Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل رتبت إسرائيل تدابير ترحيل "عرب 48" وإلى أين؟

"شاباك" يجهز للتعامل الاستباقي والتحول من انتظار الخطر إلى إحباطه وإفشال أي مخطط في هذا السياق

مخاوف أمنية من حالات فوضى محتملة في الضفة الغربية (أ ف ب)

ملخص

التوقع بأن إسرائيل مقبلة على سلسلة من المواجهات الدامية في الداخل سيطرح ضرورة التعامل الاستباقي وتحييد أية أخطار واردة على أمنها

بدأ الجيش الإسرائيلي تدريبات ممتدة تحاكي مواجهة مع جهات في الوسط العربي، ضمن حرب محتملة متعددة الجبهات تندلع فيها مواجهة مع غزة ولبنان وسوريا وربما إيران، إلى جانب الضفة والداخل.

وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن 10 كتائب عسكرية تتدرب على هذا، وتم تشكيل لجنة وزارية لشؤون المجتمع العربي يترأسها نتنياهو وتضم في عضويتها 18 وزيراً، ويقودها ممثل عن نتنياهو من مجلس الأمن القومي، وسيكون مواطن عربي واحد فيها، وهو مدير سلطة التطوير الاقتصادي للأقليات ومراقب الحسابات حسان طوافرة.

صلاحيات اللجنة هي معالجة أمور المواطنين العرب في مجال العمل والرفاه والتعليم والصحة والأمان الشخصي والسكن والثقافة والرياضة والتطوير الاقتصادي، وتطوير خطوات لمكافحة الجريمة في المجتمع العربي، فماذا يجري في إسرائيل ويتعلق بالتعامل الصفري مع عرب إسرائيل؟ وهل هناك مخطط لترحيلهم إلى خارج الدولة تأكيداً ليهودية الدولة خلال الفترة المقبلة؟

ملاحظات

1- في توقيت بالغ الأهمية يتجه نتنياهو للتعامل مع ما سيجري في النطاق العربي ومدن الضفة ومناطق عرب إسرائيل، والذين يتركزون في مناطق استراتيجية محددة من خلال اللجنة المشكلة والتي تتم في سياق التزام نتنياهو بمقررات اتفاق الشراكة، مما يعني أن هناك اتفاقاً جماعياً داخل الائتلاف على ما سيجري وسيمس أمن إسرائيل كدولة، ولهذا فإن مخطط الحكومة الإسرائيلية ليس تحسين الصورة أو تطويق ما يمكن أن يجري ويضع حدوداً لوجود عرب إسرائيل، مما يؤكد أن هناك مخاوف حقيقية من السيناريو المقبل وهو ما يشير إلى احتمالات عدة، أولها تحذير الأجهزة الأمنية في إسرائيل من سيناريو "يوم جهنم"، وهو الذهاب إلى انتفاضة من داخل تجمعات عرب إسرائيل تنضم إلى المدن الثائرة، ومنها القدس ونابلس وجنين، مما يعني أن إسرائيل قد تتعرض لجبهة جديدة في إطار الجبهات المهددة لأمنها، مما يستدعي توخي الحذر والانتقال من الوضع الراهن إلى وضع آخر في ظل المستجدات، وهناك تحذيرات من احتمال وجود عناصر من عرب إسرائيل ضمن بعض الخلايا الأمنية التي تمثل الهاجس الأكبر، وفي هذه الحال ينبغي التعامل بجدية مع المشهد بصرف النظر عن كون هؤلاء العرب من مواطني الدولة، ولذلك تم وضع مكافحة العنف الداخلي المتفاقم في المجتمع الإسرائيلي على رأس اهتمام الحكومة الحالية، ولهذا الهدف تم رصد موازنة تزيد على نصف مليار دولار.

