Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التناقض القائم في نظرة البريطانيين لـ"بريكست" وشعورهم حياله

"الندم على مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي" بلغ فيما يبدو أقصى مستوياته بين مواطني المملكة المتحدة لكن لا رغبة كبيرة في إجراء استفتاء جديد على المدى القصير

يشعر كثيرون بأن موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لم "ينته" بعد (غيتي)

ملخص

بعد انقضاء نحو سبعة أعوام على "بريكست" يبدو أن المشاعر العامة تحركت بشكل ملحوظ في الاتجاه الأكثر تأييداً لأوروبا لكن الغالبية لا تريد استفتاء جديداً قبل مرور عقد من الزمن

بعد انقضاء نحو سبعة أعوام على الاستفتاء الذي أجرته بريطانيا عام 2016 على الخروج من الاتحاد الأوروبي، وبعد نحو أربعة أعوام على المغادرة الفعلية للمملكة المتحدة الكتلة الأوروبية، يبدو أن المشاعر العامة في شأن "بريكست" تحركت بشكل ملحوظ في الاتجاه الأكثر تأييداً لأوروبا. ويتزامن ذلك مع تنامي ظاهرة "بريغريت" Bregret [الندم على قرار المغادرة] بين الناخبين الذين صوتوا على "المغادرة والبقاء" على حد سواء، وينظر كثيرون إلى القرار الأولي بترك الكتلة الأوروبية باعتباره كان خطأً، مع شعور بعدم الرضا عن الطريقة التي تدير من خلالها الحكومة هذه المسألة.

ويشير أحدث استطلاع أجرته مؤسسة "يوغوف" YouGov للاستشارات واستطلاعات الرأي، إلى أن 46 في المئة من الناخبين البريطانيين يعتقدون أنه يجب إجراء استفتاء آخر خلال السنوات العشر المقبلة في شأن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مقارنة بـ36 في المئة من الذين لا يوافقونهم الرأي، مع الإشارة إلى أن الرغبة بإجراء مثل هذا الاستفتاء في المستقبل القريب تظل ضئيلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فهل يريد البريطانيون العودة إلى الاتحاد الأوروبي أم لا؟

في الواقع، هناك مفارقة تحيط بمشاعر البريطانيين حيال مسألة العودة إلى الاتحاد الأوروبي. فالشعور بالندم المتمثل في ظاهرة "بريغريت"، لم يسبق أن بلغ ذروته الحالية أو كان أكثر انتشاراً بين سكان البلاد كما هو الآن. وبات المزيد من المواطنين يعتقدون أن خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية كان خطأ أكثر من عدمه، إضافة إلى ذلك، تتنامى لديهم رغبة في عكس القرار وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء. فنصف السكان يقولون إنه في حال أجري اليوم استفتاء جديد في شأن عضوية الاتحاد الأوروبي، فإنهم سيصوتون لمصلحة البقاء، في حين أن ثلاثة من كل 10 أفراد، أو ما نسبته 30 في المئة، يقولون إنهم سيصوتون لمصلحة المغادرة، و20 في المئة لم يقرروا بعد. هذه النسب تترجم ذلك إلى نية تصويت رئيسة تصل إلى نسبة 63 في المئة لمصلحة البقاء في الكتلة الأوروبية، و37 في المئة للمغادرة، مما يشكل في حد ذاته تحولاً ملحوظاً عن نتائج استفتاء عام 2016، الذي صوت فيه البلاد بغالبية 52 في المئة في مقابل 48 في المئة لمصلحة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي.

مع ذلك، حتى في ظل بروز هذه الموجة من الأسف الممزوجة بالحماسة إزاء أوروبا، فإن 26 في المئة فقط من المشاركين في الاستطلاع بدوا على عجلة من أمرهم، إلى درجة أنهم يريدون إجراء استفتاء حول هذه المسألة قبل نهاية السنة 2023. ويميل الشعور السائد نحو منظور طويل الأمد، بحيث يعتقد 46 في المئة بوجوب إجراء استفتاء في غضون العقد المقبل من الزمن، بينما يعارض 36 في المئة هذه الفكرة. والحل المنطقي لهذا المأزق هو أن الرأي العام -بغض النظر عن ندمه على الماضي- قد يجد صعوبة في تحمل جولة أخرى من النقاشات الصاخبة والمثيرة للانقسام التي من المحتمل أن تكون غير حاسمة. وقد يرى البعض أيضاً أن فترة 10 سنوات أو نحو ذلك، تشكل إطاراً زمنياً معقولاً بما يكفي للسماح لمسعى الخروج من الاتحاد الأوروبي بإثبات نجاحه.

