Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الموت على أعلى قمة في العالم

إفرست تعاني الازدحام والانهيارات الجليدية وخمس قاهريها يفقدون أرواحهم

هضبة الهملايا في لقطة من قمة إيفرست (أ ف ب)

ملخص

تواصل قمة إفرست في هضبة الهمالايا اجتذاب المغامرين على رغم أن خمس قاهريها قد يدفنون في ثلوج انهيارات الثلوج أو يقضون حتفهم لأسباب أخرى

أخبر الأطباء جايسون برنارد كينيسون أنه لن يتمكن من المشي مرة أخرى عقب حادثة مروعة تعرض لها في عام 2006، ولكن المتسلق الأسترالي حطم حدود التوقعات حينما تمكن من تسلق قمة جبل إيفرست خلال الشهر الجاري.

ومع ذلك، لم ينجح في العودة من جبل إيفرست بعد أن أصيب بمرض أثناء نزوله من الجبل.

وبحسب كلمات عائلته المكلومة في مدينة "بيرث" الأسترالية، "لقد وقف على قمة هذا العالم، لكنه للأسف لم يعد إلى موطنه".

لقد قضى كينيسون 17 عاماً يتعلم السير مرة أخرى بعد الحادثة التي ألحقت بعموده الفقري عدداً من الإصابات. وسعى إلى تسلق جبل إيفرست بهدف جمع التبرعات لمصلحة "جمعية إصابات الحبل الشوكي في أستراليا"، لكنه انضم إلى عدد متزايد من متسلقين فقدوا حياتهم أثناء تسلق إيفرست.

فقد أودى أعلى جبل في العالم بحياة 11 شخصاً منذ أبريل (نيسان) 2023، حينما بدأ موسم التسلق. وعلى رغم عدم وجود جهة واحدة تجمع الإحصاءات المتعلقة بحوادث إيفرست، يعتقد أنه في المتوسط يلقى بين ثلاثة وخمسة متسلقين حتفهم في كل موسم.

وذكرت وسائل الإعلام المحلية أن حكومة نيبال منحت 478 تصريحاً لتسلق جبل إيفرست هذا العام، وهو رقم قياسي مقارنة بـ409 تصريح في العام 2021.

وتقع في نيبال ثمانية من أعلى 14 قمة في العالم. ووفقاً لوزارة السياحة في نيبال، وحققت الحكومة إيرادات بـ5.8 مليون دولار من السياحة الجبلية حتى 14 مايو (أيار) الجاري، منها 5 ملايين دولار تدرها قمة إيفرست وحدها.

انتقد خبراء التسلق قرار زيادة عدد التصاريح. إذ أشار رئيس شركة "ماديسون ماونتنيرنغ" الأميركية غاريت ماديسون، إلى أن "التحديات التي سيواجهها المتسلقون مع تزايد أعدادهم على الجبل قد تتضمن احتمال وقوع ازدحامات على مسار التسلق، خصوصاً إذا جاءت فترات الطقس الملائمة قليلة ومتباعدة. قد يؤدي ذلك إلى نفاد الأوكسجين لدى المتسلقين ومواجهتهم الإرهاق والتعرض للبرد".

تعد "منطقة الموت" الجزء الأعلى من إيفرست، أي كل ما يزيد على 26.247 قدم (ثمانية آلاف متر). تكون نسبة الأوكسجين الجوي فيها منخفضة للغاية بحيث تموت الخلايا في الجسم البشري ما لم تزود بأوكسجين إضافي. تشير الدراسات إلى أن قدرة المتسلقين على اتخاذ القرارات تتأثر ويمكن أن يعانوا سكتة دماغية وأزمات القلب وداء المرتفعات بسبب العلو الشاهق.

في سياق متصل، اندرج الدكتور جيريمي وينزور ضمن 10 أطباء تسلقوا إيفرست في عام 2007 كجزء من "حملة كودويل إكستريم إيفرست". أظهرت دراسة أنه في منطقة الموت، "يعيش المتسلقون على ربع الأوكسجين الذي يحتاجون إليه عند مستوى سطح البحر. وتتساوى هذه النسبة مع للأرقام التي تظهر في حالات المرضى ممن يصلون إلى حافة الموت"، وفق ما نقل الدكتور جوناثان سوغارمان إلى المدون مارك هوريل.

