ملخص
انتهى "أسبوع القوارب الصغيرة" لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بإذلال لحكومته، التي اضطرت إلى إخلاء بارجة المهاجرين "بيبي ستوكهولم"، بعد اكتشاف وجود بكتيريا الليجيونيلا الخطيرة على متنها.
انتهى "أسبوع القوارب الصغيرة" لرئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بإذلال لحكومته، التي اضطرت إلى إخلاء بارجة المهاجرين "بيبي ستوكهولم" Bibby Stockholm ، بعد اكتشاف وجود بكتيريا الليجيونيلا Legionella الخطيرة على متنها.
ونقل 39 طالب لجوء كانوا قد وضعوا على متن السفينة الراسية في ميناء بورتلاند في دورسيت، بعد العثور في إمدادات المياه على البكتيريا - التي يمكن أن تسبب نوعاً خطيراً من الالتهاب الرئوي - وذلك بعد أيام فقط من وصول طليعة المهاجرين إليها.
هذه التطورات حدت بوزير سابق في حزب "المحافظين" الحاكم إلى المطالبة بإقالة وزيرة الداخلية سويلا برافرمان، ملقياً باللوم عليها بـ "فقدان السيطرة" على أزمة عبور اللاجئين "القنال الإنجليزي"، بينما تساءل آخر مازحاً: "هل هناك لعنة على الحكومة؟".
وذكرت الرسائل التي سلمت لطالبي اللجوء في بارجة "بيبي ستوكهولم" أن عينة المياه الملوثة كانت قد أُخذت في 25 يوليو (تموز)، لكن "اندبندنت" كانت قد علمت أن نتائج الاختبار لم ترسل إلى المتعاقدين الخاصين حتى الإثنين الفائت، وتم إبلاغ وزارة الداخلية الأربعاء الذي تلاه.
لكن وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة لم تنصح بالإخلاء حتى ليلة الخميس، وقال المسؤولون حينها إنهم تجاوزوا التوصيات من خلال إخراج الجميع من البارجة بدلاً من مجموعة صغيرة.
وفي الوقت الذي استمر فيه إجراء تحاليل طبية يوم الجمعة، نقل جميع الذين كانوا على متن البارجة إلى فنادق حجزتها الحكومة، الأمر الذي زاد من كلفة مشروع البارجة المبتذل بالفعل، الذي كان رئيس الوزراء قد ادعى أنه سيقلل من استخدام الفنادق.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان قد بدأ إخلاء طالبي اللجوء بعد ساعات من كشف وزارة الداخلية عن أرقام أشارت إلى عبور أكثر من 100 ألف شخص إلى المملكة المتحدة على متن قوارب صغيرة، منذ عام 2018، وذلك بعد وصول 755 شخصاً الخميس الفائت - وهو أعلى إجمالي يومي مسجل خلال عام 2023.
هذا الرقم القياسي يأتي خلال "أسبوع القوارب الصغيرة"، الذي تتحضر خلاله الحكومة لإصدار سلسلة من التحديثات الإيجابية في ما يتعلق بجهودها لمكافحة عمليات عبور اللاجئين، لكنها تعرضت بدلاً من ذلك لوابل من المعلومات الضارة التي تم الكشف عنها والحقائق السلبية.
وقام وزراء بريطانيون على مدى أيام، بالظهور على وسائل الإعلام في الفترة التي سبقت إجلاء المهاجرين، محاولين الدفاع عن خيار البارجة في وجه المخاوف المتعلقة بسلامة الأفراد، بحيث أصر وزير الدولة لشؤون الهجرة روبرت جينريك على أن السفينة "مناسبة للغاية"، فيما اعتبرت وزيرة الدولة في وزارة الداخلية سارة داينز أن البارجة "مكان آمن للأفراد للعيش والبقاء على متنها".
تجدر الإشارة إلى أنه اكتشف في وقت سابق حالات إصابة بمرضي السل والجرب في قاعدة ويذرسفيلد العسكرية - وهي أحد مواقع الإقامة "البديلة" الجديدة لطالبي اللجوء، التابعة للحكومة.
وزير سابق من حزب "المحافظين" قال: "يا لها من نهاية لأسبوع القوارب الصغيرة. من الواضح للجميع أن وزيرة الداخلية فقدت سيطرتها على قضية الهجرة غير الشرعية. فهي مسؤولة عن هذه الأزمة ويجب محاسبتها على أفعالها غير المسؤولة، التي جلبت المرض إلى تلك المواقع، ووضعت الصحة العامة للمجتمع المحلي في خطر".
