عانت البندقية على الدوام بسبب شعبيتها الواسعة بين السيّاح، لكن قيل الكثير في السنوات الخمس الأخيرة عن السياحة المفرطة في تلك الجزيرة الإيطالية المحاصرة، الأمر الذي جعلك تشعر بالذنب لمجرد التفكير برحلة إلى هناك.
إلا أن تمنّعي عن زيارتها انهار اخيراً، وذهبت إليها للمرة الأولى في رحلة كانت جميلة بكل تفاصيلها مثلما تمنّيت. ولكن كيف يمكن لزوارلم يروها من قبل، ان يقضوا فيها وقتاً ممتعاً على نحو مسؤول ومستدام يحظى بترحيب أهلها؟ إليكم كل ما يجب أن تعرفونه قبل الذهاب إليها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لا تسافروا إليها في رحلة بحرية
أعتذر لفظاظتي، لكن إن كان هناك شيء واحد لا يطيقه السكان المحليون، فهو سفن الرحلات البحرية. ولديهم سبب وجيه. إذ أن هذه المراكب الكبيرة تقتحم البلدة وتُنزل في وقت واحد آلاف الزوار الذين تزدحم بهم المناطق السياحية الشهيرة التي يتدفقون عليها من دون أن ينفقوا الكثير من المال خلال ذلك. لايدعم السّياح القادمين على متن رحلات بحرية عموماً الاقتصاد المحلي بدولاراتهم، فهم على سبيل المثال، لا ينزلون في الفنادق ولا يرتادون المطاعم، لكنهم يشكلون ضغطاً كبيراً على البنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، تُشوه السفن الضخمة باحجامها العملاقة ذلك الأفق الرائع خلفها وتحجب منظر البندقية المدهش وما فيها من أبنية واطئة.
يُشار في هذا السياق إلى أن التوتر، الذي كان مرتفعاً سلفاً، وصل إلى ذروته أثناء زيارتنا في شهر يونيو (حزيران) الماضي. اصطدمت سفينة تابعة لشركة "إم إس سي" السويدية للرحلات البحرية برصيف إحدى أكثر القنوات ازدحاماً، مما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص وإثارة احتجاجات واسعة في جميع أنحاء البندقية، وايضاً حمل المحافظ لويجي برونيارو على القول إنه سيطلب من اليونسكو إدراج البلدة في ’القائمة السوداء’ للتراث العالمي التي تُصدرها المنظمة الدولية.
إذا كنتم ترغبون باحترام المدينة ومن يعيشون فيها، فالأفضل ان تتجنبوا زيارتها على متن إحدى هذه السفن العملاقة.
زوروا سان ماركو، مرة واحدة
عندما يتحدث الناس عن البندقية التي يجتاحها السيّاح، فإنهم يقصدون بالعادة ساحة سان ماركو والمنطقة المحيطة بها. هذه هي البقعة التي يتوافد إليها معظم الزوار في النهارفتصبح مزدحمة بشكل مروع. وبالنسبة لشخص يزور المدينة للمرة الأولى، فإن الكاتدرائية ذات النمط الإيطالي البيزنطي التي تستمد الساحة اسمها منها تستحق الزيارة، ولكن لمرة واحدة فقط.
اذهبوا باكراً ، إذ تفتح الكاتدرائية أبوابها من الساعة 9:30 صباحاً، باستثناء أيام الأحد حين تبدأ باستقبال الزوار عند الثانية بعد الظهر. وإذا كانت معكم أية حقائب ضخمة أو حقائب ظهر، اتركوها في خزائن مجانية قريبة قبل أن تصطفوا في الطابور (وإلا لن يُسمح لكم بالدخول وانتم تحملونها). إنه مكان للعبادة، لذلك فإن الهدوء والاحترام والتأكد من ارتداء الملابس المحتشمة، التي تغطي الكتفين على سبيل المثال، هي أمور مطلوبة طوال الزيارة. والتقاط الصور هو أمر مرفوض قطعاً.
وبعد أن تفغروا أفواهكم من الدهشة، وانتم مسحورين بأعمال الفسيفساء الذهبية المعقدة التي تغطي سقوف الكاتدرائية، يمكنكم أن تخرجوا منها وتغادروا المنطقة إلى غير رجعة خلال الايام المتبقية لكم في البندقية.
أمضوا ليلة هناك
يُعتبرسُياح اليوم الواحد ممن يعبرون الجسر مع البر الرئيس لقضاء مجرد 8 ساعات في البندقية، من الزوار غير المرغوب بهم كثيراً، شانهم شأن الآتين في رحلات بحرية، ممن يتجنبون دفع بعض المال لقضاء ليلة في البلدة.
في الواقع، فُرض رسم دخول بقيمة 3 يورو لزوار البندقية خلال النهار اعتباراً من 1 مايو (أيار) من هذا العام، وسيرتفع إلى 6 يورور العام المقبل كما سيصل إلى 10 يورور في الأيام الأكثر ازدحاماً. ويُعفى الزوار الذين يقضون ليلة في البلدة من هذه الرسوم.
من جاتبه، قال المحافظ برونيارو عن مشروع فرض الرسوم هذا "سنستخدم الأموال التي سنجنيها، بشفافية، في ثلاثة اتجاهات: لتقليل التكاليف التي تؤثر اليوم على الشركات والمواطنين؛ وللقيام بأعمال الصيانة؛ وضمان الأمن والمراقبة، بما في ذلك من خلال توظيف عناصر شرطة".