ولكن منطقة الموت لم تمنع المتسلقين من القيام برحلاتهم الخطرة.

 

"جعلته الجبال يشعر بالرهبة والاندهاش"

في العادة، يشعر الدكتور جوناثان سوغارمان، الطبيب والمتسلق الخبير، البالغ من العمر 69 سنة، من أميركا الشمالية، يشعر بالراحة عند تسلق الجبال. توفي هذا المتسلق الذي اعتاد العيش في مدينة سياتل الأميركية، في وقت سابق من هذا الشهر في "مخيم 2" الذي نصب على إيفرست عند نقطة يصل ارتفاعها إلى 21 ألف قدم (نحو 6400 متراً). صرح بسانغ شيربا، منظم البعثة، لشبكة "سي أن أن" أن سوغارمان توفي "بعد أن بدأ يشعر بوعكة صحية".

وفي حديث مع صحيفة "سياتل تايمز"، ذكرت ابنته مايا سوغارمان، "أعتقد أن الجبال جعلته يشعر بالرهبة والاندهاش. لقد شعر بجمال وقوة تلك الجبال. خلف موته تأثيراً جسيماً. وحقيقة، نذكره كشخص رائع".

وفي 18 مايو، توفي المتسلق الصيني شويبين تشين أثناء توجهه إلى قمة الجبل. وذكرت وكالة البعثة لوسائل الإعلام المحلية بأن تشين فقد وعيه أثناء استبدال الأوكسجين عند ارتفاع مذهل يبلغ 8000 متر. ثم توفي متسلق آخر هذا العام هو أغ إسكندر بن أمبوان يعقوب. وصل أمبوان يعقوب، الذي عمل في الشرطة الماليزية، إلى القمة الجنوبية، حيث أصيب بمرض ولم يتمكن من المتابعة، بحسب ما نقلته صحيفة "هملايان تايمز" عن نيفيش كاركي، المدير في شركة "بيونير أدفنتشر" Pioneer Adventure.

وتوفي يعقوب أثناء العودة إلى مخيم يسمى 4 في 20 مايو. وقالت زوجته المكلومة، "على رغم مشاغله بالعمل، لم يتجاهلنا في أي يوم من الأيام واحداً. إنه بالفعل أب يحب جميع أطفاله بحق، وينصحهم باستمرار بمساعدة الأم، والاستماع إلى الأم".

في مثال آخر سعت سوزان ليوبولدينا خيسوس (59 سنة)، إلى تحقيق رقم قياسي جديد بأن تكون أول امرأة في آسيا ترتدي جهاز تنظيم ضربات القلب وتتسلق إيفرست، بيد أن الأطباء نصحوها بالتخلي عن محاولتها لتسلق إيفرست لأنها لم تكن قادرة على الحفاظ على سرعة طبيعية خلال تمارين التكيف في مخيم بيس [القاعدة]، وفقاً لتصريح يوفراج كاتيوادا، المدير في إدارة السياحة في نيبال.

 

مصدر إلهام للتسلق

استكمالاً، يعتبر المتسلقون الذين يصلون إلى القمة ويحققون أرقاماً قياسية متنوعة، قيمة إضافية في حلم إيفرست.

لقد نجح كامي ريتا شيربا، البالغ من العمر 53 سنة، في تسلق الجبل للمرة الـ28 هذا الشهر، فسجل رقماً قياسياً. تسلق شيربا إيفرست للمرة الأولى في عام 1994. وكرر تلك الرحلة كل سنة تقريباً، منذ ذلك الحين. والده كان من أوائل مرشدي شيربا في الهند.

أصبح الجندي السابق في فيلق "غوركا" النيبالي الذي فقد كلتا ساقيه في أفغانستان أول شخص يتم قطع ساقيه فوق الركبة ويصل إلى قمة جبل إفرست. وصل هاري بودها ماجار إلى أعلى جبل في العالم في 17 أبريل، بالضبط بعد 13 عاماً من تضرر كامل في ساقيه جراء أداة تفجير من صنع محلي، في أفغانستان.

أكمل بودها ماجار التحدي باستخدام ساقين اصطناعيتين مصممتين خصيصاً للتعامل مع الجليد والثلج.