ومعلوم أن عرب إسرائيل لا يخدمون في الجيش والمؤسسات العسكرية باستثناء الدروز، "وهذه علامة على وجود أزمة ثقة في ما يتعلق بهذا المجتمع"، بحسب ناشطين حقوقيين، وثانيها أن اختراق الداخل في مناطق عرب إسرائيل سيتطلب بالفعل القفز على الوضع الراهن وضرورة تأمين هذه الجبهة، وإلا فإن سيناريوهات ما يجري ستظل مرتبطة بوجود أخطار حقيقية على الدولة، ومن ثم فإن "شاباك" يرتب للتعامل الاستباقي والتحول من انتظار الخطر إلى إحباطه وإفشال أي مخطط في هذا السياق، ومن شأن هذا أن يؤمن جبهة عرب إسرائيل من الآن حتى مع سلسلة الإجراءات التي يمكن العمل عليها خلال الفترة المقبلة، والتدابير الاحترازية التي يمكن المضي فيها، بخاصة وأن وزراء في حكومة نتنياهو يطالبون بحسم ملف عرب إسرائيل والانتقال من المشهد الراهن داخل مناطق عرب إسرائيل إلى مناطق تماس استراتيجي حيث الخطر الأكبر، والذي يمكن أن يكون مقدمة لوقوع عمليات في قلب إسرائيل، وهو ما سيزيد حدة المواجهات الراهنة مع الجانب الفلسطيني. والتوقع بأن إسرائيل مقبلة على سلسلة من المواجهات الدامية في الداخل سيطرح ضرورة التعامل الاستباقي وتحييد أي أخطار واردة على أمن إسرائيل من الآن، وقد تكرس ذلك من خلال قرارات المحكمة العليا السابقة التي ميزت ضد الفلسطينيين الذين يعيشون في كل من إسرائيل والضفة، فعلى سبيل المثال دعمت المحكمة قانون الدولة القومية عام 2018 الذي نص على أن حق تقرير المصير في إسرائيل هو حق فريد للشعب اليهودي، والتي وصل عدد سكانها إلى تسعة ملايين و593 ألف نسمة، 21 في المئة منهم فلسطينيون (عرب 48)، فيما يبلغ عدد السكان اليهود حوالى 7.069 مليون نسمة يشكلون ما نسبته 74 في المئة من مجموع سكان إسرائيل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تماسك مجتمعي

ومن بين اليهود الذين تبلغ أعمارهم 20 سنة وما فوق 45.3 في المئة يعرفون أنفسهم بأنهم علمانيون، و19.2 في المئة تقليديون غير متدينين، و13.9 في المئة متدينون تقليديون، و10.7 في المئة متدينون، و10.5 في المئة أرثوذكس متطرفون "حريديم"، فيما وصل عدد السكان العرب من "فلسطيني 48" إلى 2.026 مليون نسمة، أي 21 في المئة، وبلغ عدد السكان الآخرين (مسيحيون وغير عرب وأتباع ديانات أخرى) 498 ألف نسمة، أي خمسة في المئة من إجمال السكان.

وثالثها الدعاوى التي يطلقها وزراء في الحكومة الإسرائيلية بطرد عرب إسرائيل خارجاً، وهو أمر يتكرر من آن لآخر ومع مناقشات حقيقية متعلقة بتأمين الدولة من الداخل، وبناء مناعة وطنية حقيقية للدولة في مواجهة الأخطار والتحديات الراهنة والمتوقعة، ويتماشى مع الدعوة إلى "نقاء دولة يهودية لا وجود فيها للأغيار من الذين يعملون ضد أمنها"، ومن ثم فإن طرد عرب إسرائيل مهم ومطلوب ضمن أولويات الدولة ومهماتها الكبرى في الوقت الراهن، تحسباً لأن تمثل هذه الشريحة الحائزة على الجنسية وكل حقوق المواطن قيداً على الدولة العبرية، وعائقاً حقيقياً لتطوير قدراتها أو منحها التأمين الكامل داخلياً، بخاصة وأن إسرائيل كدولة تحتاج إلى مراجعات مهمة وتماسك مجتمعي حقيقي، في ظل ما يجري من أخطار تتعلق بالاستقرار الداخلي، ووجود مخاوف حول استمرار الدولة في الإقليم وأنها تحتاج إلى معالجات من نوع آخر.

