ملخص
مراقبون يطالبون الأردن بالخروج من حالة التكيف والانتظار إلى المواجهة السياسية المحسوبة مع إسرائيل وفق مقاربات جديدة ومختلفة
أثار مشروع طرحه حزب "الليكود" الإسرائيلي الحاكم لتقاسم المسجد الأقصى بكل مساحته مكانياً، استنفار الأردن رسمياً وشعبياً، باعتباره تهديداً للوصاية الأردنية على المقدسات في القدس، ولطالما شدد الأردن على ضرورة الحفاظ على الوضع القائم في القدس، لكن المشروع الإسرائيلي يشكل تغييراً كبيراً للوضع الحالي الذي استمر لقرون.
وفيما يعتبر الأردن هذا المشروع انتهاكاً لحرية صلاة المسلمين في المسجد الأقصى بأكمله باعتباره مكاناً دينياً خالصاً لهم، ينظر الإسرائيليون إلى الأمر باعتباره انتصاراً كبيراً للتيار المتشدد.
المصلى القبلي وقبة الصخرة
يقول عضو الكنيست عن حزب "الليكود" عميت هاليفي، بحسب ما نشره موقع "زمان يسرائيل"، إن المسجد الأقصى ليس إسلامياً ومشروع القانون هو محاولة لإعادة تعريف المسجد الأقصى وتقاسمه بين المسلمين واليهود، إذ يستمر المسلمون في الصلاة داخل المصلى القبلي (الجهة الجنوبية) وملحقاته، ويستولي اليهود على المنطقة الوسطى والشمالية، بخاصة قبة الصخرة، بحجة أنها شيدت على أنقاض "الهيكل".
وفي الوقت الحالي يسمح للمسلمين بالصلاة في المسجد بأكمله، في حين لا يسمح لليهود بالصلاة إلا في ساحة "حائط البراق" التي تقع خارج ساحة المسجد.
ويقترح هاليفي في الخطة التي يسعى إلى حشد التأييد لها في الكنيست، تجريد الأردن من الوصاية على المسجد الأقصى، وتغيير جميع إجراءات اقتحام اليهود للمسجد الأقصى.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهته، يقول وزير الأوقاف الأردني محمد الخلايلة إن وزارته مسؤولة عن 120 مسجداً في القدس، إضافة إلى المهام المنوطة لها في شأن المسجد الأقصى. وأكد أن الحرم القدسي ليس هو المصلى القبلي وقبة الصخرة فقط، بل كل ما هو داخل سور المسجد.
وعن التقسيم المكاني والزماني للمسجد الأقصى، يضيف الخلايلة إنه مخالف لكل القوانين والمواثيق الدولية، لافتاً إلى أن إسرائيل تسعى إلى تطبيق هذا التقسيم بالقوة بعد أن طبقته قبل أكثر من عقدين في الحرم الإبراهيمي بالخليل.
إنهاء الوصاية الأردنية
بدوره، يحذر المحلل السياسي ماهر أبو طير من المخطط، ويقول إنه يعني أن نحو 70 في المئة من مساحة الحرم القدسي، ستتم مصادرتها، كونها غير يهودية، وستتم فيها إقامة الهيكل، كما ينص مشروع القانون على ضرورة التخلص من السيادة والوصاية الأردنية على المسجد الأقصى بشكل كلي، وكذلك إنهاء دور دائرة الأوقاف الإسلامية في ساحات الحرم، مع إقامة مديرية خاصة لإدارة شؤون اليهود في المسجد الأقصى وتثبيت وجودهم بشكل دائم. ويتابع أبو طير "أصبح التقسيم الزماني للحرم القدسي بين المسلمين والمسيحيين واقعاً منذ فترة طويلة بفترتين صباحية ومسائية ولساعات عدة يومياً، فيما نموذج التقاسم المكاني في الحرم الإبراهيمي في الخليل الذي تستحوذ إسرائيل على 60 في المئة منه، يطل علينا اليوم، بطريقة أخطر داخل الحرم القدسي".
إعلان حرب
الاستنفار الأردني تجاه هذا المشروع لم يكن على الصعيد الرسمي فحسب، بل امتد إلى الأحزاب والقوى السياسية التي اعتبرت أن تقسيم المسجد الأقصى مكانياً بمثابة إعلان حرب. ويشير مراد العضايلة الأمين العام لحزب "جبهة العمل الإسلامي" (أكبر الأحزاب الأردنية)، إلى خطورة مشروع القانون الإسرائيلي على الأردن باعتباره مساساً مباشراً بدوره في القدس والوصاية على المسجد الأقصى.
رسمياً، دان الأردن أكثر من مرة التقسيم المكاني للمسجد الأقصى. وقالت وزارة الخارجية الأردنية إن "هذا التقسيم يمثل تصعيداً خطراً وانتهاكاً للقانون الدولي، وإنها لن تسمح بأي تغيير في الوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى". ويستند الأردن في موقفه الرافض للتقسيم المكاني للمسجد الأقصى إلى دوره كوصي على المسجد منذ عام 1924.
نعي أردني لـ"حل الدولتين"
وكان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي قد قال على هامش اجتماع مجموعة "ميونيخ" في شأن عملية السلام في الشرق الأوسط "أصبحنا قريبين جداً من إعلان وفاة حل الدولتين".
ويرى المحلل السياسي حسين الرواشدة في تصريحات الصفدي بمثابة نعي أردني متأخر لحل الدولتين، فيما خيار "اللادولة" هو المطروح على الطاولة، وفق موازين القوى الراهنة. ويضيف الرواشدة أن ما يحدث مقلق وغامض بالنسبة إلى الأردن، فخيار "الدولتين" ظل لازمة تتكرر في الخطاب السياسي أمام الرأي العام منذ عقود ومخرجاً من أي مخاوف أو هواجس لحل سياسي على حسابه. ويطالب الرواشدة الدولة الأردنية بالخروج من حالة التكيف والانتظار إلى حالة المواجهة السياسية المحسوبة مع إسرائيل، وفق مقاربات جديدة ومختلفة.