Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مكنسة الساحرة الشريرة... كيف عبرت المرأة فكرة الدنس؟

الحركات النسائية المتعاقبة نجحت في تغيير صورتها القديمة ككائن طفيلي يعيش على حساب الرجل

تلاشت صورة المشعوذة ذات المكنسة الخشبية بعد انقشاع غمة "تحريم الاستحمام" في القرون الوسطى (مواقع التواصل)

ملخص

الصورة الشهيرة في الرسوم المتحركة لعجوز شمطاء مشعوذة تطير فوق مكنسة خشبية ظلت متداولة حتى مطلع عصور العلم والمعرفة، فما قصتها؟

قبل مطلع القرن الـ19 وبداية الثورة الصناعية، استخدم بعض رجال الدين سلطتهم لتكريس فكرة أخلاقية عن النظافة الشخصية، كانت نتيجتها المباشرة "شيطنة السيدة مكنسة"، لتظهر الصورة الشهيرة في الرسوم المتحركة لعجوز شمطاء مشعوذة تطير فوق مكنسة خشبية.

ظلت الصورة متداولة في أفلام "الأنيمي" القديمة في السبعينيات وقبلها وحتى مطلع الحداثة، وظهرت في رسوم متحركة شهيرة مثل "توم أند جيري" و"هاري بوتر"، وغيرهما من الأعمال الخيالية.

الاعتقاد الديني بأن الاستحمام، خصوصاً في المرافق العامة، يؤدي إلى تفشي الأوبئة وتزايد الفسوق، والذي بني على نظرية طبية خاطئة، تفشى بشكل غريب في أوساط أوروبية عادية ونخبوية، لكن كان هناك أيضاً سبب آخر اجتماعي كرس هذه الصورة التي أساءت إلى فكرة النظافة من خلال مهاجمة المرأة تحديداً، إذ لم نرَ صورة لرجل يطير فوق مكنسة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والسبب هو أن الثقافة الأوروبية الغربية (السلتية) التي تتحدر من أصول آسيوية وإسبانية عبرت عن فكرة تطفل المرأة على الرجل لينفق عليها حتى الموت بطريقة كوميدية، إذ ربطت بشكل مباشر بين صورة المرأة تلك ومرض تسببه الطفيليات وأنواع من الفطر يصيب الشجر المنتج للأخشاب مسبباً تشابك الأغصان في أعالي الشجر المعمر، وسمي هذا المرض "تشوه المكنسة" لينقل بعد ذلك من خلال المخيلة إلى الشاشات الصغيرة والكبيرة.

مرض تشوه المكنسة

ميزت الثقافة الأوروبية قديماً الشجر المنتج للخشب عن بقية النباتات لدخوله في كثير من الصناعات الحيوية، وعرف أهل تلك الحضارة، ومنهم السلتيون الذين يمكن أن ننسب فكرة المكنسة الطائرة إليهم، مواصفات الشجر المنتج دون غيره من الأشجار، إذ يجب أن يكون معمراً، ومن النباتات الوعائية التي تحوي كثيراً من الأنسجة وله ساق متجددة وغيرها من الصفات، ولاحظ هؤلاء أن هناك ظاهرة غريبة تحدث لهذا الشجر لم يكن معروفاً وقتها أن سببها مرض طفيلي، إذ تنمو أنواع من الفطريات والبكتيريا والفيروسات على هذا الشجرة مسببة تشوهاً يغير الهيكل الطبيعي للنبات، ويشبه النمو الناتج كتلة كثيفة من البتيلات المتداخلة أطلقوا عليها "المكنسة" أو "عش الطائر"، وأطلقوا على تلك الظاهرة بكاملها "تشوه المكنسة"، وبعد ذلك ألحقت صورة العجوز الشمطاء المشعوذة على المكنسة التي تحلق في السماء لوصف بعض النساء المتطفلات على الرجال (المنتجين) الذين ينفقون عليهن وأطفالهن حتى الموت.

 

 

يقول العلم الحديث عن هذه الظاهرة التي كانت تشوه الأشجار المعمرة الشاهقة الارتفاع والتي ربطت بالسحر والخرافة قديماً، إن هناك اسماً لكل فطر أو بكتيريا خاصة بالشجرة التي تتشوه، فشجرة "البتولا" يشوهها فطر اسمه "تافرم باتوليما". أما شجرة الصنوبر فلها فطريات معينة، والكائن الطفيلي وفق بعض الموسوعات العلمية، يشوه طبيعة الشجرة ويصعب التخلص من آثاره وقتله حتى مع اقتلاع جزء من الأغصان، وهذا سبب ربط صورة المرأة المتطفلة قديماً بهذه المخلوقات التي يصعب الخلاص منها.

بعد الحرب العالمية

بعد الحرب العالمية الثانية اختارت المرأة الخروج من المنزل ودخول معترك الأعمال مثل الرجل، فالحركات النسائية المتعاقبة نجحت في تغيير هذه الصورة التي جعلت المرأة مخلوقاً طفيلياً يتغذى على إنتاج الرجل، وتلاشت شيئاً فشيئاً أسطورة الرجل المحارب وانتهى زمن "الساموراي" و"الفايكنغ" والمحارب السلتي أيضاً، وكان ذلك سبباً رئيساً في تلاشي صورة المشعوذة التي تطير على مكنسة خشبية، خصوصاً بعد انقشاع غمة "تحريم الاستحمام" وإلحاقه بالشعوذة في القرون الوسطى.

 

 

تقول مذكرات "ساندور ماري" المتداولة بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي والمأخوذة من وثائق رسمية من إسبانيا 1561-1761، إن العطور الفرنسية لعبت دوراً في تغطية الروائح النتنة التي كثرت في الشوارع والبيوت، ولكن في نهاية المطاف تحررت المرأة من هذه الوصمة وتحرر الإنسان الأوروبي من تهمة القذارة، وأخذت الصورة بالتغير نحو حالنا اليوم، بل إننا رأينا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 أعمالاً سينمائية ورسوماً متحركة كثيرة عكست الصورة تماماً، وصولاً إلى عام 1994 وفيلم "جونيور" الذي أدى بطولته النجم آرنولد شوارزنجر وداني دافيتو وإيما تومسون، إذ يوافق عالم نمسوي على تجربة حمل وإنجاب لخدمة العلم، عدا عن موجة من الأفلام على غرار "ذا نيو نورمال" لجاستن بارثا، وسلسلة أعمال "هاوس هزبند" التي تتحدث عن رجال متحررين من ثقافة العيب الذكورية ومقيمين في المنازل (دادي ستاي هوم) ويمارسون دور المرأة كاملاً، وبلغ عددهم في الولايات المتحدة عام 2010 وفق إحصاءات أكثر من مليوني رجل.

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات