يبدو أن أحزاب التيار الإسلامي في الجزائر تتجه إلى فتح جبهة معارضة شرسة مع النظام المؤقت، خصوصاً جناح الإخوان منه، بعدما شن رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية عبدالله جاب الله هجوماً عنيفاً على لجنة الحوار واتهمها بخدمة أجندة السلطة، في حين التزمت بقية أطراف التيار الصمت.
لا تمثيل للإسلاميين في لجنة الحوار
يتساءل التيار السياسي الإسلامي عن أسباب تجاهله من قبل النظام المؤقت، خصوصاً بعد خلو لجنة الحوار من أي شخصية محسوبة على الإسلاميين، لتجد أحزاب التيار نفسها في وضعية مشاهد، وليست لاعباً أساسياً، كما كانت عليه الحال منذ بدء التعددية الحزبية عام 1989.
وأقلق تصرف "النظام المؤقت" الإسلاميين، خصوصاً جناح الإخوان، بعد اتهام جاب الله لجنة الحوار بتنفيذ أجندة السلطة، وقال إنها مجرد مناورة منها للالتفاف على المطالب، منتقداً طريقة اختيار أسماء أعضائها، مجدداً تأكيده أن الوثيقة المنبثقة من ندوة المعارضة الشهر الماضي، تحمل العديد من النقاط المهمة لحل الأزمة، مستغرباً تجاهلها من قبل رئيس الدولة المؤقت عبد القادر بن صالح.
ووفق المحلل السياسي والناشط الحقوقي إسماعيل خلف الله، فإن التيار الإسلامي يعتبر أن هذه اللجنة غير مؤهلة وفاقدة للصدقية الشعبية، وأنها وضعت من أجل ربح مزيد من الوقت، "فهذا التيار، والكثير من أطراف التيار الوطني، عرفوا بأن هذه اللجنة لا تملك الوسائل الحقيقية لكي تكون قراراتها ملزمة". وأشار خلف الله إلى أن غياب التيار الإسلامي عن اللجنة يرجع إلى وجود شخصيات فيها كانت من المنظرين لدساتير الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وقال "أعتقد أن جل التيار الإسلامي كان موقفه ينطلق من هذه المعطيات ويستند إليها".
واستبعد خلف الله أن يدخل التيار الإسلامي في معارضة شرسة مع اللجنة، "بل لن يعيرها أي اهتمام لأنها ستنتهي إلى الفشل لا محالة". وتابع أن "رئيس اللجنة كريم يونس في قرارة نفسه متأكد من أن لجنته لن تصل إلى أي حل".
رد مشفر
ردت لجنة الحوار على تصريحات "الإخوان"، وشددت على أنها هيئة مستقلة لا تمثل أي طرف من أطراف الأزمة السياسية. وقال يونس، في مؤتمر صحافي، إن هيئته ليست تابعة أو تخدم السلطة أو ناطقاً رسمياً باسم المحتجين، وهي لا تمثل أي حزب عارض الولاية الرابعة لبوتفليقة، وإن "ما يحرك عمل اللجنة ضميرها وضمير أعضائها وضرورة إيجاد حل للأزمة".
وأشار يونس إلى أن اللجنة طلبت من الرئيس المؤقت إجراءات تهدئة محددة مع إقالة حكومة نور الدين بدوي. وأكد أن دورها تقريب وجهات النظر بين مختلف الأقطاب السياسية، ولا علاقة لها بالمخرجات. وخلص إلى أن لجنته تعمل على تمكين الشعب من تطبيق الدستور وتجسيد إرادته بالذهاب إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للدولة.
الزعامة "تفتك" بالإسلاميين
في المقابل، يعتبر المحلل السياسي علي شمام أن غياب التيار الإسلامي عن اللجنة "يدفع للرجوع إلى طبيعة هذا التيار، الذي ظل يناضل لعقود من الزمن من أجل الوصول إلى كرسي الحكم بالمشاركة تارة وبالمعارضة تارة أخرى".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال لـ"اندبندنت عربية"، إن أهم ما يتسم به التيار الإسلامي في الجزائر هو حرب الزعامات، موضحاً أن عقدة "الزعيم" هي من الأسباب التي أدت إلى تراجع الإسلاميين عن الانخراط في مسعى الحوار الذي دعت إليه السلطة. وشدد على أن هذا التيار وجد نفسه مضطراً لأن يكون تحت سقف واحد، وأن يختار من يمثله في هذا الحوار، وهذه نقطة اختلاف كبرى سبق أن عاشها هذا التيار في محطات سياسية سابقة.
وأضاف شمام أن "من يغيب عن التحضير لمرحلة ما بعد بوتفليقة، قد يكون وقّع على شهادة وفاته. وربما هذا ما يفعله التيار الإسلامي في الجزائر بتشكيلاته الحالية، لأنه من غير الممكن أن يغيب عن التأسيس لهذه المرحلة ويكون حاضراً في ما بعدها".
دفعة من الجيش
في محاولة لإعطاء دفعة قوية للجنة الحوار، أشاد قائد الأركان أحمد قايد صالح بجهود الهيئة ومبادراتها الرامية إلى الإسراع في تنظيم جولات الحوار واتخاذ كل الإجراءات التي تؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود.
وندد قايد صالح بـ"بعض المجموعات الصغيرة المرتبطة بالعصابة، التي تصر على رفض كل المبادرات المقدمة والنتائج المحققة، من خلال رفع شعارات مغرضة ونداءات مشبوهة، تستهدف التقليل من أهمية ما تحقق، والتشبث بمطالب غير معقولة تجاوزتها الأحداث والإنجازات".