عندما تتحدث مادونا عن الظلم الذي تتعرض له فنياً، تلمّح إلى محاربة تعرضت لها، بسبب غيرة بعض الفنانات منها. غيرة بدأت قبل عشرين عاماً ولا تزال تلاحقها بأساليب مختلفة، وهي تشير إليها عندما تتحدث عن تمنّع شركات الإنتاج عن التعامل معها، وعن عدم الاستعانة بها كفنانة صاحبة خبرة وتجربة في برامج الهواة، وعن عدم دعوتها إلى فرح نجل المصمم إيلي صعب، الذي تعاملت معه منذ بدايته.
تقارن مادونا بين الفن الذي كان يُقدم في أيامها وبين الفن الذي يقدم اليوم، وتقول "الفن جميل بكافة أشكاله لأنه عنوان للفرح، ومن دونه يذهب الفرح، ولكن لكل عصر ناسه وخصوصيته وفنانوه وجمهوره. وأنا حرصت على التواصل مع الجيل الجديد من خلال أغاني ومن خلال المشاركة في بعض البرامج من بينها الرقص مع النجوم. أذواق الناس مختلفة ويفترض بالفنان أن يرضيها جميعاً".
الفنان هو أغنية
ولأن هناك رأياً يقول إن الفن كان في الماضي أكثر قيمة وأهمية من الفن الذي يُقدم اليوم، توضح مادونا "الكلمة واللحن الجيّدان موجدان، ولكن في الماضي كان الجمهور ينتظر الأغنية لفترة طويلة قبل أن تجهز وتبث عبر الإذاعات، كما كان يترقب إطلالات الفنان على الشاشات من شهر إلى آخر، لكي يشاهد شكله ويسمع أعماله، بينما اليوم في عصر السوشيال ميديا والسرعة ينام الناس ويستيقظون وهم يتواصلون مع الفنان. وهذا ما جعل قيمته تتراجع ويفقد هالته. إضافة إلى أن الأغاني كانت طويلة في الماضي، وكان الناس يطربون لسمعها، واليوم لم يعد هناك سميعة، والناس لا يملكون الوقت الكافي لسماعها، بسبب كثرة مشاكلهم ومشاغلهم اليومية".
وعن الفنانين الذين تتابع أعمالهم من بين فناني الجيل الحالي، تقول "نحن نعيش عصر الأغنية وليس عصر الفنان. الفنان هو أغنية ووجوده يرتبط بها، ومن يتأخر بطرح أغنية جديدة ينساه الناس بسرعة".
وهل تعتقد أن الناس لا يتذكرونها لأنها لا تطرح الجديد؟ تجيب مادونا "أنا أكتفي بتجديد أغنياتي وأحياناً أطرح أغنية جديدة، لأنه لا توجد شركة إنتاج أتعامل معها، وإنتاجي متواضع وعلى قدر إمكاناتي. الفنانون لا يحبون بعضهم ولا يشجعون شركات الإنتاج على التعامل مع سواهم، ولذا هي تكتفي بالتعامل مع فنانين أو ثلاثة فنانين". وتتابع "أنا مظلومة إنتاجياً، وتعرضت للمحاربة لأنني الأقوى والأفضل. والظلم الذي لحق بي، لا تقف وراءه شركات الإنتاج وحسب بل بعض الفنانين لأنهم يغارون من نجاحي. لكني مستمرة، مع أنني لا أستطيع أن أطرح ألبوماً كاملاً أو حتى أغنية واحدة لأنها مكلفة جداً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بين الاستعراض والطرب
تعترض مادونا عندما يُقال إنها اشتهرت بتقديم الفن الاستعراضي، وتقول "صحيح أنني تميزت بفني الاستعراضي ولكني مطربة وأملك صوتاً جميلاً أيضاً".
وعن رأيها بالفنانات الاستعراضيات الموجودات على الساحة، توضح مادونا "في هذه المرحلة تعجبني مايا دياب، لأنها "مهضومة" بملابسها وبالفن الذي تقدمه وبطلّتها الجميلة، بصرف النظر عن عمليات التجميل التي تقوم بها الفنانات. أما ميريام فارس وهيفاء وهبي فهما بعيدتان جداً عن الفن الاستعراضي وينقصهما الكثير. ميريام فارس في كليبيها الأخيرين، فقدت هويتها مع أنها تجيد الرقص وتملك صوتاً جميلاً. أما هيفاء فلم تقدم الاستعراض خلال مسيرتها الفنية، بل هي امرأة مهضومة ومغرية وجميلة وتقبلها الناس بالأغاني الخفيفة".