وفي المقابل، بالنسبة لبعض المتسلقين مثل تينجينج شيربا ولكبا شيربا وبادوري شيربا، كانت الرحلة مميتة، إذ لقوا جميعاً حتفهم في منحدر "كومبو" الثلجي، وهو كتلة جليد تتحرك باستمرار وتحتوي على شقوق عميقة وجليد متدلٍ ضخم "يصل حجمه إلى حجم مبانٍ مكونة من 10 طوابق". يعتقد أنهم سقطوا في فجوة عميقة بعد أن اكتسحهم انهيار جليدي.

توفي أيضاً فوربا شيربا الذي شارك في حملة تنظيف الجبال التابعة للجيش النيبالي. وفي مخيم "ساوث كول" الواقع عند ممر حاد بين إيفرست ولهوتسي، توفي المتسلق القادم من مولدوفا، فيكتور برينزا، بعد أن أصيب بمرض في 17 مايو.

 

"الأشخاص الذين ليس من المفترض أن يكونوا على الجبل، يقفون الآن هناك"

يحتفل هذا العام بالذكرى السبعين لتسلق تينزينغ نورجاي شيربا وإدموند هيلاري، جبل إيفرست للمرة الأولى، ما قد يكون له تأثير في زيادة عدد طلبات التسلق. نشرت عدة شركات بعثات إعلانات لرحلات الاحتفال بالذكرى إلى "مخيم بيس" [المخيم الرئيسي].

نظراً للزحام الشديد، يزداد احتمالية تعرض المتسلقين للإصابة بداء المرتفعات.

يقترح الدكتور كوماران راسابان، وهو جراح عظام في مستشفى الجامعة الوطنية، وقد صعد إيفرست في عام 2012، أن نظام التصريحات ليس فاعلاً بشكل كاف.

ففي عام 2019، أصدرت الحكومة المحلية أمراً ينص على أن التصاريح لتسلق إيفرست ستمنح بصورة حصرية لأولئك الذين صعدوا إلى جبل نيبالي يبلغ ارتفاعه 6500 متر أو أعلى. وأوضح راسابان، "أعتقد أن عديداً من الأشخاص الذين ليسوا من المفترض أن يكونوا على الجبل، يقفون الآن هناك، جراء عدد من الأخطاء".

هناك من يقترح أن المتسلقين قد لا يمتلكون الخبرة المطلوبة. وفي حديث مع وكالة "رويترز"، لفت أدريان بالينجر من شركة "آلبنغلو إكسبيدشينز" Alpenglow Expeditions في الولايات المتحدة، إلى وجود "عدد من الشركات التي تقدم إرشادات الآن في الجانب الجنوبي من إيفرست، وتعمل على توجيه متسلقين لم يكتسبوا بعد الخبرة اللازمة للتعامل بأمان مع التحديات".

وتذكيراً، مثل الخامس والعشرين من أبريل 2015، اليوم الأكثر كارثية، إذ فقد 19 شخصاً حياتهم على إيفرست خلاله، فقد تسبب زلزال بقوة 7.8 درجة في مقتل 19 شخصاً في "مخيم بيس" [المخيم الرئيسي]. وقبل ذلك بسنة، تحديداً في 14 أبريل، تسببت انهيارات ثلجية في مقتل 16 مرشداً نيبالياً للتسلق. وبلغ معدل الوفيات من تسلق إيفرست في السنوات الثلاثين الماضية نحو 1 في المئة.

وفي ذلك الصدد، ذكر خاتيوادا، مدير وزارة السياحة في نيبال، أن فريقاً من الأطباء والمسؤولين الحكوميين يوجدون في مخيم إيفرست للمرة الأولى بغية المساعدة في إدارة أنشطة التسلق طوال الموسم.

ووفق خاتيوادا، "نحن قلقون في شأن سلامتهم، ومستعدون بشكل تام للتعامل مع الازدحام، من خلال توزيع محاولات الوصول إلى القمة بحسب حالة الطقس، من أجل ضمان تسلقهم بطريقة سلسة قدر الإمكان". ومع ذلك، سيتطلب تحسين الظروف وضمان استمرار جبل إيفرست كحلم للمغامرين، على غرار ما كانه في العقود السبعة الماضية، وضع رؤية ذات أمد أطول بغية تحقيق ذلك الهدف.

© The Independent

المزيد من منوعات