ملخص
ليبيا لديها نسبة عالية من الشباب الذين يتعاطون المخدرات بسبب الأزمات التي خلفتها الحروب كما أنها تصنف من البلاد الأقل سعراً للمخدرات في العالم
انتقلت ليبيا خلال الأعوام الأخيرة من مرحلة الترويج والاستهلاك للمخدرات إلى مرحلة زراعة النباتات الممنوعة، وهي ظاهرة دقت ناقوس الخطر من إمكان دخول البلد الغارق في الفوضي الأمنية والانقسامات السياسية إلى دائرة الدول المنتجة للحشيش.
وعلى رغم أن ليبيا لم تصنف بعد من بين الدول المنتجة لهذه المادة إلا أن تتالي العمليات الضبطية، وآخرها اكتشاف مزرعة لزراعة القنب الهندي جنوب العاصمة الليبية طرابلس الأسبوع الماضي من قبل النيابة العامة الليبية، رفع أسهم مخاوف المتخصصين في مكافحة المخدرات من انتشار النباتات الممنوعة في ليبيا وعلى رأسها القنب الهندي الذي يمنعه القانون الليبي رقم (7) 7لسنة 1997.
وقال مكتب النائب العام الأسبوع الماضي في بيان له إن "رئيس النيابة بمكتب النائب العام انتقل إلى إحدى المزارع الكائنة جنوب طرابلس بعد ورود بلاغ حول واقعة زراعة نبتة القنب الهندي فيها".
وأضاف أن "رئيس النيابة قام فور وصوله إلى مكان الزراعة بتصوير نبات شجيري تتآلف أوصافه مع نبات القنب الهندي (كانا بيسنو ساتيفا)، ثم أثبت حال الأشياء اللازمة لزراعته وعاين بذور النبات والمحصول".
وأوضح البيان أن "الشواهد القائمة أنبأت بتوافر باعث إنتاج مخدر الحشيش والإتجار فيه، وبذلك استدعت إجراءات جمع الأدلة مباشرة والتحقيق في وسائل النقل والأدوات التي استخدمت في نشاط زراعة المنتج والاتجار فيه ومنع الأشخاص من تجاوز حدود المزرعة محل الجريمة، تمهيداً لقطع الزراعة المحظورة".
عوامل مساعدة
وأكد مقرر لجنة مكافحة المخدرات محمود الكاديكي أن ضبطية مزرعة جنوب طرابلس من القنب الهندي ليست الأولى من نوعها، إذ سبقتها ضبطيات أخرى عدة من بينها ضبطية مزارع لنبات المخدرات العام الماضي في كل من سبها وطرابلس التي قدرت فيها المساحة الزراعية للنباتات الممنوعة بـ 100 هكتار في العاصمة وحسب.
ووصف الكاديكي في حديث إلى "اندبندنت عربية" مساحة إنتاج الحشيش في ليبيا بـ "المهمة، مقارنة بحداثة ظاهرة زراعة النباتات المخدرة التي تمنعها البلاد وفق القوانين السارية منذ عام 1997"، مرجعاً "استفحال هذا الموضوع إلى الانقسام السياسي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع المسؤول في لجنة مكافحة المخدرات أن "ظاهرة انتشار وزراعة النباتات المخدرة ظاهرة عالمية، إذ بيّن تقرير الأمم المتحدة لعام 2017 أن 103 ملايين شخص في العالم متعاطون لمخدر الحشيش، وليبيا لديها نسبة عالية من الشباب المتعاطي للمخدرات بسبب الأزمات التي خلفتها الحروب من أمراض نفسية وانتشار للبطالة، إضافة إلى رخص ثمن المخدرات في ليبيا التي تصنف بأنها البلد الأقل سعراً للمخدرات في العالم".
ودعا الكاديكي إلى إطلاق حملات توعوية بالمشاركة مع أجهزة مكافحة المخدرات والجمارك، باعتبار أن جهاز الجمارك هو جهاز موحد في ليبيا وهو من يضبط المواد المخدرة الواردة عبر المنافذ البحرية والجوية، حتى لا تنزلق ليبيا نحو دائرة الدول المنتجة للقنب الهندي بصفة رسمية.
الليبيون الحلقة الأضعف
ويقول المتخصص في الشأن الليبي أحمد التهامي إنه بحكم تجربته في مجال مكافحة المخدرات من خلال إنجازه لعمل درامي يحمل عنوان "بوذراع"، وهو الإسم الحقيقي لبطل العمل وأحد ضحايا استهلاك هذه المادة، فإن الوضع في ليبيا تجاوز الخطوط الحمر، إذ مر البلد في لمح البصر من بلد عبور واستهلاك للمخدرات إلى الزراعة والإنتاج، فكمية المحصول والبذور التي عاينتها النيابة العامة في آخر ضبطية لها الأسبوع الماضي لا تبين أن الكمية للاستهلاك الفردي.
وتابع، "انهيار نظام القذافي جعل البلاد تنخرط في نشاطات اقتصادية عالمية على غرار زراعة القنب الهندي، لأن غياب سلطة الدولة والانفلات الأمني يسمح بكل التجاوزات، فالهدف هو الحصول على المال من دون الاهتمام بطبيعة النشاط الممارس من ناحية، ومن ناحية أخرى الحروب وماتفرضه من تبعات، إذ يفكر الناس في البحث عن بدائل مالية بغض النظر عما إذا كانت قانونية أم لا".
وحول ما إذا كان ضعف الدولة وهشاشتها هما السبب وراء انتشار هذه المزروعات، أكد المتخصص في الشأن الليبي أن "هشاشة النظام مهدت الطريق أمام إنشاء خطوط إنتاج وتسويق حرة خارج القوانين التي تفرضها الدولة الليبية، لأن هذا النشاط هو نشاط عالمي والليبون فيه هم الحلقة الأضعف لأنهم لا زالوا مبتدئين".
وسبق وأطلقت أجهزة الأمن الليبية حملة ضد أوكار المخدرات في كل أنحاء البلاد في أبريل (نيسان) الماضي أدت إلى الإطاحة بعدد من المتورطين الليبين وجنسيات أفريقية أخرى، وتم ضبط كمية من المواد المخدرة في ميناء مدينة الخمس شرق طرابلس، وصفت بأنها "من أكبر الكميات التي ضبطت في شمال أفريقيا وفي تاريخ الجمارك الليبية".