في الوقت الذي أعلنت الإذاعة الجزائرية الرسمية، استكمال إجراءات التحقيق على مستوى القضاء العسكري، في ملف السعيد بوتفليقة والفريق محمد مدين المدعو (توفيق) المسؤول السابق عن جهاز الاستخبارات وخليفته الجنرال عثمان طرطاق والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، نفى محاموهم ورود أي تبليغ يخص بدء المحاكمة قريباً.
وأعلنت الإذاعة الرسمية "إغلاق ملف التحقيق" على مستوى القضاء العسكري في محكمة البليدة (50 كلم جنوب العاصمة)، مع كل من السعيد بوتفليقة الشقيق الأصغر للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ومسؤولي الاستخبارات على التوالي، محمد مدين (1990 إلى 2015)، وعثمان طرطاق (2015 إلى 2019)، والأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون.
كذلك، أصدرت المحكمة العسكرية أوامر بالقبض الدولي على وزير الدفاع السابق خالد نزار ونجله لطفي وأمر دولي بالقبض على بن حميد فريد، الناشط في الصناعة الصيدلانية، وذلك بعد اتهمامهم بالتآمر على الدولة.
اجتماعات مشبوهة
واعتُقل السعيد، توفيق وطرطاق في الخامس من مايو (أيار) الماضي، قبل أن يستدعي القضاء في التاسع من الشهر ذاته، الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، وذلك في سياق تحقيق حول طبيعة اجتماعين على الأقل عُقدا في الـ 27 والـ 29 من مارس (آذار) 2019، وصفتهما وزارة الدفاع بـ "الاجتماعات المشبوهة للتآمر على سلطة الجيش والنظام".
وسيُحاكم السعيد بوتفليقة وقائدا الاستخبارات السابقين بموجب المادتين 77 و78 من قانون العقوبات، وأيضاً بحسب المادة 284 من قانون القضاء العسكري. وتتعلق هذه المواد عموماً بتهم التآمر على نظام الحكم أو تغييره، وتحريض المواطنين أو السكان على حمل السلاح ضد سلطة الدولة أو المساس بوحدة التراب الوطني.
محاكمة على التلفزيون الرسمي؟
تفيد أنباء من الوسط القضائي، باحتمال نقل محاكمة المتهمين الأربعة، عبر التلفزيون الحكومي مباشرة. وفي حال قررت وزارة الدفاع ذلك، فستكون سابقة في تاريخ القضاء الجزائري منذ الاستقلال، خصوصاً القضاء العسكري.
ونفى ميلود براهيمي، محامي كل من السعيد بوتفليقة والجنرال توفيق، علمه بانتهاء التحقيق القضائي مثلما روّجت الإذاعة الرسمية، ونُقل عنه قوله إن "أول من يُبلّغ بانتهاء التحقيق يفترض أن يكون المحامون". وعلى الرغم من النفي، فإن مصادر تشير إلى أسابيع فقط قبل بدء المحاكمة، أي نهاية أغسطس الحالي أو مطلع أيلول (سبتمبر) المقبل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وبالنسبة إلى التحقيق القضائي على مستوى محكمة البليدة، يقول المحامي عامر رخيلة، إن "إجراءات المحكمة العسكرية أسرع في العادة من المحاكم المدنية العادية، وبالنسبة إلى خصوصية الجرائم التي يتابع فيها هؤلاء بموجب قانون العقوبات، فقد تصل العقوبة إلى الإعدام". ويضيف "خصوصية القضاء العسكري هي الانضباط ضد كل من يرتكب مخالفة لنظم الجيش الوطني الشعبي".
هل تنقل المحاكمة خارج البليدة؟
يطرح محامون فرضية نقل المحاكمة خارج البليدة، وفق نصوص القضاء العسكري، الذي يضع في الحسبان دائرة الاختصاص (المكان الذي نشط فيه كبار الضباط المعاقبين)، ومعلوم أن توفيق وطرطاق شغلا منصبيهما في العاصمة التي تتبع اختصاص الناحية العسكرية الأولى في البليدة.
ويضع المحامي أمين سيدهم، هذا الاحتمال قائماً، مثلما كان الحال مع محاكمة الجنرال حسان عام 2015، وهو مسؤول مكافحة الإرهاب السابق في دائرة الاستخبارات، فقد حُقق معه في البليدة لكنه حوكم في المحكمة العسكرية في وهران (400 كلم غرب العاصمة). ويستند سيدهم إلى المادة 30 من القضاء العسكري التي تحيل محاكمات كبار الضباط، بعيداً من دائرة الاختصاص التي نشطوا فيها.
التهم... والإعدام
تخضع التهم الموجهة للسعيد بوتفليقة ولويزة حنون، على الرغم من أنهما شخصيتان مدنيتان، إلى الضوابط العسكرية ذاتها، التي سيحاكم على أساسها كل من عثمان طرطاق ومحمد مدين، الذي سبقه على رأس جهاز الاستخبارات، بمعنى أن المتابعة تحصل على أساس القضاء العسكري وليس المدني.
وبحسب بيان عسكري سابق، فإن مواد عدة سيحاكم بموجبها هؤلاء الأربعة، أولها المادة 284 من قانون القضاء العسكري، التي استندت إليها عمليات التحقيق، وتنص على أن "كل شخص ارتكب جريمة التآمر، غايتها المساس بسلطة قائد تشكيلة عسكرية أو سفينة بحرية أو طائرة عسكرية، أو المساس بالنظام أو بأمن التشكيلة العسكرية أو السفينة البحرية أو الطائرة، يعاقب بالسجن مع الأشغال من خمس إلى عشر سنوات". ويضيف نص المادة "تقوم المؤامرة بمجرد اتفاق شخصين أو أكثر على التصميم على ارتكابها، ويطبق الحد الأقصى من العقوبة على العسكريين الأعلى رتبة وعلى المحرّضين على ارتكاب تلك المؤامرة".
كما تشير إلى أن "كل شخص ارتكب جريمة التآمر في زمن الحرب وعلى أراض أعلنت فيها الأحكام العرفية أو حالة الطوارئ أو في أي ظروف يمكن أن تعرّض للخطر أمن التشكيلة العسكرية أو السفينة البحرية أو الطائرة، أو أن ترمي إلى الضغط على قرار القائد العسكري المسؤول، فيقضي بعقوبة الإعدام".
المادة 77
وتقول المادة 77 إن "الإعتداء الذي يكون الغرض منه إما القضاء على نظام الحكم أو تغييره وإما تحريض المواطنين أو السكان على حمل السلاح ضد سلطة الدولة أو ضد بعضهم البعض، وإما المساس بوحدة التراب الوطني، يعاقب بالإعدام. ويعتبر في حكم الاعتداء، تنفيذ الاعتداء أو محاولة تنفيذه".
أما المادة 78، فتنص على "المؤامرة التي يكون الغرض منها ارتكاب الجنايات المنصوص عليها في المادة 77 ويعاقب عليها بالسجن المؤقت من عشر سنوات إلى 20 سنة".
وبحسب المادة 78 "كل من يعرض تدبير مؤامرة بغرض التوصل إلى ارتكاب الجنايات المنصوص عليها في المادة 77، من دون أن يقبل عرضه، يُعاقب بالحبس من سنة إلى عشر سنوات وبغرامة من 3000 إلى 70.000 دينار. ويجوز إضافةً إلى ذلك أن يُمنع الفاعل من ممارسة جميع الحقوق المشار إليها في المادة 14 من هذا القانون أو بعضها".