وأضاف: "يجب عزل (برافمان). فقد حولت أزمة المهاجرين إلى عرض ’كاري أون‘ Carry On (سلسلة طويلة من الأفلام الكوميدية والعروض المسرحية والبرامج التلفزيونية التي أنتجت في بريطانيا ما بين عامي 1958 و1992)".
في المقابل، وصف النائب في حزب "المحافظين" سكوت بنتون الموقف بأنه أشبه بـ "مهزلة مطلقة". وكتب عبر حسابه على "موقع إكس" (تويتر سابقاً): "كما لو أن الحدود القابلة للاختراق ليست مسألةً سيئة بما يكفي، كي نعجز الآن عن نقل 39 مهاجراً غير شرعيين إلى بارجة بشكل سليم".
بن سيلبي مساعد الأمين العام لـ "اتحاد فرق الإطفاء" Fire Brigades Union، أكد أن المخاوف المتعلقة بالسلامة العامة على السفينة لا تزال قائمة، وذلك بعد مرور أكثر من أسبوع على طلب الاتحاد عقد اجتماع مع وزيرة الداخلية السيدة برافرمان.
وأضاف: "لم نتلق أي رد على تلك الرسالة. إن رأينا المهني يظل قائماً على مقاربتنا التي تقول بأن البارجة هي بمثابة ’مصيدة موت‘ محتمل، وساحة مهيأة لحادثة وشيكة".
وجاء في الرسائل التي جرى تسليمها لطالبي اللجوء على متن السفينة "بيبي ستوكهولم"، أن العينة الملوثة من المياه جمعت في الخامس والعشرين من يوليو الفائت، لكن "اندبندنت" علمت أن نتائج الاختبار لم ترسل إلى الجهات المتعاقد معها لإجراء الفحوصات، حتى الإثنين، وأُبلغت وزارة الداخلية بها الأربعاء.
"وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة" UK Health Security Agency لم تعط إذناً بإخلاء المهاجرين حتى ليل الخميس، وقال المسؤولون إنهم تجاوزوا التوصيات بإخراج الجميع من البارجة بدلاً من إخلاء مجموعة صغيرة.
وزارة الداخلية أكدت من جانبها أنه لم تظهر على أي طالب لجوء أعراض مرض الليجيونيلا الخطير، وأن الإخلاء كان "إجراءً احترازياً" اتخذ أثناء القيام بمزيد من الاختبارات.
وأصر متحدث باسم الوزارة أن البارجة التي تديرها شركات خاصة بموجب عقد أكبر بقيمة 1.6 مليار جنيه استرليني (ملياران و32 مليون دولار أميركي)، لا تشكل أي تهديد للمجتمع الأوسع في بورتلاند.
لوي أوليري العضو "المحافظ" في المجلس المحلي في دورسيت، الذي عارض خطة البارجة، رأى أنه كان يجب حل المشكلة الصحية أثناء إجراء فحوصات السلامة. وقال لـ "اندبندنت": "آمل ألا يكون الأوان قد فات لإعادة التفكير في هذا الخيار".
وأضاف: "لا يمكن تحسين شيء هو سيئ في الأساس. فقد قال معظمنا إن هذا ليس أمراً معقولاً يمكن القيام به، وما حدث يثبت صحة ذلك. إنها مسألة مكلفة ومعقدة، وهي ليست بأفضل من إسكان المهاجرين في فنادق".
يشار إلى أن طالبي اللجوء كانوا لا يزالون على متن البارجة عندما أعلنت وزارة الداخلية إخلاءهم بعد ظهر الجمعة، حين أبلغ عاملون في جمعيات خيرية "اندبندنت" أن هؤلاء الأفراد لم يجر إخبارهم أي شيء عن بكتيريا الليجيونيلا، أو تزويدهم بأي احتياطات تتعلق بالسلامة مرتبطة بالمياه.
الوزير السابق في حزب "المحافظين" قال إنه حتى قبل إخلاء البارجة، كان "أسبوع المواربات" بمثابة محاولة واضحة من الحكومة، لصرف الانتباه عن "الإخفاقات العملية لوضع حد لأزمة عبور القوارب". ورأى أن "كل ما تقوم به الحكومة هو تأكيد حقيقة فشلها"، وأن "الرأي العام قد شهد ذلك".
ستيفن كينوك وزير شؤون الهجرة في حكومة الظل "العمالية" المعارضة، قال إن "فوضى التعامل مع أزمة اللجوء في حزب 'المحافظين' تتفاقم من سيئ إلى أسوأ".