2- في ظل هذه الأوضاع من عدم الاستقرار والدخول في مواجهة حقيقية محتملة مع عرب إسرائيل، فإن السؤال إلى أين يذهبون؟ وما هي مطالب حكومة نتنياهو المباشرة في هذا السياق؟ وهل هناك من يدفع للتعجيل بمخطط الطرد وتطبيق قواعد الـ "ترانسفير" التي تمت تجاه الفلسطينيين، ولا تزال تجري وفق مخطط محكوم ومنضبط؟

خطة تنمية النقب

الإجابة أن هناك أفكاراً متعلقة بإجراء "ترانسفير" إلى منطقة صحراء النقب، تلك المنطقة الرئيسة التي تعمل إسرائيل على تطويرها منذ أعوام طويلة ولم تنجح، وكان رئيس الدولة شيمون بيريز قد طرح رؤى عدة للقيام بذلك وفق خطة تنمية النقب، والتي لم تتم غالبيتها حتى الآن وتحتاج إلى مليارات الشيكلات غير المتوافرة في ظل صعوبات تمرير الموازنة العامة التي نجحت الحكومة في تجاوزها أخيراً.

والرسالة أن إسرائيل تتجه إلى خياراتها النهائية لحسم مستقبل الصراع وعدم إدارته بالفعل في ظل مخطط واضح المعالم، وتجاوز عثرات الماضي والإخفاق في تمرير مشروع الحسم في سنوات سابقة، ويتم ذلك عبر مخطط مدروس وحكومة قوية وتصميم وإرادة واضحة وتوزيع جيد للأدوار، مما يؤكد أننا أمام مسارات واضحة لن تتوقف عند عرب إسرائيل بل تتجاوزها إلى مساحات أخرى من الطرح والتعامل، وهو ما يجب الانتباه إليه بخاصة مع رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي في نقل رسالة للجمهور الإسرائيلي بقوة مركزه، وعدم وجود معوقات حقيقية للتعامل حتى مع موطني الدولة طالما أن هناك أخطاراً على أمن الدولة، مما يدعو إلى التعجيل بدخول مخطط النظرية التي كانت مطروحة حيز التنفيذ وحسم الأمر بالفعل، وعدم التأخير في إنجاز ما يجري تخوفاً من تحولات حقيقية متعلقة بالمشهدين السياسي والأمني في الضفة الغربية، واتساع رقعة التحديات التي تواجه الدولة العبرية ومواطنيها، مما يتطلب التعامل برؤية أكثر حضوراً في ظل دخول إسرائيل في مساحات من التجاذب الكبير والمتعدد خلال الفترة المقبلة، لا سيما وأن قادة الـ "ليكود" والقوة اليهودية لا يسعيان إلى إخفاء مخططاتهم تجاه عرب إسرائيل، فلن يقتل قادة اليمين، بحسب تصريحاتهم العلنية، مواطني الدولة العرب ولن يلحقوا بهم أي ضرر جسدي، ولكنهم سيهجرونهم من بيوتهم.

هذه ليست دعاية انتخابية بل خطة عمل، وقد تم الاتفاق على منح ما يسمى "وزارة النقب والجليل" التي يديرها وزير من حزب "القوة اليهودية" الذي يتزعمه إيتمار بن غفير، موازنة إضافية بهدف تصعيد عمليات تهويد النقب والجليل بالداخل.

الخلاصات الأخيرة

تتجه إسرائيل إلى تنفيذ مخططها في القدس حيث تم تكثيف أعمال الحفر والردم في المسجد الأقصى، وتغيير معالم المدينة التاريخية والعمل على فصل مناطق التماس الاستراتيجي من وإلى مناطق النار التي تصنفها أجهزة المعلومات، وبخاصة "شاباك"، بأنها تمثل تحديات على أمن إسرائيل، ومن القدس إلى مناطق عرب إسرائيل سيكون التحدي الأكبر في المواجهة المقبلة، وهو ما يترقبه جهاز "شاباك" جيداً ويتحسب له ويعمل عليه في ظل سيناريوهات تبدو صفرية، لكن يبقى الهدف واضحاً وهو الحفاظ على يهودية الدولة وبناء مناعة وطنية كبيرة في مواجهة ما يهدد أمنها الرئيس.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل