ملخص
الخطوة جاءت بعد الكشف عن معلومات تفيد بأن البنوك المستهدفة متورطة في عمليات غسل أموال ومعاملات احتيالية لصالح طهران.
عاود الدولار الأميركي ارتفاعه مجدداً في مقابل الدينار العراقي في تعاملات اليوم الثلاثاء ليسجل نحو 1540 ديناراً في الأسواق، بعد أن كان قبل نهاية الأسبوع الماضي 1480 ديناراً، وذلك بعد فرض البنك الفيدرالي الأميركي عقوبات على 14 مصرفاً عراقياً بينها مصارف مؤثرة في مزاد العملة بالبنك المركزي وعمليات التحويل من العراق وإليها، لقيامها بحسب الفيدرالي بعمليات غسل أموال واحتيال على العقوبات المالية على إيران.
ليست جديدة
ولم تكن هذه العقوبات هي الأولى، إذ فرض الفيدرالي الأميركي قبل أشهر عقوبات على أربعة مصارف عراقية، ووفقاً لما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الأسبوع الماضي نقلاً عن مسؤولين أميركيين، فإن الخطوة جاءت بعد الكشف عن معلومات تفيد بأن البنوك المستهدفة متورطة في عمليات غسل أموال ومعاملات احتيالية.
وذكرت الصحيفة أن بعض هذه العمليات ربما تتعلق بأفراد خاضعين للعقوبات، مما يزيد المخاوف من أن إيران ستكون مستفيدة منها.
وأوضح مسؤول أميركي كبير للصحيفة أن لدى الولايات المتحدة سبباً قوياً للشك في أن بعض عمليات غسل الأموال هذه قد تعود بالفائدة، إما لأفراد مشمولين بالعقوبات الأميركية، أو لأشخاص يمكن أن تشملهم العقوبات، وأضاف أن "الخطر الأساسي للعقوبات في العراق يتعلق بإيران بالتأكيد".
استمرار التعامل
ورداً على العقوبات الأميركية أوضح البنك المركزي العراقي في بيان له الخميس الماضي أن حرمان 14 مصرفاً من إجراء معاملات بالدولار يأتي على خلفية "تدقيق في شأن حوالات المصارف للعام الماضي، وقبل تشكيل الحكومة الحالية" في البلاد.
وذكر البنك المركزي أن "هذا الإجراء يتعلق بمصارف لا تشكل طلباتها سوى ثمانية في المئة من مجموع التحويلات الخارجية"، مبيناً أن المنع جاء "على خلفية تدقيق حوالات المصارف للعام الماضي (2022)، وقبل تطبيق المنصة الإلكترونية، وقبل تشكيل الحكومة الحالية أيضاً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعتبر البيان أن "تلك المصارف لها مطلق الحرية في التعامل بالعملة المحلية، والتعامل الدولي بالعملات الأخرى غير الدولار الأميركي".
وأوضح البيان أن "ما يعلن من سعر صرف في السوق يرتكز على الدولار النقدي الذي يمنحه البنك المركزي العراقي لتغطية طلبات المواطنين للسفر وغيره، وبسبب حاجة المواطن إلى العملة الوطنية يقوم بعض التجار وغيرهم بسحب الدولار لأغراض التجارة أو غيرها"، مشيراً إلى أن "هذا الأمر يؤدي إلى رفع سعر الصرف في السوق السوداء التي هي ليست سوقاً موازية، ما دام مصدر الدولار البنك المركزي وليس من داخل السوق".
السيطرة على الأسواق
وفي محاولة للتقليل من حدة زيادة سعر صرف الدولار بالأسواق المحلية أصدر البنك المركزي العراقي أول من أمس الأحد توضيحاً في شأن ارتفاع سعر الصرف أمام الدينار في البورصة المركزية والأسواق المحلية خلال الأيام الماضية، وأكد في بيان استمراره بـ"تلبية الطلبات المشروعة على الدولار الأميركي من المنافذ الرسمية والمرخصة من جانبه وبالسعر الرسمي المقرر للمستفيد والبالغ 1320 ديناراً للدولار".
ودخل مجلس النواب العراقي على خط الأزمة واستضاف محافظ البنك المركزي علي العلاق للاستيضاح فقال إن "مهمة البنك هي تحقيق الاستقرار النقدي والسيطرة على الأسعار"، داعياً إلى وجوب إحداث التوازن بين العرض والطلب على العملة الأجنبية ومراقبة العملة النقدية الداخلة والخارجة من خلال المنافذ وتأكيد دخولها بشكل شرعي.
وأضاف أن المبدأ العام للاستقرار النقدي هو ارتباط سعر الصرف بالنقد، مشيراً إلى أن المشكلة تكمن بزيادة الطلب على العملة فيما يوفرها البنك عن طريق المنصة.
عقوبات جديدة
بدوره حذر المتخصص بالشأن الاقتصادي صفوان قصي من أن تشهد المرحلة المقبلة عقوبات جديدة على مصارف أخرى وشركات صرافة، ودعا الحكومة العراقية إلى الاستعانة بالتجربة الأوروبية في تعاملاتها المالية مع طهران.
وأوضح قصي أن المشكلة تكمن في أن المصارف العراقية كانت منقطعة عن التعاملات الدولية ولا تزال تتعامل مع مصارف مراسلة "فئة ب" قد لا تمتلك معلومات عن أين يذهب هذا الدولار، مؤكداً أن عملية إجراء التحويلات الدولية والإذعان لمتطلبات الخزانة الأميركية سيسهمان في إعادة الثقة بالنظام المصرفي.
وتوقع الباحث الاقتصادي صدور عقوبات جديدة قد تمس أشخاصاً يبدو أنهم متورطون في عملية غسل الأموال لمصالح خاصة، وذلك بهدف زيادة مستوى الشفافية في التعامل مع الدول، مشيراً إلى أن العراق لا يعرف كيف يحول الأموال إلى كل من تركيا وإيران اللذين بلغ حجم التبادل التجاري معهما 10 ملايين دولار يومياً.
وتابع قصي أن البنك المركزي ووزارة المالية والحكومة العراقية معنية بإقرار آلية واضحة للتحويل المالي الدولي لأن مصالح العراق بحاجة إلى سلع من هذه الدول التي لا يمتلك معها حالياً أية آلية للتبادل المالي، مبيناً أن هذا الأمر يدفع التجار العراقيين إلى شراء الدولار من السوق الموازية وبالتالي ترتفع الأسعار.
ويرى أنه من الضروري الاستفادة من النظام المالي الخاص بالشركات الأوروبية الذي يسمح بالتبادل التجاري مع إيران، داعياً الحكومة العراقية إلى التفكير بإيجاد آلية مشابهة من أجل عدم الضغط على الدولار في السوق الموازية والتخلص من الفساد الذي توسع من التهرب الضريبي.