بالنسبة لكم كزوار، من المرحب به عموماً أن تنفقوا أموالكم في أماكن عدة، فإذا كنتم قادرون ، أقيموا في فندق بدلاً من غرفة في أحد المنازل التي يؤجرها موقع Airbnb مثلاً؛ تناولوا وجباتكم في مطاعم مختلفة بدلاً من تحضيرها في البيت، وتناولوا المشروب الأشهر في المدينة في المكان المناسب بدلاً من تجرع المشروبات وأنتم تتجولون في الأزقة. بالإضافة إلى أنك قد تستمتعون باقامتكم أكثر بهذه الطريقة.
أقيموا خارج الجزيرة
من الممكن عدم الإسهام بشكل كبير في زيادة اكتظاظ المدينة من خلال تجنّب الجزيرة الرئيسية. ولعل الإقامة في مكان مثل منتجع "جي دبليو ماريوت" القائم على جزيرته الخاصة على بعد 20 دقيقة من المدينة ويمكن الوصول إليه بواسطة قوارب نقل مجانية، توفر لكم فسحة مريحة للمتعة. تبدو الإطلالة على البحيرة من المسبح الموجود على السطح مذهلة، ويُعتبر الغداء المكون من خمسة أطباق مع مشروبات منوعة في التراس الخارجي ذي الجدران القرميدية في مطعم "فيولا آت دوبو لافورنو فينيتزيا"، تجربة مذهلة.
يوفر الفندق أيضاً خدمة بيئية للنزلاء، لتقديم نصائح تساعدهم على زيارة البندقية بطريقة مسؤولة تراعي متطلبات الاستدامة، ويزودهم توصيات حول زيارة مناطق مهمة غير مطروقة. ويُنصح باستخدام وسائل النقل العام أو المشي، وذلك لتجنب "الاختناقات المرورية" لسيارات الأجرة المائية وللحدّ من التلوث والأمواج في البحيرة. يُشار في هذا الإطار إلى أن الحجز المسبق لبطاقة "فينيزيا أونيكا " (البندقية الفريدة)اليومية يخولكم لاستخدام وسائل النقل العام والدخول إلى المواقع السياحية المختلفة على امتداد اليوم.
وتسلط خدمة الفندق البيئية الضوء على الجزر الأقل شهرة التي تحسُن زيارتها، بما في ذلك سانت إراسمو التي تعتبر ريف البندقية، وسان فرانسيسكو دي ديزيرتو، بالإضافة إلى الأماكن السكنية الخالية من الازدحام إلى حد كبير في البر الرئيسي للجزيرة. وبوسع الأزواج الإقامة بالفندق وتناول الفطور لقاء أجور حدها الأدنى هو 352 جنيهاً استرلينياً لليلة واحدة .
احترموا القواعد
يقول فيتوريو تالفاكيا، وهو مسؤول خدمة الاستدامة البيئية للنزلاء في منتجع "جي دبليو ماريوت" "برأيي، علينا جميعاً أن نفكرفي كيفية زيارة متحف ما .. إذ يجب أن نزور البندقية كما لو أننا ندخل متحفاً، لأنها مدينة حساسة ورقيقة للغاية، وفيها العديد من القصور والآثار التاريخية".
لهذه الغاية، أطلقت المدينة حملتها المعنونة "#استمتع بالبندقية واحترمها" قبل عامين، بهدف تحديد مجموعة كاملة من السلوكيات غير المرغوبة (ويمكن أن تؤدي إلى غرامات باهظة تصل إلى 450 يورو). وتشمل هذه اللائحة على سبيل المثال لا الحصر، السباحة في القنوات، والنزهة التي تشتمل على تناول الطعام أو الشراب في الأماكن العامة ، والتوقف لفترة طويلة جداً على الجسور، ورمي القمامة ، وركوب الدراجات أو جرّها، والوقوف أو الاستلقاء على المقاعد، أو ركوب الحافلات، وعزف الموسيقى أو تقديم الفنون دون تصريح، وتعليق "أقفال الحب" الرمزية على الآثار والجسور علاوة على تسلق الأشجار والمباني والآثار، وتغيير الملابس في الأماكن العامة، وإطعام الطيور، وزيارة المعالم السياحية بصدر عار أو بملابس السباحة. ويحظر أيضاً إصدار الضجيج المرتفع، سواء في الليل أو أثناء القيلولة (ما بين 1-3 مساءً).
في حين تبدو بعض القواعد واضحة، فإن بعضها الآخر يشوبه الغموض مثل عدم التوقف المؤقت على الجسور، لذلك من المفيد أن تتعرفوا على هذه القواعد قبل الزيارة.
احرصوا أن تهيموا على وجوهكم فيها
البندقية هي المكان المثالي الذي يجد بالمرء أن يضيع فيه، وهذا جزء كبير من سحر المدينة. إذا كنتم تريدون حقاً رؤية المدينة التي كانت تعرف في بدايات الألفية الثانية باسم جمهورية البندقية أو "لا سيرينيسيما" دون أن تزعجوا السكان المحليين، يمكنكم التنزه ورؤية الأماكن التي تأخذكم إليها أقدامكم. إنها وجهة لا تضاهى عندما يتعلق الأمر بالعثور صدفة على ساحة خاوية خلابة أو التوقف في البقعة المثالية لتناول مشروب منعش عند غروب الشمس. انسوا تطبيق خرائط غوغل، وابدؤوا بالاستكشاف.
© The Independent