وتشير مادونا إلى أنها يُفترض بالفنان أن يتماشى مع متطلبات العصر وأن يجمع بين أكثر من مجال في وقت واحد. وتضيف "بات مطلوباً من الفنان أن يقدم أشياء كثيرة لكي يحافظ على وجوده. وشخصياً، لا مشكلة عندي في الجمع بين التمثيل والغناء وخوض تجربة الإعلانات، لأن الفن أصبح سوشيال ميديا".
أحمد حلمي وكاظم الساهر
وتبرّر مادونا غيابها عن لجان التحكيم في برامج الهواة، بكون الفن عرضاً وطلباً، وتستدرك "ربما القيمون عليها لا ينتبهون إلى وجودي أو ربما من يحيطون بهم يرفضون وجودي فيها، مع أنني أملك خبرة وتجربة، وبعض الفنانين الذين يجلسون على كراسي التحكيم لا يملكون مثل خبرتي. لكن تلفتني تجربة نجوى كرم وهي في المكان المناسب، وأحب إليسا كثيراً وهي خط أحمر عندي، أما نانسي عجرم فنجحت في برامج الهواة الخاصة بالأطفال، وأحلام ملكة وأنا أحب أسلوبها كما أنها قوية وناجحة في عملها وتعرف ماذا تريد. ومن بين الرجال، فإن الفنانين المفضلين عندي هما أحمد حلمي وكاظم الساهر".
إلى جانب تجربتها الغنائية الكبيرة، شاركت مادونا في بطولة 7 مسرحيات و4 أفلام سينمائية، وتؤكد أنها لم تندم على أي عمل قدمته خلال مسيرتها الفنية "كل أعمالي كانت ناجحة. صحيح أنني كنت أغيب بين وقت وآخر، ولكني لم أقم بأي خطوة ناقصة".
ورداً على من اعتبروا أن مشاركتها في برنامج "الرقص مع النجوم" كانت خطوة ناقصة وهي تستحق تجربة مختلفة وأفضل، تقول "تلك التجربة كانت مهمة بالنسبة إليّ، لأنها عرفت الجيل الجديد عليّ كما أنني تعلمت تقنيات الرقص الغربي، لأنني كنت أجيد الرقص الفلكلوري فقط".
مادونا التي لطالما تميزت بأناقتها، تحتفظ بفساتينها في مخزن خاص، كما تقول، وعندما تسأل عن مصيرها توضح "ربما أقيم معرضاً خاصاً بها أو أبيعها أو أحرقها منعاً لتعفّنها". وعما إذا كانت تشعر بالندم على المال الذي صرفته على فساتينها، تجيب "ملابسي هي أنا. الناس كانوا ولا يزالون ينتظرونني لكي يشاهدوا فساتيني".
وعن سبب غيابها عن فرح نجل المصمم إيلي صعب مع أنها كانت في مقدم الداعمين له في بداياته، تقول "وأنا أسأل عن السبب. نحن بدأنا معاً في الثمانينيات واستمررنا نحو عشرين عاماً ومعظم أرشيفي من توقيعه. ربما الفنانون الذين وجدوا في الفرح لم يحبوا وجودي، ولكن هم الخاسرون وليس أنا. لا أعرف كيف ينسى البعض الخبز والملح".
جاه واسم
مادونا التي اكتفت بالزواج مرة واحدة من والد ابنتها الوحيدة، تتحدث عن سبب عدم تكرار التجربة "خطبت مرتين ولكن لم يحصل نصيب. الرجل يحتاج إلى اهتمام ووقت، وأنا لا أملك الوقت. حتى الآن، لم ألتقِ بالرجل الذي يقدرني كفنانة وإنسانة، ومن أرادوا الزواج مني فعلوا ذلك لجاهي واسمي، وأنا أريد رجلاً يحبني ويتقبلني كما أنا".
وتؤكد مادونا أنها لا تخاف الشيخوخة، وتعتبر نفسها صغيرة وليست متقدمة في السن "العمر يمرّ بسرعة وأنا اليوم في الخمسين، ولكن عندما أنظر في المرآة أجد أمامي أجمل امرأة في العالم، وعلى الرغم من وجود بعض التجاعيد في وجهي ولكني سعيدة بها كثيراً". وتتابع "لم أخضع لعمليات تجميل ولن أفعل ذلك، لكي لا أصبح شبيهة بالفنانات الأخريات. الكل متشابهات وأنا أريد أن أكون متميزة عنهن جميعاً".
إلى ذلك، تؤكد مادونا أن الفن أعطاها كما أعطته، وأنها تعيش من وراء فنها ولا تعاني أزمة مادية. وتشير إلى أنها لا تنتظر شيئاً من الفنانين الذين قدمت لهم الدعم في بداياتهم ولم يقفوا إلى جانبها "ربما البعض لا يتجرأ على أن يفعل ذلك، والبعض الآخر يرفض أن يتذكر فقره وماضيه، ولا يسعني سوى أن أقول "الله يسامحهم".