لماذا تحول الرأي العام عن "بريكست"؟

التحول يمكن أن يعزى إلى النقص الملحوظ في المنافع المتصورة التي كان مؤيدو الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي قد وعدوا بها. هذه الفوائد، التي غالباً ما تقدم بشكل مختلف من جانب مجموعة مختلفة من مؤيدي المغادرة، لم تتحقق كما كان متوقعاً. وبدلاً من ذلك، طغت عليها العواقب الاقتصادية السلبية الناتجة من جائحة "كوفيد"، والحرب في أوكرانيا. وكانت المكاسب الكبيرة المتوقعة قليلة، وتبين في المقابل أن بعض الاتفاقات التجارية التي جرى التفاخر بها كي تكون صفقات بديلة مع الولايات المتحدة والصين، كانت بعيدة المنال.

العامل الأكثر أهمية يتمثل في التركيبة السكانية. فالحماسة لمصلحة الخروج من الكتلة الأوروبية التي كانت أكثر تركزاً بين فئة الأجيال الأكبر سناً، انتقلت مع مرور الوقت، وبات من الواضح أنه كان هناك نوع من التغيير الهيكلي في تكوين الناخبين البريطانيين. والواقع أن هذا التغيير هو الذي جعل انقسام البريطانيين بنسبة 52 - 48 في عام 2016 يتحول الآن، حتى لو لم يبدل أحد رأيه. وبطبيعة الحال، فيما يميل الناس عموماً إلى أن يكونوا أكثر تحفظاً مع تقدمهم في السن، فإن هذا النمط لا ينطبق بالضرورة على "بريكست". ولا تزال المجموعة الأصغر سناً من الناخبين تؤيد بقوة البقاء ضمن الاتحاد الأوروبي، فيما يبدو أن الانجراف التقليدي نحو اليمين مع التقدم في السن سيكون متواضعاً للغاية.

هل يمكن أن يكون هناك استفتاء مبكر؟

لا، هذا ليس ما يريده الناس في الواقع، بحسب نتائج استطلاع الرأي، إضافة إلى ذلك، لم يقدم أي من الأحزاب السياسية الرئيسة -ولا حتى "الديمقراطيين الليبراليين"- مثل هذا الوعد للناخبين. وفي حين يزعم بعض مؤيدي الفكرة أن حزب "العمال" يمكن أن يجتذب مزيداً من الناخبين المؤيدين لـ"معاودة الانضمام" عبر هذا المسار، فإن الحقيقة هي أن احتمال حدوث نقاش وطني آخر حاد ومثير للجدل، قد يشكل رادعاً مثبطاً لعدد كبير من الناس.

في المقابل حقق كير ستارمر زعيم الحزب المعارض مكاسب جيدة في مقاعد "الجدار الأحمر" Red Wall [دوائر انتخابية محسوبة تاريخياً على حزب "العمال"]، كانت قد عززتها أوجه القصور المتصورة لـ"بريكست"، وسيكون حذراً في تعريض ذلك للخطر، من خلال السماح لـ"المحافظين" بنشر مخاوف في شأن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي أو تخلي المملكة المتحدة عن عملة الجنيه الاسترليني. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن اقتراح "آلة الزمن" لعكس تصويت عام 2016 واستعادة الوضع السابق [حالة ما قبل الخروج من الاتحاد الأوروبي] سيحظى بشعبية واسعة. ومع ذلك، فإنه يظل خياراً بعيد المنال. في الوقت الراهن، يبدو أن قضية "بريكست" قد فقدت أهميتها وجرى التخلص منها بأسلوب "القتل الرحيم".

هل يمكن لكير ستارمر إحداث انعطافة؟

من غير المحتمل أن يقوم بذلك، في ضوء ردود الفعل الشعبية المحتملة. وإذا ما جرى انتخابه، سيضطر إلى قضاء معظم وقته في السلطة في مواجهة التحدي الهائل المتمثل في التفاوض على عكس عملية "بريكست"، ما قد يؤدي إلى الفشل في الاستفتاء على شروط العودة. إن أكثر ما يمكننا توقعه هو بعض العبارات الإيجابية والدافئة في البيان الانتخابي، والاتفاق مع بروكسل على مسألة التدقيقات البيطرية.

ماذا يمكن لاستفتاء أن يطرح؟

لقد اختبرنا ذلك من قبل، ولا شك في أن الاختيار الاستشاري البسيط المتمثل في "معاودة الانضمام" من جديد إلى الكتلة الأوروبية أو "البقاء بعيداً" عنها، لن ينبئنا بشيء عن تفاصيل شروط الدخول، عندما تتعذر معرفة نتيجة المفاوضات. فكما هي الحال مع الخروج البريطاني من الكتلة، يمكن للعودة إلى أحضانها أن تفسر بشكل مختلف من جانب أناس مختلفين. على سبيل المثال، هل يستلزم ذلك اعتماد اليورو والتخلي عن الجنيه؟ من المنطقي أن يلي ذلك إجراء استفتاء ثان على أي صفقة معاهدة يحتمل أن يعود ستارمر بها من بروكسل. قد تكون هذه الصفقة أقل فائدة وشعبية من صفقة ما قبل عام 2016، التي سمحت في حينه للمملكة المتحدة بالحصول على استثناءات وإعفاءات مواتية لها، من بعض قواعد الاتحاد الأوروبي وسياساته.

© The Independent

المزيد من تحلیل