ومضى في انتقاداته قائلاً: "من الواضح أنهم عاجزون حتى على التعامل مع الأمور الأساسية على نحو صحيح. وتأتي الأخبار عن وجود بكتيريا الليجيونيلا الخطيرة على متن البارجة، لتضاف إلى قضية أخرى تتعلق بتأخيرات موجودة أيضاً في مجال السلامة من الحرائق، ولتكشف عن حقيقة أنها لن تخفض التكاليف الحكومية الآخذة في الارتفاع جراء استخدام الفنادق، بسبب تزايد التراكمات في بت طلبات اللجوء على نحو كبير للغاية".
يأتي ذلك بعد الكشف عن أن وزارة الداخلية البريطانية حاولت وضع طالبي لجوء من المعوقين وضحايا التعذيب، على البارجة الإثنين، في انتهاك لتوجيهاتها الخاصة. وقامت بتهديد الأشخاص الذين رفضوا الصعود إلى السفينة بتركهم بلا مأوى.
وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت الثلاثاء عن حملة على محامي الهجرة، زاعمةً أنهم يساعدون المهاجرين على "استغلال" النظام، لكنها لقيت رد فعل عنيف فوري من الجماعات القانونية التي اتهمت الحكومة بجعل مهنتها كبش فداء لتعزيز قوانين قامت بإقرارها.
وشهد اليوم التالي الكشف عن شراكة جديدة بين المملكة المتحدة وتركيا، لكبح توريد القوارب المستخدمة في عبور "القنال الإنجليزي"، على رغم أن الحكومة البريطانية لم تحدد حجم الأموال التي منحت لأنقرة في هذا الإطار.
وشهد الأسبوع أيضاً طرح مجموعة من السياسات المحتملة، بما فيها خروج المملكة المتحدة من "الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان" European Convention on Human Rights إذا ما أوقفت "المحكمة العليا" في بريطانيا خطة ترحيل طالبي اللجوء إلى رواندا - وهو اقتراح أثار نزاعاً داخلياً جديداً في حزب "المحافظين" - وإرسال طالبي اللجوء بدلاً من ذلك إلى جزيرة أسانسيون (الواقعة في جنوب المحيط الأطلسي).
الوزير السابق في حزب "المحافظين" انتقد هذا النهج، ووصفه بأنه "سياسة خيالية لا تنتهي أبداً"، تعتمدها "حكومة تعاني من أزمة وتغرق، بينما يحاول وزراؤها إلقاء اللوم على جهات أخرى".
متحدث باسم وزارة الداخلية أشار إلى أن "العدد غير المقبول للأشخاص الذين يخاطرون بحياتهم من خلال القيام بعمليات عبور خطرة لـ "القنال الإنجليزي"، يشكل ضغطاً غير مسبوق على نظام اللجوء لدينا".
وأضاف: "نحن نقدم حلولاً سكنية بديلة من أجل تقليل الاعتماد على الفنادق باهظة الكلفة، والانتقال نحو نظام أكثر تنظيماً واستدامة، يمكن للمجتمعات المحلية التعامل معه بشكل أسهل".
جدير بالذكر أن الأفغان أصبحوا الآن الأكثر عدداً بين الأفراد الواصلين عبر قوارب صغيرة إلى المملكة المتحدة، وذلك بعد تراجع عدد اللاجئين الذين أُعيد توطينهم مباشرة من بلدهم.
وكانت الحكومة قد أصدرت الشهر الفائت سلسلة قوانين لجوء عقابية، تهدف إلى احتجاز مهاجري القوارب الصغيرة وترحيلهم من دون النظر في طلباتهم. لكن "قانون الهجرة غير الشرعية" Illegal Migration Act لا يمكن تنفيذه عملياً لأنه لا توجد اتفاقات ترحيل عملية سارية، وبعدما قضت "محكمة الاستئناف" Court of Appeal بأن مخطط إبعاد طالبي اللجوء إلى رواندا - الذي بلغت قيمة تمويله 140 مليون جنيه استرليني (178 مليون دولار) - هو غير قانوني.
أخيراً، حتى إذا خرجت الحكومة البريطانية منتصرةً في المرحلة الختامية من النزاع القانوني في "المحكمة العليا" في وقت لاحق من هذه السنة (بعدما طعنت بقرار "محكمة الاستئناف")، فإن اللورد كبير القضاة أشار إلى أن "القدرة العملية لاستيعاب طالبي اللجوء في رواندا تقتصر على 100 شخص".
© The Independent