ملخص
لمحاولة إيجاد حلول لأزمة الكهرباء في قطاع غزة، التي تتحكم إسرائيل فيها، ناقش رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية مع الحكومة المصرية خطة ربط التيار بشبكات مصر، والعمل على تحويل محطة إنتاج الطاقة إلى الغاز الطبيعي بدلاً من الديزل.
في إطار معالجة أزمات غزة، أجرت السلطة الفلسطينية حوارات مع الجانب المصري هدفها تخفيف معاناة السكان، وكان ملف تحسين الكهرباء والغاز أبرز الموضوعات التي من شأنها أن تعود بالخير على أهالي القطاع الذين يعيشون من دون تيار.
وبحسب ديوان رئيس الوزراء الفلسطيني، فإن حكومة محمد اشتية تعمل على خطة هدفها تحسين مستوى وصول التيار الكهربائي إلى سكان القطاع، وتنقسم إلى جزأين، الأول ربط كهرباء غزة بمصر، والثاني تشغيل محطة توليد الطاقة في القطاع على الغاز الطبيعي بدلاً من السولار.
خلفية الأزمة
وتعاني غزة منذ عام 2006 أزمة حادة في الكهرباء، بعد أن قصفت إسرائيل محطة توليد الطاقة الوحيدة في القطاع، ومنذ ذلك الوقت ترفض السماح الحكومة الإسرائيلية إدخال معدات صيانة المحطة، وعلى أثر ذلك يعيش السكان على جداول وصل للتيار، وفي أحسن الأحوال يصلهم لنحو ثماني ساعات في اليوم.
وبالعادة، يحصل سكان غزة على الكهرباء من مصدرين، الأول محطة توليد الطاقة التي بها أربع توربينات لتوليد التيار، لكنها لا تستطيع تشغيل إلا ثلاثة، لعدم توفر كميات من وقود الديزل الذي تعمل عليه، وتنتج 75 ميغاواط، من أصل 120 تستطيع إنتاجها حال عملها بقدرتها الكاملة، والثاني من الجانب الإسرائيلي الذي يزود القطاع بـ10 مغذيات قدرة 117 ميغاواط.
وفي أحسن الأحوال يتوفر في غزة 192 ميغاواط من الكهرباء، بينما لضمان وصول التيار على مدار اليوم، يحتاج القطاع لنحو 450 ميغاواط في الأشهر العادية، ويرتفع الاستهلاك خلال فترة الذروة (الصيف والشتاء) إلى 630 ميغاواط.
ومقابل الحصول على الكهرباء، تدفع شركة توزيع التيار في غزة ثمن الطاقة التي تشتريها من محطة التوليد من حصيلة المشتركين، بينما تدفع السلطة الفلسطينية نحو تسعة ملايين دولار شهرياً لإسرائيل ثمن إمدادات القطاع بالتيار.
ويقول رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم، إنهم يشترون التيار بالسعر الذي فرضته السلطات الإسرائيلية من دون وجود أي دور للجانب الفلسطيني بتحديده، وهذا ما جعل أسعار الكهرباء في الأراضي الفلسطينية الأعلى على المستوى العالمي.
ربط الكهرباء
ولمحاولة إيجاد حلول لأزمة الكهرباء المستمرة في غزة، ناقش رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية مع الحكومة المصرية خطة ربط كهرباء القطاع بالشبكة المصرية للكهرباء، والعمل على تحويل محطة إنتاج الطاقة إلى الغاز الطبيعي بدلاً من الديزل.
ويعد طرح السلطة الفلسطينية قديماً، إذ كانت مصر تزود قطاع غزة بالكهرباء بقدرة 25 ميغاواط منذ 2009، إلا أنها توقفت عن ذلك نهاية 2017، وبحسب المتحدث الإعلامي باسم شركة توزيع الكهرباء محمد ثابت فإن السلطات المصرية قطعت الخطوط بطلب من الحكومة الفلسطينية التي توقفت عن تسديد ثمن الاستهلاك، لكن رئيس سلطة الطاقة الفلسطينية ظافر ملحم يرجع السبب وراء ذلك إلى أمور تتعلق بالمصريين وذلك نتيجة الأحداث التي شهدتها سيناء في ذلك الحين.
