجري أطلب منه أن يدفع بالدولار، وإذا لم يكن بحوزته الدولار أستعين بجاري (تاجر ملابس آخر) لمعرفة سعر الصرف الحالي". ويشير إلى أننا "في السابق كنا نتأثر بتقلبات سعر الصرف السريعة الأمر الذي يكبدنا الخسائر، ومع استقرار سعر صرف الدولار بين 94 و95 ألف ليرة في الأشهر الأخيرة ما زلنا نتكبد خسائر، ولكن لا يمكننا زيادة أسعارنا كتجار جملة".
غياب الدولة والرقابة
وعن دور الدولة في ضبط الصرافين غير الشرعيين، قال نقيب الصرافين مجد المصري إن "لبنان بات يضم نحو أربعة ملايين صراف، إذ قرر معظمهم التخلي عن وظائفهم السابقة والانخراط في مجال الصرافة"، لافتاً إلى أنه "مع تكاثر الصرافين غير الشرعيين اضطررنا إلى تقديم تبليغات عدة إلى حاكمية مصرف لبنان ولجنة الرقابة وهيئة التحقيق الخاصة بالمصرف، بخاصة أنهم لا يمتلكون أي رخصة ولا أي صلاحية، ولكن مع تقاعس المسؤولين لجأنا إلى القوى الأمنية، ومع ذلك صدمنا عندما رأينا كيف أن كل صراف لديه جهة سياسية تحميه، بالتالي كل الإجراءات التي اتخذناها لم تنفع". وأكد المصري "ضرورة التفريق بين الصراف الشرعي وغير الشرعي، إذ يدير الأول مؤسسة مرخصة ويحرص على سلامتها بكل جدية، ويسدد الضرائب ويقدم التصريحات السنوية، أما الصرافة غير الشرعيين فيعملون في ظل غياب رقابة فعالة، ويهمهم تحقيق الربح السريع بدلاً من الاستقرار والاستمرارية".
وبعد توليه منصب نقيب الصرافة أعلن المصري عن نيته "إرسال كتب إلى الأجهزة الأمنية للمطالبة بأداء واجباتها والتعامل مع الأشخاص الذين يعتدون على المصلحة العامة".
القانون وثغراته المتشعبة
أما من الناحية القانونية فيعمل القاضي شربل الحلو على توضيح تفاصيل القانون المتعلقة بممارسة الصرافة في لبنان، مؤكداً "أهمية الامتثال للتشريعات المالية والمصرفية المنصوص عليها في البلاد والعالم أجمع"، مشيراً إلى أن "القانون يحظر ممارسة الأعمال المصرفية لأي شخص غير موجود اسمه على لائحة المصارف المعترف بها من قبل البنك المركزي"، واصفاً هذه القوانين بأنها "تحمي المصلحة العامة وتضمن النزاهة والشفافية في تنفيذ الصرافة"، ويعتبر واقع تطبيق القانون في لبنان متشعباً ومعقداً، إذ يشير الحلو إلى أنه "في بعض المناطق لا يطبق النظام مما يؤدي إلى وجود أنظمة موازية وقوانين متفردة مما يخلق تفاوتاً في تطبيقها". ويضيف "كما توجد بعض الثغرات في النظام القانوني نفسه، مما يزيد من التحديات التي تواجه عملية تنفيذ القوانين بشكل متساو وموحد، بالتالي، هذا يؤدي إلى وجود تباين في التعامل والتطبيق وتقسيم المشكلة إلى أجزاء متعددة".