أعربت السعودية، اليوم الجمعة، عن ترحيبها بإعلان الأمم المتحدة اكتمال سحب النفط الخام من الخزان العائم "صافر" والمقدر بـ1.14 مليون برميل، بعد ساعات من تصريحات لأمين المنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش قال فيها إن المنطقة كانت على موعد مع "كارثة بيئية وإنسانية ضخمة" لولا معالجة الأمر.
وجاء في بيان الخارجية السعودية "تجدد الوزارة جهود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وفريق العمل من الأمم المتحدة الذين عملوا على تسخير كافة الجهود لإنهاء مشكلة الخزان العائم (صافر)".
وأضاف البيان أن الرياض "تقدر الدعم المالي السخي من الدول المانحة على ما قدمته من منح مالية بحملة التبرعات لإنهاء تهديد الخزان".
وكانت السعودية، بحسب البيان، "من أوائل الدول المانحة بتقديم منح مالية عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية".
وشكرت الخارجية السعودية قيادة "تحالف دعم الشرعية في اليمن" على ما قدمه من دعم لتسهيل عملية الخطة التشغيلية حتى الانتهاء من تفريغ الخزان العائم "بنجاح واقتدار".
أكثر من مليون برميل نفط
واليوم، أعلنت الأمم المتحدة انتهاء عملية سحب حمولة الناقلة المتداعية قبالة ميناء الحديدة اليمني الاستراتيجي في البحر الأحمر، مشيرة إلى سحب أكثر من مليون برميل نفط منها، بالتالي زوال الخطر الوشيك بحصول تسرب.
وقالت المنظمة الدولية، في بيان، إن أمينها العام أنطونيو غوتيريش يرحب بالأنباء التي تفيد بأن نقل النفط من الناقلة "صافر" إلى السفينة البديلة "اليمن" انتهى بأمان اليوم، مجنباً المنطقة ما كان يمكن أن يكون كارثة بيئية وإنسانية ضخمة.
من جهته، أعلن مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أخيم شتاينر أن هذا الإنجاز يعني انتهاء "الشق الأساسي" من الجهود التي تبذل منذ سنوات لوقف التهديد الذي تشكله الناقلة.
وقال شتاينر لوكالة الصحافة الفرنسية "نحن اليوم ممتنون جداً لتمكننا من إعلان اكتمال هذا الجزء من المشروع". وأضاف أن "ذلك يزيل التهديد الوشيك والفوري الذي أصبح محط أنظار العالم بأسره".
غير أن الخطر الذي تشكله الناقلة المتداعية لم ينتهِ بعد. وسبق أن حذرت الأمم المتحدة من أنه حتى بعد إتمام عملية نقل النفط، "فإن الناقلة المتهالكة (صافر) ستستمر في تشكيل تهديد بيئي" مصدره بقايا النفط اللزج وخطر تفككها.
وتشمل المرحلة التالية من العملية تنظيف خزانات "صافر" والتحضير لنقلها وإعادة تدويرها. وأشار شتاينر إلى أن هذه المرحلة ستستغرق "بين أسبوعين وثلاثة أسابيع".
ما قصة "صافر"؟
"صافر" التي صنعت قبل 47 عاماً وتستخدم منذ الثمانينيات منصة تخزين عائمة، ترسو على بعد نحو 50 كيلومتراً من ميناء الحديدة الاستراتيجي الواقع في غرب اليمن ويعد بوابة رئيسة لدخول البضائع والإمدادات.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولم تخضع "صافر" لأي صيانة منذ 2015 حين اشتدت حدة الحرب التي بدأت عام 2014 في اليمن بين الحكومة والحوثيين، مع تدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية لمساندة الحكومة اليمنية.
وكانت الناقلة المتهالكة تحمل 1.14 مليون برميل من خام مأرب الخفيف، ما يوازي أربعة أضعاف كمية النفط التي كانت على متن "إكسون فالديز" وأحدث تسربها كارثة بيئية عام 1989 قبالة ألاسكا.