ويقول ملحم، إن اتصالات تجرى حالياً مع الجانب المصري من أجل إعادة تفعيل الربط الكهربائي بين مصر وقطاع غزة، إذ يتم العمل على توسعة هذا الربط للاستفادة من أكبر كمية كهرباء للقطاع ومعالجة عجز التيار، وهذا يأتي في إطار الخطة الاستراتيجية الفلسطينية من أجل تحقيق الأمن الطاقي والاستقلال والانفكاك عن الجانب الإسرائيلي تدريجاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويضيف ملحم "تقوم الفرق الفنية التابعة للكهرباء في غزة بتطوير شبكات وخطوط الكهرباء على الحدود المصرية، وفور جهوزية العمل سيصل القطاع تيار بقدرة 100 ميغاواط في المرحلة الأولى، ما سيسهم في معالجة العجز الكهربائي بشكل ملحوظ، وبعد ذلك سنعمل على توفير كميات أكبر من الطاقة تصل إلى 300 ميغاواط".
ويشير ملحم إلى أنه سيتم فصل المغذيات الإسرائيلية عن غزة، بعد ربط الشبكة مع الكهرباء المصرية، لافتاً إلى أن خطة الحكومة ليس ربط القطاع فحسب بل تشمل أيضاً وصل الضفة الغربية بكهرباء مصر، ما يقلل نسبة الاعتماد على الجانب الإسرائيلي التي تقدر بنحو 88 في المئة، لافتاً إلى أنه مع إعادة الربط مع المصريين ستنخفض إلى أقل من 60 في المئة.
من طرف الجانب المصري أكد وزير الكهرباء والطاقة المتجددة محمد شاكر اهتمام دولته بالربط الكهربي مع دول الجوار بما فيها فلسطين، وذلك تحقيقاً للرؤية السياسية في أن تكون مصر مركز محور لتبادل الطاقة.
التشغيل بالغاز
وإلى جانب ربط الكهرباء بين المنطقتين، ناقشت الحكومة الفلسطينية إمكانية تحويل محطة توليد الطاقة في غزة للعمل بالغاز الطبيعي لزيادة كفاءة أدائها التشغيلي عبر تشغيل أربع توربينات قادرة على توليد 200 ميغاواط.
ويؤكد ملحم أن ذلك سيكون بإشراف مصري ورعاية السلطة الفلسطينية، وأن تنفيذ هذا الأمر يستغرق عامين من بدء التنفيذ، وذلك في إطار دعم جميع التسهيلات اللازمة لمشاريع الطاقة في غزة، لكنه أشار إلى أن ذلك يحتاج إلى ضغط دولي لضمان عدم عرقلة إسرائيل أو قصفها للمحطة بعد تجديدها.
ومن المتوقع، أن يجري مد محطة الكهرباء بالغاز المستخرج من حقل غزة مرين الذي يبعد نحو 40 كيلومتراً عن شاطئ القطاع، بعد انتهاء المناقشات الثلاثية (الفلسطينية- المصرية- الإسرائيلية) التي تجري حالياً لوضع خطة لتوزيع حصص الغاز.
وفي هذا الإطار، يقول السفير الفلسطيني لدى مصر دياب اللوح، إن السلطة تسعى إلى استخراج البترول الموجود في الحقول المحاذية لمياه قطاع غزة، مشيراً إلى أن ذلك من شأنه تعزيز الاقتصاد الفلسطيني، لافتاً إلى عقد لقاءات ومشاورات دورية بين الجانبين الفلسطيني والمصري حول ملف استخراج الغاز لكنه استبعد أن يكون في وقت قريب.