نقلت حمولة صافر إلى سفينة أصغر اشترتها الأمم المتحدة في مارس (آذار) الماضي وأطلق عليها اسم "اليمن". ومنذ بدء سحب النفط من "صافر" في 25 يوليو (تموز)، حذر متخصصون من أن نجاح هذه العملية ليس مؤكداً، إذ إن درجات الحرارة المرتفعة والأنابيب القديمة وغيرها من العوامل تشكل تهديدات محتملة.
وقال شتاينر إن الأمم المتحدة جهزت طائرة كي تكون مستعدة "لنشر مواد كيماوية من الجو" في حال حصل تسرب ما، "في غضون 90 دقيقة من الطيران".
كلفة العملية
في المجمل، تقول الأمم المتحدة إن كلفة العملية تبلغ 143 مليون دولار، وهو مبلغ زهيد مقارنة بكلفة التنظيف في حال حصول تسرب نفطي والتي تقدر بـ20 مليار دولار.
ونظراً إلى موقع "صافر" في البحر الأحمر، فإن تسرباً كبيراً كان سيتسبب أيضاً بخسارة مليارات الدولارات يومياً نتيجة تعطل حركة الملاحة التجارية عبر مضيق باب المندب إلى قناة السويس لفترة طويلة. كما أن كارثة بيئية مماثلة كانت ستلحق ضرراً كبيراً بالنظم البيئية للبحر الأحمر وبمرافئ حيوية ومجتمعات كاملة تعتمد على الصيد للعيش. ولا يزال ينقص الأمم المتحدة نحو 20 مليون دولار من كلفة العملية.
وحض وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، اليوم الجمعة، المجتمع الدولي والقطاع الخاص على التبرع لتغطية هذا العجز المالي من أجل "إنهاء المهمة ومعالجة كل التهديدات البيئية المتبقية".
من ناحيتها، قالت منظمة "غرينبيس" إن شركات النفط العملاقة التي استخدمت "صافر" لعقود "وهم المالكون المحتملون لكميات من هذا النفط المنقول"، يجب أن تسهم في المراحل التالية للعملية.
وأكدت المنظمة البيئية في بيان أن "من الضروري معالجة غياب المساءلة الذي أظهرته صناعة النفط التي سجلت أرباحاً مذهلة، لكنها لم تظهر بعد أي إحساس بالمسؤولية".
وبعد نقل حمولة "صافر" إلى السفينة الجديدة "اليمن"، لا يزال المسؤولون يحاولون تحديد مصير هذا النفط.
التهديد لا يمكن تفاديه
وقالت "غرينبيس" إن "الخطر انخفض بشكل كبير لكن التهديد لا يمكن تفاديه إلى أن يتم إيجاد حل نهائي وإزالة النفط بشكل كامل وآمن من المياه اليمنية".
ستدير شركة الشحن "يوروناف" سفينة "اليمن" نيابة عن الأمم المتحدة حتى نهاية العام، لكن ينبغي التوصل إلى اتفاق بين طرفي النزاع بالبلاد في شأن "الصيانة والإدارة في المستقبل"، وفق شتاينر.
وبحسب المسؤول الأممي فإن أحد الاحتمالات هو مشروع متابعة يقوم خلاله متخصصون من الأمم المتحدة بتدريب شركة "صافر" النفطية الوطنية على "كيفية حماية السفينة".
غير أن المتمردين والحكومة اليمنية عينا، كل من جهته مديراً لشركة "صافر"، مما يؤشر إلى أن النزاع سيستمر في تعقيد الأمور.
وأودى الصراع بعشرات آلاف اليمنيين وتسبب بأزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم مع نزوح ملايين الأشخاص.
وتراجعت بشكل ملحوظ حدة المعارك بين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة المدعومة من التحالف بقيادة السعودية، منذ الهدنة التي أعلنت في أبريل (نيسان) 2022، على رغم انتهاء مدتها بعد ستة أشهر.